أنباء عن طلب إخوان الخارج نقل منصب المرشد من مصر

في الجمعة ١٨ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

عاد مؤخرا الحديث عن مدى قوة التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، بعدما تردد عن تصعيد المراقب العام لاخوان سوريا صدر الدين البيانوني، والتونسي الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الاسلامية، المعبرة عن اخوان تونس، لمطلب تغيير دولة المقر وتداول منصب المرشد العام، لوجود أزمة حادة بين التنظيم والجماعة الأم بدعوى انفرادها ببرنامج الحزب الاخواني في مصر دون استشارتهم، وهو ما نفته المصادر الإخوانية.


وربطت مصادر صحفية بين قيام قيادي اخواني ممثلا للجماعة الأم في مصر بالمشاركة في جنازة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر زعيم حزب التجمع اليمني للاصلاح المحسوب على إخوان اليمن، وبين لقاء جمعه ببعض اخوان الخارج خلال وجودهم في صنعاء لتقديم واجب العزاء، وذلك بتكليف من مكتب الارشاد العام في القاهرة لانهاء هذه الأزمة.

وقالت المصادر ذاتها إن لقاء سابقا في لندن جمع بين رئيس الكتلة البرلمانية للاخوان في مجلس الشعب المصري د.سعد الكتاتني، بكل من صدر الدين البيانوني وراشد الغنوشي فشل في اقناعهما بعدم تصعيد مطلب تدوير منصب المرشد وتغيير دولة المقر.

لكن القيادي الاخواني د. محمد البلتاجي الأمين العام للكتلة البرلمانية لجماعة الاخوان بمجلس الشعب قال لـ"العربية.نت" إن زيارته لصنعاء اقتصرت فقط على تقديم واجب العزاء في وفاة الشيخ عبدالله الأحمر رئيس التجمع اليمني للاصلاح، لأسرته وللتجمع، ولم تزد عن كونها مشاركة في الجنازة الشعبية للراحل، دون التطرق لأي قضايا تنظيمية.

بينما أكد البيانوني لـ"العربية.نت" أنه لا يتزعم مع الغنوشي تيارا داخل التنظيم الدولي يدعو لنقل مكتب الارشاد العام للإخوان إلى خارج مصر، مشيرا إلى أنه لم يعترض على اعلان إخوان مصر برنامج مشروع حزبهم السياسي.

إلا أن الباحث المتخصص في الجماعات الاسلامية د.كمال حبيب أوضح لـ"العربية.نت" أن مطالبة اخوان الخارج بتدويل منصب المرشد العام وتغيير دولة المقر، أمر قديم يتجدد مع اختيار مرشد جديد أو مع الضربات الأمنية التي تتلقاها الجماعة، وهو ما يحدث حاليا عقب أزمة الميلشيات الطلابية في الأزهر والمحاكمات العسكرية لأربعين من قياداتها وكوادرها، وما يراه اخوان الخارج تجاهلا لهم في صياغة برنامج الحزب السياسي.



البلتاجي: لم نتطرق لعلاقات تنظيمية

القيادي والنائب البرلماني الإخواني محمد البلتاجي أضاف في تصريحاته للعربية.نت: لم يتم خلال الزيارة التطرق لأي شيء بالمرة يخص علاقة تنظيمة بين اخوان الداخل والخارج. وعلى حد علمي ليست هناك نقاشات رسمية للجماعة في هذا الشأن، لكن فكرة الحزب نوقشت مع اخوان الخارج في المراحل اللاحقة والأخيرة، وعقدت ندوات في الخارج كما هو في الداخل، وهي ندوات معلنة أبرزت تعددية في الأراء بشأن بعض المواقف وهذا شيء يتسع له صدر الجماعة.

وتابع بقوله: كانت هناك أراء لاخوان الخارج حول بعض القضايا المطروحة داخل البرنامج، ونوقشت في هذا الاطار، وتم التوافق فيها. لكن لا تزال هناك قضايا مفتوحة للنقاش مع من هم خارج الجماعة، ومع المنتمين لها داخل وخارج مصر، فالنسخة النهائية للبرنامج لم تنته حتى الآن.


البيانوني:اعترضت على نصوص المرأة

من جهته قال صدر الدين البيانوني لـ"العربية.نت" إن "الموضوع بجملته ملفق ومفبرك
ولا أصل له ولا علم لي بشئ من هذا القبيل". واضاف "قرأت عن هذا الأمر في بعض الصحف المصرية وهناك جهات تحاول إثارة مثل هذه القضايا لغايات في نفسها.. واستقبلنا هذا الكلام بشيء من السخرية".

واستطرد "كما أننا لم نتعرض لفكرة عزم الإخوان التحول إلى حزب فليس من اختصاصنا أن نعترض على أمر مصري، وكل قطر أدرى بظروفه ولم يصدر عني أي اعتراض على برنامجهم ".

وقال أيضا "الحديث عن عملنا لاقصاء مرشد الإخوان محمد مهدي عاكف من منصبه واستبدال آخر به من خارج التنظيم المصري هو جزء من هذه القصة المفبركة".

