- قالوا: حركة وصحوة !
- قلت: بل نومة في عز ضحوة.
- قالوا: (هو) أفضل من ( هي ) !
- قلت: أخطأتم، بل هما سواسية، والقسطاس مستقيمٌ تماما، وليس في الدين الحق إلا الميزان والعدل المطلق ، وإنما أخطأتم لأنكم لم تتدبروا، ولم تفكروا، وربما لم تقرأوا قوله جل وعلا:(( وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ)) ولم تفقهوا معنى قوله سبحانه، وهو الحكم العدل : ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِبِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ...)) ولم تقتربوا إطلاقا من فهم قول ربنا جل وعلا : (( للذكر مثل حظ الأنثيين)).
- قالوا : كيف ؟
- قلت:لو قرأتم لعرفتم أن الخطاب موجه لها وليس لبعلها، و(هي) مخيرة بين قبول عود نشأ قبل انقضاء عدة، وبالقبلة وحدها تستفيد، ونعم الفضل ولو كان واحد وحيد، أو ترفض الصلح فينشأ حق جديد، يمكن أن نسميه تعويض البعل المتضرر مصاريف الزفة وطلب العفة، وشتان بين قبلة العود والوصال، وتكلفة الرفض والانفصال..
- هذا، ويمكن التعبير عن المسألة بطريقة معكوسة، وأرجوا أن تكون أكثر وضوحا من تلك المرموزة المدسوسة:
- ـ إن رفض (هو) الصلح يبتُ فتبينُ المرأة دون أن يعوضها شيئا، فإن رفضت (هي) وجب عليها أن تعوضه، قبل أن تنطلق لحال سبيلها، تلك هي الدرجة، وتلك هي...، وتلك هي ... ليسوا ثلاثة بل فضل واحد، وهو عين القوامة التي قامت من أجلها قيامة، وأي قيامة: قيامة ترك القيام للصلاة ، والغفلة عن القراءة والتدبر، والانشغال بجمع الأثافي والأشواك من كل حدب وصوب في جنح حالكة الأحلاك. ألا تبا لنوم دام ألف ألف دورة أفلاك.
- البرهنة على صدق المذهب، ونزاهة المشرب:
- اقرأ: ((لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)) هذا تقييد ملازم لقرار الإيلاء، وما الإبلاء إلا نقض لعقد الزواج من طرف واحد، ومعلوم أن الإيلاء كان مطلقا، وكان المتعسف يبقي الطرف الثاني معلقا، فجاء التنزيل بقيده بأربعة أشهر: ((فَإِنْ فَاءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)).
- اقرأ ، وكرر: ((... تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ،
- فَإِنْ فَاءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) وفي مختتم الآية المولية تقرأ:((.. فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) ولك أن تسأل عن العلة والسر الكامن وراء ذلك ، أو تستنتج ما تشاء، لكن دعني أقول: لولا رحمته سبحانه لأغلق باب المغفرة في وجه المتعسف في استعمال الحق، أقصد الحق المكتسب يوم التراضي على البناء والإنجاز، وإتمام شروط عقد الزواج.
- ...........
- (.... تنبيه ...) زعم أقوام أن الإبلاء محرم شرعا وما عندهم من دليل إلا سوء فهم، وفساد تأويل لنص محكم قويم ورد في سورة التحريم. وسيأتيهم الرد في زمكانه المناسب.... صبر جميل والله المستعان على ما يصفون.
- ...........
- اقرأ: ((فَإِنْ فَاءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))
- وهنا يتحول الخطاب ليوجه إلى النساء:
- اقرأ: (( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ...)) للرجال تربص أربعة، وأما النساء فيتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، وشتان بين التربص بالنفس، والتربص في الحبس، فالرجل الذي يقسم أن لا يقرب امرأته، يعاقب بالحرمان من العود إلى الأحضان طوال أربعة أشهر، ومدة العذاب قد تبدوا قصيرة للشباب العزاب، أما من ذاق حلاوة القرب فله في تلك الأربعة الشهيرة رأي أخر مختلف كل الاختلاف، وفي المثل القديم جدا: (سل المحنك المجرب، ولا تسأل طبيبا أعزب).
- اقرأ :(( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ...)) الخطاب ـ هنا ـ موجه للمرأة وحدها، ولم يُذكرالرجل إلا ليجرد من صفة (الزوج) وسلطانه، وليصبح مجرد (بعل) ليس له أي حق على امرأته باستثناء حق واحد فريد :(( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ)) أي: قبل انقضاء العدة ، أو قل: أثناء (ذلك) التربص بالنفس والمحدد بثلاثة قروء، وشتان بين (ثلاثة قروء) وأربعة أشهر لا يملك فيها الرجل حق الرد ومراجعة أهله.
