من نطفة اذا تمنى
دكتور عبدالرزاق منصور على
فى البدايه لابد من التذكير ان القرأن الكريم ليس كتابا فى الطب اوالهندسه اوالفلك ولكنه هدايه ورحمه ورساله وهو كلام الله الذى لاياتيه الباطل. وبما ان الله هو الذى خلق الانسان فصوره وأبدعه وخلق السماوات والارض والكون فأحكم صنعهم فمن الوارد والمنطقى ان يعطينا نحن البشر بعض الاشارات عن قوانين ونواميس ماخلق وقدر,"الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير- سورة الملك. 14 ومن خلال معرفة الحقائق العلميه والمكتشفات الحديثه يمكننا الاستفاده منها فى فهم واستيعاب بعض الاشارات التى ارسلها الله تعالى فتتلقاها العقول لتتدبروتتفكر.
النطفه هى الخليه الاوليه فى منظومة خلق الانسان وتشمل البويضه من الانثى والحيوان المنوى من الذكر والذى يتكون فى الخصيتين. اما الخصيتان فهما جزء لا يتجزأ من الجهاز التناسلي الذكري و توجد داخل كيس الصفن الذي يتدلى خارج تجويف البطن وتتكون الخصيتان من أنيبيبات منوية، توجد فيما بينهما خلايا بينية تفرز هرمون الذكورة ( التستوستيرون ) ، ويوجد داخل كل أنيببة منوية خلايا تسمى خلايا سرتولى تفرز سائل يعمل على تغذية الحيوانات المنوية داخل الخصية كما توجد خلايا مبطنة لكل أنيببة منوية تسمى خلايا جرثومية أمية تنقسم هذه الخلايا وتكون في النهاية الحيوانات المنوية. وتعمل الخصيتان بشكل أفضل في درجة حرارة أقل بقليل من درجة حرارة الجسم الطبيعية و هذا هو سبب وجودها خارج تجويف الجسم مما يجعل درجة حرارتهما أقل من درجة حرارة الجسم بما يناسب عملية تكوين الحيوانات المنوية..
.ويتم ضخها اثناء النشوه الى الامام فى موجات وفى نهايته يلتقى مع الحويصلات المنويه التى تضيف هى الاخرى بعضا من السائل ويسير الخليط عبر البروستاتا التى تضيف سائلا ايضا ليتم ضخ السائل عبر الفتحات المنويه فى قناة مجرى البول الخلفيه ويتم فى هذه الاثناء قفل عنق المثانه حتى لايتجه السائل للداخل وانما يخرج للخارج مع النشوه
العلم الحديث يقرر أن الماء او السا ئل الذى يسبح فيه الحيوان المنوى لا يقذف وإنما يسيل ويتدفق ليصل الى الحيوانات المنويه المخزنه فى الحويصله المنويه seminal vesicle
والذى يكون على اهبة الاستعداد لوقت الاستدعاء تمهيدا للقذف . والعلم يكشف شيئا مذهلا ؛ أن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني (المخزن فى الحويصله المنويه), كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة " جراف " محاطة بالماء ، فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء لتظهر على سطح المبيض.. لتتلقفها أهداب بوق قناة فالوب لتدخلها إلى الرحم حيث تلتقي بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج.. هذا الماء يحمل البويضة تماما كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية , كلاهما يتدفق.انظر شكل (2,3)
شكل (1) يوضح الانسجه المشاركه فى انتاج وتصنيع الحيوانات المنويه وكل مستلزماتهم من السوائل والافرازات الحيويه
إن عملية تصنيع الحيوانات المنويه تبدأ فى الخلايا الجنسيه بعد البلوغ نتيجة لهرمونات الغده النخاميه فى قاع المخ فتتحول تلك الخلايا الى الطور الاول وتدخل فى انقسامات عديده وعمليات حيويه معقده من الانقسام والتحور حتى تصل الى المرحله شبه النهائيه. )Spermatide(
اما النطفة فهي الخليه الأولى من أطوار خلق بني آدم الذي يمر خلقه في بطن أمه جنينًا، ثم تليها مراحل العلقة والمضغة المخلَّقة وغيرالمخلقة، والعظام وكسوة العظام، ثم النشأة خلقًا آخر.
