مع التحية للأستاذ العلامة/ محمد يحيى عزان
عزان وقرشية الخلافة

عبدالوهاب سنان النواري في الأربعاء ٢٣ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

مقدمة:

1- نعتمد على الإصدار الثالث لكتاب (قرشية الخلافة: تشريع ديني أم رؤية سياسية؟) النسخة الإلكترونية، وهذا رابط التنزيل.

https://drive.google.com/file/d/0B0EZiaxKdvTlMHg0WEFBOWpaZTQ/view?pli=1

وهو الرابط الذي نشره الأستاذ العلامة/ محمد يحيى عزان، في صفحته على فيس بوك https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10203726641765980&set=pb.1816191725.-2207520000.1442819926.&type=3&theater.

 

 

2- قبل قراءة ونقد وتحليل فكر العلامة/ محمد يحيى عزان، من خلال هذا الكتاب، نعطي نبذه مختصرة عن بطل المقال، من خلال ما جمعناه من معلومات عبر الإنترنت، حيث اطلعنا على العديد من تصريحاته ومقابلاته الصحفية، وما كتبه عنه بعض الكتاب والصحفيين .. الخ.

 

3- بعد ذلك نعطي نبذة مختصرة عن هذا الكتاب الرائع، الذي يتفق مع مبادئ الديمقراطية وحكم الشعب، والعلمانية التي تمثل روح الإسلام الحنيف، ونحن نتفق مع العلامة عزان فيما طرح من حيث المضمون، ونختلف معه من حيث المصطلحات والمنهج والروايات التي ذكرها، وموقفه من أهم القضايا في الفكر والتاريخ الإسلامي.

 

4- بعد ذلك فندنا ما وقع فيه العلامة عزان من أخطاء منهجية وعقيدية، إبتداءا من الأخطاء الاصطلاحية، مرورا بالأخطاء العقيدية والفكرية، الناجمة عن قبوله بالروايات الشيطانية المنسوبة كذبا لخاتم النبيين (ع)، ثم موقفه من فتوحات الصحابة الإستعمارية، وأخيرا دفاعه عن الفكر والتراث الزيدي وعمله الدؤوب على إحياءه ونشره.

 

 

أولاً - نبذة مختصرة عن الأستاذ العلامة/ محمد يحيى عزان:

1- يُعد العلامة محمد يحيى عزان، واحداً من أبرز الباحثين اليمنيين، في الثقافة والفكر الإسلامي، دراسةً ونقداً وتعليماً، عبر مختلف الوسائل, وله اسهاماته القيمة والموضوعية في هذا المجال. زار العديد من البلدان من بينها إيران ولبنان، والتقى بسلفيين وأباضيين وعلمانيين ونصارى، ولا تقتصر أبحاثه واهتماماته بمذهب بعينه. ينصب أكبر همه للعمل الثقافي والدعوي، والحرص على بث روح التسامح ونبذ الغلو والتطرف بين الطوائف الإسلامية، والحث على الانفتاح عليها واحترام علمائها ونفي نظرية "الفرقة الناجية".

 

2- كان العلامة محمد يحيى عزان أحد مؤسسي منتدى (الشباب المؤمن)، وهذه حقيقة واقعة لا ينكرها عزان، ولا يخشى من كشفها وإعلانها للملأ، ذلك لأنه على يقين من سلامة عمله وصحة نشاطه، فلم يؤسس يوماً جمعية تحت مظلة الخير، يستدر من خلالها الأموال الطائلة، والتبرعات اللامحدودة، ولم يسعَ يوماً لتأسيس حزب أو تنظيم سياسي يضلل من خلاله الجماهير، ويدعي أنه سفينة النجاة ومركب الأمان.

 

3- ولم يعمل يوماً على جمع الناس من حوله وحشد البسطاء، ليكون زعيماً أو قائداً عليهم يتمترس بهم ضد الغير. بل سعى وثلة من الشباب الصادقين في عملهم، والمخلصين في توجهاتهم باعتدال المنهج ووسطية الطرح، سعى وأولئك إلى تأسيس منتدى علمي يعلِّم من خلاله المبادئ الإسلامية، والقيم الأخلاقية، لأبناء المجتمع، وأجيال الوطن، مستعيناً على ذلك بالإخلاص والعمل والولاء الوطني الصادق.

