خاتمة : الخضر والكشوف الجغرافية وحالة المحمديين المُزرية

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٤ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

خاتمة : الخضر والكشوف الجغرافية وحالة المحمديين المُزرية

1 ـ فى العصر العباسى فى القرنين الثالث والرابع من الهجرة كان الازدهار العلمى العربى ( الناطق بالعربية ) فى أوج إزدهاره . تمت ترجمة كنوز المعرفة الغربية والشرقية وبدأ البناء عليها وتطويرها ، ثم بدأ عصر الظلام وتسيده الأفاقون مخترعو الأحاديث الضالة والخرافات ( المقدسة ) ، وعلا شأن أولئك الأفاقين وأصبحوا أئمة لمن جاء بعدهم ، لأن من جاء بعدهم سار يرقص على أنغامهم ـ ولا يزال هذا الرقص سائدا حتى الآن بدليل تقديس أولئك الجاهلين الأفّاقين الأفّاكين ، من أئمة المذاهب السنية ( مالك والشافعى وابن حنبل ) وائمة الحديث ( البخارى ومسلم ..الخ ) الى أئمة التصوف (من الغزالى الى الشعرانى ) وأئمة التشيع .

عمّ الظلام وورث التصوف السيطرة باسم التصوف السنى ، وتحول الكذب على النبى (بالأحاديث النبوية ) الى تطرف بالكذب الصوفى بالعلم اللدنى ومزاعم رؤية الله ورؤية النبى مناما ويقظة ، والحديث المباشر عن رب العزة بالمنامات والهاتف ، وكرامات ومعجزات الأولياء الأحياء والمقبورين .

وقت أن عمّ هذا الظلام شعوب المحمديين إستيقظت أوربا وبدأت تتحرر من الكهنوت الكنسى ، وبدأت نهضة أوربية بترجمة ما قام به أفذاذ العلماء العرب السابقين من ابن سينا والفارابى والرازى الى ابن رشد ، وبدأت أوربا فى السير فى طريق العلم التجريبى تكتشف وتخترع ، بينما  ظل المحمديون عاكفين على هجص البخارى ومسلم والغزالى وابن تيمية ، ( ولا يزالون ) .!

2 ــ ثم إزداد الأمر سوءا .

وقت أن كان المحمديون مُغيبين بأساطير الخضر وخرافات الكرامات كانت أوربا تكتشف العالم الجديد . ووقت أن كان المحمديون عاكفين على قبورهم المقدسة لآل البيت والأولياء والأئمة كان الأوربيون ( يسيرون فى الأرض ) يكتشفون العالم ، ويكتشفون أسرار الطبيعة ويرون كيف بدأ الله جل وعلا الخلق (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ  ) (20)العنكبوت  ) .ووقت أن كان المحمديون يرتلون البخارى ويقرأون ( دلائل الخيرات ) و ( جامع الكرامات ) كان الأوربيون يقرآون بسفنهم وجنودهم معالم العالم الجديد فى الأمريكيتين واستراليا .

3 ـ مقارنة التواريخ هنا مهمة :

مات جلال الدين السيوطى عام 1505 بعد أن أفنى عمره فى جمع وتلخيص وشرح وسرقة مؤلفات هابطة ، ملأها بهجص الأحاديث وهجص رؤية  الخضر والملائكة ومناقب السابقين وكتابات جنسية وضيعة ينسب فيها أحاديث للنبى ، ولا يتورع أن يسميها بأسماء ساقطة نابية نتحرج من كتابتها . فى حياة السيوطى الوضيعة كانت البرتغال تكتشف رأس الرجاء الصالح بحملة دياز عام 1488 ، ويجتاز فاسكوداجاما رأس الرجاء الصالح عام 1497  ليصل الى الهند ، ويصل امريكو فوسبوتشى الى البرازيل فى نفس العام 1497 ويواصل رحلاته حتى عام 1504 ( قبيل عام من موت السيوطى ) . ويعلن أمريكو فيسبوتشى أنه عالم جديد وليس سواحل الهند ، فيتم تسمية العالم الجديد على إسمه ( امريكا ). ويواصل الأمير هنرى الملاح رحلاته البحرية من سواحل أفريقيا الغربية الى الهند والصين . وفى حياة ذلك الهجاص جلال الدين السيوطى وصل كولمبوس ـ قائدا لرحلات إستكشاف أسبانية الى  الساحل الشرقى لأمريكا الشمالية (جزر البهاما والكاريبى ) فى أعوام : 1492 ، 1393 ، 1502 .

