الملاحظ هنا إستمرار الغارات الصيفية على البيزنطيين . وكان الصيف هو الملائم للغزو بعكس الشتاء ، ولكن كانت هناك بعض الغارات الشتوية فى البحر المتوسط . واستهدفت هذه الغارات التدمير والقتل والأسر والسبى والسلب . وبالاضافة الى الغارات كانت هناك معارك هامة قادها الرشيد فإفتتح هرقلة . وبالاضافة الى الهجوم على ( دار الحرب ) ففى داخل ( دار السلام ) لم تنقطع حمامات الدم ، بثورات الخوارج وغيرهم . والتنازع بين الخليفة وخصومه هو حول المال . وكانت المساجد ـ كالعادة ـ مراكز حربية عدوانية ـ أى مساجد ضرار . ونعطى بعض التفصيلات :
عام 170 العام الذى تولى فيه الرشيد الخلافة
1 ـ توفي يزيد بن حاتم المهلبي، والي إفريقية، واستخلف عليها ابنه داود، وانتقضت جبال باجة، وخرج فيها الإباضية، فسير إليهم داود جيشأ، فهزمهم الإباضية، فجهز إليهم جيشاً آخرهزم الإباضية، فتبعهم الجيش، ( فقتلوا منهم فأكثروا ).
2 ( عزل الرشيد الثغور كلها عن الجزيرة وقنسرين، وجعلها حيزاً واحدأ، وسميت العواصم، وأمر بعمارة طرسوس على يدي فرج الخادم التركي ونزلها الناس.). أى إنه جعل التخوم جبهة عسكرية ، واستوطنها الناس .
3 ـ الرشيد غزا الصائفة بنفسه، وقيل : غزا الصائفة سليمان بن عبد الله البكائي.
4 ـ (ثار ) أو ( خرج ) الفضل بن سعيد الحروري فقتل.
عام 171
1 ـ (خرج ) أو (ثار ) الصحصح الخارجي بالجزيرة، وكان عليها أبوهريرة، فوجه عسكراً إلى الصحصح، فلقوه، فهزمهم الخارجى . وسار الصحصح إلى الموصل فلقيه عسكرها بباجرمى، فقتل منهم كثيرأ، ورجع إلى الجزيرة، فغلب على ديار ربيعة، فسير الرشيد إليه جيشاً فلقوه بدورين، فقتلوه، وعزل الرشيد أبا هريرة عن الجزيرة.ثم قتله فيما بعد .
2 ـ استعمل الرشيد على صدقات بني تغلب روح بن صالح الهمداني، وهو من قواد الموصل، فجرى بينه وبين تغلب خلاف، فجمع جمعأ، وقصدهم، فبلغهم الخبر، فاجتمعوأن وساروا إلى روح، فهزموه وقتلوه هو وجماعة من أصحابه، فسمع حاتم بن صالح، وهوبالسكير، فجمع جمعاً كثيرأن وسار إلى تغلب، فبيتهم، وقتل منهم خلقاً كثيرأ ، وأسر مثلهم.
3 ـ ولى الرشيد علي خراسان جعفر بن محمد بن الأشعث، فلما قدم خراسان سير ابنه العباس إلى كابل، فقاتل أهلها حتى افتتحهأ، ثم افتتح سانهار، وغنم ما كان بها.
4 ـ ثار بعض أهل البيت فطرد الرشيد بنى عمه ( الطالبيين ) أى ذرية أبى طالب ، من بغداد إلى المدينة خلا العباس بن الحسن بن عبد الله بن علي بن أبي طالب.
5 ـ خرج الفضل بن سعيد الحروري فقتله أبوخالد المروروذي .
6 ـ كمل بناء مدينة طرسوس على يدي فرج الخادم التركي ونزلها الناس. أى تم تحصينها وتجهيزها عسكريا ، وسكن فيها المقاتلون .
7 ـ غزا الصائفة سليمان بن عبد الله البكائي .
