هل لما رَزقنا الله نِصابًا حتى نُخرجَ منه الصدقات؟
عزمت بسم الله،
إن الدين الأرضي البشري لم يرض بما أنزل الله تعالى من أوامر ونواهي في القرءان العظيم، فاستحدث روايات بعد موت النبي الذي أكمل تبليغ رسالة ربه حيث قال رسول الله عن الروح عن ربه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(3). المائدة.
هل من المعقول أن يأتي محمد بن إسماعيل ( البخاري) ليدون آلاف الروايات المنسوبة إلى قول أو فعل الرسول عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، وذلك بعد موته بحوالي مأتي عام؟ لأن البخاري ولد حسب ترجمته سنة 194 هـ وتوفي سنة 256هـ.
فعلا فقد استطاع البخاري وغيره تغير سبيل المؤمنين، من أحسن الحديث القرءان، إلى حديث البشر الذي هو من لهو الحديث، وإلى اتباع السبل فتفرقوا عن سبيل الله تعالى، رغم النهي الصريح في القرءان العظيم. قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153). الأنعام.
والصراط المستقيم هو ما بلَّغه الرسول عن ربه وتولى الله حفظه من كيد المشركين والكفار، وهو قال عنه الخالق: أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ(81). الواقعة.
اليوم أتطرق إلى موضوع الصدقات ( الزكاة)، معتمدا في ذلك على كتاب الله تعالى، حسب اجتهادي المتواضع في فهمه، لأن الصدقات والإنفاق في سبيل الله تعالى لا يمكن أن يكون له وقت محدد، كما هو معلوم عن الزكاة بمفهوم الدين الأرضي وجوب (دوران الحول)، لم يكتف الدين الأرضي من ذلك بل جعل الممتلكات وعروض التجارة وأدوات العمل في المصانع والسيارات كل ذلك معفى من الزكاة!!!
أليس كل ذلك مما رزق الله عباده؟؟؟ وأمرهم قائلا: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ(254). البقرة.
فمنهم الكافرون؟ إن الكافرين في هذه الآية الكريمة، هم أولائك الذين كفروا بأنعم الله تعالى ولم ينفقوا مما رزقهم الله من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة.
قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ(22). الرعد.
ربما يتساءل ساءل كم ننفق مما رزقنا الله، والجواب من عند الله تعالى يقول: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67). الفرقان. وقال: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ(29).فاطر.
لكن الكافرين لأنعم الله لسان حالهم يقول: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(47).يس.
أما الذين أمنوا بالله ورسوله فإنهم ينفقون مما جعلهم مستخلفين فيه. آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ(7). الحديد.
وللتذكير فقد أخبرنا المولى تعالى عن مصير وقول الذين يبخلون ولا يتصدقون في سبيل الله يوم كانوا أصحاء وبين أيديم الأموال ( الكثيرة أو القليلة) لأن الصدقات أو الزكاة مقرونة بالصلاة كما يصلي المرء خمس صلوات في اليوم فإن المؤمن بيوم الدين يتصدق مما أنعم الله عليه من الرزق كلما تذكر أنه يتاجر مع الله تعالى، لأنه سبحانه يربي الصدقات، فلا يسرف ولا يقتر ويتخذ بين ذلك الوسطية، حتى لا يقول مثل ما أخبرنا الله به عن قول من يحتضر فيقول: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ(10). الفرقان. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(16).التغابن. صدق الله العظيم.
لذا أقول إن الصدقات ( الزكاة) لا نصاب لها ولا حول لها، إنما تعطى الصدقات حسب درجة إيمان العبد باليوم الآخر، فيتصدق على الأصناف الثمانية كل ما أراد أن يتعامل بالربا، لكن مع من؟ إن المتصدق في سبيل الله يتعامل بالربا مع الله تعالى، الذي يربي الصدقات، فهي زكاة لنفسه وحجابا على ممتلكاته وماله. لاحظوا معي هذه الآية التي تحض على النفقة بالليل والنهار سرا وعلانية يرجون أجرهم عند ربهم. الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِسِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(274)... يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ(276)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(277) البقرة.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.