قتلت أبى .!!
صاحبة الرسالة تقول :
( مات بابا بسبب انى كنت اعطيه زيادة فى كمية الدواء اللى وصفها الطبيب . كنت عايزة ربنا يشفيه بسرعة ، وعايزة أخفف من آلامه . لما مات جه الدكتور اللى بيعالجه وصرخ فىّ وقال انتى لازم لخبطتى فى الدوا . يعنى أنا اللى قتلت أعظم وأحن بابا فى الدنيا . الندم كان حيقتلنى . إزاى اتسبب فى قتل بابا اللى هو كل اللى لىّ فى الدنيا . وبعدين يوم القيامة أروح من ذنبه فين . فكرت أستشير شيخ الجامع. مش معقول أحكى له القصة بالظبط لأنه يعرفنى ويعرف المرحوم بابا . رحت وحكيت له عن واحد قتل واحد خطا بعربيته وعايز يكفر عن ذنبه . الشيخ قال يصوم ستين يوم ورا بعض أو يطعم ستين مسكين . أنا قلت بينى وبين نفسى أعمل ده وده . أفرق الفلوس رحمة ونور على المرحوم بابا وأصوم معاهم الستين يوم كفارة برضه عن بابا لأنه ما كانش بيصوم رمضان عشان السجاير . فرقت ست الاف جنيه على الناس الغلابة . بديت أصوم الستين يوم . بس فى الاسبوع الأول نزلت على الدورة وقطعت الصوم . وبقيت فى مشكلة إزاى أصوم الشهرين متتابعين يوم ورا يوم . كنت قاعدة مع صحباتى قعدة حريمى ، وكل واحدة منهم بتفتى فى الدين وعاملين كلهم دوشة . سألت عن موضوع الدورة ، ولو واحدة ضربت واحد بعربيتها ومات وبقى قتل خطأ إزاى تصوم ستين يوم وهى لازم تنزل عليها الدورة مرتين على الأقل . كلهم سكتوا . وبصوا لبعضهم . اتفقنا نسأل فى التليفون واحد من الشيوخ . صاحبتنا اللى اكبر واحدة بتفهم فى الدين طلبت شيخ من الأزهر بالتليفون وحطته على السبيكر عشان نسمع بيقول ايه . سألته فى الموضوع ، قال عليها اطعام ستين مسكين . قالت له : بس دى فقيرة ومش قدامها الا الصوم . يبقى تصوم ازاى ستين يوم ورا بعض ، وتعمل إيه لما تنزل عليها الدورة . الشيخ قال : تروح فى ستين داهية وقفل فى وشنا التليفون . واحدة صاحبتى تكلمت عنكم وعن موقعكم . الباقيين شتموكوا وقال عنكو كذا وكذا . انا دخلت الموقع وقريت فيه . ولقيت كلام غريب أول مرة أعرفه . بس تُهت فى الموقع . دورت شمال ويمين مفيش فايدة . قلت أسألك يا دكتور .. أعمل إيه . أنا مصممة أصوم الستين يوم ، وحأعتبرهم ريجيم وكفارة عن بابا . بس حكاية الدورة دى اعمل فيها إيه . وإزاى ربنا يحرم الصوم فى الحيض وبعدين يفرض صيام شهرين متتابعين . مش ده استغفر الله العظيم تناقض ؟ ) .
وأقول :
أولا :
حسب علمى ـ لم يمُت أبوكى بسبب زيادة فى كمية الدواء . كم حبة زيادة فى الدواء لا يمكن أن تتسبب فى الموت . ويمكن أن تتأكدى من هذا بنفسك من طبيب محترم غير طبيب عائلتكم . ابوك مات لأن اجله حان . سواء أخذ الدواء أو لم يأخذه . وبالتالى هوّنى على نفسك يا إبنتى فلست السبب فى موت أبيك .
ثانيا : بالتالى ليست عليك كفارة القتل الخطأ التى جاءت فى قول الله جل وعلا : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء ).
ثالثا : كفارة القتل الخطأ ــ فى عصرنا ــ هى دية يدفعها القاتل الى أهل القتيل إذا كان القتيل المؤمن فى نفس الدولة . إذا كان من دولة أخرى فالكفارة هى دية يدفعها القاتل ، وإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين .
ثالثا :
صيام شهرين متتابعين جاء فى كفارة القتل الخطأ وفى موضوع الظهار ، إذا حرّم الزوج زوجته على نفسه وأقسم بذلك ثم رجع فى قسمه فعليه صيام شهرين متتابعين ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا . يقول جل وعلا : ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ . وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( المجادلة 2 : 4 ).
