إنهم يظلمون الحمير
خلق الله الأنعام وسخرها للإنسان يأكل منها ويستخدم أصوافها وأوبارها وشعرها فى صناعة الملابس والأثاث بمختلف أنواعها ومن أهم هذه الأنعام ما يستخدم منها فى الركوب وحمل الأثقال وتوصيلها إلى أبعد الأماكن دون عناء من الإنسان ومن هذه الأنعام المهمة ( الحمير) يقول تعالى ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) ثم قال سبحانه ( وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) وقال عز من قائل ( وعليها وعلى الفلك تحملون )0
هل سمعتم عن حمار حرامى أو لص ؟ هل تم الإبلاغ يومأ عن حمار مرتشى لكى يقوم بعمله الطبيعى والرسمى الذى يتقاضى أجرأ فى سبيل إنجازه ؟ هل سمعتم عن حمار خائن يغدر بزوجة جاره ويسرقها ويضاجعها ؟ هل سمعتم عن حمار قاتل ؟ هل سمعتم عن حمار يستهزىء بصاحبه ويستخف بعقله ويحتقر تفكيره ؟ بالطبع لا قكل ما سبق صفات وجرائم بشرية يقوم بها الإنسان فى سهولة ويسر دون أدنى درجة من تأنيب الضمير فهو يغدر ويقتل ويزنى بحليلة جاره وبغيرها ويرتشى ويخرج أقبح الصفات وأقذع الشتائم فى سهولة ويسر ودون أى عناء يذكر
لماذا إذأ نتجنى على ذلك المسكين ---الحمار---فى جميع أوقاتنا فنصف كل من لا يعجبنا تصرفه أو نحتقر أفعاله أو سلوكياته بأنه ( حمار) مع ما فى ذلك من ظلم فادح وجور واضح لأنه مخلوق مسكين ووديع ولا يأبى القيام بأعتى الأشغال الشاقة ولا يرفض لصاحبه طلبأ ولا ينكص على عقبيه ولا يهرب منه بحجة الإفلاس وعدم القدرة على بذل المجهود المطلوب بل على العكس يسارع بتفيذ المهام المنوطة به سعيدأ بقليل من البرسيم أوالتبن أو القش أو القليل من الفول أو الذرة الصفراء بعدها ينهق بصوته المزعج معلنأ به عن قوته الخارقة وإستعداده الكامل للقيام بأصعب المهام الشاقة ولا يتمحك بأحد للحصول على رشوة معينة كحفنة من الفول أو حزمة من البرسيم ولا يهرش قفاه منتظرأ أن يشخشخ صاحبه جيبه وينقده ببضعة جنيهات يشترى بها بردعة ومرشحة ---الملابس العادية للحمار فى مصر---لكى تحميانه من برد الشتاء القارس ولا يكذب على صاحبه ويطلب منه دمغات وتعهدات وأوراق وطلبات لا قيمة لها ولكنه يلبى النداء ويستجيب للشقاء والعناء دون أن ينبس بحرف
فلماذا نصف الجناة والعصاة والسفلة والخارجين على القانون ---وكثير ما هم--- بأنهم حمير ؟ ألا يعتبر ذلك تجنيأ على هذا المخلوق الشهم الجدع الوديع الذى نركبه ووزننا يزيد على ربع الطن فلا يقمص ولا يرفس ونعلقه فى العربة الكارو فيأخذ الأمر ببساطة ولا ينكر علينا أفعالنا بل يتقبلها مسرورأ سعيدا كأننا نقدم له هدية ثمينة
كان لى صديق فلاح مات منذ عامين وكان رغم أميته يرتجل الزجل—الشعر العامى---وكان له حمار عزيز عليه جدأ كان يحبه كفرد من العائلة من كثرة ما تحمل الحمار مع صاحبه من مشاق الحياة وبلائها فى المنزل والغيط والسفر ولكن هذا الحمار مرض ومات بسرعة فسمعت صديقى—صاحب الحمار --- ينشد قائلأ
أبكيك بدمع العين يا فقيد
ليه رحت بعيد
الإسطبل بعدك عتمة
وصبح كتمة
مين بعدك
يلبس بردعتك
فين مجدعتك
حقضى العمر أفكر فيك
أخلف لاعمل قعدة وارثيك
أنظروا كيف تأثر صديقى الفلاح بموت حماره المخلص وكيف حافظ هو أيضأ على نفس الإخلاص بينه وبين هذا الكائن المسالم الذى لا يستحق من البشرية كل هذا الكم الهائل من التجريح والإهانات بل يستحق أن نكرمه بالكثير من الفول والذرة والبرسيم والحنان ولا نضربه بالعصا لننفث فيه أحقادنا البغيضة0
رأيت حمارا يقف على طريق السيارات العام مريضأ بداء عضال وكانت الإفرازات تتدلى من فمه وأنفه فقد أهمل صاحبه فى علاجه واستهان بأمره بعد أن خدمه الحمار عشر سنوات لم يمل ولم يكل خلالها ولكنه اليوم يقف منتظرأ الموت دون أن يلتفت إليه أى إنسان من هؤلاء الذين يدعون ---كذبأ –أن لهم مشاعر واحاسيس وقلوب تحب والحقيقة أن معظمهم لديه مشاعر حقد وأحاسيس ذل وقلوب تكره بدون أسباب والمهم أن صاحب الحمار ضريه بعيارين من بندقيته فى قلبه أمام الجميع حتى يتخلص منه ورأيت الحمار فى لحظات الموت كأنه يقول ( بقى هى دى آخرتها يا صاحبى )0
http://hassanomar75.friendsofdemocracy.net