بسم الله الرحمن الرحيم
د. أحمد صبحى منصور
رسالة 8
الى الأحبة
أحبتى أهل القرآن
الأخ الحبيب الاستاذ شريف هادى
1 ـ عفا الله تعالى عنى وعنكم.
وأقال عثرتنا ، وصحح مسيرتنا ، و هدانا الى ما يحبه جل وعلا و يرضاه.
2 ـ أقولها ـ ويعلم المولى جل وعلا ـ صدق ما فى قلبى ـ إننى لا أهدف إلا النجاة من النار ، وليس لى همّ فيما تبقى لى من عمر إلا أن أنجو يوم الحساب. أريد أن أعمل صالحا قبل الموت ،وخلال أيامى التى تتناقص . وأرى أن أهم عمل اقوم به قبل الرحيل هو تاسيس مدرسة قرآنية تتمتع باختراع الانترنت وتصل لكل من يبحث عن الحق.ويشتد الحزن حين أرى ما أبغيه لا يجرى كما أتمناه.
3 ـ لا يوجد بعد الأنبياء ـ عليهم سلام الله تعالى ـ بشر يوحى اليه ـ أو ياتى اليه الوحى يوجهه ويصحح طريقه. نحن مطالبون بان نصحح مسيرتنا بأنفسنا. ولأننا جميعا بشر خطاءون فيجب ان يصحح بعضنا بعضا ، ونتواصى بالحق وبالصبر. وامام الحق لا يوجد صغير أو كبير ، ولا أمير أو أجير. وإذا اخترنا بمحض ارادتنا أن نتصدى للاصلاح السلمى من داخل الاسلام العظيم فلنكن أهلا لهذه المهمة.وهى ليست مهمة فرد ـ انتهت مهمة الفرد المصلح وحده لقومه والناس. انتهت بموت خاتم النبيين عليه وعليهم السلام. لا يوجد مثله بعده من يتصدى فرديا لتلك المهمة. أصبحت مهمة جماعة و جماعات .ومن أجلّ نعم الله جل وعلا أن حفظ لنا القرآن الكريم ، لنتواصى به ولنحتكم اليه ، أفرادا وأمما. وهذا ما نحاوله معا هنا.
وميزة الجماعة أن تتآزر وتتعاون فى اصلاح نفسها أولا ، وفى تصحيح أخطائها، قبل أن تلتفت الى الغير. ولا يوجد منا من ليس محتاجا للاصلاح. كل منا يخطىء ويصيب ، وكل منا مطالب بمراجعة النفس والاعتراف بالخطأ. المشكلة الحقيقية فى الوقت و النية. بمعنى أن الوقت بالنسبة لنا هو الحياة ، والحياة بالنسبة لنا يجب أن نهبها لله تعالى مصداقا لقوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ( الأنعام 162 ـ ) فاذا وهبنا وقتنا ـ اى حياتنا لله تعالى ـ فلا يصح أن نضيع الوقت فيما يغضب الله تعالى ، وإذا أردنا أن نستثمر حياتنا فى سبيل الله تعالى بالدعوة السلمية لاصلاح المسلمين من داخل القرآن ـ فان دخولنا فى معارك جانبية وهامشية ليس فقط تضييعا للوقت ، بل ربما تصل الى جريمة الصد عن سبيل الله.
4 ـ أعزائى : أرجو أن تراجعوا الايات القرآنية التى ورد فيها ملمح أساس من ملامح الثقافة المشركة ، وهو ( الصد عن سبيل الله) فالقرآن الكريم هو سبيل الله أوالصراط المستقيم ،وغيره من طرق هى اعوجاج فى العقيدة و السلوك. والله تعالى استعمل فعل (الصد ) بالمضارع ليدل على استمرار الصد عن سبيل الله تعالى. ولنراجع ونقيّم ما يحدث لنا الان فى هذا الموقع :
* بعضنا يقع فى خطأ فيبادر بالاعتذار، ويستمر فى مسيرته معنا. وهذا ما يجب ان نتحلى به جميعا ، نصحح أنفسنا بأنفسنا. وأنا هنا أعتذر إذا غلبنى حزنى وقلمى فى رد الفعل.
بعضهم يتسلل الينا باسماء وهمية ليعرقل ما نقوم به ،إما بأخذنا فى مناقشات بينزنطية و مداخل ملتوية تستنفذ الوقت والجهد بلا طائل سوى التعطيل والارهاق مستغلا سماحة أهل القرآن وحرصهم على الهداية .
بعضهم بنفس الأسماء الوهمية يتظاهر بالاتفاق معنا طالما لم نناقش دينه الأرضى ، فاذا فعلنا ظهر على حقيقته يسب ويلعن ،فاذا قام ابنى أمير بتغيير عنوانه المسىء إزدادت ثورته لاصراره على أن يسىء لى بالعنوان وأن يظل العنوان زاعقا بالاساءة داخل الموقع ، ثم ينطلق قى المزيد من السب و التهديد ، ثم يلين فى النهاية و يعتذر ، ثم يهدد بترك الموقع ، وفى كل ذلك ينجح فى شغلنا وصدنا عن الحوار فى الرواق وفى غيره، بل يخرج من المعركة التى افتعلها وقد صار مشهورا على حسابى وبطريق السب والشتم والتطاول. ثم هو فى النهاية مجرد اسم وهمى هويته واضحة فى المعتقد ودرجته واضحة فى مستوى كتابته وثقافته وتحصيله. ولكنه بهذا المستوى أتاح لنفسه أن يفعل بالموقع وأصحابه ما يشاء.
