وقائع الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 هجرية )

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٧ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا :  الخوارج وعبيد الله بن زياد :

1 ـ فى ( آسك )هزم أبو بلال مرداس وأربعون معه من الخوارج جيش ابن زياد الذى بلغ تعداده ألفين . وإنتقم زياد بأن أرسل جيشا آخر بلغ تعداده ثلاثة آلاف يقوده عباد بن الأخضر. ولحق هذا الجيش الخوارج فى منطقة ( توج ) ، وثبت الخوارج لجيش ابن زياد . وحلّ وقت صلاة الجمعة ، فطلب أبو بلال هدنة للصلاة ، فاستجاب له ابن الأخضر . وتوقف القتال . تقول الرواية (فعجل ابن الأخضر الصلاة، وقيل قطعها، والخوارج يصلون، فشدعليهم هو وأصحابه  وهم ما بين قائم وراكع وساجد لم يتغير منهم أحد من حاله، فقتلوامن آخرهم وأخذ رأس أبي بلال.). رأى الخوارج الجيش الأموى يهجم عليهم غدرا وهم فى الصلاة ، فلم يقطعوا صلاتهم ، وأتاحوا للجبناء قتلهم بلا مقاومة.! .

2 ـ وانتقم الخوارج بإغتيال قائد هذا الجيش ( عباد بن الأخضر ) .تقول الرواية (  ورجع عباد إلى البصرة فرصده بها عبيدة بن هلال ومعهثلاثة نفر، فأقبل عباد يريد قصر الإمارة وهو مردف ابناً صغيراً له، فقالوا له: قفحتى نستفتيك. فوقف، فقالوا: نحن إخوة أربعة قتل أخونا فما ترى؟ قال: استعدواالأمير. قالوا: قد استعديناه فلم يعدنا. قال: فاقتلوه قتله الله! فوثبوا عليهوحكّموا به ) ( حكّموا به ) أى صاحوا ( لا حكم إلا لله ) وهى صيحتهم عندما يبدأون فى القتل . تقول الرواية إن عباد بن الأخضر ألقى إبنه وثبت هو لهم فقتلوه ، ونجا إبنه . ثم إجتمع أهل البصرة على الخوارج الأربعة فقتلوا منهم ثلاثة ، وأفلت عبيدة بن هلال .

3 ـ وصمم ابن زياد على الانتقام . وكان نائبه على البصرة  ( عبيد الله بن أبيبكرة )، فكتب إليه يأمره أن يتتبع الخوارج، ففعل ذلك) وحبس ابن أبى بكرة كثيرا من الخوارج ، وكان من يشفع فى بعض الخوارج يطلق ابن أبى بكره سراحه على أن يكون الشافع فيه كفيلا أى مسئولا عن هذا الخارجى. وحضر ابن زياد الى البصرة ، وقتل كل المحبوسين من الخوارج . وطلب من كل كفيل أن يحضر اليه بمن يكفله من الخوارج ، فإذا عجز الكفيل قتله ابن زياد ، فإذا أحضر الخارجى أطلق ابن زياد الكفيل وقتل الخارجى .   

ثانيا : الخوارج وعبد الله بن الزبير

1 ـ  فى عام  64 ، وبعد أن هزم الجيش الأموى أهل المدينة فى موقعة الحرة ، تحرك الجيش نحو مكة ليقاتل ابن الزبير ، وإنضم الخوارج بزعامة نجدة بن عامر الى ابن الزبير دفاعا عن البيت الحرام . وانسحب الجيش الأموى من حصار مكة والحرم بعد أن بلغهم موت يزيد بن معاوية .

 2 ـ بعدها كان منتظرا أن يفارق الخوارج ابن الزبير. إنفجرت الخلافات القديمة بينهم ، سألوا ابن الزبير عن رأيه فى (عثمان ) ، وخاف منهم ابن الزبير ــ وكان جبانا ـ فأمهلهم الى العشية ، وعندما جاءوا وجدوا حوله أتباعه مسلحين . وأعلن ابن الزبير براءته من الخوارج ، فتركوه .

ثالثا : تفرق الخوارج

1 ـ بعد تركهم ابن الزبير تفرق الخوارج . منهم من ذهب الى البصرة وكلهم من بنى تميم وتزعمهم نافع بن الأزرق  ومعه ابن الصفار وابن اباض ، وإتجه آخرون الى اليمامة تزعمهم أبو طالوت وأبو فديك.

2 ــ فى البصرة إنتهز نافع بن الأزرق فرصة ثورة الناس على (ابن زياد ) والصراع بين بين قبيلتى الأزد وربيعة ـ فجمع معه ثلثمائة فاقتحم بهم سجن ابن زياد وأطلق من فيه .