وزاد "جرت ندوة في لندن منذ فترة، وشاركت فيها وبينت وجهة نظري في البرنامج وكانت أن النصوص التي تتعلق بالمرأة لم يكن داع لها باعتبار أننا ننادي بمبدأ المواطنة التي لا تميز بين المواطنين، والاجتهاد الذي لجأ إليه إخوان مصر له اجتهادات أخرى تخالفه، وكان رأيي ألا يُنص في برنامج الحزب على مثل هذه الاستثناءات المخالفة لمبدأ المواطنة ".

ونفى البيانوني كذلك حصول مفاوضات حول هذا الملف مع الدكتور سعد الدين الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين الذي ترددت أنباء أنه زار لندن بهذا الخصوص، وقال " لم نبحث مع الكتاتني هذه الموضوعات. التقيت به ضمن الندوة ولم يحصل لقاء آخر. كما لم نبحث مع أمين عام الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين الدكتور محمد البلتاجي هذا الموضوع خلال حضورنا في اليمن للتعزية بوفاة وفاة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني".


تراجع الفكرة الأممية

د.كمال حبيب الباحث المتخصص في الجماعات الاسلامية تحدث لـ"العربية.نت" مؤكدا وجود فكرة تغيير دولة المقر وتدوير منصب المرشد لدى التنظيم الدولي منذ فترة طويلة، لكنه ليس بالقوة التي يتخيلها البعض بحيث يمكنه أن يؤثر على قرارات الجماعة أو يمارس الضغط عليها لتعديل لائحة النظام العام الذي ينص على تغليب العنصر المصري في مكتب الارشاد ومؤسسات الجماعة المختلفة، ولا يكفي كونه أحد مصادر تمويل الجماعة لاحداث ذلك.

وقال: يضاف إلى ذلك تغير مواقف مرشدي الجماعة بالنسبة للتنظيم الدولي، فالمرشد الخامس مصطفى مشهور مثلا كانت له علاقة قوية به لأنه هو الذي عمل لتأسيسه في بداية ثمانينات القرن الماضي، وبالتالي تصاعدت قيمة هذا التنظيم في عهده، في حين أن خلفه مأمون الهضيبي كان لا يرى أهمية لذلك التنظيم وبالتالي حدثت أزمة بينهما لدرجة أنه الغى منصب المتحدث الرسمي باسم التنظيم الدولي في الخارج الذي تولاه الاخواني كمال الهلباوي، وقال إنه لا يوجد سوى متحدث واحد هو الهضيبي شخصيا.

ويرى د.حبيب أن علاقات التنظيم الدولي بالجماعة الأم في مصر عادت كما هي في عهد مرشدها الحالي محمد مهدي عاكف لأنه كان جزءا من التنظيم الخاص ومتحمسا لفكرة التنظيم الدولي، لكن هذا يتوازي مع اتفاق الاخوان على أن الهياكل التنظيمية في كل قطر لها الحق في اتخاذ قراراتها بشكل مستقل عن مكتب الارشاد على أساس أن كل مجموعة أدرى بشعابها، وهكذا رشح اخوان الجزائر في وقت سابق زعيمهم محفوظ نحناح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وشارك الحزب الاسلامي في العراق في مرحلة الحاكم الأمريكي، وكذلك هناك موقف مستقل لاخوان الكويت والسودان.

ويوضح حبيب أن فكرة التنظيم الدولي الرأسي الذي يدار من مكان واحد تراجعت، وأصبح هناك شكل من أشكال التشاور العام البعيد بدون الزام أو شيء من هذا القبيل. وقال: من الطبيعي أن يغضب اخوان الخارج من الطريقة التي تم الاعلان بها عن برنامج حزب الاخوان، فكما هو ظاهر فان من قام بوضعه هم الحرس القديم إذا صحت التسمية، ولم تظهر بصمات القيادات الوسيطة ما يعني أنهم كانوا بعيدين عنه، بدليل أنه أثير جدل في مصر بين جيل الوسط في الجماعة بأن قواعدها لم تعرف بموضوع بالبرنامج، وأنه أرسل للمثقفين بشكل سري. أي أن طريقة الاخراج نفسها كانت طريقة مؤذية، ومن ثم فان ذلك من الممكن أن يثير بعض العتب والغضب لدى عناصر التنظيم الدولي، على أساس أنهم لم يحاطوا علما بقرار ضخم كهذا.



أفكار لا ترقى لاحداث تغيير

وبشأن ما يقال إن صدر الدين البيانوني والشيخ راشد الغنوشي، القيادة الاخوانية التونسية هما اكثر المطالبين بتدوير منصب المرشد وتغيير دولة المقر، أجاب د.كمال حبيب: قد يكون ذلك مجرد أفكار، فالغنوشي له تأثير فكري كبير وليس تأثيرا تنظيميا بمفهوم التنظيمات. وبالنسبة لصدر الدين البيانوني، له تأثير تنظيمي وتأثير على الاخوان في سورية المتميزين بنقاش حاد جدا بالنسبة لقضايا الواقع واعتقد أنهم تجاوزوا اخوان مصر في ذلك.

