ضائعون
هذه الصور المأساوية الأربعة قد تكون مكررة وقد يكون كل واحد منا قابلهم كثيرأ ولكن هل حاول أحدكم الإقتراب منهم والتحدث إليهم ومعرفة ظروفهم كما فعلت 00نعم فأنا متعود على الإقتراب من هؤلاء المظاليم والمقهورين للتعرف عليهم والوقوف على أسباب ضياعهم وأسأل المجتمعات وضع حلول جذرية سريعة وعادلة لهؤلاء البائسين معتقدأ من داخلى أن حل مشكلة هذه الشريحة من المجتمع ستساهم بقدر كبير فى تطوير الحياة الإجتماعية وخلق أجيال واعية وخالية من الأمراض الإجتماعية والنفسية وإليكم الحالات الأربعة التى قابلتها فى الشهر الماضى:--
بائع المناديل
إسمى أحمد وعمرى ستة عشر سنة كنت أعيش فى سعادة وهدوء مع ابى وأمى وأخواتى الأربعة وكنت بالصف الثالث الإعدادى عندما قتل أبى أمى وألقى بالسجن المؤبد بعد تخفيف حكم الإعدام فى محكمة الإستئناف ومنذ ذلك التاريخ أصبحت مسئولأ عن أخواتى الصغيرات ولكن إثنتان منهن تعملان بالخدمة فى البيوت ولقد تركنا المدارس كلنا وتركنا الأهل والأصدقاء بحجة أن أمنا كانت موصومة بعار الزنا وأن أبانا قتلها لهذا السبب ولكن ما هو ذنبنا نحن ؟ ولماذا يصر المجتمع أن ندفع نحن ثمن أخطاء لم نرتكبها حتى لو كانت أمى هكذا—يبكى ويلملم دموعه فى حسرة ولوعة قاتلة --- فلقد لقت حتفها ولاقت خالقها يتصرف معها كيفما يشاء الا يمكن للناس والمجتمع أن يرحمونا ويتركونا نعيش ؟ إن الكثيرين منهم يعتقدون أننا أولاد حرام تصور يا سيدى !!
أللص
إسمى كمال وسنى خمسة عشر سنة وأعمل لصأ أسرق الملابس من حبال الغسيل ليلأ أو أثناء وجود اصحاب البيت بالخارج ثم أبيعهم للمعلم (0000) لم يذكر الإسم خوفأ من المعلم وخوفأ على الرجل الذى يشترى منه المسروقات00 أبى طلق أمى منذ عامين وتزوج بأخرى وأمى تزوجت بآخر ولكن أمى ماتت فى حادث أتوبيس سقط من فوق أحد الكبارى العلوية فى العام الماضى 00زوجة أبى قاسية جدأ تذيقنا أنا وأخوتى الأمرين لدرجة مسح البلاط وغسيل الهدوم والضرب المبرح لأتفه الأسباب وأبى لا يسمع لأى مبررات يكفيه فقط لمحة عين أو إشارة خفيفة منها –يقصد زوجة أبيه ---لكى يقوم بواجبه المقدس من تأديب وطرد وحرمان من الطعام والمصروف البخس الذى ينعم به علينا كل عدة ايام رغم أنه يمتلك ورشة نجارة وقد حاول معى لكى أعمل بها ولكننى لا أحبها خصوصأ منذ رأيت ذراع عمى عبدالكريم جارنا وشريك والدى فى الورشة رأيتها طارت بعد أن قطعها المنشار فكرهت المهنة وكنت أتمنى إكمال تعليمى ولكن والدى أخرجنا من التعليم لكى يغيظ المرحومة أمى0 إننى لا أخاف البوليس فقد تعودت على الحجز والسجن بالأحداث بل على العكس أنا آكل فيه وأشرب ولكن حبسة الحرية صعبة أتمنى أن أتوب وأعيش بكرامة مثل الآخرين أؤكد لك يا سيدى أن أبى لم يبحث عنى وأسمع أنهم يذيقون إخوتى الويلات ولكننى أكره العذاب ولن أعود إليه لقد ضيع كل شىء0
ماسح السيارات
إسمى إبراهيم وعمرى أربعة عشر عامأ كنت أعيش بقرية ريفية وكان أبى يصر على تعليمى بالمدرسة وأنا أكره المدارس تحملت الأمرين من قسوة أبى وكانت أمى تساعده فى ضربى وإعادتى للمدرسة لأنها كما تقول خائفة على مصلحتى وكنت أحب قيادة السيارات وكان أبى يؤذينى كاما رآنى أقود سيارة أحد أصدقائى التى يعمل عليها بالأجر فى تحميل الركاب بين قريتنا والمركز وكنت أتمنى أن يشترى لى والدى سيارة لأعمل عليها وأمارس حبى للقيادة ولكنه رفض حتى أكمل تعليمى وأنا ليس عندى أى قابلية للمدارس والتعليم فهربت مع زميل لى وجئنا إلى القاهرة منذ عام كامل ووالدى لا يعرف مكانى ولكن هناك رجل من بلدنا رآنى منذ شهر فقمت بتغيير مكان عملى حتى لا يصل لى والدى فأنا الآن كسيب ومعى فلوس ولكن مشكلتى أن أحدهم علمنى شرب السجائر ثم البانجو وأصبح عندى ضيق فى التنفس حيث كنت أعانى من حساسيةالصدر فى طفولتى فهل يمكن أن تساعدنى فى العلاج بأحد المستشفيات ثم يبكى ويمسح عينه ويمشى بملابسه القديمة الرثة حافى القدمين ويمسك بفوطته ويبدأ فى مسح سيارة فى الجراج 0
الأسطى ذكى
إسمى ماهر وعمرى إحدى عشر عامأ وحكاية ذكى دى هى أن الأسطى الكبير يحبنى ويعتبرنى ذكيأ لذلك يسمينى ذكى ويقوم بتكليفى بأصعب المهام فى إصلاح السيارات ولابد أن أسلمه السيارة على سنجة عشرة – يعنى تمام التمام--- وإلا فالمكافأة هى علقى سخنة بأحد السيور دون أن يمنعه أحد ومن يجرؤ على منعه من الصبية يذوق نفس العقاب إن الأسطى يصلى كل الفروض فى المسجد المجاور والناس يتادونه بالحاج دعبس لأنه حج فى الكعبة ولكنه يسب الدين ويعمل حركات وألفاظ رهيبة وليس فى قلبه ذرة رحمة ورغم علمه بذكائى فى المهنة إلا أن أجرى مثل باقى زملائى عشرون جنيهأ فى الأسبوع ولكننا نتغدى يوميأ طعمية وفول وسلطة وعيش على حسابه وكلما عدت المنزل قابلنىوالدى المدمن للمخدرات بالسؤال المعتاد قبضت حسابك النهاردة ياإبن ال0000 أقول له القبض يوم الخميس فقط فيتناولنى بأقذع السباب والشتائم ولا تستطيع أمى المريضة المسكينة منعه وإلا فتك بها واتهمها أنها سبب فقره وذله ونسى أن المخدرات وجريه وراء النسوان هو السبب الأول والأخير فى فقره وفقرنا وذله وذلنا