أولا :
1 ـ يذكر ابن الجوزى فى تاريخه المنتظم فى أحداث عام 230 هجرية رؤيا رأتها إمرأة ، يصعب تصديقها ، ننقلها ثم نعلق عليها .
2 ـ يقول : ( وظهر في هذه السنة في بعض قرى خوارزم عجب من امرأة رأت منامًا ، فكانت لا تأكل ولا تشرب. وقد ذكر قصتها أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور: .أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري قال: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت أبا العباس عيسى بن محمد المروزي يقول: " وردتُ ( اى زرتُ ) في سنة ثمان وثلاثين ، مدينة من مدائن خوارزم ، تدعى "هزارسف" ، فأُخبرت أن بها امرأة من نساء الشهداء رأت رؤيا: " كأنها أُطعمت في منامها شيئًا ،فهي لا تأكل ولا تشرب ، منذ عهد عبد الله بن طاهر والي خراسان". وكان قد توفي قبل ذلك بثماني سنين. فمررت بها، وحدثتني حديثها ، فلم أستعص عليها، لحداثة سني . ثم إني عُدت إلى خوارزم ، في آخر سنة اثنين وخمسين ومائتين ، فرأيتها باقية ، ووجدت حديثها شائعًا مستفيضًا ، فطلبتها فوجدتها غائبة على عدة فراسخ ، فمضيت في أثرها ، فأدركتها بين قريتين ، تمشي مشية قوية . وإذا هي امرأة نصف ( أى فى منتصف العمر ) جيدة القامة ،حسنة البنية ،ظاهرة الدم ،متوردة الخدين. فسايرتني وأنا راكب ، وعرضت عليها الركوب فلم تركب . وحضر مجلسي أقوام ، فسألتهم عنها ، فأحسنوا القول فيها وقالوا: " أمرها عندنا ظاهر ، فليس فينا من يختلف فيها ." . وذكر لي بعضهم أنهم لم يعثروا منها على كذب ولا حيلة في التلبيس، وأنه قد كان من يلي خوارزم من العمال ( أى من كان واليا ) يحضرونها ويوكلون بها من يراعيها فلا يرونها تأكل شيئًا ولا تشرب، ولا يجدون لها أثر غائط ولا بول ، فيبرونها ويكسونها. فلما تواطأ أهل الناحية على تصديقها سألتها عن اسمها فقالت: " رحمة بنت إبراهيم. " وذكرت أنه كان لها زوج نجار فقير يأتيه رزقه يومًا بيوم ، وأنها ولدت منه عدة أولاد، وأن ملك الترك عبر على النهر إليهم وقتل من المسلمين خلقًا كثيرًا . قالت: "ووُضع زوجي بين يدي قتيلًا ، فأدركني الجزع ، وجاء الجيران يساعدونني على البكاء . وجاء الأطفال يطلبون الخبز، وليس عندي شيء ، فصليت وتضرعت إلى الله تعالى ، أسأله الصبر وأن يجبر بهم. " فذهب بي النوم في سجودي، فرأيت في منامي ، كأني في أرض خشناء ذات حجارة وشوك وأنا أهيم فيها وألزم خبري أطلب زوجي ، فناداني رجل:" إلى أين أيتها الحُرّة ؟ قلت: " أطلب زوجي .! قال: " خذي ذات اليمين . " فأخذت ذات اليمين ، فوقفت على أرض سهلة طيبة الثرى ظاهرة العشب ، فإذا قصور وأبنية لا أُحسن وصفها ، وإذا أنهار تجري على وجه الأرض من غير أخاديد . وانتهيت إلى قوم جلوس حلقًا حلقًا ،عليهم ثياب خضر، قد علاهم النور، فإذا هم القوم الذين قتلوا في المعركة. يأكلون على موائد بين أيديهم . فجعلت أتخللهم وأتصفح وجوههم أبغي زوجي، لكنه بصرني ، فناداني: " يا رحمة يا رحمة".! فتحققت الصوت ، فإذا أنا به في مثل حالة من رأيت من الشهداء ؛ وجهه مثل القمر ليلة البدر، وهو يأكل مع رفقة له ، قتلوا يومئذ معه. فقال لأصحابه:" إن هذه البائسة جائعة منذ اليوم. أفتأذنون لي أن أناولها شيئًا تأكله ؟ " فأذنوا له ، فناولني كسرة خبز ، وأنا أعلم حينئذ أنه خبز، ولكن لا أدري كأي خبز هو.!.. أشد بياضًا من الثلج واللبن ، وأحلى من العسل والسكر ، وألين من الزبد والسمن . فأكلته. فلما استقر في معدتي ، قال: " اذهبي فقد كفاك الله مؤونة الطعام والشراب ما بقيت في الدنيا ". فانتبهت من نومي ، وأنا شبعى ريًا ، لا أحتاج إلى طعام وشراب. وما ذقته منذ ذلك اليوم إلى يومي هذا ولا شيئًا مما يأكله الناس .". قال أبو العباس:" وكنا نأكل فتتنحى ، وتأخذ على أنفها ، تزعم أنها تتأذى برائحة الطعام . فسألتها: "هل تتغذى بشيء أو تشرب الماء " ؟ فقالت:" لا ". فسألتها: " هل يخرج منها ريح " قالت: " لا " قلت : " أو أذى " قالت:" لا " . قلت: " فالحيض ؟ أظنها قالت: " انقطع بانقطاع الطعم " ( أى الطعام ). قلت: " فهل تحتاجين حاجة النساء إلى الرجال ؟ " . قالت: "لا " . قلت: " فتنامين ؟ " قالت: " نعم ، أطيب نوم . " قلت: " فما ترين في منامك؟ " قالت: " ما ترون". ( أى نفس منامات البشر ) قلت: " فهل يدركك اللغوب والإعياء إذا مشيت ؟ "قالت: "نعم .". وذكرت لي أن بطنها لاصقة بظهرها ، فأمرت امرأة من نسائنا ، فنظرت فإذا بطنها لاصقة بظهرها ، وإذا هي قد اتخذت كيسًا فضمنته قطنًا ، وشدته على بطنها ليستقيم ظهرها إذا مشيت . فأجرينا ذكرها لأبي العباس أحمد بن محمد بن طلحة بن طاهر والي خوارزم ، فأنكر ، وأشخصها إليه ، (أى جئء بها اليه ) ووكّل أمه بها ، فبقيت عنده نحوًا من شهرين في بيت ، فلم يروها تأكل ولا تشرب، ولا رأوا لها أثر من يأكل ويشرب. فكثر تعجبه ، وقال: "لا تُنكر لله قدرة.! ". وبرّها ، وصرفها ، فلم يأت عليها إلا القليل حتى ماتت . رحمها الله . وكانت لا تأكل شيئًا مما يأكله الناس البتة ، وإذا قرب الطعام تنحت، ووضعت يدها على أنفها ، تزعم أنها تتأذى برائحته .) انتهى .
ثانيا : نناقش هذه الرواية من ناحية السند والمتن :
1 ـ ابن الجوزى المتوفى عام 597 ينقل هذه الرواية فى تاريخه ( المنتظم ) نقلا عن (تاريخ نيسابور) لأبى عبد الله الحاكم النيسابورى . ويقول الحاكم النبسابورى إنها حدثت عام 230 هجرية ، بينما هو مولود عام 321 . بينه وبين وقت الحادثة حوالى 90 عاما . وبالتالى فهو ـ الذى سجلها لم يشهدها بنفسه ، ولذا يرويها عن طريق الاسناد ، أى إنه سمعها من فلان عن فلان ،على طريقة أصحاب الحديث .
2 ـ والحاكم النيسابورى كان من أصحاب الحديث ، ومشهور كتبه ( المستدرك على الصحيحين ) و ( معرفة علوم الحديث ) و ( المدخل فى أصول الحديث ) ، وهو أيضا مؤرخ ، له ( تاريخ نيسابور ) و (تراجم الشيوخ ) و ( فضائل الشافعى ) الذى ملأه أكاذيب فى مدح وفضائل ومناقب الشافعى ، وجعل لها إسنادا وعنعنة . وبسبب خلفيته فى ( الحديث ) فهو يلجأ الى العنعنة والاسناد فى تسجيل رواياته التاريخية فى تاريخ نيسابور لتحظى بالتصديق .
