الحكمة ليست هي السنة
مقدمة :
يتردد بين غير المتدبرين لكلمات كتاب الله، أن الحكمة والتي ورد لفظها (20) مرة في القرآن، بأنها هي السنة القولية النبوية، وهذا ادعاء يجافيه الصحة، ولتمحيص الرأي في هذا الخصوص، فقد جرى عمل تحليل احصائي لورود جميع الاشتقاقات الواردة في كتاب الله للجِذر ( حـ . كـ . م ) ، ومن ثَم تحزيمها في حزم من الآيات التي اجتمعت على أحد المعاني المشتركة، والتي سوف يتضح منها أن الحكمة لا يمكن أن تكون بحال من الأحوال هي المقصودة بالمرويات المنسوبة إلى رسول الله عليه أقضل الصلوات وله أتم التسليم.
تعاريف الحكمة :
الحكمة : هي استخدام المنهج العلمي في التفكير في حل قضايا المجتمع البشري.
الحكمة : هي استخدام الإستقراء والتداعي المنطقي في تناول المشاكل التي تهم البشر.
الحكمة : هي محاولات دائبة لإيجاد علاقة بين المقدمات المتاحة والنتائج المتوقعة.
الحكمة : هي الكلام الذي يقل لفظه ويَجِلٌ معناه.
الحكمة : هي الرأي السديد والقول الرشيد فيما هو معروض من الأمور.
الحكمة : هي العلة
متلازمة الكتاب والحكمة : الكتاب في أحد معانيه هو النظرية، والحكمة هي خطوات التطبيق العملي للنظرية، وتكون متضمنة داخل الكتاب.
أعمدة الحكمة السبع :
هي الإلمام بكافة أبعاد ومواصفات
1. الزمان
2. المكان
3. والأعراف البيئية ( القوانين السائدة والنظم الإجتماعية والعقائد والمحظورات)
4. والأشخاص ( درجة الإدراك، والتعلم، والثقافة )
5. والأحداث ( التاريخ )
6. الأفكار والحداثة الفكرية ( تجديد وتحديث المعرفة المستمر،الإبداع )
7. إعمال الفكر والإستقراء المنطقي للأمور، وربط المقدمات بالنتائج.
8. الحُكْم : القضاء
9. الذكر الحكيم :
10. هو القرآن لأنه الحاكم للناس وعليهم، ولأنه مُحْكَم لا اختلاف فيه، ومتقن بلا اضطراب.
المعاني المستخرجة من المعجم الإشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن :
الفصل المعجمي : ( حك ) الدلك وهويقع بضغط على الصُلب (قشرا) من الظاهر كما في حك الحجرين أحدهما بالآخر.
الإحكام اللفظي : المفردات الدقيقة المناسبة، والصياغة المتينة البليغة.
الإحكام عموما : دقة التعبير عن المعاني بالمفردات ومناسبة الأحكام، واتساق المقررات الكريمة بعضها مع بعض لا تختلف اختلاف تناف، أي هو الإجمال المَعْنِيِّ به جوامع الكلم.
الحِكْمة : هي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم - معرفة جامعة متقنة -.
والحِكَم : عبارات جامعة تصدق في كل التطبيقات التي تنضوي تحتها.
والحُكْم : بالضم بعضه مصدر (حَكَم) بمعنى قضى وفصل، وبعضه بمعنى الحِكمة والعلم.
والحَكَم : مُحركه وضابطه.
ملحوظة مهمة: سوف يظهر ترميز سداسي الرقمية، خاص بترتيب الآيات والسور، الثلاثة أرقام اليمنى هي أرقام الآية ، والثلاثة اليسرى هي ترتيب السورة التوقيفي
مثلا : الرمز 017056 تعني الآية (056) من السورة (017) وهي سورة الإسراء.
أيضا للإشارة إلى عدد الآيات التي تجتمع في حزمة واحدة - اشتقاق واحد أو معنى مشترك واحد - ، فإنها سوف تظهر داخل قوسين مربعين [00]
وسوف نبدأ بعرض دراسة مبتسرة لبحث تفصيلي لتحليل اشتقاقات الجِذر ( حـ . كـ . م )
أولا :الجِذر (حـ . كـ . م ) هو الجذر (62) من (99) جِذر هي جذور حرف الحاء،
ثانيا :الجِذر له (29) اشتقاق، (210) استخدام، وظهر في (191) آية، (57) سورة.
