عنوان كتابي سؤال ثار في أذهان كل من يعرف أيمن نور، سواء عرفه عن قرب، أم كانت معرفته بالرجل سمعية، من خلال شهرته التي حققها كسياسي مصري وعربي، لقد كان أيمن نور معلوم للكافة بأنه رجل ليبرالي، منذ أن أعلن عن إتجاهه السياسي في العام 2005م، قبيل ترشحة لأول إنتخابات رئاسية مصرية، ولكن بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، في الثالث من يوليو عام 2013م، ومساندة أيمن نور له ولجماعة الإخوان المسلمين، بدأ البعض يشير إلى كونه إسلامياً، بل وأضاف البعض بأنه ينتمي إلى تنظيم الجماعة.
لكن حتى نصل إلى الإجابة على السؤال فعلينا أن ننظر إلى الظروف والملابسات التي أحاطت بأيمن نور في العام 2005م، والعام 2013م، وأيضاً لا نستبعد نشأة الرجل، والذي تربى في بيت أبيه، الأستاذ/ عبدالعزيز نور المحامي، والبرلماني السابق، والذي كان ينتمي إلى التيار الليبرالي، ولم تكن تبدو على ملامح البيت الذي نشأ فيه الرجل، أي ملامح أخرى غير الليبرالية، ومن هنا نتفهم أن جذور الليبرالية كانت عاملاً أساسياً في التشكيل الأيدولوجي السياسي للرجل.
لذلك عندما أعلن الرجل عن خوضه إنتخابات الرئاسة تحت شعار الليبرالية في العام 2005م، لم يكن يستطيع أحد المزايدة عليه، أو القول بأنه ينتمي إلى أي تيار سياسي آخر، وقد كانت كتاباته أيضاً تدل على توجهه السياسي.
إلا أنه وبعد الإطاحة بالرئيس السابق/ محمد مرسي، خرج أيمن نور مدافعاً عن الرئيس، ومندداً بالإنقلاب العسكري، بل وداعماً لحق جماعة الإخوان المسلمين في ممارسة العمل السياسي، ومندداً بالقتل والتعذيب الواقع عليهم، فخرج الكثيرون من السياسيين والمثقفين، ليدافعوا عن المؤسسة العسكرية، وليؤكدوا أن أيمن نور، كان إسلامياً متخفياً في زي الليبرالية، حتى إنكشف أمره بعد الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين !.
وواقع الأمر أنني كنت واحداً ممن ظنوا أن أيمن نور، ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، ولكن بعد مرور فترة على الإطاحة بحكم الجماعة من قبل العسكر، وما آلت إليه البلاد، من سوء سواء على المستوى الإقتصادي أو الإجتماعي أو الخلقي، بدأت في مراجعة العديد من مواقفي السياسية، فبدأت في سرد الأحداث من جديد، لأعيد النظر، في أمور كثيرة وكان من بينها عنوان كتابي هذا : أيمن نور ليبرالي أم إسلامي ؟ وكانت النتيجة كالتالي :
أولاً/ لقد خاض أيمن نور إنتخابات الرئاسة في العام 2005م، وكان من بين أسباب ترشحه، ضرورة أن تنتقل مصر إلى الحكم المدني وليس البقاء في ظل الحكم العسكري، فالرجل كان لديه مبدأ واضح، وهو ضرورة إنتقال البلاد إلى الحكم المدني.
ثانياً/ لم يختلف دفاع أيمن نور عن الإخوان المسلمين، عن دفاعه عن باقي التيارات السياسية الأخرى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فالرجل ثبت على مبدأه الرافض للقتل أو التعذيب.
ثالثاً/ ظل الرجل منذ نشأته السياسية مدافعاً عن حرية الرأي والتعبير، والتعددية الحزبية، وهذا مبدأ عام يؤمن به كل سياسي شريف، ومناضل حقيقي يسعى للمصلحة العامة.
رابعاً/ لم يتنازل أيمن نور يوماً عن الدفاع عن ثورة 25 يناير، والتي يحسبها التاريخ الحديث، أعظم الثورات، إلا فئة قليلة من المغرضين، اللذين آثروا المصالح الشخصية على المصلحة العامة لخدمة فئة بعينها، حتى يستتب لها حكم مصر.
خامساً/ لازال أيمن نور ينادي منفرداً بالإصطفاف الوطني لإستعادة ثورة 25 يناير، حتى إتهمته جماعة الإخوان المسلمين، هي الأخرى بأنه رجل العسكر ! كونه لا يُحمل تبعات الدماء التي أزهقت إلا لمن يحملون السلاح من قيادات الجيش والشرطة، وإنتقاده للقضاء الغير عادل كما يراه، بيد أن جماعة الإخوان المسلمين، ترى أن كل من ساند العسكر من المدنين مسئول أيضاً، إلا أن الرجل ظل ثابتاً على موقفه المطالب بالإصطفاف الوطني.
في النهاية : أقول أن مواقف أيمن نور، لم تكن بناء على كونه إسلامياً في ثوب ليبرالي، أو لكونه ليبرالي لم يتنازل عن ليبراليته، بل كانت مواقفه نابعة من عدة مبادئ عامه، آمن بها وأصر عليها، رغم كل ما تعرض له من نقد لاذع، سواء ممن قالوا عنه بأنه إسلامي، أو من إتهموه من جماعة الإخوان المسلمين بأنه رجل العسكر، لكن حقيقة الأمر أنه رجل مبادئ، نوجزها في الآتي :
1- لا للتعذيب والقتل.
2- نعم لحرية الرأي والتعبير والتعددية الحزبية.
3- ستظل ثورة 25 يناير نقية وفيه وعلينا إستعادتها.
4- نعم للإصطفاف الوطني لمواجهة المخاطر وإستعادة أهداف ثورة 25 يناير.
إنه رجل صاحب رسالة، مجموعة من المبادئ العامة التي لا يختلف عليها أي من المصلحين، أياً ما كانت توجهاتهم السياسية، وصاحب الرسالة يُعرف توجهه من خلال مواقفه، وقد كانت مواقف الرجل ليبرالية على طول الخط، ولكن من يتمسك بالمبادئ، سيلقى الكثير من الإتهامات، خاصة من محاور الشر العديدة.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت