[ منذ أن صدر القانون الذى يبيح للأزهر حق الضبطية القضائية ومصادرة الكتب التى لاتتفق مع الإسلام الصحيح ،وشهية الشيوخ تزداد نهماً وشراهة وعدد الكتب المصادرة يتصاعد ويرتفع وتفسير الإسلام الصحيح يصير فضفاضاً ليصبح الإسلام هو الأزهر فقط ،وبالتالى تم تأميم الدين لصالح القابعين تحت القبة الأزهرية الشهيرة وأصبح كل من يفكر خارج الفلك الأزهرى إما مارق أو كافر من الممكن لأى عابر سبيل أن يسلم كتابه لأقرب قسم شرطة ليحيله إلى الأزهر للمصادرة،ولاأعرف كيف يرضى المثقفون بتلك المهزلة التى تعيد للأذهان ذكرى قمع وقهر محاكم التفتيش ،فالأمر يزداد خطورة والدولة تزايد على تيار التزمت والتطرف لتتجمل أمام الرعية والمثقفون بلغوا حالة مزرية من الضعف والتردى والترهل تتيح لتيار التخلف أن يستأسد ويتوحش لدرجة أنه لم يعد يلجأ للإقناع أو الشرح وبيان أسباب المصادرة ،فالمثقفون إما منتظر لمنصب أو خائف من إتخاذ موقف أو يائس من مواجهة قوة كاسحة غاشمة ،كل هذا يتيح لغربان الظلام أن تزحف على فتات العقل المتناثر وتلتهمه ،والأمر لم يعد مصادرة كتاب لايتفق مع صحيح الإسلام كما يدعون ولكن الأمر الأخطر أنهم صاروا يصادرون مالايتفق مع مقاس رأيهم بالضبط حتى وإن إتفق فى الخطوط العامة ،أى أن المسألة صارت فى درجة الإتفاق فالمفروض فى عرفهم أن تتفق معهم 100% وإن إنخفضت النسبة إلى 99% فأنت زنديق تستحق المصادرة ،فمجلة الحياة الطيبة التى تصدر فى لبنان والمهتمة بشئون الفكر الإسلامى والموجود فى هيئتها الإستشارية د.سليم العوا ،هذه المجلة صودر عددها الثالث عشر بناء على تقرير د.أحمد غنيم أستاذ أصول الدين بأسيوط والذى كتب فى حيثيات المصادرة أن المجلة عرضت لآراء نصر حامد أبوزيد الهدامة وربطت بين خواطر سيد قطب ومذهب الهرمنيوطيقا -وهو محاولة تأويل النصوص بشكل رمزى لكشف المعانى الخفية وراء المعنى المباشر- ،وقد قرأت هذا العدد من المجلة وإكتشفت أن المقالة الأولى التى كتبها حيدر حب الله عن نصر حامد أبوزيد ومناهج الدرس القرآنى لايتفق فيها الكاتب مع كثير مماطرحه أبوزيد بل وإنتقد نقاطاً كثيرة فى المنهج ولكن إختلافه عن شيوخ الأزهر أن نقده جاء مبنياً على أسس موضوعيه وعرض فيها للإيجابى والسلبى والمشكلة أنه لم يكفره ،أما مقالة حيدر علوى نجاد عن تجربة فى ظلال القرآن فهى مقالة رصينة تحاول قراءة هذا التفسير من خلال إحدى النظريات التى يؤكد المؤلف نفسه على أنها مجرد تجربة تستدعى مزيداً من الدقة ومعروضة للنقاش ،ولذلك إندهشت لأن كراهية أبوزيد عندهم مفهومة ولكن تقديس سيد قطب هو الذى لم أفهمه ،فهل تسلل إلى الأزهر الإخوانجية مثلما تسللت من قبلهم فلول الوهابية ؟!.