- وبلهجة أهل اللعبة المستهجنة عندي، يمكن القول: هنا سجلت المرأة هدفا في مرمى الرجل، لكن المباراة ستنتهي بالتعادل لزاما وحتما، فتابع لترى ـ بأم عينك ـ كيف يقام الميزان، والقسطاس المستقيم ، ولك أن تسأل عن الحكم، وعن هذه المباراة المصابة بأدواء التعادل المزمن..
- ....................
- (... وقفــة ...) بعد ( ....تنبيه....) الأدواء جمع دواء ، ولا فرق بين قولك : دواء وشفاء، أو أدواء وأشفية، وأما (أدواء التعادل المزمن)، فالمراد بها الميزان الذي لا ينكسر إطلاقا، ويشفي الغليل، غليل الصادي المتلهف لماء نهر نبيل، وثالث من خمر لا غول فيه، بله أن يزيل، ورابع مصفى ليس فيه شفاء، كيف والمقام أطهر من أن يمسسه داء، فأنى يميل بحثا عن دواء، ثم تابع للفاتح الذي خلفته عمدا لاختبر اللبن، واللبن قد يتغير إلا في دار الأنهار الأربعة الكبار. (( مثل الجنة التي وعد المتقون...)).
- ....................
- اقرأ: (( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ))الخطاب ـ هنا ـ موجه للمرأة وحدها بدلالة الضمائر، وهي وحدها المكلفة شرعا بتحسس مضمرات بطنها، ولا يحق للبعل ولا لغيره أن براقبها أو يفتشها أو يطالبها ـ مثلا ـ بإجراء التحاليل الطبية ليتبين إن كانت حامل أم لا، بل كل ذلك متروك لها بشرط واحد أن لا تتعدى مدة التحسس ثلاثة أشهر.
- برهان القرآني هنا: يؤخذ من قوله جل وعلا: ((وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ)) لم يقل ربنا سبحانه وتعالى: (وحرم عليهن) والفرق بينهما دقيق جدا، قياسه دقة القطمير، ولكن تترتب عليه أمور أخطر بكثير مما يتخيل الباحث المستعجل، وإنما يدرك وتعرف خطورته بالتأني والتدبر، والمبالغة في التسآل والتذكر.
- اقرأ : ((... وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) يؤخذ منه بتدبر قليل أن المرأة هي المكلفة بتحسس أخبار بطنها والرحم، وهذا في غضون ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر كاملة، وهي وحدها المكلفة بأن تخبر المعني بالنتيجة ، تعلن المرأة عن النتيجة في الحين ودون تأخير، والجدير بالذكر والتكرار والتأكيد أن المرأة مهما قالت مخبرة عن الرحم، فالقول قولها بلا منازع، ومن يتهم المرأة المتربصة بنفسها فقد ظلم نفسه وخالف التنزيل، فإن هي كفرت وكتمت خبر(الجملة المخلقة) فحسابها على الله وحده، وكفى بالله حسيبا..
- وما كفرُ خبر الجنين بالجريمة الهينة، وأذكر من عواقبها الكثيرة خلط الأنساب، والذي يفضي بدوره إلى مخاطر لا تخطر على بال المفكرين المبتدئين، بله أن تقع صيدا بأيدي الغافلين. وفي الحديث الموضوع : (( الخاطر صيد، والكتابة قيد، والغفلة ذهاب بلا عود، وتارك التدبر عجزا جزاؤه المؤبد، و جزاء تاركه عمدا أعمدة من حطب متقد)) رواه جني عن الدكتور أحمد صبحي منصور بسند فيه شك وقال: رب خبر مخترع خير من ألف ألف (هر) مشرع .
- ..............
- اقرأ : ((... وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.)) العزة لله وحده وهو الحكيم العليم ، والحكم العدل، وليست للبعل كما يعتقد الغافلون ذرة سلطان على المرآة المطلقة إلا التعويض المجزي عن مصاريف الزفة وطلب العفة.
- ..............................
- لعلك مازلت تذكر يوم سجلت المرأة هدفا في مرمى الرجل، ها هو ذا قد رد لها الصاع صاعا، وتالله ما زاد عن الصاع مقدار شعرة ولا شعاع، إنه العدل المطلق، والقسطاس المستقيم.
- ما رأيك ـ دام فضلك ـ أليسوا سواسية ؟؟
- أليست (هي) = (هو)؟؟
- .........
- الفصل الثاني: سينشر بهذا الموقع بعد أسبوع لا أكثر، فأسالوا الله جل وعلا أن يمد في عمر العبد، ويعينه على إنجاز هذا الوعد.
- ......... شكرا لكم و انا في انتظار نقدكم ونصحكم.