قراءة فى كتاب سر الأسرار لأرسطو

رضا البطاوى البطاوى في الثلاثاء ٢٠ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

قراءة فى كتاب سر الأسرار أو السياسة والفراسة فى تدبير الرئاسة لأرسطاليس

من يقرأ هذا الكتاب يظن أنه يقرأ كتابا سياسيا من الدرجة الأولى ولكن يصدم صدمة كبرى عندما يجد أن الكتاب أقل من عشر حجمه يتكلم عن السياسة وباقى الكتاب هو كتاب يتحدث وهو الغالب عن الأمراض وعلاجها والباقى عن النجوم

ويبدو أن ما نسب للدولة العباسية فى حكاية الترجمة إما ضرب من الخيال وإما أن المترجمين وكان أغلبهم من اليهود والنصارى عملوا على إحداث صدوع فى جسم الدولة بما نشروه من خلال تراجمهم من خرافات طبية وخرافات فلكية وغيرها مما نسبوه لأرسطو وغيره ممن زعموا أنهم ترجموا عنهم .

الغريب هو أن مقدمة الكتاب تحدثت عن مقالات عشر تتناول نواحى سياسية مختلفة ولكن فى داخل الكتاب لم يتحدث عن تلك المقالات العشر واكتفى بالأولى والأخيرة وربما ذكر شيئا عن الثالثة وهى :

أصناف الملوك حالة الملك وهيئته وصورة العدل الذى تساس به الرعية والوزراء والسجلات والسفراء والرسل والناظرين فى الرعية وسياسة القواد والأساورة من الجند وسياسة الحرب وأخيرا الطلسمات وأسرار النجوم

 فى المقالة الأولى قال " فى أصناف الملوك الملوك أربعة سخى على نفسه وسخى على رعيته وملك لئيم على نفسه ولئيم على رعيته"ص69

وقال "وحد السخا بذل ما يحتاج إليه عند الحاجة وأن يوصل ذلك إلى من يستحقه بقدر الطاقة فمن جاوز هذا فقد فرط وخرج عن حد السخا إلى التبذير والإسراف وذلك إن من بذل مالا يحتاج إليه كان غير محمود ومن بذله بغير وقته كان كالباذر المر على شاطىء البحر ومن اوصل مالا يحتاج إليه وكان ذلك على غير استحقاق كان كالمجهز عدوه على نفسه "ص70و71

وهو كلام لا علاقة له بما يسمى السياسة حيث تنظيم الدولة ونفقاتها وما شاكل هذا من الأمور

وقد قال فيما بعد النجوم :

وقال "وأصل علم النجوم ثلاثة أشياء الكواكب والأفلاك والبروج والكواكب التى أدركت بالرصد ألف وتسعة وعشرون كوكبا "ص73

 والملاحظ فى القرآن هو أن الكواكب هى البروج هى النجوم كما قال تعالى "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب " وقال" وزينا السماء الدنيا بمصابيح"وقال" ولقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين "

والملاحظ أنه تكلم فيما بعد عن نصائح غذائية فمثلا قال "ولم أر بين المتقدمين خلافا فى أن جميع الأمور الدنيا من ملك أو مال وشهوات ولذات إنما هو تبع للبقاء فمن أحب البقاء لزم ما يرفقه ويوافقه وهجر فى حب ذلك الشهوات ولم يؤثر أكلة على أكلات"ص76

وقال "وقد رأيت من قلل من الأغذية واقتصر عن الشهوات واقتصر على البلغة من القوت واستعمل الرياضة كان أصح بدنا وأطول عمرا وأقوى شهوات وأخف حركات ممن أكثر منها "ص77

 وبالقطع العمر لا يطول بتقليل الأكل ولا بتقليل الشهوات فالعمر مكتوب مقدر لا يؤخره ولا يقدمه شىء كما قال تعالى "فإذا أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون "

وقال" يا اسكندر تحفظ من ناقص الخلقة وصاحب العاهة تحفظك من عدوك وأعدل الخلقة الموافقة توسطا القامة وسواد الشعر والعينين وغورتهما .............ص134

ونلاحظ فى القول تجنيا على ذوى العاهات أو الاعاقات فهو يعتبرهم عدو بلا سبب وكأنه رجل عامى يتبع الأمثال العامية مثل كل قصير مكير واتق شر من اقترب من الأرض

وكرر الرجل نصائحه فيبما يتعلق بخلقة الأفراد فقال:

"وأنا أفسر لك شيئا على الأفراد تزجها أنت بصحة عقلك ونظرك فالشعر اللين يدل على الجبن وبرد الدماغ وقلة الفطنة والشعر الخشن يدل على الشجاعة وصحة الدماغ وكثرة الشعر على الكتفين والعنق يدل على الحمق والجرأة وكثرة الشعر فى الصدر والبطن يدل على وحشية الطبع وقلة الفهم وحب الجور والشقرة دليل على الحمق ......."ص135

وقال "ومن عظمت عيناه وجحظتاه فهو حسود وقح كسلان غير مأمون لا سيما إن كانت عينتاه زرقاوان ومن كانت عيناه متوسطتين مائلتين إلى الغورة والكحلة السوداء فهو يقظان محب نفسه وإن كانتا ذاهبتين فى طول البدن فصاحبهما خبيث ومن كانت عيناه تشبه أعين البهائم فى الجمود وبعد الملاحظة فهو جاهل ............"ص136 وقال "والحاجب كثير الشعر يدل على العياء وغث الكلام وإن كان الحاجب ممتدا إلى الصدغ فصاحبه تياه صلف ومن رق حاجبه واعتدل فى الطول والقصر وكان أسود فهو يقظان فهم ..........."ص137

وقال "أما الجبهة فالجبهة المنبسطة التى لا غضون فيها تدل على المخاصمة والشغب والرفاعة والصلف ومن كانت جبهته متوسطة فى السعة والنتق وكان فيه غضون فهو محب عالم .......الفم من كان واسع الفم فهو شجاع ومن كان غليظ الفم فهو أحمق ومن كان لحيم الوجه فهو جاهل وقح كذاب......ص138

وقال " الأذن من كان عظيم الأذن فهو جاهل إلا أن يكون حافظا ومن كان صغير الأذن جدا فهو أحمق سارق زان جبان الصوت من كان جهير الصوت فهو شجاع الكىم من كان كلامه سرلايعا لا سيما من كان صوته سريعا لا سيما إن كان صوته رقيقا قهو وقح جاهل كذوب ومن كان صوته غليظ فهو غضوب ......."ص139

وقال "البطن ومن كان بطنه كبيرا فهو أحمق جاهل يحب النكاح الصدر ولطافة وضيق الصدر يدلان على جودة العقل وحسن الرأى الكتفان والظهر عرض الكتفين والظهر يدلان على شكانتنه الخلق وترافة الصدر واستواء الظهر علامة محمودة ......"ص140

وما سبق من كلام لا علاقة هنا بالخير والشر ولا القوة والضعف ولا بالشجاعة أو الجبن أو غير ذلك فالأخلاق ليست لها علاقة بخلقة أعضاء الجسم وإنما بإرادة المخلوقين كما قال تعالى " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"

ولم يقتصر على ما سبق فقال  "أخيار الرجال أما الرجل المعتدل الفهم الجيد الطبع فهو من كان لحمه لينا رطبا متوسطا بين الرقة والغلظة ويكون بين الطول والقصر مائلا إلى الحمرة أسيل الوجه طويل الشعر بين البسط والجعد أصهب الشعر متوسط العينين..........ص142

فلا علاقة بين لحم وبشرة وشعر الناس وكونهم أخيار فنفس الصفات تتواجد فى الأشرار والأخيار

ولم يكتف بتلك النصائح الجاهلة بل قدم للاسكندر كما زعم حساب الجمل ليختار عساكره وقادته على أساسه فقال

