القاموس القرآنى : اللغة / اللسان
أولا : ( اللغة )
مقدمة : ( اللغة ) لا تدل على نوعية النطق للبشر ، كأن تقول (اللغة العربية ) ، هذا خطا . ( اللغة ) من ( لغا / لغوا )، فما هو معنى مصطلح ( اللــغـــو ) في القرآن الكريم ؟ :
1 ـ اللغو بمعنى الكذب : يقول جل وعلا : (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً)النبأ:35
2 ـ اللغو بمعنى الإثم : يقول جل وعلا : (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ)الطور:23 ) (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً)الواقعة:25 ) . ولذا فلن يكون فى الجنة (لغو ) ، يقول جل وعلا :(لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً)مريم:62 ) ، (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً)النبأ:35 ، (لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً)الغاشية:11)
3 ـ اللغو بمعنى ( الهجص أو الكلام الهزل )، يقول جل وعلا :(لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)البقرة:225 )(لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ ) المائدة:89 )
4 ــ لغو المشركين حين يُتلى القرآن الكريم : وقد يكون اللغو خوضا فى آيات الله حين يُتلى القرآن الكريم ، ويتنوع الخوض من الثرثرة وعدم الانصات حين يُتلى القرآن الكريم عصيانا لقوله جل وعلا:( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) الاعراف ) الى إتخاذ القرآن الكريم تسلية للسمر ، وهذا أيضا ما كان المشركون يفعلونه ، يقول جل وعلا : (قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ (67)المؤمنون )، وكل ( لغو ) يمنع هداية القرآن الكريم من الوصول الى قلب المستمع ، اى يسمع صوت القارىء دون أن يسمع القرآن نفسه ، وهذا أيضا ما كان يفعله المشركون ، يقول جل وعلا : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ويتوعدهم رب العزة بعذاب شديد : ( فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)) فصلت ). لم يقل رب العزة ( الذين كفروا من قريش أو فى مكة ) وإنما جعلها عن الذين كفروا فى كل زمان ومكان . وكل ما سبق هو نفس ما يفعله المحمدون فى تعاملهم مع القرآن من خوض ولغو وتسلية فى مناسبات العزاء وعلى المقابر وفى الحفلات، وهم فى كل الأحوال يسمعون ( صوت ) الذى يتغنى بالقرآن أو ( المقرىء / المنشد )الذى ( يُنشد ) القرآن ، ويتصايحون إعجابا بصوته ، دون أن يفقهوا القرآن نفسه .
5 ـ أخبث أنواع اللغو ، هو ( لغو) الدين الأرضى . هنا يكون ( اللغو )، بترديد أكاذيب الأحاديث والمنامات وخرافات الكرامات . المؤمن مأمور بالاعراض عن هذا اللغو الكافر الذى ينتقص حق رب العزة جل وعلا بتقديس غيره.
والأمر بالاعراض عن المشركين تكرر كثيرا فى القرآن الكريم ، ليس الاعراض عن أشخاصهم ولكن عن أقوالهم وأفعالهم والتى تعتبر خوضا ولهوا ولعبا ولغوا. ونتدبر قوله جل وعلا : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )(68) الانعام ) (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (140) النساء). ويقول جل وعلا فى صفات المؤمنين المفلحين : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) المؤمنون:3 ). فالمؤمن الذى يخشع فى صلاته ويستحضر تركيزه فى الصلاة خشوعا هو نفسه الذى يُعرض عن لغو الخرافات والمفتريات الدينية . والمؤمن لا يشهد الزور ، بمعنى لا يقول زورا شاهدا فى محكمة ، ولا يشهد بمعنى لا يحضر مجالس الزور التى تتناقل زورا خرافات الكرامات والأحاديث الشيطانية المنسوبة كذبا لله جل وعلا ورسوله ، ولا يحضر أو يشهد ( موالد ) الأولياء والأئمة . وإذا مرّ بها صدفة مرّ مرور الكرام ، يقول جل وعلا فى صفات (عباد الرحمن ):( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) الفرقان:72 ). والمؤمن إذا سمع هذه الأحاديث المزورة لا يكتفى بالاعراض وإنما يقول لأصحابه : لكم دينكم ولى دين ، يقول جل وعلا عن صفات المؤمنين الحقيقيين : (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)القصص:55 ).