رابعا :
1 ــ موضوع الطهارة فى الحيض يتعلق فقط باللقاء الجنسى بين الزوجين . يقول جل وعلا : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) ( البقرة 222 ). هنا أمر بإعتزال الزوجة جنسيا وهى حائض ، ونهى عن الاقتراب الجنسى منها الى أن تتطهر من ( اذى ) أو ( دم الحيض ). إى هو أمر خاص بالجماع الجنسى فقط ، بدليل أن الآية التالية تتحدث فى العلاقة الجنسية بين الزوجين ، يقول جل وعلا :
( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) البقرة 223 ). موضوع الطهارة للصلاة بالغسل الموضعى ( الوضوء ) أو بالاغتسال للجسد كله لم يرد فيه الحيض ، بل ملامسة النساء ( وهى فى غير وقت الحيض ) والجنابة والغائط . يقول جل وعلا فى سورة النساء - الآية 43 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا )، ويقول جل وعلا فى سورة المائدة – الآية6 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ).
وهذا يعنى أن الطهارة الجُزئية للصلاة (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) يقطعها البول والغائط . وأن الجنابة تستلزم الطهارة الكاملة ( الغُسل )( حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ). وقبل الصلاة فلا بد من إعادة الطهارة الجزئية بعد البول والغائط ، ولا بد من الغُسل بعد الجنابة . وفى حالات المرض والسفر وعدم وجود الماء فيمكن التطهر بأى شىء طاهر نظيف ، ليس التراب ، بل (صَعِيدًا طَيِّبًا ) . والصعيد أى ( المرتفع ) الذى يعلو ويرتفع عن الأرض وترابها مثل المنديل والملابس النظيفة . وفى ذلك كله لم تأت أى إشارة للحيض لأنه له تشريعات خاصة بالعدة للمطلقة والأرملة و بمنع العلاقة الجنسية بين الزوجين .
وعليه فالحائض تصلى ( بعد الوضوء ) شأن من يأتى من ( الغائط ) وطبعا ( تتحفظ ) لمنع سيلان الدم وهى تصلى ،
2 ــ والحيض لا يقطع الصوم ، تستمر الحائض فى صومها . ولنتذكر أن أعذار الافطار فى رمضان هى للرجل والمرأة معا . فى سورة البقرة - الآية 184أ يقول جل وعلا عن صوم رمضان : (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ( 184 ) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَمَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ( 185 ) البقرة )
والحيض لا يمنع الحج . فالحج على من إستطاع اليه سبيلا من الرجال والنساء . والحائض تؤدى كل المناسك من طواف ووقوف وتقديم للهدى بلا حرج .
والحيض لا يمنع قراءة القرآن الكريم ، وقوله جل وعلا عن القرآن الكريم ( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ( الواقعة 79 ) يعنى أن القرآن لا يمس بهدايته إلا القلب الطاهر من الايمان بحديث آخر غير القرآن الكريم . أى يمكن للإنسان فى أى وقت قراءة القرآن الكريم وحمل المصحف و تسبيح الله جل وعلا وذكره والتوسل اليه خوفا وطمعا . كما يمكنه تقديم الصدقة والزكاة المالية فى أى وقت سرا وعلانية:( البقرة 274 ، الرعد 22 ، ابراهيم 31 ، فاطر 29 ).
خامسا :
1 ــ ليس فى الاسلام أن يصوم أحد عن أحد ، أو أن يحج أحد عن غيره ، أو أن يصلى شخص نيابة عن شخص آخر ، أو أن يتصدق فلان ويتنازل عن الثواب لفلان ، أو ان يقرأ أحد القرآن ويهب الثواب لفلان . ليس فى العبادات إستنابة ، أى أن ينوب فلان عن فلان . حتى الدعاء للوالدين يذهب ثوابه للداعى نفسه، لأن الدعاء فى حد ذاته فريضة ، وإن كانت هى والتسبيح ـ فريضة منسية فى عصرنا . إن العبادات هى لتزكية نفس القائم بها ، وليس لتزكية نفس أخرى . وكما لا ينتقل ثواب عبادة شخص لشخص آخر فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى ، أى لا يتحمل شخص وزر شخص آخر . فكل نفس بما كسبت رهينة ، ولا تكسب كل نفس إلا لها أو عليها . وبالعمل الصالح يكون صاحبه صالحا لدخول الجنة، يتنعم بعمله . وبالعمل السيء يدخل صاحبه النار ويتم تعذيبه بعمله ، أى يتحول عمله الى نار يتعذب بها .
2 ــ وبدلا من أن نتبرع بعملنا للآخرين ـ وهذا ليس مقبولا ـ فلنقم بالعمل الصالح لأنفسنا إبتغاء مرضاة ربنا جل وعلا ، خصوصا وأنه يوم القيامة سيفر المرؤ من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل إمرىء منهم يومئذ شأن يغنيه .
أخيرا
أهلا بك إبنتى فى موقع ( اهل القرآن ) وأنصح بأن تقرئى الفتاوى أولا .. ولو تنشغلى بموقعنا ساعة فى النهار خير لك من تضييع الوقت مع صديقاتك اللاتى يقمن بالافتاء فى الدين بلا علم ، ونوعا من الثرثرة والتسلية . وهذا خطأ فى وجهة نظرى .
هدانا الله جل وعلا الى الصراط المستقيم .