تأتى ( شهد ) ومشتقاتها فى السياق القرآنى بالمعانى الآتية :
( شهد ) : بمعنى ( حضر ). فيما يخصٌّ الله جل وعلا
1 ـ الله جل وعلا هو ( الشهيد ) على كل شىء عموما : يقول جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33) النساء ) ( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) الحج ). ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) سبأ )
2 ـ المؤمن يكتفى بالله جل وعلا شهيدا ، وكفى به جل وعلا شهيدا : ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (79) النساء ) ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً (28) الفتح ) ( أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت ) .
3 ـ وهى شهادة الاهية ( اى حضور الاهى ) مؤسس على العلم ، فعلمه جل وعلا يصاحب كل مخلوقاته ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة ). ولا يخفى عن علمه شىء : ( إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (54) لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55) الاحزاب ).
4 ـ وهذه الشهادة العلمية بالحضور الالهى تتضمن أدق التفصيلات ، الى درجة الذرة وما أقل منها ، يقول جل وعلا : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) يونس)
5 ــ وهذه الشهادة العلمية تتضمن التفصيلات فى الحالات الجزئية والفردية ، يقول جل وعلا : ( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) الانبياء)، ( وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) يونس) .
6 ـ وبالنسبة لنا نحن نعلم جزءا من الذى نحضره ونشهده ، أى نعلم جزءا مما نشهده بحواسّنا. لا نعلم ما يغيب عنها ، ما يحدث بعيدا عنها فى المكان ، أو فى الزمان فى الماضى ، أو ما سيحدث فى المستقبل . علمنا الجزئى محصور فى وجودنا الحسى وما نشهده بحواسّنا ، أو بوسائل صناعية تساعد حواسّنا مثل أجهزة الاتصالات الحديث . ولكن يبقى الجزء الأعظم غيبا بالنسبة لنا أو ( غيبا ) لا ندركه . الله جل وعلا هو وحده ( عالم الغيب والشهادة )، و( الشهادة ) هنا تعنى المرئى من المُشاهد . والله جل وعلا بقيوميته شاهد على مايكون غيبا بالنسبة لنا وما يكون مُشاهدا لنا ومشهودا لنا . يستوى هذا وذاك بالنشبة للشهيد على كل شىء . ويـأتى علمه بالغيب والشهادة مرتبطا ببعض أسمائه الحسنى. يقول جل وعلا : (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73) الانعام ) ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِي (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) الرعد ).
7 ـ وسيأتى يوم الحساب حيث يكون العرض أمام عالم الغيب والشهادة الشهيد على كل شىء ليخبرنا بما كنا نعمل : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105 ) التوبة ). نحن سننسى ما عملنا ، ولكن الله جل وعلا الشهيد على كل شىء والذى يعلم كل شىء سينبئنا بكل ما عملناه وما نسيناه ، يقول جل وعلا : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) المجادلة )
8 ـ وبهذا فإن الله جل وعلا لم يخلق العالم ثم تركه غافلا عنه كما يقول بعض الفلاسفة ، حاش لله جل وعلا ، وهو القائل : (وَمَا كُنَّا عَنْ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17 ) المؤمنون ).
9 ـ وهذه الشهادة الكاملة والشاملة المؤسسة على العلم يجمعها إسم من اسماء الله الحسنى ، وهو ( القيوم ) أى القائم على كل شىء ، حتى على كل نفس بما كسبت من عمل صالح أو شرير؛ نفسى ونفسك ونفسها ونفسه ..كل نفس من أول آدم الى آخر نفس فى هذا العالم ..!! يقول جل وعلا : (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) 33 ) الرعد ).
ويأتى إسم القيوم لرب العزة ضمن أسماء حُسنى جليلة جاءت فى الآية الكريمة : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) البقرة )، فهو جل وعلا الحى الذى لا يموت وهو القيوم الذى لا يغفل عما خلق ، وهو الذى تأخذه سنة ولا نوم .
10 ـ ولهذا فإن المؤمن التّقىّ يعلم أن الله جل وعلا يراه فيتقى ربه بالغيب. أى لو كان خاليا بعيدا عن العيون ويكون مُتاحا له العصيان ولا يراه أحد ، ولكنه لا يقع فى العصيان لأنه يعلم أن الله جل وعلا ( يرى ) وأنه جل وعلا شاهد حاضر يراه ، وأنه جل وعلا لا يغيب عن علمه وشهادته أحد . أما غير المؤمن فيقول عنه رب العزة بإستفهام إنكارى : (أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ ﴿١٤﴾ العلق ) . وبعض الصحابة تآمروا على عمل خسيس فعلوه فى الخفاء ، وخدعوا به النبى عليه السلام ليتهموا بريئا فقال جل وعلا عنهم : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴿١٠٨﴾ النساء ).