 

4- يعتقد العلامة عزان بأنه يحمل فكراً تجديدياً قد يتناسب مع العصر، مؤكدا أنه لم يسع يوما لأن يكون بديلاً عن أحد، وأنه لا يستهدف أحداً، ولا حتى يتكلم ضد أحد، وأنه لا يرتضي لنفسه مثل هذه الأمور. يعتز بزيديته منوهاً إلى أنه لا يستشعر بحرج من التخلي عن فكرة سابقة أو العودة إليها، ولا يستثقل أن يغير رأيه حينما يكتشف ما هو أجود منها. غير أنه يعتبر علم (أصول الفقه) من أهم مناهج فهم الشريعة، ويرى أن مهاجمة هذا العلم، دليل على التخلي عن أحد مرتكزات المعرفة، التي لا يكاد يوجد إمام إلا وله مؤلف أو بحث في أصول الفقه. 

 

5- ساهم في إنشاء عدة مراكز ثقافية ومدارس دينية وأشرف على بعضها ومنها:

* مركز النور للدراسات والبحوث من 1987م إلى: 1998م

* مدرسة أهل البيت في آل إبين من 1988م إلى: 2007م

* منتدى الشباب المؤمن من 1990م إلى: 2004م

* دار التراث اليمني لطباعة والنشر 1991م إلى : 1996م

* مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية من 1991م إلى:  1998م

* مركز التراث والبحوث اليمني. من 1999م، وفي 2011م عين عضو الهيئة العلياء بالمركز.

* المدرسة العلمية في صنعاء ذهبان من 1999م إلى: 2004م

* تخرج على يديه ثلة من الشباب المثقف بالمعارف الدينة، حيث أخذوا عنه في أصول الدين وأصول الفقه، والفقه، والحديث. 

* عين عضوا في فريق مراجعة وتأليف الكتاب المدرسي، لمادتي القرآن الكريم والتربية الإسلامية، بقرار من وزير التربية والتعليم رقم (46) لعام 2000م بتاريخ 13/11/2000م.

 

6- في ميدان السياسية والإعلام، يعتبر العلامة عزان:

* أحد مؤسسي حزب الحق عام 1990م والناشطين فيه، إلى أن استقال مع مجموعة من زملائه عام 1997م. وترك الحزبية نهائياً.

* اعتقل يوم 10/7/ 2004م ـ أثناء عودته من لبنان ـ على ذمة قضية الحوثي في صعدة، وأودع سجن الأمن السياسي، إلى أن أفرج عنه 27/ 4/ 2005م .

* صدر قرار وزير الإعلام اليمني بتعيينه مديراً عاماً لإذاعة صعدة المحلة، في 13/ مارس 2006م .

* عين عضواً في جمعية علماء اليمن، منذ 2006م.

* صدر  قرار رئيس مجلس الوزراء، بتعيينه ضمن أعضاء صندوق إعمار صعدة عام 2009م.

 

7- في مجال الفكر والتراث:

* حقق مجموعة من المخطوطات التراثية، في مختلف العلوم الإسلامية، وكان من أقدم الشباب اليمني المهتمين بالعمل في هذا الميـدان. وقد طُبع بتحقيقه حتى الآن نحو ثلاثين كتاباً، ما بين مجلد وغلاف.

* كتب بعض البحوث المميزة في مجالات مختلفة، وطبعت في كتيبات، تجاوز عددها العشرين.

* كتب مقالات في صحف ومجلات دورية وشهرية واسبوعية، وأجريت معه مقابلات، في الصحف المحلية والعربية والدولية، وكذلك في القنوات التلفزيونية والإذاعية، المحلية والدولية، حول مختلف القضايا المثارة على الساحة الفكرية والسياسية.