"أولا يقتضى أن تعلم يا اسكندراسم المقاتل فلا يتولى لقاه إلا من يشاكل أن يغلبه وهذا من بعض أسرارى التى كنت أعمل بها معك وأكتمها عنك وها أنا أبينها لك وحيث هو من أسرار العلوم الخفية التى ألهمنى الله إليها أبجد هوز حطة كلمن سعفص قرشت ثخذ أ 1 ب2 ج3 ......غ1000 احسب اسم أمير الجيش الواحد واسم أمير الأخر بهذا الحساب واحفظ ما يجتمع معك من كل واحد منهما ثم اطرح لكل اسم من العدد تسعة تسعة ثم احفظ ما بقى بيدك دون التسعة من الاسم الواحد ثم افعل بالاسم الأخر كذلك فما بقى من الاسم الثانى دون تسعة احفظه أيضا ثم اعمد إلى الحساب الذى وصعته لك فهو صحيح مطرد لا يخالفك إن شاء الله تعالى باب الواحد 1و9 الواحد يغلب التسعة 1و8 الثمانية تغلب الواحد و1و7 الواحد يغلب السبعة ............"ص143و144و145

والملاحظ هو أن الرجل يقدم خرافات عددية فالأرقام تغلب وتهزم  بعضها وليس الناس

وفى الكتاب نجد العنوان أدوية مفردة نسخة برشعشا وهى من اصح النسخ المنسوبة إلى أوحد الزمان أبى البركات وهذا لفظه زمزمة"ص147

 ولا ندرى علاقة أبو البركات برجل سبقه بقرون كثيرة حتى يتم ادخاله فى كتابه ؟

 ثم دخل  الرجل فى علم الجنون وهو الاستدلال بالنجوم على الأحداث عبر حساب عددى لا طائل من خلفه فقال "فائدة فى معرفة الكواكب السبعة من فلك البروج بالتقريب زحل خذ ما زاد عن تسعماية واطرحه 30/30 لاوما بقى أقل من30 فاطرحه سنتين ونصف مبتدئا من برج الحمل فحيث نفذ العدد فهوز فهو ذلك البرج والله أعلم المريخ خذ ما زاد عم 890 من الهجرة واطرح الباقى18/18 وما بقى أقل من 18 فاطرحه سنة ونصف سنة مبتدئا من الجدى فحيث نفذ العدد على برج فهو فى ذلك البرج ...... فى معرفة تقويم المريخ نأخذ سنتين من الهجرة ونطرح ذلك3/3 ......."ص158و159

وقال "قيل من عمل عملا والقمر فى العقرب أو السنبلة ندم عليه ومن لبس ثوبا والقمر فى الأسد مضغوطا بين نحسين مات فيه ..........ومن ولد والقمر فى الزهرة وعطارد فاسدان وأشدهما فسادا المريخ كان المولود يدعو إلى نفسه وإن كان تحت الأرض كان ذلك سرا وإن كان فوق الأرض كان ذلك علانية .........."ص160و161

 ولم يكتف بتلك الخرافات بل زاد ادخال النجوم فى زواج وحب النساء فقال "جدول يشتمل على حساب الرجل والمرأة هل يفترقان أم لا وهو أن تحسب اسم كل واحد منهما وانظر فى الجدول باب الواحد واحد وواحد يصطلحان وقلوبهما مختلفة واحد واثنان يكونان متحابين ما بقيا واحد وثلاثة يكونان متساويين واحد وأرلابعة صاحب الأربعة يكون ذا السلطان .........."ص166

وقال "حساب المرأة والرجل أيهما يموت أولا 1و2 الرجل يدفن المرأة 1و3 المرأة تدفن الرجل 1و4 الرجل يدفن المرأة 1و5 المرأة تدفن الرجل ....."ص170

ومن ثم فالكتاب معظمه خرافات وجنون وهو غالبا لاعلاقة لأرسطو به فهو وضع جماعة من الكفار ابتغوا به اضلال الناس

اجمالي القراءات 56427