وإذا تركنا الحبل على الغارب لهذا البعض فقد ساعدناه فى جريمة الصد عن سبيل الله.
من حق كل انسان ان يختار لنفسه كما يشاء ؛ أن يدعو الى سبيل الله أو أن يصد عن سبيل الله ،أو يتجاهل هذا وذاك وينشغل باللهو واللعب. ولكن لا يجوز ولا يليق بمن إختار العمل فى سبيل الله تعالى أن يتيح الفرصة للآخرين من خصومه الساعين للصد عن كتاب الله. أمام أولئك الخصوم مئات المواقع ، يمكنهم أن يشتمونا فيها كما شاءوا ، ونصفح عنهم مقدما ـ وسنلقى جميعا رب العزة يوم القيامة فيحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون ، وينصف المظلوم ويعاقب الظالم المعتدى. لهم أن يشتمونا كما شاءوا ولكن ليس فى موقعنا. والسبب أنه لا وقت لدينا لنضيعه فى هذه الزوابع المفتعلة. وقتنا أثمن لأن وقت الانسان على قدر الهدف الذى وضعه لحياته. هناك من وضع هدفا لحياته فى التمتع المادى ، من طعام وشراب و متع دنيوية. وقيمة حياته تساوى هذا الهدف. وهناك من يجعل هدف حياته فى خدمة كتاب الله ، ويعطى حياته ومماته وصلاته ونسكه لله تعالى وحده لا شريك له ، وهنا يجب عليه أن تكون حياته مستحقة لهذا الشرف. أنت تعطى حياتك باختيارك لربك جل وعلا. فهل يليق بهذه الحياة أن تكون إناء مليئا باللهو اللعب أو أن تملأها بما يغضب الله تعالى وبما يصد عن سبيله؟ام أن تملأها بما يحظى برضى الله تعالى فيرضى عنك ربك ؟
وقتنا هو هذه الحياة التى أعطاها لنا الخالق جل وعلا ـ والتى من المفروض أن نردها له جل وعلا فى الاخرة مملوءة بالعمل الصالح .
فهل يصح أن نضيع وقتنا فيما يعطل الهدف الأسمى الذى اخترناه حين تجمعنا من كل حدب وصوب حول هل كتاب الله تعالى فى هذا الموقع ؟
أحبتى أهل القرآن
إن كل انسان من عهد آدم الى قيام الساعة ـ يركب قطار الحياة فى هذه الدنيا فى الوقت المحدد له ، ثم يغادره فى الوقت المحدد له. يركبه فى محطة الميلاد ويغادره فى محطة الموت . وفى الفترة التى يقضيها فى قطار الحياة يتفاعل مع الذين يعايشونه وقتها. ولكن لابد أن يترك القطار لحظة الموت. القطار بدأ محطته الأولى منذ خلق آدم وهو مستمر فى السير الى الأمام ، لا يتوقف ولا يتراجع. هل يمكنك أن تعيد الأمس ؟ بل هل يمكنك أن تعيد الدقيقة التى ولت ؟ القطار ماض فى طريقه ، وما مضى من حياتنا لا يعود أبدا ، وإنما يمتلىء بأعمالنا إن خيرا وأن شرا.
ولكن من رحمة الله جل وعلا أن أتاح لنا أن نتوب بعد المعصية ، وهو يقبل التوبة ويعفو عن السيئات. أى أننى ارتكبت اثما فى وقت مضى ، لا استطيع ارجاع الوقت الذى مضى لأنه مضى و لن يعود. ولكن رحمة الغفور الرحيم جل وعلا تعطينى فرصة التوبة قبل الاحتضار والموت لأصحح الخطا. ثم يوم القيامة بعد أن أرى كل أعمالى حاضرة ، يقوم المولى جل وعلا بغفران السيئات التى تبت عنها فى الدنيا. والغفران هو الستر.
بايجاز : ما يهمنا هنا شيئان :
الأول : إن حياتنا متحركة دائما الى الأمام . وعليه فلا مجال لنا إلا المسارعة بعمل الخير ، ولأن قطار العمر يجرى ولا يتوقف ولا يتراجع ، ولأن ما مر لا يمكن أن نسترجعه أو نستعيده ، ولأن العمر الذى نقضيه فى هذا القطار قصير فان الله تعالى يأمرنا بأن نسارع و أن نسابق فى عمل الخير قبل أن نغادر القطار فجأة. لذا استعمل الله تعالى هذا التعبير ( وسارعوا ) : (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) (( آل عمران 133 ـ ) واستعمل تعبيرا( سَابِقُوا) : ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ( الحديد 21 ).
السؤال الآن : هل لدينا متسع للدخول فى متاهات ومعارك شخصية تصد عن سبيل الله تعالى وتروث الحزن و الغضب والتفرق و التشتت؟
ثانيا : نحن نخطىء ونصيب ـ ونصحح بعضنا البعض. وهذا ما يجب أن نسارع اليه قبل الموت.وبالتالى فنحن فى الموقع نتواصى بالحق و الخير و الصبر. ولا يستنكف أحدنا إذا أخطا من الاعتذار . وهكذا نفعل ، وندعو الله تعالى أن يجعلنا من عباده التوابين التائبين.
والله جل وعلا هو المستعان.