وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ( يوسف 103)
ومن يدري ؟ لعلنا جميعا واقعون في شراك الشرك ؟؟؟

يحي فوزي نشاشبي في السبت ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم الله  الرحمن  الرحيم

****

ومن يدري ؟  لعلنا  جميعا  واقـعون في شراك الشرك ؟؟؟

هناك حديث صحيح، من بين تلك الأحاديث التي أراهن بأنه لا  يمكن أن يكون هناك شخص حي يرزق، يشك في سنده أو في  مضمونه، وهو من بين تلك الأحاديث التي نطق بها عبد الله  ورسوله. وهنا،أستسمح الكاتب الأستاذ إبراهيم دادي، في استعارة  الصيغة الملائمة التي تبناها لمثل تلك الأحاديث  الصحيحة، ونص  الصيغة :

قال رسول الله عن الروح عن ربه :

( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد  إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون). 64 آل عمران.

أتوقع أن سيشاطرني الرأي الكثيرون، في أن الأغلبية الساحقة من المسلمين، الذين تلقوا القرآن، عندما يستمعون إلى هذه الآية، أو عندما يتلونها، يتبادر حتما إلى ذهنهم، كما يحصل لي غالبا، أن أهل الكتاب المعنيين بهذه الآية هم اليهود والنصارى، وأنهم  وقعوا في مأزق لا يُغبطون عليه، ولا يُحسدون، بسبب تلك الدرجات السفلى التي انحدروا إليها، تلك التي أدت بهم إلى الشرك بالله، واتخاذ بعضهم بعضها أربابا، وبسبب تلك الرهبانية التي ابتدعوها فلم يوفقوا في رعايتها.

نعم إن تلاوة الآية 64 في سورة آل عمران المذكورة أعلاه  توحي، - ولو من بعيد، إلى المسلمين الذين يتلونها- توحي إليهم بشئ يشبه الغرور، أو تزكية النفس، أوالعجب، وكأنّ لسان حال هذا الشئ يقول: نحمــد الله نــــحن المسلمين، نحمد الله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا لله. ومساكين هم أولئك الأقوام  الآخرون من أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، وغيرهم، نحمد الله الذي أمرنا نحن بأن نتوجه إليهم بالنصح ونمـدّ إليهم أيدينا المنقذة من الضلال، وندعوهم إلى كلمة سواء نتفق عليها، وهي ألا نعبد إلا  الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله .

وقد يزيد ذلك الهاتف الموحي إلينا نحن المسلمين، النافخ فينا  بشتى أنواع الغرور، والكبر، والزهو، والنظر إلى غيرنا من  أهل الكتاب من عــل، ولسان حالنا يقول: عجيب ?!  كيف  وصل  بهؤلاء  الأقوام  من أهل  الكتاب، إلى أن يغفلوا كل هذه الغفلة ؟ كيف استساغت قلوبهم وعقولهم ومنطقهم، أن يكون الله  متركبا من الأب والإبن والروح القدس؟ كيف وصلت  بهم  الجرأة  ويقولوا ثلاثة ؟ أو يقولوا إن الله هو المسيح ابن مريم ، أو  الذين يقولون إن عزيرا هو الله ؟ ويديروا ظهورهم  إلى الحقيقة التي تقول (إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد ).

وهكذا ينشط  ذلك  الهاتف الخفي، ويزيد نفخة أخرى مطمئنة إيانا : أما نحن المسلمين الناجين، فتكفينا تلك الآيات الأربع في سورة  الإخلاص: (قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن  له كفؤا أحـدٌ ).

ولكــــن

لو اقتصرالأمر كما ذكر، لهانت المسألة شيئا ما، ولأصبحنا نحن المسلمين متابعين، ومدانين بما نكون اقترفناه في حق غير المسلمين من أهل الكتاب، من مخالفات تزكية النفس واستهزاء  وسخرية. لكن هناك ما خفي وما هو أدهى وأمر، وما إن انتبهنا إليه لوقعنا في سلسلة من مآزق تقضّي المضاجع، وتزيد من وزن  وحجم الحيرة. وعلى سبيل المثال فقط  نلتفت إلى المنبهات  والمحذرات  التالية :

1) (( وما أكثر الناس ولو حرصت  بمؤمنين )).يوسف 103.