 

8- باختصار أكبر:

يعد العلامة عزان، أحد رموز الصحوة العلمية الحديثة في اليمن، ومثالاً بارزاً لفكر الاعتدال والوسطية، ومنهج العقلانية السليمة. يبذل جهود مضنية في نشر العلم والوعظ والإرشاد والتأليف وتحقيق كتب التراب الإسلامي في اليمن، وقد أسهم في هذا المجال إسهاماً كبيراً. رحل إلى خارج اليمن والتقى بعدد كبير من العلماء والمفكرين في العالم العربي والإسلامي، ومثل اليمن في عدد من المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية وحقوق الإنسان وغيرها. أثرى المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات والأبحاث العلمية والتحقيقات الواسعة لكتب ومخطوطات التراث الإسلامي في اليمن. له قدرة فائقة في مجال التعليم وأساليب التربية، وغرس القيم الأخلاقية وتوجيه العقول نحو الاعتدال والوسطية، ونبذ التطرف والغلو والتقديس. له العديد من المؤلفات والأبحاث القيمة، منها ما قد نشر، ومنها ما لم ينشر، ومن أهم تلك الإسهامات العلمية والفكرية:

- حديث افتراق الأمة تحت المجهر.

- قرشية الخلافة (تشريع ديني أم رؤية سياسية).

- عرض الحديث على القرآن صيانة للسنة النبوية.

- الإمام زيد بن علي (ع) شعلة في ليل الاستبداد.

- الصحابة عند الزيدية.

- حوار عن المطرفية.

- الدعاء المأثور.

وغيرها العديد من الأبحاث والرسائل العلمية.

وله في مجال التحقيق:

- الغطمطم الزخار (٦مجلدات).

- الفلك الدوار في علوم الحديث.

- شرح التجريد في الفقه (٦مجلدات).

- كتاب الذكر في الزهد والتربية النفسية.

- البالغ المدرك في أصول الدين.

- مجموعة رسائل الإمام زيد بن علي (ع).

- الفصول اللؤلؤية في أصول الفقه.

- مطلع البدور ومجمع البحور في التراجم والتأريخ (٤ مجلدات)، وغيرها العشرات من الكتب والرسائل.

 

 

ثانياً - نبذة مختصرة عن كتابه (قرشية الخلافة: تشريع ديني أم رؤية سياسية) :

1- في كتابه (قرشية الخلافة: تشريع ديني أم رؤية سياسية) يقدم رؤية بحثية معمقة من مجتهد زيدي مستنير. وهو إذ يستعرض الإشكالية من كل جوانبها التاريخية والدينية متبينا (أن ما يذكر من أحكام وتفريعات في شأن الخلافة توصف أحيانا بأنها شرعية؛ لا يتجاوز كونها اجتهادات غير ملزمة إلزاما شرعيا لا يجوز الفكاك عنه، ولهذا تجد أن أكثر علماء الأمة متفقون على أن معظم مسائل الإمامة ظنية لا يترتب على الاختلاف في شيء منها تكفير أو تفسيق). وأن أمر الحكم ليس مرهونا بالخلافة والإمامة، حسب شروط النسب الموضوعة في الأحاديث الملفقة، بل هو (متروك للأمة يختار كل مجتمع ما يناسبه، ويتحقق به صلاحه وصيانته، لاسيما وأن الأزمنة والظروف دائمة التبدل والاختلاف).

 

2- ويبحث العلامة عزان في كيفية تطور مفهوم نسبة الخلافة لقريش، من اجتماع  السقيفة وما صاحبه من أحداث، إلى الأمويين والعلويين، ثم العباسيين، وإدعاء كل فريق أنه المعني بالخلافة. ويبين بالدراسة والتحليل وجهة كل فريق ومنطلقه، آخذا المنهج النقدي في تناوله، ومتكئا على مواقف وآراء المجتهدين كالأمام عز الدين بن الحسن والمقبلي والحسن الجلال والإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى. ويذهب العلامة عزان برؤية حديثة إلى نقد ابن خلدون في مقدمته التي يرى فيها (استقامة الأمور بالعصبية) معتبرا كلامه لا يتجاوز كونه تبريرا لما حدث من احتكار الخلافة من قبل قريش باسم الدين.