عام 172
1 ـ غزا الصائفة إسحاق بن سليمان بن علي
عام 175
1 ـ غزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح فبلغ أقريطية؛ فأصابهم برد شديد سقط منه كثير من أيدي الجند وأرجلهم.
2 ـ سار يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن ين علي إلى الديلم، وثار هناك؛ واستمرت ثورته فى العام التالى 176 ، ( واشتدت شوكته، وكثر جموعه، وأتاه الناس من الأمصار، فاغتم الرشيد لذلك، فندب إليه الفضل بن يحيى ( البرمكى ) في خمسين ألفأ، وولاه جرجان ( جورجيا الآن ) وطبرستان والري وغيرهمأ ، وحمل معه الأموال، فكاتب يحيى بن عبد الله، ولطف به، وحذره، وأشار عليه، وبسط أمله... فأجاب يحيى إلى الصلح، على أن يكتب له الرشيد أماناً بخطه يشهد عليه فيه القضاة، والفقهاء، ومعظم الهاشمييين ، فأجابه الرشيد إلى ذلك، وسير الأمان مع هدايا وتحف الى يحيى ، فقدم يحيى مع الفضل بغداد، فلقيه الرشيد بترحيب ،وأمر له بمال كثير.ثم نكث الرشيد بعهده ، ووافقه الفقيه أبوالبختري على نقض الأمان ، وقال للرشيد : (هذا أمان منتقض من وجه كذا؛ فمزقه الرشيد.) فحبسه، فمات في الحبس.
3 ــ خرج بخراسان حصين الخارجي، وهومن الموالي ، من أهل أوق، وكان على سجستان عثمان بن عمارة، فأرسل جيشأ ، فلقيهم حصين، فهزمهم، ثم أتى خراسان وقصد باذغيس، وبوشنج، وهراة. وكتب الرشيد إلى الغطريف في طلبه، فسير إليه الغطريف داود بن يزيد في اثني عشر ألفأ، فلقيهم حصين في ستمائة فقط فهزمهم، وقتل منهم خلقاً كثيراً.وظلت ثورته في خراسان إلى أن قتل سنة 177.
عام 176
1 ـ حرب بين قبائل (مُضر ) و ( اليمانية ) فى دمشق . .
2 ـ خرج الفضل الخارجي بنواحي نصيبين،( فأخذ من أهلها مالأ، وسار إلى دارا وآمد وارزن، فأخذ منهم مالأ، وكذلك فعل بخلاط، ثم رجع إلى نصيبين، وأتى الموصل، فخرج إليه عسكرهأ، فهزمهم على الزاب، ثم عادوا لقتاله. ).وانتهى الأمر بقتله وأصحابه .
عام 177:
1 ـ ثورة اهل شمال أفريقية على واليهم ، ونشوب حروب ، فولى الرشيد ( هرثمة بن أعين ) وبعد عدة معارك طلب هرثمة من الرشيد إعفاءه ، فأعفاه في رمضان سنة 181، فكانت ولايته سنتين ونصفاً.
2 ـ ثورة بالموصل تزعمها (العطاف بن سفيان الأزدي) ( وكان من فرسان أهل الموصل، واجتمع عليه أربعة آلاف رجل، وجبي الخراج، وأقام على هذا سنتين) ،وفى عام 180 هدم الرشيد سورالموصل ، وقد سار إليها بنفسه، ( وأقسم ليقتلن من لقي من أهلهأ، فأفتاه القاضي أبويوسف، ومنعه من ذلك . ) ( وكان الخارجى العطاف ( قد سار عنها نحوأرمينية فلم يظفر به الرشيد، ومضى إلى الرقة فاتخذها وطناً.)
3 ـ غزا الصائفة عبد الرزاق بن عبد الحميد التغلبي
عام 178
1 ـ ثورة أعراب الحوف الشرقى بمصر ( محافظة الشرقية الآن ) بسبب الخراج، وهزمهم العباسيون .
