نت قد كتبت عن اضطهاد الناظرة المسيحية، التى رفضت طالبات بنى مزار تعيينها، واستجابت وزارة التربية والتعليم لهن وأوقفت تعيينها، المقال كان تحت عنوان «مسيحية لا مؤاخذة»، تفضلت السفيرة ومستشارة رئيس الجمهورية للأمن القومى د. فايزة أبوالنجا بالاتصال فور وصولها من اليابان وقت زيارة الرئيس، وإبلاغى باهتمامها الشديد بالموضوع، وطلبت من وزير التربية والتعليم تقريراً موضحاً ومفصلاً عن ملابسات هذا الموضوع، وتفضل مكتب السفيرة بإرسال بيان الوزير رداً على مقالى، يقول بيان الوزير، وسأنقله بنفس أخطائه الإملائية:
بشأن ما تم تداوله حول تعيين السيدة ميرفت سيفين فى وظيفة مديرة لمدرسة بنى مزار الثانوية الصناعية بنين/بنات بمديرية التربية والتعليم بالمنيا، وحدوث تزمر (يقصد تذمر) بين الطلبة والعاملين ومجلس أمناء المدرسة، ومطالبتهم بعدم تنفيذ قرار التعيين لوجود مخالفات وعوار شاب الإعلان عن الوظيفة.
نود الإشارة إلى الآتى:
أنه بتاريخ 2015/7/10 قامت إدارة تنسيق التعليم الفنى بمديرية التربية والتعليم بالمنيا بقبول ملف ترشيح المديرة المذكورة، وآخرين بالمخالفة لشروط الإعلان، كما تبين وجود عدة مخالفات أخرى، الأمر الذى استلزم عرض الموضوع على السلطة المختصة، والتى قررت إحالة الموضوع بالكامل إلى النيابة الإدارية للتحقيق، وفى إطار ما سوف تسفر عنه تحقيقات هيئة النيابة الإدارية سيتم اتخاذ الإجراء المناسب، وإعطاء كل ذى حقاً (يقصد حق) حقه بمن فى ذلك السيدة ميرفت سيفين.
انتهى بيان وزير التربية والتعليم، الذى يعبر عن فكر هذا الوزير الموظف الذى يتصرف بأسلوب تستيف الأوراق وكنس التراب تحت السجادة لإخفائه، وحل المشكلة بذبح الضحية بدلاً من البحث عن حل جذرى لمشكلة العنصرية والطائفية داخل وزارته التى صارت مفرخة إرهابية بامتياز ومدارسه التى صارت مزرعة بمساحة الوطن لإنتاج شتلات التطرف، ولى بعض التعليقات على هذا البيان، الذى يصرخ فيه الوزير: «وجَدتُها»، ولكن هذا الصراخ صار على ورق رسمى بدلاً من أن يكون فى البانيو كأرشميدس:
الطالبات كن يهتفن مش عايزين مسيحية، ولم يهتفن مش عايزين حرامية!!، هذا هو بيت القصيد، ونفس الهتاف تكرر حين كانت وزارتك تريد حل المشكلة بنقلها إلى مدرسة البنين، التى كانت وكيلتها فعلاً منذ فترة طويلة.
لماذا لم تظهر مخالفات هذه الناظرة المسيحية إلا بعد أن كتبنا عن الموضوع؟!، ولماذا تمت ترقيتها كل مرة، برغم أنها مخالفة وفيها كل الموبقات والعِبر التى يتحدث عنها الوزير؟، ولماذا لم يسأل الوزير نفسه كيف كانت تلك السيدة المسيحية نفسها التى عليها مخالفات مديرة منتدبة فى 2009، ولمدة سنة لنفس المدرسة التى هتفت ضدها ومنعتها فى 2016؟!، وهل لو لم تكن قد هتفت الطالبات تلك الهتافات العنصرية ضدها كنت ستبحث يا سيادة الوزير فى ملفاتها، لتجد جزاءً قديماً محنطاً غير مؤثر فى الترقية لتخرجه من الكهف الآن وتلوح به؟!.
ما كان يستدعى انتفاضتك يا سيادة الوزير هو إجابة هذا السؤال المهم الخطير، كيف تسمح للوكيلات زميلاتها فى المدرسة بحشد تلك البنات الأطفال وشحنهن بهذه الأفكار العنصرية الفاشية الطائفية المتخلفة والهتافات المسفة المتجاوزة؟، لماذا لم تحاسبهن يا سيادة الوزير المسئول عن تربية الأجيال قبل تعليمهم!!، لماذا لم تحاسب وكيل وزارتك فى المنيا والمشهور بتشدده، الذى قدم هو الشكوى وسعى خلفها لإشعال نيران الفتنة؟، وإذا كانت ميرفت سيفين سيدة مخالفة ورهيبة وبشعة إلى هذا الحد، لماذا تمت المفاوضات بعد هتاف البنات ضدها، وتقديم الوعد لها بنقلها مديرة لمدرسة البنين؟!، وبالطبع كان مساعدوك وذراعك اليمنى يعرفون جيداً أن البنين سيذبحونها بهتافات أكثر سفالة وانحطاطاً، وبأنها ستخطو إلى المحرقة بقدميها، وتلف المشنقة حول عنقها بيديها، وتكون الوزارة ملهاش ذنب.
محافظ المنيا الرجل الهمام، الذى استقبل البيضة المكتوب عليها لفظ الجلالة ووضعها فى علبة قطيفة تليق بقداستها، هذا المحافظ نفسه رفض مقابلة ميرفت سيفين عندما طلبت منه ذلك، وأعتقد أن سبب الرفض أن رأسها ليس بيضاوياً، وسيادة المحافظ لا يحتفى إلا بالبيض.
القضية يا معالى وزير التربية والتعليم ليست قضية إدارية روتينية عن ترقية ونقل وخمسة أيام جزا، القضية أخطر من ذلك، قضية وزارة ليس لها أى منهج تنويرى أو خطة لترسيخ الفكر العلمى والنقدى وإرساء قيم الحرية والدولة المدنية، إنها وزارة ترسيخ الفكر الخرافى والفاشية الدينية وبامتياز مع مرتبة الشرف.