يس والقرءان الحكيم. لماذا أقسم الله تعالى بالقرءان الحكيم؟

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الثلاثاء ٠١ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

يس والقرءان الحكيم. لماذا أقسم الله تعالى بالقرءان الحكيم؟

 

عزمت بسم الله،

 

إن أهل لهو الحديث يُضِلون الناس بالروايات التي ينسبونها إلى من لا ينطق عن الهوى، محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، لكن الله تعالى بين للمؤمنين المصدقين القرءان العظيم أن الرسول لم يتقول على الله تعالى ولم يحرم إلا ما حرم الله سبحانه بنص الكتاب، ولم يحل إلا ما أحل الله تعالى بنص الكتاب كذلك، والدليل قوله تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ(38)وَمَا لَا تُبْصِرُونَ(39)إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ(40)وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ(41)وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(42)تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(43)وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ(44)لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ(45)ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ(46)فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ(47)وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ(48)وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ(49)وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ(50)وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ(51)فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ(52).الحاقة.

 

إن هذه الآيات الكريمة تلخص أهمية نزول القرءان، وتبين مهام الرسول والتي لا يمكن له أن يتعداها أبدا، لأن الله تعالى توعده بأخذه باليمين وقطع الوتين، ( أي أنه سيميته بطريقة لم يسبق لها مثيل.   

 إن الله تعالى بدأ سورة يسن بقوله : يس(1)وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ(2). أقسم الله تعالى بالقرءان الحكيم، وجاء جواب القسم مطمئنا رسوله (إِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ(3)). والشاهد هنا هو أن الله تعالى أقسم بالقرءان الحكيم، أي أن ما بين دفتي الكتاب حكمة. وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(231).البقرة. يعظكم بالكتاب الذي يحمل الحكمة في طياته فأنزله على رسوله وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما.وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا(113).النساء.

كما علم الله تعالى عيسى عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، الكتاب والحكمة. إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ...(110). المائدة.

 

فما هي الحكمة؟

إن الحكمة حسب كتاب الله تعالى هي مجموعة من الصفات والأخلاق التي يجب على المؤمن أن يتَّصف بها، ومنها الدعوة إلى سبيل الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي عي أحسن، لأن الله تعالى أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين. قال رسول الله عن الروح عن ربه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125).النحل.

وليست الحكمة كما يدعي أهل لهو الحديث أنها الروايات المنسوبة إلى الرسول عن طريق العنعنات، والمصنوعة في مصانع الأمويين والعباسيين، بعد وفاة النبي واكتمال نزول القرءان والحكمة.

 

ومن أهم ما نزل من الحكمة على الرسول ليبلغها للناس فقد جاءت في صيغة مواعظ وإرشادات، يكون الرسول هو أول الممتثلين لأمر الله تعالى، والذين آمنوا به وعزروه ونصروه. فبدأ الله تعالى بالنهي على أن تجعل مع الله تعالى معبودا آخر. لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا(22). وأكد ذلك بقوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23). فجعل الله تعالى بر الوالدين فريضة مباشرة بعد توحيده سبحانه. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(24)رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا(25). ـ لأن الوالدين هما سبب وجودك أيها العبد وأنت سوف توجد أبناء وحفدة بعد ذلك ـ.

ومن الأوامر إيتاء ذي القربى والمسكين وابن السبيل حقهم دون تبذير. وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26)إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا(27). وإما تعرض عنهم فقل لهم قولا ميسورا. وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا(28)وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا(29).إن الله هو الرزاق وهو يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لأنه خبير بعباده. إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا(30). وحرم الله تعالى قتل الأولاد خشية الفقر لأنه هو الرزاق الحكيم. وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا(31). وحرم القرب من الزنا لأنه مفسدة للنسل وساء سبيلا. وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا(32). وحرم الله تعالى قتل النفس إلا بالحق ـ أي النفس التي تستحق القتل شرعا وهي التي قتلت نفسا بغير حق. وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا(33). وحرم القرب من مال اليتيم بغية أكله وهذا ما يقع فيه الكثير من الناس مع كل أسف. وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا(34). وأمر الله تعالى التجار بالوفاء في الكيل والميزان. وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(35). ونهى الله من يقفوا ما ليس له به علم، لكن أهل لهو الحديث لم يتورعوا ولم يعملوا بهذا النهي، فهم ينقلون الكذب من أفواه المشركين والمنافقين وينسبوه إلى قول الرسول محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، الذي لا ينطق عن الهوى. وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا(36). ومن النواهي التي تسبب الخروج من رحمة الله تعالى هي الكبر، والكبر هو الذي أخرج إبليس من الجنة حيث قال: أنا خير منه ..

وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا(37)كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا(38). ويختم المولى تعالى أوامره ونواهيه مبينا لرسوله أن كل ما سبق هو مما أوحى إليك ربك من الحكمة، وذكَّر الله رسوله بأهم موعظة وهي ألَّا يجعل مع الله إله آخر.

ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا(39). الإسراء.

لقد كان هذا خطابا لرسول الله محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، الذي غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فانظر أيها الإنسان إلى نفسك واعمل بما أمر الله تعالى واجتنب ما نهى عنه وأطلب منه سبحانه المغفرة والرضا لتفوز مع الفائزين يوم الدين.

 

قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ(50)الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ(51)وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(52).الأعراف.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.

   

اجمالي القراءات 31467