الحقائق بالوثائق عن جماعة الإخوان 9

عبدالفتاح عساكر في الإثنين ٢١ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

الباب الثامن

لماذا قتل النظام الخاص في جماعة الإخوان ..؟.! زميلهم المهندس سيد فايز عبد المطلب، العضو البارز فى النظام الخاص…؟.!.

تصفية الإخوان بأيدى الإخوان

       ·النظام الخاص يغتال سيد فايز عبد المطلب، العضو البارز فى النظام.

       ·الهضيبى يوافق على تكوين جهاز سرى جديد غير معروف للشرطة.

       ·عبد الرحمن السندى يعترف بتدبير حادث قتل سيد فايز.

       ·حكاية منتدى "دار الندوة" الذى كان يجتمع فيه السندى بالمتمردين.

       ·محمود عبد الحليم يقاوم خطة السندى مع أعضاء النظام الخاص.

       ·كيف فشلت خطة السندى للقيام بانقلاب فى المركز العام.


مقدمــة:

وحتى الآن ونحن نكتب بالوثائق ونعتمد على اعترافات أعضاء الجماعة فى كتبهم والتى كتبوها بإرادتهم وقد استبعدنا كل ما كتب ضدهم نقدم فى هذه الأبحاث نصوصا كاملة غير مبتورة حول الموضوع الذى نتحدث عنه، ونؤكد ليس بيننا وبين أعضاء جماعة الإخوان أى خلاف على الإطلاق، بل بعض قياداتهم لنا علاقات قوية معهم، وعندما نعلم بمرض أحدهم نعوده، ونسأل عنه وندعو له بالشفاء وأشهد بأن بعضهم تاب وأناب وهو نادم على ما فعل.

{ومن بين هؤلاء المرحوم الدكتور أحمد الملط الذى توفى بالأراضى الحجازية بعد أداء مناسك الحج هذا العام ونسأل الله له الرحمة}. ولقد ألتقيت بهذا الطبيب فى أوائل السبعينيات وأجريت معه حواراً عن أعمال جماعة الإخوان، وهذا الطبيب، هو الطبيب المختص بالكشف على المرشحين للالتحاق بالجهاز السرى الذى كونه حسن البنا داخل فرقة الإخوان بشروط خاصة ونظام خاص كان فى منتهى الدقة. وهذا التنظيم الخاص كان سببا أساسيا ومباشرا فى القضاء على جماعة الإخوان فى أواخر عهد فاروق الذى بدأ {1355هـ = 1936م الى 1371هـ = 1952م} وفى عهد محمد نجيب وعبد الناصر رئيسا الجمهورية بعد ثورة 1952م أو حركة 1952 كما يحلو لأعضاء جماعة الإخوان أن يسموها .. وعلى العموم ليس مجال البحث الآن فى أنها ثورة أم حركة، ولكن المؤكد أنها أحدثت وغيرت وجه التاريخ ليس على أرض مصر فقط بل تعدت الى بلاد الأمة العربية وما يسمى ببلاد العالم الثالث، وكان لأعضاء فرقة الإخوان دور كبير فى هذه الثورة، بل والأكثر من ذلك أن أغلب أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان وعلى رأسهم جمال عبد الناصر، ولقد أعترف أكثرهم بذلك فى مذكراتهم، وكان طريق مصر السويس ليلة 23 يوليو تحت حراسة أعضاء النظام الخاص من جماعة الإخوان للعمل على ضرب أى تحرك لقوات الجيش الانجليزى المرابط بخط القناة.

وتحت أيدينا من الوثائق ما يؤكد أن الذى أسهم فى ضرب الإخوان هم الإخوان أنفسهم بسبب سوء علاقاتهم ببعض وكثرة مشكلاتهم الداخلية وفقدهم القيادة الرشيدة، ولقد حدثت خلافات كثيرة وكبيرة بينهم منذ نشأتهم}.

{ونؤكد أن أعضاء جماعة الإخوان...؟ .!.   فى مجموعهم أو الغالبية العظمى منهم دخلوا هذه الفرقة بحسن ظن حباً لعقيدتهم .. وكثيرون منهم عندما عرفوا بالانحرافات التى يقوم بها قيادات هذه الجماعة تركوا وابتعدوا ولقد خرج من هذه الفرقة مجموعات ليست بالقليلة فى الخلاف الأول فى بداية الثلاثينيات والخلاف الثانى فى نهاية الثلاثينيات، وخرجت نخبة ممتازة بل وفصلت من الجماعة فى منتصف الأربعينيات كما خرج وفصل بعض القادة فى هذه الجماعة فى أوائل الخمسينيات .. ولقد انقسم الإخوان على أنفسهم داخل المعتقلات وخرجت منهم فرق أخرى. وسوف نتكلم بإذن الله عن هذه الخلافات منذ بدايتها وحتى الآن ذاكرين بالتفاصيل الدقيقة أسباب هذه الخلافات وأسماء المختلفين ومراكزهم فى هذه الفرقة فى بحوث أخرى إن شاء الله مدعمة بالوثائق}.