ويلاحظ أن كلمة نطفة ورد ذكرها في القرآن الكريم في اثني عشر آية :
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[فاطر: 11]
وعندما تذكر النطفه في آيات القرآن يأتي بعدها المراحل السابقة في آية واحدة، وقد لا تأتي المراحل، بل يلي ذكر النطفة فى خلق البشر أو التسوية بشرًا، أو جعلها أزواجًا.
مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴾(النجم: 46) قال تعالى ﴿
﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ﴾[القيامة: 37] وقال تعالى
وقال تعالى: "فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ والترائب .(الطارق5-7)
شكل(2) يوضح لحظة انفجار حويصلة جراف لتخرج بويضه واحده( لونها وردى) مدفوعه بالسائل او الماء الدافق (لونه ازرق), اما باقى اخوات البويضه فتظل داخل حويصلة جراف لتلقى مصيرها المحتوم وهو الضمور ثم يتخلص منها الجسم. وهذا يحدث دوريا كل شهر تقريبا.
- خلق الإنسان من نطفة أمشاج
(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [الإنسان: 2]
وفى سورة القيامه (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى )اى يتدفق
النطفة من ماء
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قديرا(الفرقان: 54)
شكل (3 ) بويضة مع طبقتها من الخلايا التجريبية وماء المرأة مكبر، يتم سحب البويضة داخل سدائل قناة فالوب بواسطة ملايين الأهداب التي تدفعها إلى داخل القناة
وقد أثبت العلم أيضا أن ماء المرأة الذي يحمل البييضة يخرج متدفقًا إلى قناة الرحم (فالوب)وأن البويضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتي يتم الإخصاب ( أنظر شكل2) ومن المعلوم أن ماء الرجل يحوي بالإضافة إلى المنويات عناصر أخرى تشارك وتساعد في عملية الإخصاب مثال ذلك مادة (البرستاجلاندين)، التي تحدث تقلصات في الرحم مما يساعد في نقل المنويات إلى موقع الإخصاب كما أن ماء المرأة يحوي بالإضافة إلى البويضة عناصر أخرى تساعد وتشارك في عملية الإخصاب ومنها بعض الإنزيمات التي تفرزها بطانة الرحم وقناته، التي تجعل الحيوان المنوي قادرا على الإخصاب وتعمل هذه الأنزيمات بالإضافة إلى ذلك على إطلاق الخلايا المحيطة بالبويضة وكشف غشائها الواقي أمام المنوي وبما أن لفظ نطفة بمعنى الكمية القليلة من السائل، فإن هذا المصطلح يغطي ويصف تلك الكميات من السوائل التي تخرج متدفقة لدى كل من الذكر والأنثى. (أنظر شكل 2،1 )
النطفة الأمشاج
تأخذ البويضة الملقحة شكل قطرة، وهذا يتفق تمامًا مع المعنى الأول للفظ نطفة أي قطرة ومعنى( نطفة الأمشاج) أي قطرة مختلطة من مائين. وهذه النطفة الأمشاج تعرف علميًا عند بدء تكونها( بالزيجوت ) ويشير القرآن الكريم إلى النطفة الأمشاج بقوله تعالى: { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج } [سورة الانسان: 2] وهناك نقطة هامة تتصل بهذا النص وهي كلمة (نطفة) اسم مفرد و أما كلمة أمشاج فهي صفة في صيغة جمع؛ وقواعد اللغة تجعل الصفة تابعة للموصوف في الإفراد والتثنية والجمع. وكان مصطلح ( نطفة الأمشاج ) واضحًا عند بعض مفسري القرآن الكريم مما جعلهم يقولون: النطفة مفردة لكنها في معنى الجمع ويمكن للعلم اليوم أن يوضح ذلك المعنى فى ضوء النص القرآني. فكلمة أمشاج من الناحية العلمية دقيقة تماماً وهي صفة جمع تصف كلمة نطفة المفردة، التي هي عبارة عن كائن واحد يتكون من أخلاط متعددة اى الجينات(المورثات) التى تحمل صفات الأسلاف والأحفاد والمنقوشه على الحامض النووى (الكروموسومات) والكل فى جنين واحد. وتواصل هذه المرحلة نموها، وتحتفظ بشكل النطفة، ولكنها تنقسم إلى خلايا أصغر و بعد أربعة أيام تتكون كتلة كروية الخلايا ليزداد نمو الجنين الناشئ ويصبح خلقا اخر.