4 ــ عاش الشعرانى بين (1493 /  1565 )، وظل يكتب عن كراماته وكيف يسمع تسبيح الجمادات والاسماك والحشرات ويلتقى بالخضر ويطوف بالعالم فى سجادة طائرة ويتغنى بجبل ( قاف ) فى آخر العالم . فى حياته المليئة بالهجص إجتاز ماجلان  الطرف الجنوبى من أمريكا الجنوبية وعبر المحيط الهادى ، وهو الذى أسماه هذا الاسم ،ووصل الى الفلبين ، بينما إكتشفت فرنسا كندا وأسست كويبك ومونتريال ، فى الوقت الذى توسعت فيه انجلترة شرقا فأسست شركة الهند الشرقية التى سيطرت بها على الهند وتوسعت فى الداخل الأمريكى فى امريكا الشمالية والوسطى ، وأرسلت جون كابوت فاكتشف استراليا .

5 ـ نام المحمديون فى العصر العثمانى مُخدّرين بكتب الشعرانى الذى أطلقوا عليه بعد موته لقب ( القطب الربانى والكهف الصمدانى ) . وأثناء هذا النوم كانت أوربا قد إستعمرت العالم الجديد ، بالاضافة الى الهند وجزر الهند الشرقية . ثم إشتعل التنافس بين انجلترة وفرنسا وروسيا حول إلتهام أقطار المحمديين التى تتبع الدولة العثمانية ( وقد أسموها الرجل المريض )، وبدأ إحتلال بلاد المحمديين من المغرب والجزائر وتونس ومصر الى الهند واندونيسيا ..ثم التهمت روسيا  ( القيصرية ثم السوفيتية ) بلاد المحمديين فى آسيا الوسطى .  إستيقظ المحمديون فجأة على الغرب يحتل بلادهم ، فهرعوا الى البخارى وقبور أوليائهم يستنجدون بها فما أغنت عنهم من شىء . وضاع الخضر  الذى جعلوه فى اساطيرهم يأتى مسرعا لنجدة المحتاج  .!  أما المهدى المنتظر فقد أخلف موعده لأن لديه موعدا غراميا مع فتاة أوربية شقراء فاقع لونها تسر الناظرين !.

6 ــ قام المحمديون بثورات تحرر وبدأوا النهضة بالتعلم من عدوهم الأوربى منهجه العقلى والعلمى ، لكن ظهرت الوهابية السعودية تُجدد الحنبلية السنية وتنشرها . وبهذه الوهابية تم  اولا : إجهاض المنهج العلمى العقلى بين المحمديين ، ثم تم أخيرا إعادة الصراع السنى الشيعى ، وهاهم الآن يقتلون أنفسهم بأنفسهم ويخرجون فريقا منهم من ديارهم بغير حق ، كما كانت تفعل بنو اسرائيل فى عصور تمزقها ، يقول جل وعلا عنهم : ( ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَتَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) البقرة ) هو نفس ما تفعله داعش الوهابية ، وهو نفس الخزى فى الحياة الدنيا ، ولا يتبقى سوى أشد االعذاب فى الآخرة ، وما رب العزة جل وعلا بغافل عما تعملون .  

7 ــ حمامات الدم مستمرة ، والمساجد تحولت الى مراكز حربية وأهداف حربية ، ولم تتخلف عنها المدارس والمستشفيات .!! . وأشلاء الأبرياء من أطفال ونساء تغزو القنوات الفضائية،  ودُعاة الوهابيين ــ بلا خجل ـ ينعقون فى القنوات  الفضائية يقولون مُنكرا من القول وزورا ، وفى نفس الوقت فإن دُعاة الاصلاح السلمى يتعرضون للنفى والسجن والاضطهاد بتهمة (إزدراء الدين ) . أيضا هو نفس ما كانت تفعله بنو اسرائيل حين كانوا يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس . وفيهم وفى غيرهم من المحمدييين يقول جل وعلا باسلوب عام : (  إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22) آل عمران ).

8 ــ لقد قصّ رب العزة جل وعلا قصص السابقين ثم قال عن هلاكهم : (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ   الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) هود ) هو نفس ما يحدث الآن ـ تقريبا ــ فآلهة الشيعة والصوفية والسنيين لم تنفعهم فى محنة هذا الاقتتال الدائر . الفارق أن الأمم السابقة كان إهلاكها بتدمير الاهى وكان إهلاكا عاما لكل القوم الظالمين . أما الاهلاك الذى نراه اليوم فهو إهلاك جُزئى يقوم به المحمديون يقتلون به أنفسهم بانفسهم ، وبكل إخلاص وتفان  لم يحدث من قبل فى الجهاد ضد المستعمر الغربى .!. هذا العذاب الذى يوقعه المحمديون بأنفسهم الآن هو بالضبط  نفس ما أنبأ به رب العزة من قبل فى قوله جل وعلا : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) الانعام  )

ودائما : صدق الله العظيم 

اجمالي القراءات 9862