 

3- ويخلص المؤلف إلى أن اشتراط القرشية في الخليفة كان مجرد رؤية فرضها واقع معين، وعندما راقت الفكرة للبعض طلبوا لها الشواهد الشرعية من خلال إختراع الأحاديث، ثم قدمت ضمن فقه السير كواحدة من المسائل الشرعية، رغم ضعف أدلتها وبعدها عن المقصود. ويبين أن الخلافة حق لكل صالح قادر إذا اختاره المجتمع وفوضه في إدارة شؤونه، فإذا قصر في أداء واجبه أو لم يتمكن من القيام بمسئوليته كان للناس أن يعزلوه ويختاروا سواه.

 

4- ويدعو العلامة عزان المهتمين بمختلف توجهاتهم، إلى البحث الجاد في أصول النظرية وظروفها وتاريخها بإنصاف وتحرر من ضغط الموروثات المذهبية وتقديس الأسلاف، لعل الأمة تنهض إلى ما يحييها مستفيدة من تجارب الماضين وما توصلوا إليه، لا أن تكبل نفسها بقيود ومسلمات، أنتجتها ظروف ومتغيرات مضت وانقضت ولم يعد لها وجود في حاضرنا.

 

5- إلى هنا كل شيء جميل وعلى ما يرام .. ولكن ماذا بعد؟!.

 

 

ثالثاً - الكمال لله (جل وعلا):

1- في ص (14) يقول العلامة عزان: (وكغيرها من الشرائع السماوية جاءت شريعة الإسلام لتصحح مسار حياة الإنسان ...). وفي ص (22) يقول: (وقبل ظهور الإسلام كانت الجزيرة العربية ...). وفي ص (24) يقول: (وبهذا ندرك الحكمة من اختيار مكة لتكون موطن الدعوة الإسلامية الجديدة ...).

     هنا نتفق مع العلامة عزان من حيث المضمون، ونختلف معه من حيث المصطلحات التي استخدمها وهي: (الشرائع السماوية - ظهور الإسلام - الدعوة الإسلامية الجديدة) فالإسلام ليس ديناً جديدا ولد مع نبوة السيد محمد بن عبدالله، وخاتم النبيين (محمد) ليس بدعا من الرسل, وليس منشئا لدين جديد, فما هو في الحقيقة إلا متبع لملة إبراهيم الحنيف, التي نزل القرآن ليعيد أصولها, ويصحح ما لحقها من تحريف, والتحريف لا يعني التغيير الكامل أو التبديل التام, وإنما يعني وجود أباطيل تداخلت مع الحقائق؛ ومن الأخطاء الكبرى أن يعتقد الناس, أن خاتم النبيين جاء بدين جديد, أو أنه كان بدعا بين الرسل, وقد أمره رب العزة أن يعلن أنه ليس متميزا عن الرسل السابقين: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ (9)}[الأحقاف] وأمره أيضاً أن يقتد بالهدي الذي جاء به من سبقه من الأنبياء, فبعد أن قص سبحانه وتعالى قصة هداية إبراهيم وذريته, قال لخاتم النبيين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ (90)}[الأنعام].

     وفي عبارة قرآنية غاية في الايجاز والإعجاز والإحكام, يقول سبحانه وتعالى مخاطبا خاتم النبيين: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ (43)}[فصلت] والذي قيل ويقال لهم نوعان: وحي برسالة سماوية من الله جل وعلا، وتكذيب واتهامات من المشركين؛ فالوحي واحد لهم جميعا, نفهم ذلك من قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ (163)}[النساء] والتشريع واحد لهم جميعا في أساسياته، وهو إقامة الدين الحق عقيديا وسلوكيا، وعدم التفرق إلى مذاهب وطوائف وأديان أرضية، جاء ذلك في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ (13)}[الشورى].

     ويشمل هذا الوحي الواحد كل التفصيلات الأساسية الخاصة بالعقيدة, مثل شهادة الإسلام (لا إله إلّا الله) وعبادة رب العزّة وحده, نفهم ذلك من قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}[الأنبياء] والتحذير لكل الأنبياء من الوقوع في الشرك, حتى لا يحبط عملهم ويضيع, جاء ذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)}[الزمر] كل ذلك الوحي المشترك, جاء لكل نبي بلسان قومه, نفهم ذلك من قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4)}[إبراهيم] إلى أن جاء القرآن الكريم {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)}[الشعراء].