وإتفق اهل البصرة على تولية عبد الله بن الحارث ، وواجهوا الخوارج ، فهرب نافع ببعض أصحابه الى الأهواز فى شوال 64 ، وتخلف عنه إبن الصفار وابن إباض .

وتبرأ نافع بن الأزرق من صاحبيه إبن الصفار وابن إباض ، وحرّم مناكحتهم وأكل ذبائحهم وقبول شهادتهم ,اخذ الدين عنهم . وأعلن نافع بن الأزرق أن جهاده يشمل ( قتل الأطفال والاستعراض،) أى القتل العشوائى لمن خالفه ، (  وأن جميع المسلمين كفار مثل كفار العرب لايقبل منهم إلا الإسلام أو القتل.) . وهذا هو دين الأزارقة . وبهذا بدأ تقسيم هؤلاء الى الخوارج  الى : الأزارقة ( نافع بن الأزرق ) والاباضية ( ابن إباض ) القائل باستحلال الدماء دون الأموال ، والصفرية ( ابن الصفار ) الذى إعتبر ابن الأزرق متطرفا. وتبرأ الزعماء الثلاث من بعضهم .  وقد خالف (نجدة بن عامر الحنفى ) نافع بن الأزرق ، وإنفصل عنه وسار إلى اليمامة، فأطاعه الخوارج الذين بها وتركوا أبا طالوت.

3 ـ تقول الرواية : ( واشتدت شوكة ابنالأزرق ،وكثرت جموعه ، وأقام بالأهواز يجبي الخراج ويتقوى به. )، ثم أقبل نحو البصرة حتىدنا من الجسر، فبعث إليه واليها (عبد الله بن الحارث ) جيشا عام 65 ، وإقتتلوا ، فقُتل نافع بن الأزرق ، وتولى بعده ابن الماحوز التميمى ، واستمر القتال ، حتى ملّ الجيشان القتال ، وركن الفريقان الى الراحة ، ولكن أقبلت للخوارج كتيبة مددا لهم فتقوى بهم الخوارج وهزموا جيش أهل البصرة ، وتقدم الخوارج بعدها نحو البصرة .

رابعا : تولية المهلب بن أبى صفرة حرب الخوارج وإنقاذه البصرة

1 ــ المهلب أشهر من حارب الخوارج ، حاربهم باسم ابن الزبير ثم باسم الأمويين .

2 ـ وبدأ الأمر عندما فزع أهل البصرة من تقدم الخوارج نحوهم ، فلجأوا الى الأحنف بن قيس زعيم بنى تميم ليقودهم ضد الخوارج ، فإعتذر وأشار عليهم بالمهلب بن ابى صفرة . ورفض المهلب أولا ثم إشترط عليهم أن يكون له ما يغلب عليه وأن يتقوى بالأموال من بيت المال ، فوافقوا ، ووافق ابن الزبير على أن يقاتل الخوارج باسمه .

3 ــ وقام المهلب بتكوين جيش قوى من اهل البصرة قوامه 12 ألفا ، وسار بهم الى الخوارج فإنسحبوا الى الأهواز ، فطاردهم المهلب ، وأرسل مقدمة جيشه يقودها ابنه المغيرة ، فاقتتل معهم ، ثم اسحب الخوارج من الأهواز الى مناذر ، ثم التحم بهم المهلب بجيشه ، وفى البداية إنتصر الخوارج ولكن ثبت المهلب وابنه المغيرة ، فعاد اليه اربعة آلاف فارس من أصحابه المنهزمين ، وتم  صدُّ الخوارج . واستراح المهلب بجيشه ، ثم إنسحب الى العاقول ، وتحرك فى أثر الخوارج وعسكر قريبا منهم ، وهجم الخوارج ليلا على معسكر المهلب فوجدوه مستعدا لهم ، ودار قتال شديد ، تقول الرواية : ( وصبرالفريقان عامة النهار، ثم إن الخوارج شدت على الناس شدةً منكرةً، فأجفلوا وانهزموالا يلوي أحد على أحدٍ، حتى بلغت الهزيمة البصرة، وخاف أهلها السباء.) ، أى خافوا أن يسبى الخوارج نساءهم وذرياتهم . ولم ييأس المهلب فظل يصرخ فى جيشه المهزوم حتى تجمع حوله ، وفاجأ بهم الخوارج من حيث لا يشعرون وقد إنفصلت عنهم فرقة لتقتحم البصرة . وإقتتل المهلب مع مؤخرة الخوارج ، واستمر القتال ساعة ، وأسفر عن قتل قائد الخوارج ابن الماحوز وكثيرٌ من أصحابه، وغنم المهلبعسكرهم. وتراجعت مقدمة الخوارج التى كانت تتقدم لاحتلال البصرة فوقعوا فريسة لجيش المهلب ، تقول الرواية : ( وأقبل من كان في طلب أهل البصرة راجعاً، وقد وضع المهلب لهم خيلاً ورجالاًتختطفهم وتقتلهم، وانكفأوا راجعين مذلولين مغلوبين، فارتفعوا إلى كرمان وجانبأصبهان...فلما قتل عبد الله بن الماحوز استخلف الخوارج الزبيربن الماحوز.)، (ولما فرغ المهلب منهم أقام مكانه حتى قدم مصعب بنالزبير على البصرة أميراً. )