المعاني المشتركة وهي سبعة معان مشتركة
المعنى المشترك (1) : حَكَمْ أي القرار والقضاء بالحكم [53] آية
المعنى المشترك (2) : حَكَمَاً أي شخص يرتضي الجميع حكمه، ويثقون في قدرته على
اتخاذ القرار الصحيح [05] آية
المعنى المشترك (3) : يُحْكِم أي يضبط [04] آية
المعنى المشترك (4) : الحاكم هو الشخص الذي مِنْ حقه إصدار الأحكام [06] آية
المعنى المشترك (5) : حُكْمَاً أي علما حكيما رشيدا يمكن المرؤ من إصدار القر ارات
الصحيحة [10] آية
وسوف نعرض هنا لبعض التفصيل
توزيع الآيات على ظهور الألفاظ :
حُكْمًا [3]
019012 { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) } مريم
026021 { فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) } الشعراء
026083 {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) ... رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83)} الشعراء
حُكْمًا وَعِلْمًا [4]
012022{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) } يوسف021074 {وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74) } الأنبياء
021079 { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) } الأنبياء
028014 { فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُحُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) } القصص
الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ [3]
003079 { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) } آل عمران
006089 { أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) } الأنعام
045016 { وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (16) } الجاثية
المعنى المشترك (6) : الحكمة [20]
سوف نلاحظ أن متلازمة الكتاب والحكمة وردت مرتبطة بأنبياء الله (10) مرات وجاء توزيعها على النحو التالي :
نبي الله محمد (1) مرة موجهة إليه بصورة مباشرة، وذلك في الآية
004113 { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) } النساء
وكذلك (5) مرات موجهة إليه بصورة غير مباشرة وذلك في الآيات
002129 { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) } البقرة
002151 { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) } البقرة
003164 { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) } آل عمران
003081 {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) } آل عمران
062002 { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) } الجمعة
بما يعني أن مجموعها مجتمعة (6) مرات.
آل إبراهيم وردت لها المتلازمة (1) مرة.
004054 { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) } النساء
وردت متلازمة الكتاب والحكمة مرتان لنبي الله عيسى،
003048 {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ(48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) } آل عمران
005110 { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110) } المائدة
لكن الملاحظ في المرتان أن أعقبهما ذكر التوراة والأنجيل، ويتوارد سؤال على الذهن،
أليس الكتاب المرتبط بنبي الله عيسى هو الإنجيل ؟
فما بال لفظ الكتاب الذي ذكر هنا ليسبق ذكر الإنجيل في المرتين؟
والجواب على ذلك يجئ على وجهين
الأول : وهو الكتاب الذي سبق كتابي موسى وعيسى أي صحف إبراهيم.
الثاني : وهو سوف يجرنا إلى التساؤل عن الكيفية التي تنزل بها كتاب الله الإنجيل..؟
والجواب على ثاني الوجهين، أن التوراة تنزلت على نبي الله موسى مكتوبة في الألواح، أما نبي الله محمد فقد تنزل عليه القرآن منجما في آيات وسور وحيا من أمين الوحي جبريل، وكانت تدون آن نزولها في المتوافر من وسائط الكتابة، لكن لم يرد شئ عن الكيفية التي تنزل بها الإنجيل على نبي الله عيسى.
وأغلب الظن أن الكيفية تتضح من لفظ الكتاب الذي ورد هنا في موقعين إثنين فقط وكلاهما مرتبط بإسم نبي الله عيسى، وفيهما إشارة إلى أسلوب تنزيل الإنجيل، حيث أنه كتب في خلايا ذاكرته، أي أنه طبع في وجدانه من قبل أن يولد، وكتب هنا جاءت بمعنى التسجيل الحيوي في أحماضه الأمينية وأمشاجه البشرية، مما يعني أن المسيح عيسى بن مريم كان يتكلم بالإنجيل، ولم يرد أنه كان ثمة كتبة آنيين لكلام نبي الله عيسى، وإنما ما تم تدوينه بعد اختفاء ه من الساحة المنظورة، هو من تدوين تلاميذه وحوارييه، فظهرت الأناجيل المتعددة وكان كل منها عبارة عما سمعه الكاتب من كلام المسيح، وذلك أشبه بما دوَّنه المسلمون من روايات منسوبة للنبي، فهي في المبتدأ والمنتهى كلام بشر، وتدوين بشر، ورؤية بشرية خالصة ولا يجب أن ندخل ذلك وتلك في نطاق قدسية كتب الله.