     نزل عليه الوحي يأمره باتباع ملة أبيه إبراهيم, بل ويأمره بأن يعلن ذلك لقومه وللعالم: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)}[الأنعام] وبهذا أصبح خاتم النبيين إماما للمسلمين في اتباع ملة أبيه إبراهيم, وداعية للعالم كله لاتباعها, نفهم ذلك من قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)}[النساء].

 

2- في ص (26) يزعم العلامة عزان: أن خاتم النبيين (ع) دعا على قريش بسبب صلفهم وتعنتهم واستعصاءهم عليه وأذيته، فكان يقول: (اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد).

     ونحن لم نستوعب بعد: كيف مرت هذه الرواية الساقطة من تحت يدي العلامة عزان؟ وهي رواية مخالفة لصريح القرآن الذي قال لخاتم النبيين: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران : 128] فليس لخاتم النبيين أن يدعو على الناس بالهلاك وهو المبعوث رحمة للعالمين، وليس له أن يأت بمعجزة حسية وقتية كنبي الله يوسف، وفي هذا يقول سبحانه: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام : 35] وأكثر من ذلك فهو لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً ولا رشداً, جاء ذلك في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا (188)}[الأعراف] .. {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21)}[الجن].

 

3- في ص (32) يزعم العلامة عزان أن خاتم النبيين يعلم الغيب، حيث قال للأنصار: (أما إنكم سترون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني).

     هذه الرواية التي تتحدث عن غيبيات ومثيلاتها كثير - وهي تشكل حوالي 60% من الروايات المنسوبة كذبا لخاتم النبيين - تخالف حقيقة قرآنية مؤكدة, وهي أن النبي لا يعلم الغيب, ولا يعلم موعد قيام الساعة, ولا ما سيحدث له أو للناس, وأن علم الساعة لله وحده, وفي ذلك يقول سبحانه: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ (9)}[الأحقاف] .. {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ (188)} [الأعراف] وقد وردت آيات كثيرة تؤكد هذا الكلام, وكانت تكفي آية واحدة لو كانوا يعقلون.

     على أن كل تلك التأكيدات القرآنية لم تأت عبثاً, فبالرغم من كل ذلك, أسند الناس للنبي آلاف الأحاديث, التي تتحدث عما سيحدث بعد موته, وعن علامات الساعة وأحداثها, وأحوال أهل الجنة وأهل النار؛ تلك الأحاديث التي ملأت الكتب المسماة (صحاح) تؤكد إعجاز القرآن الحكيم, لأننا نفهم الآن, لماذا كرر الله جل وعلا كل تلك التأكيدات؟ وذلك ليرد عليهم سلفا ومسبقا؛ كل تلك الأحاديث الضالة, تضعنا في موقف اختبار أمام الله تعالى, فإما أن نصدق القرآن العظيم ونكذبها، وإما أن نصدقها ونكذب الله جل وعلا, ولا مجال للتوسط.

 

4- والظريف أن العلامة الباحث المحقق عزان، كثيرا ما يردد العبارات التالية: (إن صحت الرواية، لو صحت الرواية، لو سلمنا صحت الرواية، في حال ثبوت الحديث، على فرض صحة الحديث، وهذا الحديث جاء عن طريق كذا .. الخ).

     وهو هنا يعترف بأن الحق فيها نسبي, أي يحتمل الصدق والكذب؛ وما يحتمل الصدق والكذب يدخل في دائرة الظن, ودين الله الحق لا يقوم إلا على الحق اليقيني الذي لا ريب فيه, حتى لا تكون للبشر حجة على الله؛ لذا ضمن سبحانه حفظ كتابه من كل عبث أو تحريف؛ وفي ذلك يقول سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر].

     ويقارن سبحانه وتعالى بين اتباع الحق (القرآن) واتباع الظن (كتب الحديث) فيقول: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (36)}[يونس] .. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)}[النجم] الظن وما تهوى الأنفس, هي كتب ومناهج, يقدسونها ويقاتلون من أجلها, أما الهدى وهو القرآن الكريم, فقد اتخذوه مهجورا, ومن الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة, اعتراف أئمة الحديث أنفسهم, أن الأحاديث المنسوبة للنبي تفيد الظن ولا تفيد اليقين؛ ومع هذا تأمرهم أهواءهم باتباع الظن, تحديا لله جل وعلا القائل: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}[الرعد ] وإذا كان الله قد أكرمنا بالحق القرآني اليقيني: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95)}[الواقعة] فكيف نأخذ معه أقاويل ظنية ؟!.

     للأسف الشديد تجاهلت الأمة قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}[الأنعام] فقد أوصانا الحكيم الخبير: باتباع القرآن الكريم, حبله وصراطه المستقيم, ونهانا عن اتباع غيره, حتى لا نقع في التفرق والاختلاف. ولكن حدث ما حذر منه سبحانه, فاخترع الناس أحاديث وروايات, ونسبوها للنبي, واختلفوا في أسانيدها، وقام ما يسمى ﴿علم الحديث﴾ بتنقيح تلك الروايات والأسانيد, وفقاً لأهواء المنقحين وبما يتناسب مع مصالحهم؛ وقوله تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ أي لا تتبعوا الطرق, ومن العجيب أن علماء الحديث, يقيمون تلك الأسانيد والروايات على سلاسل وطرق, فيقولون أن هذا الحديث من السلسلة الفلانية, وتلك الرواية جاءت عن طريق فلان, أي أنهم حين تنكبوا الصراط المستقيم ونبذوه وراء ظهورهم, وقعوا في اتباع السبل والطرق التي أوقعت الأمة في تفرق واختلاف لا ينتهي.

 

5- في ص (136) يقول العلامة عزان عن القتال والخراب والدمار والحروب المستمرة بين أئمة الزيدية: (فعندما تقرأ سير أفراد أولئك الأئمة فإنك تجد عبارات مثل: قام للجهاد، خرج للجهاد .. مما يخيل إليك وكأنه كان يقود جيوش الفاتحين على تخوم الصين أو في قلب أوربا).

     هنا يستهجن العلامة عزان، القتال والخراب والدمار والحروب المستمرة بين أئمة الزيدية، غير أنه لا يرى بئس من القتال والخراب والحروب في تخوم الصين وقلب أوربا، وما تبعها من سبي ونهب وتشريد لمواطني تلك البلدان، وهدم دورهم وحرق مزارعهم، بل ويفتخر بها ويشرعن لها ويصفها بأنها فتوحات، هذا بدلا من تجريم تلك الحروب الإستعمارية وصحابتها الذين انحرفوا وارتدوا عن الإسلام. هنا نرى في داخل العلامة عزان داعشي صغير مخيب للآمال.

 

6- في ص (150) يردد العلامة عزان المقولة المشهورة: (وكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا المصطفى صلوات الله عليه).

     وهي مقوله لا تصمد أمام المنهج العلمي، فالقصص القرآني والواقع التاريخي يثبت أن خاتم النبيين كان بشرا يصيب ويخطئ، والآيات القرآنية تثبت أن النبي بشر، وأن بإمكان الآخرين خداعه وتضليله، وأن عصمته لم تكن إلا من خلال الوحي القرآني فقط، إذ يأتي الوحي يوضح له الحق, ويأمره بالإستغفار من الذنب؛ وعن عصمته بالوحي القرآني فقط, يقول سبحانه: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي (50)}[سبأ] وإضفاء العصمة المطلقة للنبي, إنما هو تأليه لشخصه؛ لذلك أكد رب العزة على بشرية النبي، في عشرات الآيات القرآنية.