 

 خامسا : نجدة بن عامر الحنفى الخارجى  فى الجزيرة العربية

1 ـ كان ( نجدة ) مع نافع ابن الأزرق،ثم خالفه وفارقه وسار إلى اليمامة حيث كان فيها  خوارج آخرون بزعامة أبى طالوت فأصبح نجدة من كبار أتباع أبى طالوت . وكانت منطقة حضرموت من قبل تابعة لبنى حنيفة قوم نجدة بن عامر الحنفى. فإستولى عليها  معاوية من بنى حنيفة ،وقد أسكن فيها معاوية أربعة آلاف من الرقيق وعائلاتهم يعملون فى الأرض . وسار نجدة الى حضرموت فإستردها ، وغنم ما فيها   وقسمه بين أصحابه، عام 65 ، فكثر جمعه.ثم نهب نجدة قافلة كانت تحمل أموالا لابن الزبير ، وجاء بها لأبى طالوت  ( فقسمها بين أصحابه، وقال:  "اقتسموا هذا المال وردوا هؤلاء العبيد واجعلوهم يعملون الأرض لكم فإن ذلك أنفع" ،  فاقتسموا المال وقالوا: نجدة خير لنا من أبي طالوت؛ فخلعوا أبا طالوت وبايعوا نجدةوبايعه أبو طالوت، وذلك في سنة ست وستين، ونجدة يومئذٍ ابن ثلاثين سنة.)
2 ـ ثم حارب نجدة قبيلة بني كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، فى منطقة ( ذي المجاز ) ( فهزمهم وقتلهمقتلاً ذريعاً ). ( ورجع نجدة إلى اليمامة فكثر أصحابه فصاروا ثلاثة آلاف، ثم سار نجدة إلىالبحرين سنة 67، . وانضمت اليه هناك الأزد من قبائل اليمن ، ووقفت ضده قبائل عبد القيس من ربيعة . ودارت معركة بين الفريقين فى القطيف ، وانتصر عليهم نجدة ، تقول الرواية : ( فالتقوابالقطيف فانهزمت عبد القيس ، وقتل منهم جمعٌ كثير ، وسبى نجدة من قدر عليه من أهلالقطيف . )  ( وأقام نجدة بالقطيف ووجه ابنه المطرح في جمع إلىالمنهزمين من عبد القيس، فقاتلوه بالثوير، فقتل المطرح بن نجدة وجماعة منأصحابه.
وأرسل نجدة سريةً إلى الخط فظفر بأهله. )

3 ـ  وأقام نجدة بالبحرين. فلما قدممصعب بن الزبير إلى البصرة سنة69 ، بعث إليه ( عبد الله بن عمير الليثي الأعور) في أربعة عشر ألفاً . ولكن نجدة فاجأه وهو غافل، وهزمه وهرب ابن عمير . وسبى نجدة جارية لابن عمير   فعرض عليها أن يرسلها إلى مولاهافقالت:" لا حاجة بي إلى من فرعني وتركني.". ( فرع ) كناية عن إفتضاض البكارة .
وبعث نجدة أيضاً بعد هزيمة ابن عميرجيشاً إلى عُمان واستعمل عليهم عطية بن الأسود الحنفي، وقد غلب عليها عباد بن عبدالله، وهو شيخ كبير، وابناه سعيد وسليمان يعشران السفن ( أى يفرضان العُشر ) ويجيبان البلاد ). وانتصر عطية وقتل عباد . واستولى عطية على البلاد فأقام بها أشهراً ثم خرج منها،  واستخلف رجلاً يكنى أبا القاسم، فقتله سعيد وسليمان ابنا عباد وأهل عمان.) ( ثمخالف عطية نجدة،  فعاد إلى عمان ، فلم يقدر عليها ، فركب فيالبحر وأتى كرمان  ،وضرب بها دراهم سماها العطوية. وأقام بكرمان. فأرسل إليه المهلبجيشاً، فهرب إلى سجستان ثم إلى السند، فلقيه خيل المهلب بقندابيل فقتله. ).