أخيرا :
فى كل ما سبق لا علاقة مطلقا بين كلمة ( لغا ، لغوا ) وكلمة ( لغة ) . البديل لمعنى كلمة (لغة ) هو ( اللسان ) تقول ( اللسان العربى ) ولا تقول ( اللغة العربية )
ثانيا : اللسان :
مقدمة :
1 ـ اللسان هو عضو النطق الأساس فى جسد الانسان ، تشترك معه الشفتان فى نطق بعض الحروف ( الباء و الفاء والميم )، يقول جل وعلا عن اللسان والشفتين :( أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ):9 البلد ). والله جل وعلا هو الذى ( أنطق كل شىء ) فى الدنيا والآخرة ( فصلت 21 ) ، وقد أعطى الله جل وعلا لداود وسليمان معرفة منطق الطير والنمل ( النمل 16 ــ ). وليس الصوت وحده وسيلة النطق والاتصال . وحتى الانسان يتفاهم ويتواصل بالاشارات . وهناك دواب تنطق بالرائحة وبالضوء وقرون الاستشعار والحركة والرقص وذبذبات الأمواج والهواء . وكل هذا من آيات الخالق جل وعلا ، والتى لا يزال يتعرف عليها العلم الحديث .
2 ــ ولكن رب العزة أشار الى آية عظيمة فينا تختص باللسان واللون ، يقول جل وعلا : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)الروم:22 ). هنا ربط بين آية خلق السماوات والأرض وآية إختلاف ألسنتنا وألواننا . يمكن القول بأن الصلة بينهما هى العظمة الهائلة فى خلق السماوات والأرض وفى إختلاف ألسنتنا وألواننا بحيث يكونان معا آيات للعالمين . وقد يكون فهم هذه العظمة الهائلة فوق طاقتنا الآن ، ولكن ربط إختلاف ألسنتنا بإختلاف ألواننا يستدعى بحثا علميا مقدورا عليه . وهو من الاشارات العلمية القرآنية التى لم يصل اليها العلم الحديث بعدُ .
3 ــ العجيب أن الطفل البشرى يستوعب ما يسمع وينطق لسانه بما يلهج به أهله . وهناك نكتة كنا نتداولها ونحن صغار نُعانى فى تعلم الانجليزية ، النكتة تقول بتعجب كيف أن الطفل الانجليزى فى لندن ينطق الانجليزية ( زى اللبلب ) بدون أن يعانى مثلنا . وتنسى النكتة أن الطفل المصرى ينطق اللهجة المصرية ( زى اللبلب ) بما يعجز عنه علماء الانجليز . لقد خلق الله جل وعلا اللسان البشرى ناطقا معبرا عن العقل البشرى ، وأعطى الطفل فى سنواته الأولى قدرة عجيبة يتمكن بها لسانه من تعلم لهجة أهله بسرعة . ومن يهاجر الى بلد آخر يتكلم ( لسانا مختلفا ) يعانى فى نطق ( اللهجة ) التى ينطق بها الوطن الذى هاجر اليه ، لأن لسانه قد تعود وتمحور وتشكل من طفولته على لهجة بلده الأصلى . ولو كان معه إبن صغير فإن هذا الابن سرعان ما يستوعب لهجة الموطن الجديد ويتكلم بها كأهلها دون إعوجاج فى النطق أو ( Accent) . المصريون فى أمريكا لهم لهجة انجليزية خاصة بهم ، وهكذا الصينيون والروس و الفرنسيون والألمان . كل فرد نشأ فى وطن وهاجر منه كبيرا يظل لسانه متعودا على طريقة نطق لهجته الأصلية ، فإذا نطق بلسانه لهجة جديدة فإنه ينطقها بنفس نطقه لهجته الأصلية . ليس هذا فقط على مستوى الشعوب ، بل تتنوع وتختلف الألسنة فى نطقها ، فاللهجة المصرية تختلف عن المغربية والسودانية والعراقية ، وهناك حروف تضيع من هذا اللسان وحروف تطعى على هذا اللسان . بل فى الدولة الواحدة تحتلف اللهجات ، ففى مصر تختلف اللهجة القاهرية عن الصعيدية عن الاسكندرانية عن الدمياطية والشرقاوية ..