مشهد رهيب ، يعجز عنه الوصف
أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ

لطفية سعيد في السبت ١٣ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

من تأخر و فوت على نفسه وقت التذكر ،فلن يستجيب رب العزة لصراخه  يوم القيامة، تصور لنا هذا المشهد الرهيب سورة  (فاطر آية :37) ،  الذي يقف أمامه القلم عاجزا  ،يشتكي قلة البيان ، وندرة الكلام : 
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37فاطر
تصور حالة الكفار ، وقد استقر بهم المقام في النار يصطرخون من فرط العذاب، يرجون ربهم أن يخرجهم لكي يعملوا  (عملا )صالحا ، ونلاحظ أنه من فرط رجاءهم واستعجالهم تركوا المفعول المطلق (عملا) مكتفين بذكر وصفه(صالحا )، فليس مهما العمل إنما المهم أن يكون صالحا !! ويعترفون أن عملهم كان غير صالح، (غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَل ) ، ثم يأتي الاستفهام : أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ للاستنكار والتوبيخ ، ما يتذكر فيه ، (ظرفية ) في هذا العمر الذي عشتم ، من تذكر فقط ! ونلاحظ أن الآية جمعت بين (ما ، ومن ) ،وأرى أنهما موصولتان ،(ما)بمعنى : الذي والفعل الأول ( يتذكر)  في العمر المعاش  (فيه )  تفيد الوقت الذي عمر فيه صاحب العمر وعاش فيه ، (من تذكر ) : الذي تذكر ،وهو عكس السابق فقد عمل صالحا ، في الوقت والعمر المحدد للاختبار ،و للتذكر والعمل ، ولكنمن  الفرصة واستنفذ كل فرصه في الهداية ،وقد جاء النذير، باختصار من يتذكر هو فقط من تذكر ..  ، فلا عودة للتذكر فقد فات وقته ومضى ، وأصبح في وقت الحساب لا دار العمل حيث التذكر !!
وتشير سورة الأنعام 43 ) إلى انهم قد اختاروا طريق الشيطان السهل ، بدل أن يتضرعوا لله ، ان يعيذهم من غواية الشيطان  ،  ولكن قست قلوبهم :
( فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) الأنعام
و انقادوا لوسوسة الشيطان قلبا وقالبا ، وقد نسووا تماما كل ما ذُكروا به ، وقد انغمسوا تماما في المتع، وألهاهم التكاثر، وفرحوا بما لديهم ، فكانت النهاية بغتة : 
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) الأنعام 
فالقرآن دائم التحذير لبني آدم .. دائم التذكير بما حدث لآدم! بهدف توعيتهم من خطورة الشيطان ، حيث أنه يراهم هو وقبيله من جيث لا يرونهم ،فلديه إمكانية الرؤيا ، ولديه دوافع الكراهية ، يعرف كيف يدخل للإنسان الغافل عن الذكر : 
يابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(27). الأعراف
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ(42). الحج
وقد لخصت هذه الآيات وصفة التذكر لمن أراد أن ينجومن غواية الشيطان، في البداية يكون الاختبار بوسوسة الشيطان  للجميع أو النزغ كما تذكر الاية  (:يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ ) ويتساوى في هذه المرحلة المؤمن ،وغير المؤمن  ، الكل معرض لهذا النزغ ،  ولكن من الذي ينجو ،وينجح في الاختبار  ؟  فقط من يستعذ بالله هو المتقي ، لأنه هو من يتذكرويستعذ بالله من من شروره ، فإذا به مبصرا لكيد الشيطان ، رغم أنه لا يراه !! وهذا ما ذكرته الاعراف 200 ،201،  :
 
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) الأعراف
ودائما صدق الله العظيم
اجمالي القراءات 12154