محصلة تكوين النطفة الأمشاج
1- الخلق
وهو البداية الحقيقية لوجود الكائن الإنساني فالمنوي يوجد فيه(23) حاملاً وراثيًا(كروموسوما)، كما يوجد في البييضة(23) حاملاً وراثيًا أيضًا. ويمثل هذا نصف عدد حاملات الوراثة في أي خلية إنسانية ويندمج المنوي في البييضة لتكوين الخلية الجديدة التي تحوي عددًا من الصبغيات ( الكروموسومات ) مساويا للخلية الإنسانية (46)، وبوجود الخلية التي تحمل هذا العدد من الصبغيات يتحقق الوجود الإنساني، ويتقرر به خلق إنسان جديد لأن جميع الخطوات التالية ترتكز على هذه الخطوة وتنبثق منها، فهذه هي الخطوة الأولى لوجود المخلوق الجديد
2-التقدير (البرمجة الجينية)
وبعد ساعات من تخلق إنسان جديد في خلية إنسانية كاملة تبدأ عملية أخرى، تتحدد فيها الصفات التي ستظهر على الجنين في المستقبل ( الصفات السائدة ) كما تحدد فيها الصفات المتنحية التي قد تظهر في الأجيال القادمة،وكذلك سائر الخصائص الغير نمطيه وهكذا يتم تقدير أوصاف الجنين وتحديدها بدقه متناهيه وقد أشار القرآن إلى هاتين العمليتين المتعاقبتين ( الخلق والتقدير ) في أول مراحل النطفة الأمشاج في قوله تعالى: { قتل الإنسان ما أكفره ¤ من أي شئ خلقه ¤ من نطفة خلقة فقدره } [سورة عبس] الآيات 17-19
شكل(4) يبين البدايات الاولى لتخليق الخصيتين والمبايض ثم خروجهم فيما بين العمود الفقرى ونهايات عظام الضلوع السفليه.لاحظ ان موقع بداية تكوين الخصيه والمبيض يكون اعلى الجزء المستطيل المشار اليه باللغه الانجليزيه بالميزونفروس او
Mesonephros
والحقيقة العلمية هي أن الأصول الخلوية للخصية في الذكر أو المبيض في الأنثى تجتمع في ظهر الأبوين خلال نشأتهما الجنينية ثم تخرج من الظهر من منطقة بين بدايات العمود الفقري وبدايات الضلوع ليهاجر المبيض إلى الحوض بجانب الرحم وتهاجر الخصية إلى كيس الصفن حيث الحرارة أقل وإلا فشلت في إنتاج الحيوانات المنوية وتصبح معرضة للتحول إلى ورم سرطاني إذا لم تُكمل رحلتها,
والتعبير"يخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِب" يفي بوصف تاريخ نشأة الذرية ويستوعب كافة الأحداث الدالة على سبق التقدير والاقتدار والإتقان والإحكام في الخلق منذ تكوين البدايات في الأصلاب وهجرتها خلف أحشاء البطن ابتداءً من المنطقة بين الصلب والترائب إلى المستقر, وحتى يولد الأبوان ويبلغان ويتزاوجان وتخلق الذرية مما يماثل نطفة ماء في التركيب لكنها حية تتدفق ذاتياً لتندمج مع نطفة نظيره فتتكون النطفة الأمشاج من الجنسين, ويستمر فعل الإخراج ساري المفعول ليحكي قصة جيل آخر لجنين يتخلق ليخرج للدنيا وليداً وينمو فيغفل عن قدرة مبدعه, وكل هذا الإتقان المتجدد في الخلق يشمل تاريخ كل إنسان قد عبر عنه العليم الحكيم بلفظة واحدة تستوعب دلالاتها كل الأحداث.قال تعالى: "فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ والترائب .(الطارق ,5 -7)
.