أعلن متحدث باسم الحكومة المالطية أن طائرة الرئيس التونسي المتنحي زين العابدين بن علي كانت تحلق الجمعة قبيل الساعة 19:00 ت غ في أجواء مالطا "في اتجاه الشمال". في وقت تواترت الأنباء عن محاولة فرار أصهرة بن علي إلى فرنسا، ولكن قائد الطائرة الخاصة بهم رفض الاقلاع.
فاليتا: أعلن متحدث باسم الحكومة المالطية أن طائرة الرئيس التونسي المتنحي زين العابدين بن علي كانت تحلق الجمعة قبيل الساعة 19:00 ت غ في اجواء مالطا "في اتجاه الشمال". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ان قبطان الطائرة "اتصل ببرج المراقبة في مطار فاليتا ولكن فقط للسماح له بالتحليق في الاجواء وليس الهبوط"، موضحا ان الطائرة كانت تتجه "نحو الشمال".
من جهته قال وزير خارجية مالطا تونيو بورغ ان "بن علي لن ياتي الى مالطا وليس لدى الحكومة اي مؤشر الى انه سيأتي الى مالطا". وغادر بن علي الجمعة تونس بعد اضطرابات دامية شهدتها البلاد منذ نحو شهر وتولى رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي السلطة موقتا.
وتواترت أنباء عن حدوث انشقاق داخل الحزب الحاكم، مما يثير مخاوف من انهيار النظام تماما دون وجود بديل جاهز لتولي السلطة. وأفادت بعض الأنباء عن محاولة فرار أصهرة الرئيس التونسي إلى فرنسا، ولكن قائد الطائرة الخاصة بهم رفض الاقلاع.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية انه سُمع صوت اطلاق رصاص من اسلحة رشاشة مساء الجمعة في العاصمة التونسية التي تخضع لحالة طوارىء، وذلك بعيد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي البلاد وتولي رئيس الوزراء السلطة موقتا. ولم يكن ممكناً معرفة مصدر اطلاق النار بدقة في العاصمة التي خلت الا من قوات الامن.
زين العابدين بن علي رئيس تونس من 1987 الى 2011
حكم زين العابدين بن علي الذي غادر تونس الجمعة تحت ضغط تظاهرات احتجاجية على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، هذا البلد 23 عاما منذ الانقلاب الابيض الذي قام به في 1987 واطاح سلفه الحبيب بورقيبة.
ففي السابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1987 رحب التونسيون بمن فيهم الاسلاميون، بتولي بن علي السلطة "دون عنف واراقة دماء" واشاد به انصاره معتبرين انه "منقذ" للبلاد التي كانت على حافة الهاوية واعترفوا له بوضعه اسس اقتصاد ليبرالي وبالقضاء على مخططات حزب النهضة الاسلامي الذي اتهم بالتخطيط لانقلاب مسلح.
وقد بقي على رأس السلطة اربع ولايات كاملة وكان في طريقه لاكمال ولايته الخامسة، مع انه الغى فور توليه السلطة في تونس "الرئاسة مدى الحياة" التي كان ارساها بورقيبة وحدد الولايات الرئاسية بثلاث. وقد اتاح له تعديل الدستور التونسي في 2002 في استفتاء، البقاء في السلطة.
وخلال رئاسته تونس التي حكمها بيد من حديد، فاز بن علي وحزبه في كل الانتخابات التي خاضها بنسبة فاقت التسعين بالمئة. واتبع هذا العسكري الذي تلقى تعليمه في مدرسة سان سير في فرنسا والمدرسة العليا للامن والاستخبارات في الولايات المتحدة، سياسة اجتماعية قائمة على مبدأ "التضامن" كما توصف رسميا، لكنها لم تحقق اهدافها وكان تردي الاوضاع الاجتماعية السبب الرئيسي للحركة الاحتجاجية التي بدأت منتصف كانون الاول/ديسمبر وادت الى تنحيه.
وقد اكد بن علي الذي شغل منصب وزير الداخلية ثم رئاسة الحكومة قبل ان يقصي بورقيبة، ايمانه بالتحول الديموقراطي "المتدرج" وادخل التعددية بجرعات محسوبة في البرلمان في 1994 ونظم في 1999 اول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ تونس. الا ان معارضيه اكدوا مرارا انها تعددية "شكلية" وانتقدوا الرقابة على الاعلام والجمعيات المدنية.
ومع انه اكد "تفهمه" لاسباب التظاهرات ووعد بعدم الترشح لولاية سادسة كانت ستتطلب تعديل الدستور الذي لا يسمح بالترشح بعد سن 75 عاما، وبارساء ديموقراطية حقيقية، لم تتوقف التظاهرات، فيما شكك المعارضون في قدرته على الوفاء بوعوده هذه.
وكان حلفاء بن علي الغربيون يرون فيه ضامنا للاستقرار من اجل تدفق الاستثمارات على تونس التي يزورها سنويا ملايين السياح الاوروبيين. لكن الاحتجاجات الاخيرة ومحاولة قوات الامن قمعها بعنف دفعت هذه الدول الى مراجعة مواقفها، بدءا بالولايات المتحدة التي اكدت فور مغادرته البلاد "حق" الشعب التونسي "في اختيار زعمائه" بينما لم تكف فرنسا عن ممارسة الضغوط عليه ليحقق بعض الانفتاح.
وقد وصف قسم من المعارضة ومنظمات للدفاع عن حقوق الانسان النظام التونسي في عهد بن علي بانه "تسلطي" و"بوليسي" واتهمته بالتعدي على الحريات بحجة مكافحة الاسلاميين. ففي حزيران/يونيو وتحت شعار اولوية الامن والاستقرار، استخدمت السلطات التونسية الجيش للقضاء على اضطرابات على خلفية البطالة والمحسوبية في الحوض المنجمي في جنوب تونس.
وخلال الحركة الاحتجاجية الاخيرة على البطالة وغلاء الاسعار، لم تتوان قوات الامن عن التصدي للمتظاهرين مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات، ما ادى الى سقوط 66 قتيلا بحسب منظمات غير حكومية. وعلى الرغم من محاولته الاخيرة الخميس نزع فتيل "ثورة"، تحدى الاف التونسيين مشاعر الخوف وطالبوا ب"رحيله".
وبن علي الذي كان يظهر احيانا مرتديا "الجبة التونسية" اللباس التقليدي الرجالي في تونس، شجع اسلاما معتدلا وووفر الحماية لممارسة مختلف الاديان في تونس. وهو متزوج وله ستة ابناء هم ثلاث بنات من زواج اول وابنتان وابن من زوجته ليلى بن علي الحاضرة بقوة في الحياة الاجتماعية والسياسية.