3 ـ والعادة أن السطحيين ممن ينتسب الى البحث التاريخى ينبهرون بالاسناد والعنعنة فى الروايات التاريخية ، مع أن هذه العنعنة دليل شكّ ، ويكفى أن المؤرخين الأوائل كابن سعد والطبرى إستعملوا الاسناد والعنعنة ، وجاءوا بروايات مختلفة بل ومتناقضة . ابن الجوزى فى تاريخه ( المنتظم ) صنع روايات كاذبة وحرص فيها على صناعة أسانيد فخمة ضخمة ، ونقل روايات عن الطبرى قام بتحريفها لخدمة رأيه الحنبلى . بل إن كتب المناقب ـ ومنها كتاب (فضائل الشافعى ) هى أكاذيب تمتلىء مدحا وتقديسا ، ويستعمل مؤلفوها الاسناد ليسهل على القارىء إبتلاعها .
ثم إن الاسناد فى حد ذاته سىء السُّمعة ، لأنه عن طريقه تم نسبة الأحاديث للنبى عليه السلام زورا وبهتانا ، وقد مات عليه السلام وهو لايعرف عنها شيئا ، ومات الصحابة الذين إنشغلوا بالفتوحات وبالفتنة الكبرى والصراع حول الثروة والسلطة ، ولم يكن لديهم وقت للتفرغ للحكاية والرواية عن النبى ، ومع ذلك وضع أصحاب الاسناد على ألسنة أولئك الصحابة نلك الأحاديث بعد قرنين وأكثر من موتهم. المقصد أن الاسناد فى تسجيل الروايات التاريخية لا يُعطيها صدقية ، بل يبعث على الشك فيها ، فقد كان سهلا فى العصر العباسى الثانى إصطناع سلاسل العنعنة والاسناد ، يجلس أحدهم ويكتب من دماغه أنه أخبره فلان عن فلان عن فلان عن فلان عن النبى انه قال :، ثم يكتب ما يشاء ، ويصدقه المغفلون ـ ولا يزالون .
4 ـ بالتالى فإن الاسناد الذى ذكره الحاكم النيسابورى لا يعنينا فى شىء ، لا نأخذ بقوله : (أخبرنا زاهر ابن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري قال: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت أبا العباس عيسى بن محمد المروزي ).
لا يهمنا الاسناد ولكن يهمنا المتن أو موضوع الرواية . الذى يهمنا أن الراوى الأصلى للحادثة وهو من مدينة ( مرو ) ( أبو العباس عيسى بن محمد المروزي) يقول: " وردتُ ( اى زرتُ ) في سنة ثمان وثلاثين " أى عام 238 ،) أى يحدد الزمان الذى زار فيه المدينة ،أى يحدد المكان : ( مدينة من مدائن خوارزم ، تدعى "هزارسف" ) ويحدد أبطال الحادثة ( المرأة ) والوالى الذى حدثت فيه الرؤيا وقتها (منذ عهد عبد الله بن طاهر والي خراسان وكان قد توفي قبل ذلك بثماني سنين.)، وأن امرها شائع ومعروف فى المنطقة ( فسألتهم عنها ، فأحسنوا القول فيها وقالوا: " أمرها عندنا ظاهر ، فليس فينا من يختلف فيها ." ). والراوى ذهب بنفسه اليها عام 252 وتحدث بنفسه مع المرأة وسايرها، وإختبر حالها ، ثم تحدث بشأنها للوالى ( أبي العباس أحمد بن محمد بن طلحة بن طاهر والي خوارزم ، فأنكر ، وأشخصها إليه ، (أى جئء بها اليه ) ووكّل أمه بها ، فبقيت عنده نحوًا من شهرين في بيت ، فلم يروها تأكل ولا تشرب، ولا رأوا لها أثر من يأكل ويشرب. فكثر تعجبه ، وقال: "لا تُنكر لله قدرة.! ". وبرّها ، وصرفها ، فلم يأت عليها إلا القليل حتى ماتت .) كل هذه يجعل تلك الرواية ــ برغم غرابتها ـ حقيقة تاريخية .
5 ـ والحقيقة التاريخية هى ( نسبية ) وليست حقيقة إيمانية مُطلقة . الحقيقة التاريخية هى (خبر ) يحتمل الصدق والكذب . يمكن ترجيح صدقه أو ترجيح كذبه . وهنا رواية نرجح صدقها ، ليس بالاسناد ، ولكن بإستنطاق المتن أو الموضوع نفسه .