2 ـ خرج ( الوليد بن طريف التغلبي )( بالجزيرة، ففتك بإبراهيم بن خازم ابن خزيمة بنصيبين، ثم قويت شوكة الوليد، فدخل إلى أرمينية، وحصر خلاط عشرين يومأ، فافتدوا منه أنفسهم بثلاثين ألفاً.ثم سار إلى أذربيجان، ثم إلى حلوان وأرض السواد، ثم عبر إلى غرب دجلة، وقصد مدينة "بلد"، فافتدوا منه بمائة ألف، وعاث في أرض الجزيرة ، فسير إليه الرشيد (يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني )، وبعد معارك هزمه يزيد وقتله (فاحتز رأسه ) . وقادت الجيش بعد ( الوليد بن طريف) أخته ( ليلى ) فهزمها يزيد .
3 ـ غزا الصائفة معاوية بن زفر بن عاصم، وغزا (الشاتية ) أى ( فى الشتاء) سليمان بن راشد، ومعه البند بطريق صقلية.أى كانت غزوة بحرية فى البحر المتوسط .
4 ـ فى الشرق الآسيوى :غزا الفضل بن يحيى البرمكى ما وراء النهر من بخارى، فاستسلم له صاحب أشروسنة، وبنى الفضل بخراسان المساجد والرباطات ( أى حصون الجهاد ، أى إرتبطت مساجد الضرار بالقواعد العسكرية التى هى للإعتداء على من لم يعتد على العباسيين ).
عام 179 : 184
1 ـ إنتشر فى خراسان الأعراب ، وشجعهم بُعد خراسان عن بغداد وفساد ولاتها على إعتناق مبدأ الخوارج . وقد ثار فى خراسان حمزة بن أترك السجستانى ، واستمرت ثورته حتى عام 184 ، فى ولاية على بن عيسى بن ماهان على خراسان ، وقد هزم ( حمزة ) جيوش العباسيين ، ثم هزموه فهرب الى ( قهستان ) ، فسار الوالى العباسى وقتل الخوارج فى (أوق وجوين،) وأحرق القرى التي كان أهلها يعينون ( حمزة ) وقتل من فيهأ، حتى وصل إلى ( زرنج )، فقتل ثلاثين ألفاً ورجع، وترك جيشا فى ( بزرنج ) يقوده (عبد الله بن العباس النسفي ) ، فجبى الأموال وقاتل ( حمزة ) فى ( بهأن ) وهزم حمزة بعد قتال شديد ( وقتل كثير من أصحابه، وجرح في وجهه، واختفى هو ومن سلم من أصحابه في الكروم، ثم خرج وسار في القرى يقتل، ولا يبقي على أحد.) ( وكان علي بن عيسى قد استعمل ( طاهر بن الحسين ) على ( بوشنج )،وسار الخارجى ( حمزة ) الى ( بوشنج ) فقتل ثلاثين غلاما فى مكتب تحفيظ للقرآن وقتل معلمهم، فانتقم ( طاهر )من الخوارج شر إنتقام : ( فأتى قرية فيها قعد الخوارج، وهم الذين لا يقاتلون، ولا ديوان لهم، فقتلهم طاهر،وأخذ أموالهم؛ وكان يشد الرجل منهم في شجرتين، ثم يجمعهمأ ثم يرسلهمأ، فتأخذ كل شجرة نصفه. ) ، فكتب القاعدون من الخوارج إلى حمزة بالكف، فكف وواعدهم، وأمن الناس مدة، وكانت بينه وبين أصحاب علي بن عيسى حروب كثيرة.. وفى عام 184 عاد ( حمزة الخارجي ) للثورة فى (باذغيس) ، فقتل الجيش العباسى من أصحابه عشرة آلاف، ودخل الجيش العباسى عيسى كابل وزابلستان.
