صلاح عبدالسلام، بلجيكى من أصول مغربية، صار ملء السمع والبصر وحديث العالم والرقم الصعب فى معادلة الإرهاب والمطلوب رقم 1 فى عملية باريس الإرهابية الرهيبة، التى راح ضحيتها 130 شخصاً، تم القبض عليه بعد معركة سريعة أُصيب فيها فى ساقه برصاصة الأمن البلجيكى بعد أن ظل هارباً منذ نوفمبر الماضى، قصته هى درس لا بد من الاستفادة منه وتعلمه وفهم كل دلالاته وفتح كل مسام عقول علماء الاجتماع الذين ذهب معظمهم إلى اتهام الفقر والجهل وانعدام الديمقراطية فقط كأسباب للتطرف وتفريخ الإرهاب، صلاح عبدالسلام يعيش فى بلجيكا قمة الديمقراطية والرفاهية، يدير مقهى ويُتهم بالاتجار فى المخدرات ويُسجن، يقابل داخل السجن مسلماً داعشياً يقنعه بالانضمام لـ«داعش»، يبث أفكاره، يخدره بحلم الخلافة وسيطرة المسلمين على العالم من خلال إمبراطورية «داعش»، ليتحول «صلاح» فى لحظة من تاجر مخدرات إلى جهادى تكفيرى يلبس حزاماً ناسفاً هو وشقيقه فى هجمة باريس التى صدمت العالم كله، انفجر جسد شقيقه وتحول إلى أشلاء، أما هو فقد تخلص من الحزام الناسف وهرب من باريس إلى بلجيكا التى يعتبرها الأوروبيون الآن وكر الإرهاب بسبب مسجد بروكسل الذى تموله السعودية والذى كُتبت عنه مقالات وأُلفت كتب لدق ناقوس الخطر من هذا المسجد الذى يعتبر المصدر الأول للإرهاب فى أوروبا، هذا المسجد أو المركز الإسلامى يقع فى حى الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، يرعى المسجد 700 طفل من أجل حفظ القرآن، التمويل سلفى سعودى منذ سنة 1967، شكل هذا المسجد عقول كثير من إرهابيى أوروبا، منهم رشيد بخارى، الذى أحرق أكبر مسجد شيعى فى بروكسل وحُكم عليه بـ27 عاماً، ومنهم من سافر للقتال فى سوريا مثل عبدالحميد أباعود، معلم وقائد صلاح عبدالسلام، ومنهم من تورط فى تفجيرات مدريد واقتحام فندق يهودى وقتل بلجيكى وفرنسى.. إلخ، إذاً الحكاية ببساطة ليست معادلة جمع وطرح بسيطة كما فهمناها من الخبراء الاستراتيجيين فى برامج التوك شو، ليس الإرهابى حصيلة الفقر زائد الجهل زائد الكبت، كل هذه العناصر بالطبع من الممكن أن تشكل إرهابياً، لكن الفكر هو الذى يشكل العقل، هو الذى يأمر اليد أن تلقى بالقنبلة أو تربط الحزام الناسف أو تضغط على زناد الكلاشينكوف، المطبخ الفكرى للتطرف كان مسجد بروكسل، كان المنبر الذى ظل يشحن بطارية الكره والحقد والغل، تارة ضد الشيعة، وتارة ضد اليهود، وتارة ضد المسيحيين، ودائماً ضد الآخر المختلف، شيوخ يعيشون من ضرائب المواطن البلجيكى ثم يستفزون الشباب المتحمس لقتله، إنهم لا يحسون بالانتماء إلا للممول الوهابى للأسف، يولد الشاب بجنسية البلد الأوروبى فى شهادة الميلاد لكن البيت يربيه تربية صحراء التطرف برغم الجليد الذى يغطى كل شىء هناك، تتصحر روحه وتجف مشاعره فيصير منوّماً مغناطيسياً بريموت أمير الجماعة، إنها كارثة أن تلفظ الحضارة وتخاصم الحداثة وترفض التقدم لتعيش أسير وهم الخلافة والأممية الإسلامية وسيادة السلفية الوهابية على العالم.