4 ـ ( ثم بعث نجدة إلى البوادي بعد هزيمة ابن عمير  من يأخذ من أهلهاالصدقة، فقاتل أصحابه بني تميم بكاظمة، وأعان أهل طويلع بني تميم، فقتلوا منالخوارج رجلاً، فأرسل نجدة إلى أهل طويلع من أغار عليهم وقتل منهم نيفاً وثلاثينرجلاً وسبى. ثم إنه دعاهم بعد ذلك فأجابوه، فأخذ منهم الصدقة. )

5 ـ ( ثم سار نجدة إلىصنعاء في خف من الجيش، فبايعه أهلها ، وظنوا أن وراءه جيشاً كثيراً، فلما لم يروامدداً يأتيه ندموا على بيعته، وبلغه ذلك فقال: إن شئتم أقلتكم بيعتكم وجعلتكم في حلمنها وقاتلتكم. فقالوا: لا نستقيل بيعتنا. فبعث إلى مخالفيها فأخذ منهم الصدقة،وبعث نجدة أبا فديك إلى حضرموت فجبى صدقات أهلها.)
6 ــ وحج نجدة سنة 68 ، وقيلسنة 69، وهو في ثمانمائة وستين رجلاً، وقيل في ألفي رجل وستمائة رجل، وصالحابن الزبير على أن يصلي كل واحد بأصحابه ويقف بهم ويكف بعضهم عن بعض.فلما صدرنجدة عن الحج سار إلى المدينة، فتأهب أهلها لقتاله، وتقلد عبد الله بن عمر سيفاً،فلما كان نجدة بنخل أخبر بلبس ابن عمر السلاح، فرجع إلى الطائف . )

7 ـ وسبى نجدة بنتا هى حفيدة عثمان بن عفان ، (بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان )  ( فسأله بعضهم بيعها منه، فقال: قد أعتقت نصيبي منهافهي حرة. قال: فزوجني إياها. قال: هي بالغ وهي أملك بنفسها فأنا استأمرها؛ فقام منمجلسه ثم عاد، قال: قد استأمرتها وكرهت الزواج.).
 8 ـ واتسع مُلك نجدة من الطائف الى البحرين وحضرموت واليمن وتبالة والسراة .  

9 ـ  ثم إن أصحاب نجدة اختلفواعليه لأسباب نقموها منه ... فانحازوا عنه وولواأمرهم أبا فديك عبد الله بن ثور.. واستخفى نجدة، فأرسل أبوفديك في طلبه جماعةً من أصحابه وقال: إن ظفرتم به فجيئوني به. ) وعثروا عليه فقتلوه .

سادسا : مصعب بن الزبير والخوارج فى فارس والعراق :

1 ـ فى عام 68 عزل مصعب بن الزبير ( المهلب بن أبى صفرة ) وولى مكانه فى حرب الأزارقة (عمر بن عبيد الله بن معمر ) .  وكان الخوارج قد ولوا عليهم الزبير بنالماحوز عام 65 . ودارت معركة عند اصطخر بين الخوارج و (عمر بن عبيد الله )، فقتل الخوارج ابنه   ولكن انهزموا . وكاد عمر بهلك في هذهالوقعة، فدافع عنه مجاعة، فوهب له عمر تسعمائة ألف درهم.  وانسحب الخوارج وساروا غربا نحو العراق ، فطاردهم عمر بن عبيد الله ، وجهز مصعب جيشا آخر ، ووقع الخوارج بين جيشى مصعب و عمر بن عبيد الله ، فانطلقوا نحو المدائن فاقتحموها وهرب قائدها ( كردم بن مرشد القرادي ) ، تقول الرواية عما فعله الخوارج بأهل المدائن : ( شنوا الغارة على أهل المدائنيقتلون الرجال والنساء والوالدان ويشقون أجواف الحبالى. .. ) ثم ساروا الى ساباط : ( وأقبلوا إلىساباط ووضعوا السيف في الناس يقتلون .. وأفسد الخوارج فيالأرض.). وارتعب أهل الكوفة من مجىء الخوارج فحثوا واليهم ( القباع ) فخرج متثاقلا برغم الالحاح عليه . وقال فيه شاعر :
 سار بنا القباع سيراً نكرا ** يسير يوماً ويقيمشهرا

2 ـ وطورد الخوارج حتى اصبهان وحاصروها ، وكان والى اصبهان (عتاب بن ورقاء )، فصبر لهم، وكان يقاتلهم على باب المدينةويرمون من السور بالنبال والحجارة. واستمر حصار الخوارج لاصبهان فاضطر مقاتلوها للخروج لمقاتلة الخوارج ـ وكانوا لا يتوقعون الهجوم ، ففاجأهم الهجوم فانهزموا ، وقُتل أميرهم الزبير بن الماحوز .