وفى قريتى ( ابو حريز) محافظة الشرقية كنت فى المدرسة الابتدائية تلميذا مع زملاء منهم من كان من بلدة مجاورة ( شيط الهوى ) ولاحظت إختلافا فى نطق بعض الألفاظ بيننا وبينهم مع أن البلدتين متجاورتان لا يفصلهما سوى ترعة ..!. . وفى أمريكا تنوع مضحك بين لهجات الشمال والجنوب ، بل تنوع بين لهجة نيويورك وبوسطن وواشنطن، وهما معا على الساحل الشرقى. وفى كل أمريكا تتميز لهجة الأمريكى ( من اصل أفريقى ) عن الأمريكى الأبيض . وعجيب أن يوجد أطفال أمريكيون فى نفس المدرسة وتختلف فيها لهجة الأطفال السود عن البيض. وهذا يرجع بنا الى قوله جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)الروم:22 ).
4 ــ وحين ترحل فى شبابك الى وطن جديد وتتكلم دائما بلسان هذا الوطن الجديد بحيث تنسى لسانك الأصلى فإنك حين ترجع لوطنك الأصلى لتتكلم باللسان القديم يكون نطقك معوجا . وهناك من يعيش فى أوربا ردحا من الزمن ينسى فيه لسانه المصرى ثم يعود وقد (إعوجّ ) لسانه ، فيتندر عليه اهله وعلى لسانه ( المعووج ) وأنه أصبح ( خواجة ). وموسى عليه السلام ترك مصر وعاش ردحا من الزمن مع أهل مدين ، ينطق بلسانهم ، وحين عاد الى مصر ونزل عليه الوحى بتكليف برسالة الى فرعون ـ دعا ربه جل وعلا فقال : ( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) طــه:27 : 28 ). هذا لأن لسانه قد تعود على لسان أهل مدين .
5 ــ ما سبق مقدمة طويلة نتعرف بها على ( اللسان البشرى ) أداة للكلام والقول ، وبالتالى لا تقل ( اللغة العربية ) ولكن قل ( اللسان العربى) . ونعطى تفصيلات أخرى عن معنى اللسان .
اللسان بمعنى القول الذى ينطقه عضو اللسان
لأن اللسان هو الذى ينطق بالأقوال فإن رب العزة يستعمل ( اللسان ) بمعنى القول . ومنه :
1 ـ يقول جل وعلا لخاتم النبيين : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ)القيامة:16 ). ويقول عنه (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)النحل:103 ). والتفاصيل فى بحثنا عن ليلة القدر وليلة الاسراء وان النبى محمدا هو الذى كتب القرآن بيده .
2 ـ وجاء عن موسى وهارون : (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ)الشعراء:13 ) ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)القصص:34 )
3 ـ وعن المنافقين فى موقعة الأحزاب : ( فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ) الأحزاب:19 )، وهن منافقى الأعراب : (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً)الفتح:11 )
4 ـ وعن المتلاعبين بالكتاب من أهل الكتاب ، وكيف أنهم كانوا ينطقون كلاما من عندهم بلهجة من يتلو الكتاب خداعا للمؤمنين ، يقول جل وعلا : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)آل عمران:78 ). (مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ )النساء:46 ). وعن لعن الكافرين على لسان داود وعيسى يقول جل وعلا : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) المائدة:78 )
5 ـ وعن المشركين الكافرين وما ينطقون من مزاعم يقول جل وعلا :(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ)النحل:62 ). وعنهم حين يحاربون المؤمنين بالسنان واللسان يقول جل وعلا : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ) الممتحنة:2 ).
