القاهرة - اعتبر عدد من المثقفين والمفكرين الأقباط أن الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مصر مؤخرًا وتصاعدت بشكل لافت في 2007 لعبت دورًا مهمًّا في تدعيم الوحدة الوطنية بالبلاد بين المسلمين والمسيحيين.
جاء ذلك في الوثيقة الثانية التي أصدرتها مجموعة "مواطنون في وطن واحد" بتوقيع 6 من المثقفين الأقباط المشكلين لهذه المجموعة، وهم: المفكر الاجتماعي سمير مرقص، الباحث سامح فوزي، الخبير التنموي نبيل مرقص، المهندس منير عياد، الباحث حنا جريس، المنسق السابق لحركة "كفاية" المعارضة جورج إسحاق.
وأوضح المثقفون في وثيقتهم المعنية برصد العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر أن: "حركة انتزاع الحقوق المدنية والسلمية التي طفت على المجال العام خلال الفترة الماضية من خلال اعتصام موظفي الضرائب العقارية وسكان جزيرة القرصاية (على سبيل المثال) أعادت مفهوم النضال المشترك كأهم داعم للاندماج الوطني إلى بؤرة التأثير".
وشارك نشطاء حقوقيون مسلمون وأقباط سكان جزيرة القرصاية الواقعة بنيل محافظة الجيزة (جنوب القاهرة) اعتصاماتهم لمنع السلطات من الاستيلاء على أراضيها بدعوى تنمية المواقع السياحية.
وشهدت مصر إجمالا ما يقرب من 700 احتجاج واعتصام شعبي وعمالي لتحسين الأوضاع المعيشية في 2007 مقارنة بأقل من 300 احتجاج مماثل في 2006، بحسب مصادر حقوقية.
وأكدت الوثيقة "أن خروج المصريين من أجل اكتساب الحقوق معا بغض النظر عن أي اختلاف، هو ما يحقق الاندماج الوطني، ويجعل الحقوق مكتسبة للجميع. إن هذه الحركة المشتركة هي التي تصنع الرابطة الوطنية".
وثيقة المثقفين الأقباط اعتبرت أيضا: "أن انتصار حركات الاحتجاج الأخيرة كان لاندماج المصريين معا (مسلمين ومسيحيين) للدفاع عن: صالح فئة تتعرض لغبن، ومسكن ومأوى يتعرض للانتهاك"، وهي أمور لا تفرق بين المصريين بناء على العقيدة.
"رهين الصراع"
ورصدت الوثيقة بعض التوترات الطائفية بين المسلمين والأقباط، مثل الأحداث التي وقعت مؤخرا بمدينة إسنا في صعيد مصر، حيث ألقت باللائمة على الدولة التي "أدارت الملف بشكل خاطئ ويتناقض مع مفاهيم الدولة الحديثة".
وانتقد الموقعون على الوثيقة مجالس الصلح العرفية التي تخصص لاستيعاب القلاقل الطائفية ووصفتها الوثيقة بأنها "تفرط في إعمال القانون لصالح ما هو عرفي وتقليدي، وتحكمها الأهواء وموازين القوة على أرض الواقع"، بحسب ما جاء في الوثيقة.
واعتبرت المجموعة أن الملف القبطي ما زال "رهين الصراع" السياسي، حيث يستخدم لإحراج النظام السياسي (في إشارة لبعض الجماعات القبطية بالمهجر التي تتناول الملف القبطي في مؤتمرات وفعاليات خارج البلاد للضغط على النظام)، أو يستخدمه النظام السياسي وبعض الجماعات السياسية في مواجهة التيار الإسلامي، متهمة تلك التحركات بأنها تعقد الوضع في الداخل.
وتناولت الوثيقة "دخول بعض المثقفين العلمانيين طرفا في الملف القبطي"، محذرة من أن يؤدي دفاعهم عن الأقباط فقط إلى حدوث استقطاب ديني بين كتلة مسلمة وأخرى مسيحية.
كما تابعت التداعيات التي صاحبت تصريح رجل الأعمال القبطي المعروف نجيب ساويرس الخاصة بانتشار الحجاب، ومحاولات ما وصفته بتمريرها على أنها تعبر عن موقف ديني لعموم المسيحيين المصريين. وكان ساويرس انتقد انتشار ظاهرة الحجاب في الشارع المصري، معتبرا أنه يشعره "بالغربة بعد أن أصبح مثل الشارع الإيراني".
وانتقدت الوثيقة أيضا موقف برنامج حزب جماعة الإخوان المسلمين من المواطنة واعتبرته بأنه لم يحسم الموقف من المواطنة لغير المسلمين. وكانت الجماعة أعلنت العام الماضي عن مشروع برنامج لحزب سياسي أكدت تساوى المسلمين والمسيحيين في حقوق المواطنة وضرورة أن يكون معيار تولي الوظائف العامة - باستثناء رئاسة الدولة التي يجب أن تكون لمسلم - الكفاءة بصرف النظر عن الدين والعرق.
من جانبه أوضح سمير مرقص أحد مؤسسي "مواطنون في وطن واحد" أن هذه الوثيقة هي الثانية التي تصدرها المجموعة، بعد الوثيقة الأولى التي جاءت تعبر عن الإطار النظري لها.
وقال لإسلام أون لاين.نت: إن الارتياح الذي صادف وثيقتهم الأولى من قبل القوى السياسية دفعهم للاستمرار في توالي بياناتهم.
وكانت مجموعة "مواطنون في وطن واحد" أصدرت وثيقتها الأولى في مايو 2007، وركزت فيها على رفضها ما أسمته حالة الاستقطاب الديني التي تشهدها مصر، داعية لتحقيق الاندماج الوطني بين مختلف مكونات المجتمع المصري بمن فيهم الأقباط على قاعدتي "المواطنة" و"التنوع" بما يضمن "حقوقا متساوية للتعبير الديني لكل المصريين".