ثالثا : مناقشة الرواية قرآنيا
1 ـ يقول جل وعلا : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154)البقرة ) ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) آل عمران ) المستفاد أن الذى يُقتل فى سبيل الله لا تموت نفسه ، يفنى جسده ولكن تعيش نفسه فى مستوى آخر من الوجود ، هو البرزخ ، وهذا معنى أنهم أحياء فى البرزخ فى مستوى لا يمكن لنا رؤيته بعيوننا ولا سماعه بآذاننا . ويأتى النهى مؤكدا بألا نقول عليهم أموات بل هم أحياء ،لأنهم أحياء فعلا فى مستوى برزخى لا نشعر بحياتهم فيه. بينما هم يُحسُّون بأهاليهم ، ويتمنون أن يلحق بهم ذووهم .: (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) آل عمران ). وهو نفس الحال فى قصة قرية ظالمة كذبت ثلاثا من الرسل ، وجاءهم رجل من أهل المدينة يعظهم : (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) يس ) ونفهم أنهم قتلوه بدليل قوله جل وعلا عنه : ( قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ (27) يس ) أى بشرته الملائكة ودعته الى دخول جنة المأوى ، فتمنى لو رآه قومه . وقال جل وعلا عن هلاك قومه من بعده : ( وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) يس ) .
2 ـ السؤال الآن : الى أى حد ينطبق مصير المقتول فى سبيل الله على زوج هذه السيدة ؟ :
هو رجل مُسالم يسعى على قوته وقوت عياله : (نجار فقير يأتيه رزقه يومًا بيوم )، ثم تعرضت مدينته لاعتداء من قبائل التُّرك فكان من الضحايا القتلى تاركا عياله جوعى . لم يكن مقاتلا . رب العزة جل وعلا يتحدث عن الذى يقاتل فى سبيل الله (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة ) والذين يُقتلون فى سبيل الله (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154) البقرة ) ويتحدث عنهما معا : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ )(111) التوبة ). صاحبنا لم يكن جنديا مقاتلا ولكن إذا دافع عن نفسه فقتلوه يكون مقتولا فى سبيل الله جل وعلا . فالمظلوم المُسالم الذى يتعرض لهجوم قاتل فيدافع عن نفسه فيُقتل يكون مقتولا فى سبيل الله جل وعلا. نفهم هذا من قوله جل وعلا فى تشريع القتال الدفاعى فى الاسلام:(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)الحج) .
3 ـ سؤال عن : كوننا لا نشعر بهم وبحياتهم عند ربهم : (بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ ): أعتقد أن الشعور هنا يعنى الاحساس بالحواس المادية ، الرؤية بالعين والسمع بالأُذُن واللمس باليد وما ينتج عنها من إحساس فى النفس . وبالتالى لا ينطبق هذا على الرؤيا المنامية .
3 ـ سؤال عن :كونهم يُحسُّون بأهلهم أكّده رب العزة ، كما سبقت الاشارة اليه ، وهو ما يتفق فى هذه الرؤيا عن هذه السيدة وحالها الذى تحكيه : ( "ووُضع زوجي بين يدي قتيلًا ، فأدركني الجزع ، وجاء الجيران يساعدونني على البكاء . وجاء الأطفال يطلبون الخبز، وليس عندي شيء ، فصليت وتضرعت إلى الله تعالى ، أسأله الصبر وأن يجبر بهم. " فذهب بي النوم في سجودي، فرأيت في منامي، كأني ... ). فى موقف صعب وجثة زوجها أمامها واطفالها جوعى، تصلى وتتضرع ، فتنام ، والنوم هو دخول مؤقت للبرزخ . وفى نومها هذا رأت هذا المنام الهائل .
4 ـ من الصعب التصديق بأن يعيش إنسان بلا طعام ولا شراب . هذا فى الأحوال العادية . ولكن هناك إستثناءات ، منها حياة أهل الكهف فى نومهم ، وذلك الذى نام / مات مائة عام ثم بعثه الله جل وعلا أو أيقظه . النوم هو موت مؤقت ، النائم يدخل البرزخ ولكن تظل صلته مستمرة بهذه الحياة فيعود اليها عندما يستيقظ . أما الذى يموت فتدخل نفسه البرزخ ، ولا تخرج منه إلا يوم البعث لجميع البشر .
5 ـ لا أرى مانعا من تصديق هذه الرواية . وهو رأى يحتمل الخطأ والصواب .