وشرح حبيب ذلك بقوله: هذا يعني أنه من الممكن أن يطرح الغنوشي كمفكر رأيا حول تغيير دولة المقر وتدوير منصب المرشد، خاصة ان هناك شخصيات كبيرة لها وزنها بين اخوان الخارج مؤهلون له، لكنها لا تعدو ان تكون أفكارا أو احتجاجات لا ترقى إلى مرتبة تغيير النظام العام. وهذا الكلام أثير من قبل مرات عديدة او بالأحرى مع اختيار كل مرشد جديد، أو مع مرشد يشكل عبئا على الجماعة مثل الحالي الذي تسبب في مشاكل كثيرة من الممكن أن يتحفظ عليها التنظيم الدولي أو بعضهم على مستوى الفكر أو التنظيم.

وأضاف د.كمال حبيب: هذه الأفكار تطرح أيضا عندما تتعرض الجماعة لضغط كبير كما هي متعرضة له الآن بعد موضوع الميلشيات والمحاكمات العسكرية لبعض قياداتها حاليا، والضربات المتكررة للتنظيم، وهذه الأمور تعيد الأسئلة القديمة حول التدوير والتغيير، وهذا لا يطرح فقط على مستوى التنظيم الدولي، وإنما داخل مستويات تنظيمية عديدة في الجماعة الأم.

وقال: المفروض وفقا للائحة الجماعة أن يكون مكتب الارشاد من 13 عضوا، 8 من نفس اقليم المرشد و 5 يراعى فيهم التمثيل الاقليمي، لكن بسبب الظروف الأمنية لا يتم ذلك، ولا تنعقد حتى اجتماعات مكاتب الارشاد، وإنما يقتصر الأمر على لقاءات معينة في الخارج كما يحدث في مواسم الخج، أو كما حدث مؤخرا في عزاء الشيخ عبدالله الأحمر.

وأضاف: أعتقد أنه تمت في الماضي مشاروات مع التنظيم الدولي فيما يتعلق باختيار المرشد، وقد طرحت اسماء عديدة من خارج مصر عندما تم ترشيح الهضيبي أبرزهم المستشار فيصل ملوي مراقب الاخوان في لبنان لاستكماله العناصر المطلوبة ولكونه قاضيا سابقا وعالما شرعيا كبيرا، وطرح لفترة أيضا اسم القرضاوي، ولكن ذلك لم يتم قبوله على أساس أنه ليس من داخل التنظيم.

ورغم هذه الأفكار المتكررة – على حد قول حبيب – فانه يستبعد تنفيذها على المدى القريب أو البعيد أو حتى تأثيرها على وضع قديم ومستقر في الجماعة، وذلك لفشل صيغة التنظيم الأممي ذي القيادة الرأسية، حيث أننا نجد أنفسنا الآن أمام تنظيم يربطه الفكر، لكن لكل مجموعة نظامها المستقل وقراراتها وتفضيلاتها الخاصة. وبالتالي سيبقى الوضع على ما هو عليه من حيث بقاء المقر في مصر وتغليب الجانب المصري في مكتب الارشاد وكذلك جنسية المرشد المصرية.



تاريخ التنظيم الدولي

المعروف أن وثيقة اعلان التنظيم الدولي للاخوان المسلمين اعلنت في 29 يوليو 1982 بتوقيع المرشد الخامس مصطفى مشهور الذي توفي عام 2002، وكان قد استطاع الخروج من مصر عام 1981 قبل قرارات سبتمير الشهيرة في هذا العام التي اعتقل السادات بموجبها مئات المعارضين من مختلف التيارات والقوى السياسية. وتنقل مشهور المعروف بقدراته التنظيمية الكبيرة بين الكويت والمانيا طوال خمس سنوات استطاع خلالها تأسيس أول تنظيم دولي للاخوان.

لكن مأمون الهضيبي قام بتهميش هذا التنظيم عندما خلف مشهور في منصب المرشد العام للجماعة عام 2002. وقيل في أسباب ذلك أنه لم يكن يحتفظ بعلاقات جيدة مع أقطاب التنظيم واخوان الخارج بسبب انتقاداتهم له عندما كان نائبا للمرشد للطريقة التي كان يدير بها الجماعة، خصوصا بسبب ما اصطلح بتسميتها "بيعة المقابر" عقب تشييع المرشد الرابع محمد حامد أبو النصر عام 1996 حين أخذ البيعة لمصطفى مشهور، وهو ما اعتبره التنظيم الدولي خروجا على اللائحة المعدلة عام 1982 التي تنص على ان اختيار المرشد العام وأعضاء مكتب الارشاد الثلاثة عشر، يتم عبر مجلس شورى التنظيم الدولي المكون من ممثلين من جميع تنظيمات الاخوان القطرية.

وتشترط لائحة الاخوان ألا يقل سن المرشح لمنصب المرشد عن 40 سنة هلالية، وأن يكون مضى على بقائه عضوا عاملا في الجماعة مدة لا تقل عن 15 سنة هلالية، وأن تتوافر فيه الصفات العلمية وخاصة فقه الشريعة، والعملية والخلقية.

اجمالي القراءات 5371