رؤية أولية مجملة لعناصر انخفاض نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية المصرية مرتبة تنازلياً حسب وزن كل عنصر:
1. السلبية وعدم الاهتمام المعتاد للمصريين، مصحوباً بحالة ارتداد إلى ما قبل روح 25 يناير 2011.
2. شعور الاطمئنان لدى قطاع كبير من الجماهير بانكسار موجة هوجة 25 يناير، التي اعتبرها تهديداً للاستقرار.
3. اختفاء القوى القادرة والمتمرسة على حشد الجماهير، وهي الإخوان المسلمين والحزب الوطني (حزب الدولة).
4. شيوع حالة الاطمئنان لدى الجماهير السيساوية، أن البلاد بيد أمينة قادرة، ولا تحتاج لتدخل شعبي.
5. شعور عام بأن رأي الشعب الآن لن يقدم ولن يؤخر، وأن البلاد تتجه لحكم ديكتاتوري.
6. مقاطعة أجنحة من التيارات الدينية للانتخابات والمسيرة السياسية كلها.
7. تكاد تخلو الانتخابات من اتجاهات فكرية أو شخصية معارضة.
8. ندرة الشخصيات الجديرة بلفت انتباه الناس بين المرشحين.
9. مقاطعة تيار ثوري وشبابي لتوجه النظام.
10. تيار بالغ الضآلة يقاطع رفضاً لما يعتبره لا عقلانية سائدة في كل من القمة والقاعدة.
جرت العادة أن تنهال الاتهامات على المقاطعين لأي اقتراع، باعتبارهم سلبيين وناقصي وعي، رغم أن بعضاً من هؤلاء قد يكونوا الأكثر وعياً وإيجابية. فالصمت قد يكون صرخة عالية في وجه الفساد والنفاق والعشوائية ومحاولات الهيمنة المبتذلة.
فائدة الانتخابات النيابية ليست فقط اختيار نواب البرلمان، بل أيضاً التعرف على الخريطة الديموجرافية للأفكار والانتماءات. . اجمعوا إجمالي عدد الأصوات التي ستحصل عليها قائمة حزب النور، ولولا عدم وجود قائمة لهم بالصعيد، لاستطعنا هكذا أن نتعرف على الحد الأدنى من حجم الحاضنة المحتملة لداعش في مصر.
نتائج الانتخابات لم تقطع رأس التنين السلفي، بل سيهرب إلى ما تحت الأرض، لينخر في أساسات الوطن. . القواعد الجماهيرية السلفية التي أحجمت عن المشاركة في التصويت أكثر استقامة وصدقاً مع أنفسهم وما يعتقدون فيه، من قادتهم الذين "يلعبون بالبيضة والحجر".
لا يحتاج السلفيون إلى برلمان، لنشر أفكارهم وكراهيتم وداعشيتهم في المجتمع. هم يسيطرون على المنابر، ويحلون محل مؤسسات الدولة في المناطق الشعبية والقرى والنجوع والمناطق البدوية. هم أصلاً في صلب فكرهم لا يعترفون ببرلمان وديموقراطية وما شابه!!. . حاضنة داعش تتفشى أيها السادة أصحاب الياقات البيضاء. ليس لديهم أغلبية نعم، لكن لديهم قاعدة لا يتجاهلها سوى الحمقى. نعم تلقى السلفيون صفعة على وجوههم في الإسكندرية والبحيرة، لكن هذا لا يعني ألا نحسب ألف حساب لأعداد من صوتوا للسلفيين وقائمتهم في قطاع غرب الدلتا. هذه الأعداد تشكل خطورة لا يستهين بها إلا غافل. من النتائج الأولية خرجت بانطباع أنه كلما زادت درجة التحضر قلت نسبة الانتماء للسلفية. تقل لكنها لا تنعدم بالطبع.
إحجام الشباب النسبي عن التصويت لا يرجع فقط لرفض البعض المسمى ثوري منهم للمسيرة الحالية. فالأمر بالأساس يرجع لطبيعة هذه المرحلة العمرية، التي تتسم بالحماس، فتستهويها المظاهرات والاعتصامات، وتعزف عما تراه وسائل مملة وبطيئة، وقد تكون عديمة الجدوى كالتمثيل النيابي.
التكتلات السياسية في هذه الانتخابات لا تتنافس على أساس اختلاف أفكار، فلا أفكار من الأساس لديها. التنافس هو على سبوبة الخدمة في بلاط السلطان. حتى السلفيين برؤاهم الظلامية، لا يختلفون في هذا النهج. أظن أن حزب المصريين الأحرار هو أبرز الأحزاب المصرية في خاصية أن برنامجه السياسي وتوجهاته المعلنة في جانب، وأغلب نوعيات المرشحين باسمه في جانب آخر تماماً.
أخيراً ماذا يمكن أن نتوقع من نواب جاءوا للبرلمان في معية سامح سيف اليزل؟!!