11 ـ بعض الناس يقولون عند الشعور بالظلم : ( ربنا موجود ) يقصدون أنه جل وعلا شاهد حاضر يرى الظالم والظلم والمظلوم . ولكن وصف رب العزة بأنه ( موجود ) خطأ شنيع . لأن ( الموجود ) ليس من أسمائه الحسنى جل وعلا ، بل هو إلحاد فى أسمائه الحسنى ، لأن ( موجود ) يعنى ( اوجده غيره ) أى هناك ( واجد ) ( أوجده ) . والله جل وعلا هو خالق كل شىء ، هو خالق لكل ما عداه ومن عداه . لذا لا يُقال ( الله موجود ) ولكن يقال : ( الله الشهيد على كل شىء ) أو ( الله القيوم ) أو ( إن ربك لبالمرصاد ) أو ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) .!
( شهد ) أى : حضر ، بالنسبة للبشر :
1 ـ عن حضور الناس جميعا يوم القيامة يقول جل وعلا : ( ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) هود). ( يشهده ) أى يحضره الناس جميعا . ونفس المعنى فى قوله جل وعلا : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) مريم ).أى من حضور يوم عظيم .! ويقول جل وعلا : ( كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) المطففين ) أى يحضره المقربون .ويقول جل وعلا وصفا ليوم الحساب:( وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) البروج ). فيوم الحساب يوم العرض أمام الرحمن يشهده ويحضره الجميع ، ويكون فيه كل فرد شاهدا ومشهودا . لذا سيكون فضيحة وخزيا على رءوس ( الأشهاد ) أمام أعين البشر جميعا من آدم الى آخر نفس فى هذه الدنيا . نرجو من الله جل وعلا السلامة من هذا الخزى .
2 ـ ونجن كبشر وجودنا مؤقت ، له بداية وله نهاية . لم نشهد ما كان قبلنا فى هذا العالم ، وبعد موتنا لا نشهد ولا نحضر ما سيحدث بعدنا . كل ذلك غيب بالنسبة لنا . ومع ذلك فخرافات الأديان ألأرضية تقتحم الغيب الالهى وتصنع أساطير يؤمن بها المغفلون الضّالون . ومثلا فالجاهليون إفتروا أن الملائكة بنات الله ، فهل كانوا موجودين عندما خلق الله جل وعلا الملائكة ؟ يقول جل وعلا : ( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ) (19)الزخرف ). أى هل كانوا حاضرين وقتها ؟
وأولئك الضالون المُضلُّون يتجادلون فى غيبيات خلق الله للكون ولمن فيه بلا علم ، ولم يكونوا موجودين وقتها ، يقول جل وعلا : (مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ ) ﴿٥١﴾ الكهف ).
3 ـ والنبى محمد عليه السلام لم يكن يعلم الغيب ، وكان القرآن ينزل ببعض غيوب الماضى فى قصص الأنبياء السابقين ، فيعرفها وتصبح معلومة له وللآخرين ، ولم تكن معلومة له من قبل ، لأنه لم يكن موجودا حاضرا شاهدا وقت حدوث هذه الأحداث ، لذا يقول جل وعلا له إنه لم يكن حاضرا وقت خطاب الرحمن لموسى عند جبل الطور فى سيناء ، وما كان مع أهل مدين : ( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمْ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) القصص ). ولم يكن شاهدا موجودا حين كان أخوة يوسف يتآمرون عليه خفية : ( ذَ ٰلِكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوٓا۟ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴿١٠٢﴾ يوسف ) ولم يكن شاهدا موجودا حين كان بنواسرائيل يختصمون أيهم يكفل مريم ، يقول جل وعلا لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام : (ذَٰلِكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَـٰمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴿٤٤﴾ آل عمران )
4 ــ ونحن لم نكن موجودين عند موت يعقوب ووصيته لبنيه يوسف وغيره ، يقول جل وعلا : ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)( البقرة ).
5 ــ والزمن الواحد يجمع البشر الذي يعيشون فى إطاره مع إختلاف المكان ، ولكن الزمن وحده لا يكفى لتحقق الشهادة بمعنى الحضور ، فقد تكون انت فى مكان وصديقك فى مكان آخر فى نفس التوقيت فلا يكون أحدكما شاهدا على الآخر ، اى حاضرا لما يفعله الآخر . وبعض المنافقين كان يبتهج إذا حدثت كارثة للمؤمنين ولم يكونوا موجودين فيها ، ويبتئس لو حدث للمؤمنين فضل وغابوا عنه : ( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73) النساء )
والمتآمرون من قوم صالح تآمروا على قتله (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) النمل )، أى يقتلونه ثم يزعمون عدم وجودهم هناك .
6 ــ ويأتى معنى ( شهد ) أى ( حضر ) فى تشريع الصوم ، فمن ( شهد ) شهر رمضان أى من كان حيا موجودا وقت هذا الشهر عليه الصوم، يقول جل وعلا: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) (185) البقرة ). وفى موسم الحج ( يشهد ) الحجاج منافع لهم : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ )(28)الحج )، أى ليحضروا منافع لهم . لذا لا يجوز أن يحج أحد عن أحد ، ولا يصوم أحد عن أحد ولا يصلى أحد عن أحد . لا يصح فى العبادة ( الاستنابة ) ، لأنها عمل شخصى ، فكما لا تزر وازرة وزر أخرى فلا ينفع أحدا عمل خير عمله غيره ، لأنّ لكل إنسان ما سعى من خير أو شرّ .