     وقد كان خاتم النبيين مثلاً أعلا: كان فصيح اللسان, نجح في إبلاغ الدعوة وتكوين الأمة وإقامة الدولة؛ وقد واجه في حياته مشاكل سياسية وشخصية, نجح في التغلب عليها بتوفيق الله، وبالطبع انعكس عليه أحياناً, ضعف الإنسان في داخله أو من المحيطين به, والقرآن الكريم ذكر أقوالاً لخاتم النبيين امتدحه في بعضها, كقوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)}[آل عمران] وعاتبه في بعضها الآخر, كقوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ (37)} [الأحزاب].

 

7- وفي ص (176) يقول العلامة عزان عن خاتم النبيين (عليهم السلام): (بل إن سيدهم وسيدنا وسيد البشر جميعا ...). ويقول في ص (178) عن الحسنين ابني فاطمة: (وهم أقرب الأقربين وأسرة سيد المرسلين ...).

     أولا: وكما أسلفنا، أن النبي بشر مثلنا ولكن يوحى إليه، وهذا الوحي القرآني لا يصعد بالنبي فوق مستوى البشر, فغاية ما هناك أنه لابد للوحي من لسان لينطق به, وعلى النبي أن يتبع القرآن مثل غيره, لقوله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (2)}[الأحزاب] وعليه كالآخرين مسئولية التمسك بالقرآن, لقوله تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ (43)}[الزخرف] وسيكون مسائلا عن القرآن مثله مثل غيره, لقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) [الزخرف].

     أي هي مساواة بين النبي والناس في المسئولية وفي الحساب, فهناك مساواة بينه وبين خصومه, في استحقاق الموت وفي التخاصم يوم الحساب أمام الله، نفهم ذلك من قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)}[الزمر] وهناك مساواة بينه وبين المؤمنين يوم الحساب، فلن يحملوا عنه حسابه, ولن يحمل عنهم حسابهم, وفي ذلك يقول سبحانه: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ (52)}[الأنعام].

     ثانيا: العلامة عزان يفرق بين رسُل الله (جل وعلا)، برفعه خاتم النبيين فوق مستوى باقي الرسل، وهذا يتنافى مع صفات المؤمنين الذين قال تعالى عنهم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة : 285] ويخالف قول الله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة : 136] فالمؤمن الحقيقي يرى جميع الأنبياء والرسل في نفس المرتبة.

     بل إن الله (جل وعلا) يجعل التفريق بين الرسل من علامات الكفر الأساسية، نفهم ذلك من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}[النساء] ومن يفضل رسولا على سائر الرسل فقد وضع نفسه في مرتبة رب العزة القائل: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة : 253] فالتفضيل بين الرسل مرجعه وحكمه لله وحده لا شريك له.

 

8- في ص (137) يقول العلامة عزان مدافعا عن الفكر الزيدي: (فالمشكلة لم تكن يوما في الفكر الزيدي كفكر أصيل ..). وفي ص (176) يعترف العلامة عزان بإمامة زيد بن علي بقوله: (والمروي عن إمامنا زيد بن علي قوله ....).

     المشكلة في العلامة عزان: أنه لا يزال غارق في تراث العصور الوسطى بل ويعمل على إحياءه ونشره، في عصر نحتاج فيه إلى مفكرين ينسفون ذلك التراث، بكتب ومقالات معاصرة وموجزة ومختصرة ودقيقة، فنحن في عصر دقة المعلومات، ولا داعي لكل هذا التعقيد في الطرح والشرح والمقارنة، والواضح أن العلامة عزان يحتاج إلى عشرات السنين، حتى يتمكن من كنس ما علق برأسه من غبار التراث، طالما وهو يسير بكل هذا البطء.

 

 

أخيرا:

1- نشكر الأستاذ العلامة/ محمد يحيى عزان، على رحابة الصدر، ونعتذر عن التطاول، ونرجو منه أن يوضح لنا ما قصرنا عن فهمه، أو فهمناه على غير مراده، ونأمل منه مراجعة موقفه من أهم القضايا المطروحة في المقال.

2- بارك الله (جل وعلا) بأستاذنا الفاضل، وزاد الرجال من أمثاله، وأعانه على التخلص من هيمنة التراث.

3- قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت : 69]

اجمالي القراءات 13089