3 ـ وولى الخوارج عليهم  قطري بن الفجاء ، فانسحب بهم الى كرمان وأقام بها  حتىاجتمعت إليه جموع كثيرة وجبى المال وقوي. ثم أقبل إلى أصبهان ثم أتى إلى أرضالأهواز فأقام بها. واضطر مصعب الى إعادة المهلب لقتال الخوارج . وجاء المهلب إلى البصرة وأعد جيشا وسار به نحو الخوارج، ثم أقبلوا إليه حتى التقوا بسولاف فاقتتلوا بها ثمانيةأشهر أشد قتال رآه الناس.

4 ـ وحين قتل مصعب عام 71 ، كان المهلب يحارب الأزارقةبسولاف، بلد بفارس على شاطئ البحر، ثمانية أشهر. وعرف الخوارج الأزارقة بقتل مصعب قبل أن يعرف به المهلب ، تقول الرواية : (فصاحوا بأصحاب المهلب: ما قولكم في مصعب؟ قالوا: أمير هدى، وهو ولينا في الدنياوالآخرة، ونحن أولياؤه. قالوا: فما قولكم في عبد الملك؟ قالوا: ذاك ابن اللعين، نحننبرأ إلى الله منه وهو أحل دماً منكم. قالوا: فإن عبد الملك قتل مصعباً وستجعلونغداً عبد الملك إمامكم. فلما كان الغد سمع المهلب وأصحابه قتل مصعب فبايع المهلبالناس لعبد الملك بن مروان، فصاح بهم الخوارج: يا أعداء الله! ما تقولون في مصعب؟قالوا: يا أعداء الله لا نخبركم. وكرهوا أن يكذبوا أنفسهم. قالوا: وما قولكم في عبدالملك؟ قالوا: خليفتنا. ولم يجدوا بداً إذ بايعوه أن يقولوا ذلك. قالوا: يا أعداءالله! أنتم بالأمس تبرأون منه في الدنيا والآخرة وهو اليوم إمامكم وقد قتل أميركمالذي كنتم تولونه! فأيهما المهتدي وأيهما المبطل؟ قالوا: يا أعداء الله رضينا بذلكإذ كان يتولى أمرنا ونرتضي بهذا. قالوا: لا والله ولكنكم إخوان الشياطين وعبيدالدنيا.)

سابعا : عبد الملك بن مروان والخوارج

1 ـ فى عام 72 ، ولّى عبد الملك (خالد بن عبد اللهعلى البصرة، فلما قدمها خالد كان المهلب يحارب الأزارقة، فعزله وسيّر أخاه عبد العزيز بن عبد الله إلى قتل الخوارج. ). وهزم  قطرى بن الفجاءة الجيش الأموى ، وسبى إمرأة القائد عبد العزيز بن عبد الله . وهى ابنة المنذر بن الجارود ، وعرضها الخوارج للبيع فى مزاد  ، تقول الرواية : (وانهزم عبد العزيز، وأخذت امرأته ابنة المنذر بن الجارود فأقيمت فيمنيزيد، فبلغت قيمتها مائة ألف، فجاء رجل من قومها من رؤوس الخوارج فقال: تنحوا هكذا،ما أرى هذه المشركة إلا قد فتنتكم! وضرب عنقها، ولحق بالبصرة، فرآه آل المنذرفقالوا: والله ما ندري أنحمدك أم نذمك! فكان يقول: ما فعلته إلا غيرهوحمية.). وأرسل عبد الملك يؤنب الوالى خالد بن عبد الله لعزله المهلب ، وأمره أن يُعيد المهلب ، وأمر عبد الملك أخاه بشر بن مروان والى الكوفة أن يرسل مددا من خمسة آلاف لحرب الخوارج ، فأرسل المدد بقيادة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث . واجتمع جيش البصرة وفيه أميرها خالد بن عبد الله وجيش الكوفة يقوده ابن الأشعث ، معهم المهلب مستشارا. وانهزم الخوارج . وكتب عبد الملك لأخيه بشر بن مروان بأن يطارد الخوارج .

واستمرت الحروب بين الخوارج وبنى أمية حتى سقوط دولة الأمويين .
 

اجمالي القراءات 9358