عام 180
1 ـ خرج حراشة الشيباني بالجزيرة، فقتله مسلم بن بكار العقيلي.
2 ـ خرجت ( الخوارج ) المحمرة بجرجان.ثم غلبت على خراسان فى العام التالى : 181
3 ـ غزا الصائفة محمد بن معاوية بن زفر بن عاصم.
4 ـ أمر الرشيد ببناء مدينة عين زربة وحصنها. وسير إليها جنداً من أهل خراسان وغيرهم، فأقطعهم بها المنازل ليتفرغوا ( للجهاد )
عام 181
1 ـ ( فى أفريقية : 181 : 196 )
ولّى الرشيد على أفريقيا أخاه من الرضاع محمد بن مقاتل العكي، و ( لم يكن بالمحمود السيرة، فاختلف الجند عليه واتفقوا على تقديم مخلد بن مرة الأزدي، واجتمع معه كثير من الجند والبربر.) فارسل الوالى جيشأ هزم مخلد ، واختفى مخلد في مسجد، فأخذوه وذبحوه .
وخرج بتونس (تمام بن تميم التميمي ) في جمع كثير، وساروا إلى القيروان في رمضان سنة 183، وخرج إليه الوالى ابن مقاتل العكي ، فاقتتلوا بمنية الخيل، فانهزم ابن العكي إلى القيروان ، وسار تمام فدخل القيروان وآمن ابن العكي، على أن يخرج عن إفريقية، فسار في رمضان إلى طرابلس.فجمع إبراهيم بن الأغلب التميمي جمعاً كثيرأ، وسار إلى القيروان منكراً لما فعله تمام..) ، وفى النهاية إنهزم تمام ( .. وقتل جماعة من أصحابه، ولحق بمدينة تونس، فسار إبراهيم ابن الأغلب إليه ليحصره، فطلب منه الأمان فأمنه.).
وطلب أهل البلاد من الرشيد تولية إبراهيم بن الأغلب إفريقية ، وتنازل ابراهيم بن الأغلب عن مساعدة سنوية قدرها مائة ألف دينار ، كانت تأتى الى أفريقية من مصر، وأن يحمل للرشيد كل سنة أربعين ألف دينار، فولاه الرشيد في المحرم سنة 184، (فانقمع الشر، وضبط الأمر،) وأرسل المشاغبين الى الرشيد، (فسكنت البلاد، وابتنى مدينة سماها العباسية بقرب القيروان، وانتقل إليها بأهله وعبيده.).
وخرج عليه، سنة 186 ، رجل من أبناء العرب بمدينة تونس، اسمه حمديس، فارسل اليه ابن الأغلب جيشا يقوده (عمران بن مخلد ) ( فانهزم حمديس ومن معه، وأخذهم السيف، فقتل منهم عشرة آلاف رجل. )، ودخل (عمران بن مخلد ) تونس.
ثم ثار ( عمران بن مخلد ) على ( إبراهيم بن الأغلب) وتبعه جمع كثير (فنزل بين القيروان والعباسية، وصارت القيروان وأكثر بلاد إفريقية معه.) ( ودامت الحرب بينهما سنة كاملة، فسمع الرشيد الخبر، فأنفذ إلى إبراهيم خزانة مال، فلما صارت إليه الأموال أمر منادياً ينادي: من كان من جند أمير المؤمنين فليحضر لأخذ العطاء. ففارق عمران أصحابه وتفرقوا عنه،) ، وهرب عمران، وانتهى أمره بالقتل بعد أن توفي إبراهيم في شوال سنة 196.
