الوحشية الوهابية تضرب عمق حضارة الانوار بباريس
مقدمة متواضعة
بداية ادين كانسان امازيغي مسلم باشد العبارات و المعاني الوحشية الوهابية التي ضربت بالقوة عمق حضارة الانوار بباريس مساء يوم الجمعة 13 نونبر الماضي .
ما اشبه اليوم بالامس باعتباري كنت عند احداث 11 شنتبر 2001 الذي وقعت بالولايات المتحدة الامريكية مجرد شابا بدا حينها يطالع جرائد والده و الكتب المختلفة و بدا يشاهد الاخبار في مختلف القنوات الوطنية و العربية بعقلية سطحية للغاية بحكم حداثة سني حيث كنت ابلغ من العمر انذاك 18 سنة.
لكنني حينها كنت اعرف ان التطرف و الارهاب هما شيئان بعيدان عن الاسلام غير انني وقتها لم اصل بعد الى الاعتبار ان السلفية الوهابية هي جوهر مشكل تخلف الاسلام كدين و كمنظومة سياسية او فقهية عن سياقنا المعاصر كمجتمعات اسلامية حالمة بالحرية و بالديمقراطية و الفصل الواضح بين الدين و الدولة خصوصا بعد مرور ثورات الربيع الديمقراطي.
لكن الوحشية الوهابية المعروفة منذ عقود طويلة تحت اشراف دولتها المعلومة و تحت التاطير الايدبولوجي المباشر من كتب التراث السلفي مثل ابن تيمية و محمد عبد الوهاب بدلت هذه الاخيرة مجهود عظيم في سبيل ابقاء الاسلام دينا سلفيا ماضويا يحرض على تكفير المسلم الشيعي او الامازيغي او المسلم لكنه ذو الفكر العلماني الخ و يحرض على احتقار المراة من خلال جعلها مخلوق دوني لا حقوق له الخ من مبادئ الجاهلية العربية قبل الاسلام و بعده مع الاسف الشديد ..
و بالاضافة انها خلقت العديد من التنظيمات ذات التوجهات السياسية كجماعة الاخوان المسلمين بمصر سنة 1928 بشهادة استاذنا احمد صبحي منصور في احد كتبه القيمة و خلقت تنظيمات الاسلام الجهادي من القاعدة الى داعش بهدف زرع الفتن عبر جغرافية العالم الواسع و تشويه صورة الاسلام العظيم و تدمير اي نزعة الى المدنية و لو من داخل الاسلام نفسه..
و بالمناسبة فانني لا ادافع هنا عن فرنسا الاستعمارية اطلاقا و بصفة نهائية باعتبارها كانت قوة استعمارية وحشية كذلك في منطقتنا المغاربية حيث يرجع لها الفضل التاريخي و الحاسم في تقوية نفوذ المخزن التقليدي و نشر ثقافته الرسمية على نطاق واسع بعد سنة 1956 و تهميش ثقافة هذا الشعب الاصلية من خلال خلع القوانين الامازيغية العلمانية و وضع في مكانها قوانينها الفرنسية العلمانية الخ من ذنوب فرنسا الاستعمارية في حق شعوبنا المغاربية و شعوبنا الافريقية عموما حيث انها تستغل ثروات هذه الشعوب الضعيفة الى يومنا هذا .
لكنني ادافع عن فرنسا الحريات و فرنسا الحقوق للجميع بغض النظر عن دياناتهم او ثقافاتهم حيث قمت بزيارتها مرتان سنوات 1999 و 2002 في اطار تكويني كمعاق لدى احد المراكز الخاصة في العاصمة الفرنسية باريس حيث استفدت كثيرا من هذا التكوين كما شرحته في كتابي القديم صوت المعاق حيث تعرفت على النموذج الفرنسي في مجال الاعاقة و تعرفت على المجتمع الفرنسي المتعدد من ناحية الدين و العرق بحكم ان هناك يحترم حرية العقيدة و حرية التعبير .
و كما انني تعاملت كثيرا مع الفرنسيين المقيمين ببلادنا منذ طفولتي حيث لعل السيدة بصي هي خير نموذج للتضحية من اجل الاطفال المعاقين بمدينة اكادير في منتصف التسعينات عبر تاسيس مؤسسة الوردة الرملية لاستقبال الاطفال المعاقين بتاريخ يناير سنة 1996 حيث كان اكادير يعاني من الحكرة و التهميش على كافة المستويات و الاصعدة بسبب سيادة ايديولوجية الظهير البربري على مناحي الحياة العامة بشكل فضيع انذاك بمعنى ان تلك المؤسسة التاريخية بالنسبة لي كانت لا تتوفر على اي دعم من طرف الدولة بل اعتمدت على مساهمات الاباء و على تضحيات السيدة بصي العظيمة حيث علمتني احترام الاخر مهما كانت ديانته و ثقافته بينما كانت معلمتي الاولى ذات الفكر السلفي تقول لي باعتباري كنت طفلا صغيرا حينها ان النصارى و اليهود هم كفار سيدخلون النار و في حصة القران الكريم تقول لي بشكل دائم اننا عرب و اللغة العربية هي لغة اهل الجنان الخ من خرافات التيار السلفي بالمغرب الى حد الان..