2) (( وما يؤمن أكثرهم بالله  إلا وهم مشركون )).يوسف 106.

أما الظاهر المعاش، فإنه يقول إننا لم نهضم مغزى الآيتين، بل  لقد رددنا على رسول الله، (عليه الصلاة والتسليم): بأنك أنت فعلا بدعٌ من الرسل، ولستَ كأي أحد من الرسل، بل ويستحيل أن تكون مثلهم، بل أنت أعظمهم وأشرفهم وسيدهم، بل وزدناه : كيف يمكن أن تكون مثل بقية الرسل؟ وأنت، لولاك ما خلق الله الكون؟، وما إلى ذلك مما تمليه علينا، وبإسراف، نوايا المدح التي أدت بنا في الأخير إلى هجاء من حيث ندري ولا ندري، وأخيرا إلى مهاوي الشرك. ففي حين كنا نسخر ونستهزئ بأصحاب التثليث، أصبنا بالغشاوة التي تصيب المزهوين والفرحين، ولم يخطر ببالنا أننا لسنا على شئ، أو بعبارة أخرى نحن فعلا على شئ، لكنه ليس كأي شئ ، إنه شئ خطير، وخطير جدا، وأننا غارقون حتى الذقن في شرك ذي شكل ثان، وهو شرك التثنية، ( أو الثنائية ) مرورا بمسألة الشفاعة، أي شفاعة النبئ محمد، وربما شفاعة غيره من الأولياء؟. وباختصار شديد  فإننا ما زلنا لم نبلغ درجة أولئك الذين تطهرت قلوبهم مــن مختلف "الفيروسات" تلك الفيروسات تجعلنا  نثاقل إلى الأرض بسبب ما وجدنا عليه آباءنا وكبراءنا، وأسلافنا المحكوم عليهم -  وعلى الرغم منهم -  بالصلاح  والتوفيق في كل كبيرة وصغيرة. ثم  لأمر ما جاءت الآيات  القرآنية 57-82 : ( إنه لقرآن كريم في  كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ). أما لسان حالنا فإنه يجيب على التساؤل قائلا: نعم نحن ما زلنا لم  نتطهر كما  ينبغي لنبلغ درجة أولئك  الذين يدركون حق الإدراك هذا القرآن الكريم، ولسان حالنا يضيف قائلا: نعم نحن ما زلنا بهذا الحديث المنزل مدهنين وما زلنا ببعضه مكذبين .

إذن

ألا نكون نحن جميعا أهل الكتاب، وجميعاً غافلين عن الكتاب،  وما انتسابنا إلى أهل الكتاب إلا مجازا؟ ألا تصدق فينا تلك  التعليمة  المشهورة لكن بصيغة جديدة :

* يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ؟

* أن ننبذ التثليث وننبذ الثنائية .

* حتى لا يبقى إلا الله وحده .

* ولا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا .

وبعد كل هذا يحق لنا أن نطمع  في أن نُـستثنى من تلك الكثرة  الساحقة من المؤمنين المشوب إيمانهم  بالشرك .

* ولعل رأي مفكر يزيد توضيحا وتلخيصا لهذا الموضوع ؟  حيث قال: " إذا كان الفكر الديني الإسلامي ينكر على الفكر الديني المسيحي ( توهم ) طبيعة مزدوجة للسيد المسيح، ويصر على طبيعته البشرية، فإن الإصرار على الطبيعة المزدوجة  للنص  القرآني  وللنصوص  الدينية  بشكل عام  يُـعدّ وقوعا في (التوهم) نفسه" . ( انتهى ما قاله الكاتب المفكر) .

وبالتالي فسنصبح نحن أصحاب الإصرار على الطبيعة المزدوجة  للنص القرآني، ومعنا أصحاب الإصرار على ازدواجية السيد المسيح، سنصبح جميعا في الأخير من حيث  ندري أو لا ندري  في قعر خندق واحد ، خندق الشرك الخفي والعلني.

اجمالي القراءات 11707