الجارديان : تفجيرات الإسكندرية أحد مظاهر فشل الدولة المريضة في مصر
في
الأربعاء ٠٥ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
قالت صحيفة الجارديان البريطانية في تعليقها على تفجيرات كنيسة القديسين الإرهابية أن التوتر بين المسلمين والأقباط هو مجرد جانب واحد من أضطرابات أوسع سوف تتفاقم حتى تتم الديمقراطية الحقيقية في مصر
فبينما مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم يحتفلون بالعام الجديد، تحول الاحتفال في مصر الى ليلة من الحداد بعد بضع دقائق فقط من عام 2011
ففى الساعة 12:20 ، حدث انفجار أمام كنيسة في الاسكندرية تاركا وراءه 21 قتيلا والعشرات من الجرحى من الذين كانوا موجودين فى الكنيسة والمارة
وأشارت الجارديان أن الشرطة المصرية فشلت في حماية المواطنين رغم تلقيها تهديدا من الفرع العراقي لتنظيم القاعدة قبل شهرين. وقالت جماعة تطلق على نفسها دولة العراق الإسلامية أنهم سيهاجمون المسيحيين المصريين ردا على الاختطاف المزعوم لامرأتين مسيحيتين الذين قيل إنهم تحولوا إلى الإسلام
وأشارت الصحيفة أن توقيت الهجوم جاء في وقت كان ينبغي أن يكون هناك حراسة مشددة من الأمن في مصر على الكنائس وهو مظهر من مظاهر فشل الدولة في توفير الأمن لمواطنيها.
دعونا نضع هذا في السياق من خلال النظر الى مدى استعداد الاجهزة الامنية عندما تذهب لحماية النظام. فإغلاق الطرق في مصر لا يحدث عادة نتيجة لاعمال صيانة الطرق ولكن تفريغ الشوارع من المواطنين تماما يكون عند عودة بعض وزراء الحكومة الى منازلهم وكثيرا تشل الحركة في القاهرة عندما يقرر الرئيس التحرك بسيارته بدلا من طائرته الهليكوبتر و أيضا عند وجود عدد من المصريين المحتجين في الشوارع بلافتات وقبل أن تلاحظهم يتم حصارهم بالآلاف، من شرطة مكافحة الشغب وإن لم يكن بالضرب واعتقال المئات .ولكن هذا لم يكن مفاجئا من نظام أمني تحولت أولوياته من التحقيقات الجنائية والشرطة العادية لاجندة سياسية هدفها التركيز على حماية نظام مريض لا يركزعلى شيء غير بقائه فى مواجهة المعارضة
لذلك فالتوتر الطائفي جزء من مشكلة أكبر. فبعد 30 عاما قضاها نظام مبارك في السلطة أثبت انه غير قادر وغير راغب في البحث عن حلول جديدة ومبتكرة للقضايا الحرجة في مصر. هذا لم تتسبب فيه فقط أنفجار المشكلة القبطية ولكن تسببت فيه استراتيجية من الإهمال بالاضافة الى تعقيدات اخرى كثيرة. فالنوبيون يطالبون الآن بحقوقهم، وطلب الاعتراف هذا جاء بعد معاناة من التشرد والتهميش المستمر الى جانب اشتباك بدو سيناء المستمر مع الشرطة بالاضافة الى احتجاجات أفراد من أصحاب العقيدة البهائية على الظلم الذي يواجهونه بسبب معتقداتهم الدينية.
وفيما يتعلق بالخدمات ورفاهية المصريين، فقد فشلت الحكومة في اتخاذ إجراءات فعالة. لقد فشلت فى معالجة مشكلة القمامة ، وتركتها تتراكم في الشوارع. كما تعرضت مصر لانقطاع التيار الكهربائي يوميا في الصيف الماضي مما اثار احتجاجات كثيرة ضد الحكومة .وتسجل مصر حاليا الرقم القياسي لأعلى معدل من فيروس انفلونزا الطيور والالتهاب الكبدي الوبائي (c) في العالم. وعلاوة على ذلك، شهدت مصر العديد من حوادث السكك الحديدية ، وغرق السفن وحوادث الطرق التي تتسبب فى وفاة 12000 شخص سنويا.
باختصار ، هذه كلها علامات لتحول مصر الى دولة فاشلة. و فى 2009 دخلت مصر الى فئة ”التحذير” في مؤشر الدول الفاشلة واحتلت المركز 43 من أصل 177 بلد
وتضيف الصحيفة التوتر الطائفي والعنف هما مؤشر واحد على فشل الدولة، حيث النظام الأمني والقيادة السياسية لا تهتم بشؤون الناس ويعملون في كثير من الحالات ضد مصالحهم.
ولا ينبغي لنا أن نلقى اللوم كله على التوتر الطائفي وحده : التوتر بين المسلمين والأقباط هو مجرد جانب واحد من الاضطراب السياسي الأوسع والاضطرابات الاجتماعية. فما دام هذا النظام موجودا في السلطة، فمن المرجح لهذه الاضطرابات أن تنمو – لا سيما في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق هذا العام.
لقد عجز النظام على تحسين مستوى معيشة الناس، وفرض سيادة القانون، والتصدي للتمييزالعنصري والديني والاجتماعي وهو السبب الجذري لجميع التهديدات التي تواجه المصريين اليوم.
وبالتالي ، من أجل أن يحصل المسيحيين على حقوقهم، فإنهم يحتاجون إلى الدخول في المزيد من المعارك الى جانب البهائيين والمسلمين والعلمانيين من أجل ” قضية مصر” بدلا محاربتهم من أجل ” القضية القبطية ” فالأقباط لن يحصلوا على حقوقهم من فراغ، وإذا فعلوا وحصلوا على حقوقهم، فإنهم سيتحولون إلى مجموعة مميزة،مما يزيد من تعزيز موقفهم كمجموعة مستهدفة. وحتى يتم تأسيس ديمقراطية حقيقية، سوف يستمر الوضع في التدهور على كل المستويات، وعلى مستوى المسألة القبطية كونها واحدة فقط من القضايا المصرية.