من هم المتقون الذين يؤمنون بالغيب؟

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الثلاثاء ٠٢ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

من هم المتقون الذين يؤمنون بالغيب؟

عزمت بسم الله،

 

بداية أشكر الأستاذ عز الدين أبو قمر الذي كان السبب في كتابة هذا المقال، جعله الله في ميزان حسناتنا جميعا.

إن المتدبر في كتاب الله تعالى يجد أن الله تعالى قد جعل لعباده وسيلة للاتصال المباشر به سبحانه، ألا وهي إقام الصلاة، فما هو إقام الصلاة؟

لنتصفح كتاب الله ونستعرض الآيات التي ذكر فيها إقام الصلاة، ومن خلال تلك الآيات يتبين لنا معنى إقام الصلاة، إن الصلاة هي العبادة الوحيدة التي فرضها الله تعالى على العباد خمس مرات بين اليوم والليلة، ليكون المقيم الصلاة لله تعالى دائم الصلة بربه، ويكون دائم التقوى والعمل الصالح، ونجد الكثير من الآيات تدل على ذلك، منها قوله تعالى:

الم(1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2)الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3).البقرة.

في هذه الآية الكريمة نستنتج أن الله تعالى يقر أن ذلك الكتاب ( القرءان العظيم) ـ لا غيرـ هدى للمتقين، ومباشرة يعرفنا بهوية المتقين، إنهم الذين يؤمنون بالغيب، ودليل إيمانهم بالغيب يظهر مباشرة في إقام الصلاة لله وحده، ومما رزقهم الخالق ينفقون، وهم الذين يؤمنون بما أنزل على محمد، وبما أنزل من قبله، وهؤلاء لا محالة سيوقنون بالآخرة ما داموا يؤمنون بالغيب.

لقد وصفهم الله سبحانه بالمهتدين المفلحين. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4)أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(5). البقرة.

 

لنستعرض آية أخرى ولننظر ما جاء فيها عن التقوى وإقام الصلاة، لأن مقيم الصلاة يكون دائم التقوى والإيمان بالله العظيم، فلا يقدم على عمل إلا وهو من المصلحين، الذين يخلفون الله في الأرض فيعمروها ولا يفسدوا فيها. قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةًمِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ(31).إبراهيم.

لأن المصلي الذي يركع ويسجد وقلبه مقفل عن الإيمان بالغيب وفارغ من التقوى، لن تنفعه صلاته مهما صلى واستقبل القبلة. قال رسول الله عن الروح عن ربه: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.

فما هو البر ؟ وكيف يكتسب ؟ وما هي الأعمال التي تجعل العبد من المتقين؟ لنرى ما جاء به الرسول. وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ(177).البقرة.

إذن إقامة الصلاة هي أن يحافظ عليها العبد بالتقوى وبالعمل الصالح الذي يقوم به بين الصلوات، ليكون محميا من وسوسة الشيطان الذي هو بالمرصاد في كل حين. قال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ(238). البقرة.

 

من الملاحظ أن الذين لا يمسكون بالكتاب ( القرءان العظيم) أغلبهم منافقون يخادعون الله ويراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا، فهؤلاء قال عنهم الخالق: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا(142).النساء.

بمعنى أن صلاتهم كانت للناس رياء ولم تكن لله، ولم تكن قلوبهم مؤمنة بالغيب ولا متيقنة بيوم الدين، فهؤلاء ممن أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات. فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا(59).مريم.

أما الذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة فإن الله تعالى لن يضيع أجرهم.

وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَإِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ(170).الأعراف.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.

اجمالي القراءات 11792