2 ـ غزا الرشيد أرض الروم، فافتتح حصن الصفصاف
3 ـ غزا عبد الملك بن صالح أرض الروم، فبلغ أنقرة، وافتتح مطمورة
4 ـ كان الفداء بين الروم والمسلمين، وهوأول فداء كان أيام بني العباس، وكان القاسم بن الرشيد هوالمتولي له، وكان الملك نقفور، ففرح بذلك الناس، ففودي بكل أسير في بلاد الروم، وكان الفداء باللامس، على جانب البحر، بينه وبين طرسوس اثنا عشر فرسخأن وحضر ثلاثون ألفاً من المرتزقة مع أبي سليمان، فخرج الخادم، متولي طرسوس، وخلق كثيراً من أهل الثغور، وغيرهم من العلماء والأعيان، وكان عدة الأسرى ثلاثة آلاف وسبعمائة .
عام 182
1 ـ وغزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح، فبلغ أفسوس .
2 ـ جىء بابنة خاقان ملك الخزر إلى الفضل بن يحيى، فماتت فى الطريق ، ورجع من معها إلى أبيها فأخبروه أنها قتلت غيلة، ( فتجهز إلى بلاد الإسلام.)
عام 183 :
1 ـ بسبب ما حدث لابنته هاجم خاقان الخزر بجيوشه، تقول الرواية : ( فأوقعوا بالمسلمين وأهل الذمة، وسبوا أكثر من مائة ألف رأس، وانتهكوا أمراً عظيماً لم يسمع بمثله في الأرض . ) وانتهى الأمر بإخراج الخزر .
2 ـ ثار أبوالخصيب وهيب بن عبد الله النسائي فى بلدة ( نسا ) من خراسان ، وأمر الرشيد أن يحاربه
علي بن عيسى من خراسان، وفى عام 184 طلب أبوالخصيب الأمان فأمنه علي بن عيسى بن ماهان. وفى عام 185 غدر أبوالخصيب ثانية، وغلب على أبيورد، وطوس، ونيسابور، وحصر مرو، ثم انهزم عنها وعاد إلى سرخس، وعاد أمره قويا . وفى عام 186 سار اليه علي بن عيسى بن ماهان من ( مرو ) إلى ( نسا ) فحاربه فقتله وسبى نساءه وذراريه.
عام 184
1 ـ ( خرج أبوعمروالشاري) فى شهرزور ، فحاربه وهزمه زهيرً القصاب . عام 185
1 ـ ( قتل أهل طبرستان مهرويه الرازي، وهو واليها، فولى الرشيد مكانه عبد الله بن سعيد الحرشي)
2 ـ ثورة الخارجى أبان بن قحطبة بمرج القلعة ، وقتله عبد الرحمن الأنباري.
عام 187
1 ـ دخل القاسم بن الرشيد أرض الروم في شعبان، فأناخ على قرة، وحصرها، ووجه العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث، فحصر حصن سنان، حتى جهد أهلهأ، فبعث إليه الروم ثلاثمائة وعشرين أسيراً من المسلمين على أن يرحل عنهم، فأجابهم ورحل عنهم صلحاً.
2 ـ بين الرشيد ونقفور مك الروم :
(وكان يملك الروم حينئذ امرأة اسمها ريني، فخلعتها الروم وملكت نقفور ، وماتت ريني بعد خمسة أشهر من خلعها.فلما استوثقت الروم لنقفور كتب إلى الرشيد: ( من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مكان البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أضعافها إليهأ، لكن ذلك ضعف النساء، وحمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل لك من أموالهأ، وافتد نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك.). فلما قرأ الرشيد الكتاب استفزه الغضب، حتى لم يقدر أحد أن ينظر إليه ..وتفرق جلساؤه، فدعا بدواة، وكتب على ظهر الكتاب: ( بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم؛ قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام.) . ثم سار من يومه حتى نزل على هرقلة ، ففتح وغنم وأحرق وخرّب، فسأله نقفور المصالحة على خراج يحمله كل سنة، فأجابه في ذلك.فلما رجع من غزوته وصار بالرقة نقض نقفور العهد، وكان البرد شديدأ، فأمن ( نقفور ) رجعة الرشيد إليه، فلما جاء الخبر بنقضه ما جسر أحد على إخبار الرشيد، خوفاً ... فاحتيل له بشاعر من أهل جنده، وهوأبومحمد عبد الله بن يوسف... فلما سمع الرشيد ذلك قال: أوقد فعل ذلك نقفور؟ وعلم أن الوزراء قد احتالوا له في ذلك، فرجع إلى بلاد الروم في أشد زمان وأعظم كلفة، حتى بلغ بلادهم، فأقام بها حتى شفي واشتفى وبلغ ما أراد. )
3 ـ (خرج عبد السلام بآمد، .. فقتله يحيى بن سعيد العقيلي.)
4 ـ ( أغزى الرشيد ابنه القاسم الصائفة، فوهبه لله، وجعله قرباناً له وولاه العواصم. ) أى إن القتال عندهم عبادة كبرى ..
عام 188
1 ـ غزا إبراهيم بن جبرئيل الصائفة، فدخل أرض الروم من درب الصفصاف، فخرج إليه نقفور ملك الروم، ..( وقُتل من الروم أربعون ألفاً وسبعمائة.).!!
2 ـ وفيها رابط القاسم بن الرشيد بدابق.
عام 189
1 ـ ( كثر شغب أهل طرابلس الغرب على ولاتهم، وكان إبراهيم بن الأغلب، أمير إفريقية، قد استعمل عليهم عدة ولاة، فكانوا يشكون من ولاتهم، فيعزلهم، ويولي غيرهم، فاستعمل عليهم هذه السنة سفيان ابن المضاء، وهي ولايته الرابعة، فاتفق أهل البلد على إخراجه عنهم، وإعادته إلى القيروان، فزحفوا إليه، فأخذ سلاحه، وقاتلهم هو وجماعة ممن معه، فأخرجوه من داره، فدخل المسجد الجامع، فقاتلهم فيه، فقتلوا أصحابه، ثم أمنوه، فخرج عنهم في شعبان من هذه السنة، فكانت ولايته سبعاً وعشرين يوماً ) . (ثم وقع بين الأبناء بطرابلس أيضاً وبين قوم يعرفون ببني أبي كنانة وبني يوسف حروب كثيرة، وقتال، حتى فسدت طرابلس، فبلغ ذلك إبراهيم بن الأغلب، فأرسل جمعاً من الجند، وأمرهم أن يحضروا الأبناء وبني أبي كنانة، وبني يوسف، فأحضروهم عنده بالقيروان في ذي الحجة، فلما قدموا عليه سألوه العفوعنهم في الذي فعلوه، فعفا عنهم، فعادوا إلى بلدهم.)
2 ـ : ( الفداء بين المسلمين والروم، فلم يبق بأرض الروم مسلم إلا فودي به ).
عام 190
1 ـ ثورة ( رافع بن الليث بن نصر بما وراء النهر مخالفاً للرشيد بسمرقند ). وهو ابن نصر بن سيار الوالى الأموى السابق على خراسان .
2 ـ ( فتح الرشيد هرقلة، وأخربها؛ بسبب (غدر نقفور)..وكان حصرها ثلاثين يومأ، وسبى أهلهأ ، وكان قد دخل البلاد في مائة ألف وخمسة وثلاثين ألفاً من المرتزقة، سوى الأتباع والمتطوعة، ومن لا ديوان له، وأناخ عبد الله بن مالك على ذي الكلاع، ووجه داود بن عيسى بن موسى سائراً في أرض الروم في سبعين ألفاً يخرب وينهب، ففتح الله عليه، وفتح شراحيل بن معن بن زائدة حصن الصقالبة ودلسة، وافتتح يزيد بن مخلد الصفصاف وملقونية، واستعمل حميد بن معيوف على سواحل الشام ومصر، فبلغ قبرس، فهدم واحرق وسبى من أهلها سبعة عشر ألفاً فأقدمهم الرافقة، فبيعوا بهأ، وبلغ فداء أسقف قبرس ألفي دينار.وبعث نقفور بالخراج والجزية عن رأسه أربعة دنانير، وعن رأس ولده دينارين، وعن بطارقته كذلك، وكتب نقفور إلى الرشيد في جارية من سبي هرقلة كان خطبها لولده، فأرسلها إليه.).