الدخول الى صلب الموضوع
ان احداث باريس الارهابية هزت العالم باسره بفعل سقوط الابرياء لا ذنب لهم سوى انهم توجدوا في مواقع هذه العمليات الخطيرة و المهددة للسلم العالمي حيث من المؤسف ان تصدر هذه الاخيرة من اصحاب الديانة الاسلامية العظيمة لكن هناك واقع لا يمكننا تجاهله الا و هو غزو الوهابية للعالم بفضل اموال النفط السعودي التي دعمت نشر الفكر الوهابي في العالم و خلق فضائيات و مواقع عديدة لتخريب عظمة الاسلام كدين مدني اصلا حيث لنكون واقعين و نطرح الاسئلة العميقة من قبيل هل نحن بالحاجة الى الخلافة الاسلامية فعلا ؟ بحكم ان الغرب المسيحي قد تجاوز منطق الدولة الدينية منذ قرون بفضل الاصلاح الديني و الاكتشافات الجغرافية.
لكننا يجب الاعتراف ان الغرب المسيحي غزا القارة الامريكية و اباد ثقافتها الاصلية باسم الدين المسيحي لكنه بالمقابل ناجح في نهضته الهائلة من خلال الاختراعات التي غيرت وجه العالم الى الابد ..
و بينما نحن المسلمين مازلنا نقدس تراث السلف الحقير و المشوه لديننا الاسلامي على طول الخط حيث قرات منذ سنة كتاب القران و كفى مصدرا للتشريع للاستاذ احمد صبحي منصور و اكتشفت اشياء لم اكن اعرفها من قبل .
و قلت في مقال سابق حول احداث مجلة شارل ايبدو في يناير الماضي يجب ان نعرف جميعا ان مجلة شارلي ايبدو تنتقد جميع الديانات السماوية في نطاق حرية التعبير الموجودة في اوربا و في الولايات المتحدة الامريكية من طبيعة الحال بينما نحن المسلمين نتوفر على العديد من الخطوط الحمراء بسبب الوهابية العالمية التي اصبحت تمثل الاسلام في العالم.
و يجب ان ندرك جيدا ان الوهابية اصلا هي السلفية الحقيقية في كل تجلياتها الارهابية و التكفيرية حيث قامت الدولة السعودية الحالية على ايقاع القتل و ارتكاب المذابح في الجزيرة العربية كما يحدث الان تماما مع تنظيم داعش الوهابي الاصيل لان شعار الوهابية هو دم دم و هدم هدم ...
يجب ان نكون واقعين و موضوعيين للغاية بالاقرار و الاعتراف ان الوهابية هي اخطر ايديولوجية من الصهيونية حيث على الاقل ان اسرائيل هي دولة ديمقراطية داخليا بالرغم من كل شيء حيث تسمح بوجود الحركة الاسلامية على ارضها و تسمح للعرب ان يكونوا نوابا في برلمانها و اعترفت باللغة العربية كلغة ثانية في دستورها..
و بينما الدولة السعودية مازالت تمنع المراة من مجرد قيادة سيارتها الخاصة كباقي النساء المسلمات في هذا العالم الواسع و مازالت السعودية تعيش الان بلا دستور و بلا احزاب على الاطلاق حيث اعتبره تشويها عظيما في حق الاسلام الحقيقي الذي هو دين ديمقراطي اصلا حيث ان من بين ما استفدته من قراءة كتب الاستاذ احمد صبحي منصور ان السلفيين يقدسون تراثهم البشري العفين اكثر من القران الكريم نفسه الذي نص على الشورى كفريضة من فرائض الاسلام مثل الصلاة و الزكاة الخ و كنظام ديمقراطي طبقه الرسول ص في المدينة مع اصحابه و طبق احيانا في عهد الخلفاء الراشدون فقط بحكم ان الدول الاسلامية في المشرق قامت على مبدا الحاكمية اي ان الكلمة الاولى و الاخيرة للخليفة باعتباره يمثل ارادة رب العزة و يحكم بما انزل الله على الرعية اي ان الناس ليس لهم الحق في ابداء الراي بحكم سيادة الاستبداد و قمع حقوق المعارضة في التعبير عن مواقفها باستغلال الدين..
و بينما كان الرسول باعتباره رئيس الدولة الاسلامية ينظم مجلس الشورى في المسجد بحضور الرجال و النساء بحكم ان الشورى كانت فريضة مثل الصلاة و الزكاة الخ بمعنى ان الاسلام يحترم العقل و الراي الحر...
و نص القران الكريم على عدم الاعتداء على الاخرين مهما كانت دياناتهم او معتقداتهم حيث حرم الله على النبي ان يكون لديه اسرى الحرب حيث هذه قمة حقوق الانسان لان دولة الرسول كانت مدنية تحترم حرية الاعتقاد و المساواة بين الجميع على اساس المواطنة الحقيقية بينما تراث السلف الجاهلي يصر على استحلال الدماء و الاعراض .........
و في ختام هذا المقال المتواضع بهذه المناسبة الاليمة ارجوا من الجميع ان يفهموا قصدي حيث انني بدات اسير في مسار طويل قد يستغرق سنوات او عقود من العمر لتصحيح صورة الاسلام و رسوله العظيم عبر التخلص من فضلات تراث السلف العفين للغاية و محو فكرة الخلافة الاسلامية نهائيا في وجدان عامة المسلمين لان هذا العصر يرفض ثقافة السبايا و ثقافة الاستبداد باسم الاسلام ..
اننا في المغرب مازلنا نعيش ازدواجية حقيقية بين تفاصيل الدولة العصرية التي تركها الاستعمار الفرنسي بعد سنة 1956 و منظور السلطة الديني القريب للغاية من السلفية حسب المقاس الايديولوجي للحركة الوطنية و منظور حركات الاسلام السياسي التي مازالت تقاوم اي اصلاح ديمقراطي يشمل حل القضية الامازيغية و قضية المراة مستعملة القراءة السلفية للاسلام في وجه حركتنا الامازيغية و الحركة النساء بالنظر الى غياب اي تنوير اسلامي في الافق ....
تحرير المهدي مالك