6 ـ وتحذيرا للمؤمنين من التقول على رب العزة فى الحلال والحرام إفتراءا وكذبا يقول جل وعلا : (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ)النحل:116 )، وعن موضوع الإفك وكيف تداولته ألسنتهم يقول جل وعلا مؤنبا المؤمنين : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)الروم:15 )
لسان الرسالة السماوية :
1 ــ كل رسول نطقت رسالته بلسان قومه وليس ب (لغة قومه ) يقول جل وعلا : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) إبراهيم:4 )
2 ـ ونطقت الرسالة الخاتمة باللسان العربى ، وليس باللغة العربية ، يقول جل وعلا : ( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً ) الأحقاف:12 )، (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)الشعراء:195 ) (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً)مريم:97 )(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)الدخان:58 ).
الحساب على ما تلفظ به اللسان :
يقول جل وعلا : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)النور:24 )
اللسان بمعنى الذكرى الطيبة :
دعا ابراهيم عليه السلام فقال (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ)الشعراء:84 )، وإستجاب له ربه جل وعلا : يقول جل وعلا : (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً)مريم:50 ).
أخيرا
نزل القرآن الكريم بلسان عربى مبين ، وليس بلغة عربية .
شاع مصطلح ( اللغة ) فى العصر العباسى تأثرا بالتراث الاغريقى والهللينى الذى تمت ترجمته فى العصر العباسى الأول . وشهد هذا العصر تأسيس (علم النحو ) وجمع مفردات الألفاظ العربية ووضع أول معجم لها على يد الخليل بن أحمد الفراهيدى مؤسس (علم النحو ) و( علم العروض ) .وتبعه تلميذه سيبويه فكتب ( الكتاب ) المشهور فى قواعد ما أسموه باللغة العربية ، وتابعه ثعلب والكسائى والزجاج والمبرد ..الخ ..كان جهدا رائعا فى وضع قواعد ما أسموه باللغة العربية ، لولا : أنهم :
1 ـ تجاهلوا ( اللسان القرآنى ) الذى كان معبرا عن اللسان العربى ، وليس ( اللغة العربية ) التى نطق بها العصر العباسى متأثرا بالتلقيح الحضارى من ثقافات الهند واليونان وما بينهما ، وبما فيها من آلاف الألفاظ الجديدة ، وما فيها من لحن فى النطق لم يكن معروفا فى الجزيرة العربية من قبل .
2 ـ تجاهلوا أن اللسان البشرى لأى قوم يستحيل إخضاعه لقواعد عامة صارمة ، بسبب إختلاف ألسنة البشر على كل المستويات فى الزمان والمكان . لذا فإن القواعد القياسية السريانية الصارمة التى إخترعها علماء النحو ـ وإختلفوا فيها بين مرسة الكوفة ومدرسة البصرة ـ لا يوجد إلتزام بها فى اللسان القرآنى .
3 ـ تجاهلوا الأخذ والاستشهاد بالقرآن الكريم ، خصوصا فى موضوع الأزمنة . بل كانوا يخترعون شواهد من الشعر ينسبونها لشعراء الجاهلية لتتمشى مع قواعدهم النحوية ، وما لا يتفق مع قواعدهم يقولون عليه ( شاذ لا يُقاس عليه ) . شاع وقتها فى العصر العباسى الكذب فى الحديث وشاع أيضا الكذب بإنتحال الشعر الجاهلى ، واشهر المنتحلين كان ( حمّاد الراوية ) . وجدير بالذكر أن علماء النحو وقتها كانوا لا يستشهدون بالأحاديث المنسوبة للنبى فى شواهدهم النحوية لأنهم كانوا يعرفون أن النبى لم يقلها ، وإنها إنتحال مثل إنتحال النحويين لشواهد شعرية من العرب الجاهليين .
سنتوقف بالتفصيل مع هذا كله فى بحث قادم ــ بعون الله جل وعلا ــ عن ( القرآن وعلم النحو ) . ولكن من المضحكات المبكيات أن يأتى لنا ملحد جهول يتحدث ( بسلامته ) عن أخطاء القرآن فى علم النحو .
ألا سُحقا للقوم الجاهلين .!!