عموم المؤمنين والمؤمنات
002231 { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) } البقرة
لكن يصير من المحتم علينا أن نلاحظ ملحوظة غاية في الأهمية، وهي أنه قد جري العرف على اعتبار أن الحكمة الواردة في الآيات المذكورة لمتلازمة الكتاب والحكمة ما هي إلا تعبير عن السُنة النبوية، أو هي المقصودة بالروايات القولية المنسوبة إلى رسول الله عليه أفضل الصلوات وله أتم التسليم، ويدحض هذا الرأي سببان
أولهما :أن لفظ الحكمة ورد في القرآن الكريم ولعدة مرات لأنبياء الله غير رسول الله، ولم نسمع أو نقرأ أن ثمة أقوال أو سنن قد تناقلتها الأجيال عنهم.
ثانيهما :أنه ورد في الآية قيد البحث وعقب ذكر متلازمة الكتاب والحكمة، أن وردت إشارة إلى كونهما شئ واحد، فقد جاء التعبير " ِ يَعِظُكُمْ بِهِ " والآداة بِهِ تعني كونهما شئ واحد متداخل، أي أن الحكمة بعضُ من كُلٍ، أي هي - أي الحكمة - متضمة داخل الكتاب، ولو كانا شيئين مختلفين لأورد الحق " بهما " بدلا من " به " .
أما لفظ الحكمة فقط فقد ورد [10] مرات وعلى النحوالتالي :
نبي الله داود
أورد الحق لفظ الملك مرتبطا ولفظ الحكمة لمرة واحدة
002251 { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) } البقرة
038020 { اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُالْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20) } ص
نبي الله عيسى
043063 { وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) } الزخرف
نبي الله محمد
016125 { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) } النحل
017039 { ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَالْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39) } الإسراء
لقمان الحكيم
031012 {وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَالْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) } لقمان
المؤمنين والمؤمنات
033034 { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) } الأحزاب
البشر
002269 { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) } البقرة
054005 { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5) } القمر
ملحوظة مهمة :
قد لاحظنا من التحليلات السابقة للفظي الحكمة ، وحكما بمعنى العلم الرشيد، أن لفظ الحكمة لم يرد مطلقا في كتاب الله مرتبطا باسيم نبي الله موسى ، على حين ورد له مرتان ارتباط بالعلم الرشيد، وذلك في الموقعين
026021 { فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) } الشعراء
028014 { فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُحُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) } القصص
المعنى المشترك (7) : الحكيم وهو أحد الأسماء الحسنى
الأسماء الحسنى المزدوجة
أولا : المرتبطة بإسم الله الحكيم
الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [04]
عَلِيمٌ حَكِيمٌ [14]
عَلِيمًا حَكِيمًا [10]
الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ [02]
حَكِيمٌ عَلِيمٌ [05]
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [29]
عَزِيزٌ حَكِيمٌ [13]
عَزِيزًا حَكِيمًا [05]
الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [03]
حَكِيمٍ خَبِيرٍ [01]
تَوَّابٌ حَكِيمٌ [01]
حَكِيمٍ حَمِيدٍ [01]
عليُّ حكيم [02]
ثانيا غير المرتبطة بإسم الله الحكيم
وَاسِعًا حَكِيمًا [01]
الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [01]
لَطِيفًا خَبِيرًا [01]
غَنِيٌّ حَمِيدٌ [01]
غَفُورٌ رَحِيمٌ [01]
شَكُورٌ حَلِيمٌ [01]
الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [01]
الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [01]
الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [01]
نتيجة البحث :
من تركيز الضوء على المعنيين المشتركين (5) حُكْمًا & (6) الحكمة، وكذا تدبر جميع الآيات التي وردت لكليهما، فسوف نجد أنه لا يمكن أن تعني الحكمة السنة القولية النبوية، وفي هذه الآيات فصل الخطاب في هذا الصدد.
البحث من إعداد: المهندس / محمد عبد العزيز خليفة داود
استشاري تصميم وبناء نظم معلومات الحاسـب الآلي
معهد الدراسات والبحوث الإحصائية - جامعة القاهرة
الإصدار : ترتيب (01)، شهر (09)، السنة (2015)
mabazkhalifa@gmail.com Email