ونتأمل هذه العبارات : (وسبى أهلهأ ، )، أى سبى اهل هرقلة كلهم .! . ، ( سائراً في أرض الروم في سبعين ألفاً يخرب وينهب، ففتح الله عليه، ) فى دينهم الأرضى تجد السلب والنهب والتخريب عبادة .! (، فبلغ قبرس، فهدم واحرق وسبى من أهلها سبعة عشر ألفاً فأقدمهم الرافقة، فبيعوا بهأ .!! ). ماذنب هؤلاء الأبرياء ؟ هل هاجموا العباسيين ؟
3 ـ ( خرج في هذه السنة خارجي من ناحية عبد القيس، يقال له سيف بن بكير، فوجه إليه الرشيد محمد بن يزيد ين مزيد، فقتله بعين النورة.)
4 ـ ( نقض أهل قبرس العهد، فعزاهم معيوف بن يحيى، فسبى أهلها. ) من تانى .!؟
5 ـ غزا الرشيد الصائفة.
6 ـ خرجت الروم إلى عين زربي، والكنيسة السوداء وأغاروأ، فاستنقذ أهل المصيصة ما كان معهم من الغنيمة
عام 191
1 ـ خرج خارجي يقال له ثروان بن سيف بناحية حولايأ ، وتنقل في السواد، فوجه إليه طوق بن مالك، فهزمه طوق، وجرحه وقتل عامة أصحابه.
2 ـ خرج أبوالنداء بالشام، فسير الرشيد في طلبه يحيى بن معاذ، وعقد له على الشام.
3 ـ ظفر حماد البربري بهيصم اليماني.
4 ـ أرسل أهل نسف إلى رافع بن الليث يسألونه أن يوجه إليهم من يعينهم على قتل عيسى ابن والى خراسان (علي بن عيسى )، فأرسل إليهم جمعأ، فقتلوا عيسى وحده في ذي القعدة.
5 ـ غزا يزيد بن مخلد الهبيري أرض الروم في عشرة آلاف، فأخذت الروم عليه المضيق، فقتلوه وخمسين رجلأ، وسلم الباقون، وكان ذلك بالقرب من طرسوس.
6 ـ استعمل الرشيد على الصائفة هرثمة بن أعين قبل أن يوليه خراسان، وضم إليه ثلاثين ألفاً من أهل خراسان، ورتب الرشيد بدرب الحدث عبد الله بن مالك، وبمرعش سعيد بن سلم بن قتيبة، فأغارت الروم عليهأ، فأصابوا من المسلمين، وانصرفوأ، ولم يتحرك سعيد من موضعه؛ وبعث محمد بن يزيد بن مزيد إلى طرسوس.
وأقام الرشيد بدرب الحدث ثلاثة أيام من رمضان، وعاد إلى الرقة، وأمر الرشيد بهدم الكنائس بالثغور، وعاقب الرشيد (أهل الذمة) فألزمهم لباس معين يخالف المسلمين في لباسهم، وركوبهم، وأمر هرثمة ببناء طرسوس وتمصيرهأ، ففعل، وتولى ذلك فرج الخادم بأمر الرشيد، وسير إليها جنداً من أهل خراسان ثلاثة آلاف، ثم أشخص إليهم ألفاً من أهل المصيصة، وألفاً من أهل أنطاكية، وتم بناؤها سنة 192 وبنى مسجدها.) .
عام 192
1 ـ سار الرشيد الى خراسان لحرب ( رافع بن الليث)،وكان الرشيد مريضاً .وكانت آخر حرب له .
2 ـ أول ظهور لطائفة (الخرمية ) الفارسية العسكرية فى أذربيجان، فأرسل إليهم الرشيد (عبد الله بن مالك) في عشرة آلاف،( فقتل وسبى وأسر،) وأمره الرشيد ( بقتل الأسرى، وبيع السبي.)
3 ـ وثار أبو النداء ، فهزمه يحيى بن معاذ ، وأحضره الى الرشيد ، فقتله.
4 ـ استعمل الرشيد على الثغور ثابت بن نصر بن مالك، فافتتح مطمورة.
5 ـ الفداء للأسرى بالبذندون.
6 ـ خرج ثروان الحروري بطف البصرة، فقاتل عامل السلطان بها.
7 ـ قتل الرشيد الثائر : الهيصم الكناني.
8 ـ إنشغل القائدان العباسيان (هرثمة ) و ( طاهر بن الحسين ) بمحاربة الثائر فى سمرقند ( رافع بن الليث )، وانتهز الفرصة حمزة الخارجى ، فدخل خراسان ( وصار يقتل، ويجمع الأموال، ويحملها إليه عمال هراة وسجستان، فخرج إليه عبد الرحمن النيسابوري، فاجتمع إليه نحوعشرين ألفأ، فسار إلى حمزة فقاتله قتالاً شديداً فقتل من أصحاب حمزة خلقأ، واستمرت المعارك بعد موت الرشيد ، وحتى عام 194 حيث إقتحموا سمرقند ، وفى العام التالى قتلوا رافع بن الليث .
9 ـ وفيها كان الفداء الثاني بين المسلمين والروم، وكان القيم به ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي، وكان عدة الأسرى من المسلمين ألفين وخمسمائة أسير.
عام 193.
هزم القائد العباسى (هرثمة ) الثائر ( رافع بن الليث ) ، وهرب رافع ، ووقع أخوه بشير فى الأسر ، فجىء به الى الرشيد فى طوس ، حيث كان الرشيد يجود بأنفاسه الأخيرة، فأمر الرشيد جزارا بتقطيع بشير قطعة قطعة ، وهو حىُّ . ومات الرشيد بعدها.
أخيرا : حتى لايضيع منا طرف الخيط :
نذكركم بعنوان الكتاب : الأصل التاريخى لتقسيم العالم الى ( دار السلام ودار الحرب ).
ونذكركم :
1 ـ بأن الله جل وعلا لم يخلق البشر ليكونا معسكرين متحاربين ، بل خلق البشر جميعا أخوة من أب واحد وأم واحدة ، وجعلهم شعوبا وقبائل كى يتعارفوا سلميا ، لا لكى يتقاتلوا ، يقول جل وعلا يخاطب البشر جميعا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات )
2 ـ إن الله جل وعلا أرسل رسوله بالقرآن الكريم رحمة للعالمين وليس لقتال العالمين ، يقول جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء )
3 ـ إن الله جل وعلا أمر المؤمنين بالدخول فى السلام كافة ، فقال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) البقرة ). وتشريعات القتال الدفاعية هى إستثناء يخدم السلام . ولكن الصحابة إتبعوا خطوات الشيطان بالفتوحات ، وجعلوها دينا ، نتج عنه تقسيم العالم الى معسكرين متحاربين ـ حربا مستمرة ، لا يزال الوهابيون يواصلونها حتى اليوم
4 ـ القتال فى الاسلام هو لرد العدوان فقط ، وهذا معنى أن يكون فى سبيل الله جل وعلا . أما القتال المعتدى الذى فعله الصحابة فهو فى سبيل الشيطان ، وليس هناك توسط : إما قتال دفاعى فى سبيل الله جل وعلا ، وإما قتال باغ معتد ظالم يريد الثروة والسلطة ، أى فى سبيل الشيطان . يقول جل وعلا عن نوعى القتال : (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ)(76)النساء).