- أن حجة الإسلام الغزالى المعاصر الشيخ محمد الغزالى أحمد موسى السقا يعبر أصدق تعبير عما سبق ذكره، فيقول فى كتابه من معالم الحق فى كفاحنا الإسلامى الحديث فى ص224. ولقد قامت دار الاعتصام التى تؤيد الاخوان بطبع هذا الكتاب وحذفت منه هذا الكلام وغيره كثير، واخبرنى بذلك قبل وفاته الشيخ الغزالى، ولمزيد من التفاصيل أنظر كتابنا "الحقائق بالوثائق عن حجة الإسلام المعاصر للشيخ محمد الغزالى، الذى سرقوه حيا فهل يسرقونه ميتا".

"إن الخلل فى الجماعة كان يندر كلما اتجهت الى القاعدة وكان يكثر كلما أتجهت الى القمة، إن الجمهور الطيب كان حسن الإيمان صادق الوجه، لكن أجهزته العليا تطرق إليها أغلب ما فى المجتمع المصرى من علل، فلم تتشكل وفق منطق الإيمان ولم تتحرك بدوافعه النقية .. وقد تعرض المركز العام نفسه الى هذا الخلل .." انتهى.

{ونحمد الله أن القدامى من الإخوان خاصة العقلاء منهم قد شعروا بأخطائهم وأعلنوا توبتهم بعد أن علموا أن الإسلام دين المحبة والسلام بين الناس قد جاء من أجل عصمة الدم وعصمة المال بين المسلمين وغير المسلمين ..}.

{وفى يوم الخميس 18 من ذى الحجة 1415هـ = 18 مايو 1995م قمت بزيارة المؤرخ الإسلامى الأستاذ أحمد عادل كمال مؤلف كتاب (النقط فوق الحروف) فى منزله واستمرت الزيارة ما يقرب من ثلاث ساعات، وكان الحديث بيننا يفيض مودة وحبا، وتحدثنا فى كثير من هموم المسلمين فى الماضى والحاضر، وأنتهى الحديث بيننا بأن بكى الأستاذ أحمد عادل كمال وبكيت وأسأل الله أن يشرح صدره وييسر أمره ويكتب له ولى ولكل الناس السلامة من كل سوء، وعندما سألته لماذا تبكى قال لى:

أنا الذى جهز الطبنجات التى قتل بها القاضى الخازندار وقمت بتجربتها وماذا أقول لربى يوم العرض عليه، وبكى بشدة !!.

فقلت له: إن الذى قام بإقناعك على أن هذا من الإسلام هو الذى سوف يتحمل المسئولية فى ذلك، واقرأ شرح حديث البخارى وهو أول حديث فى كتاب البخارى {إنما الأعمال بالنيات}

كيف قتل الإخوان زميلهم المهندس سيد فايز عبد المنطلب:

المهندس (سيد فايز عبد المطلب) (مهندس ومقاول) وهو من مواليد 1920م = 1338هـ وكان من أبرز أعضاء جماعة الإخوان ومن أخطر أعضاء النظام السرى الذى كونه الإخوان للقتل والتخريب بشكل خاص.

- قتل المهندس / السيد فايز عبد المطلب يوم الخميس 19 نوفمبر 1953م = 12 ربيع الأول 1373هـ فى يوم ذكرى مولد النبى (r) بأن أرسل له صندوق حلوى بمناسبة مولد النبى كهدية سلمت لشقيقته (سيدة فايز عبد المطلب) وطلب المسلم منها ألا يفتح إلا بمعرفته وعندما عاد الى منزله قصت عليه أخته ما حدث، فأخذ الصندوق وفتحه فأنفجر فيه حيث كان ملغما وقتل هو وشقيقه وجرح باقى من فى البيت وجرحت "سيدة" أخته، كما أن حائط الحجرة سقط على طفل كان يسير بالشارع فمات!!.

اعترافات فتحى العسال:

سوف نقدم اعترافات العسال المراقب العام للمركز العام لجماعة الإخوان فى حياة حسن البنا كما نقدم أقوال (إبراهيم زهمول) فى الدراسة التى قدمها باللغة الفرنسية عن الأحزاب الدينية والدراسة التى تحت أيدينا وهى جزء من الدراسة التى تتعلق بفرقة الإخوان.

- كما نقدم اعترافات محمود عبد الحليم فى الجزء الثالث من كتابه الإخوان أحداث صنعت التاريخ.

- ونقدم اعترافات صلاح شادى، فى كتابه صفحات من التاريخ (حصاد العمر).

- ونقدم اعترافات أحمد عادل كمال (نسأل الله أن يكتب له السلامة ويتم له الشفاء) فى كتابه "النقط فوق الحروف".

- ونستعرض أقوال عباس السيسى وهو واحد من قادة جماعة الإخوان الكبار فى كتابه (فى قافلة الإخوان ) الجزء الثانى، ونقدم ما قاله الباحث الأمريكى دكتور ريتشارد ميتشل وكذلك أقوال الدكتور محمود عساف العضو البارز بالنظام الخاص ومستشار حسن البنا، وهو الآن أستاذ غير متفرغ بكلية التجارة بالجامعات المصرية (أدعوا الله مخلصا من كل قلبى أن يكتب له السلامة ويتم شفاؤه.

شهادة إبراهيم زهمول:

"يقول زهمول فى كتابه (هذا الكتاب هو أحد فصول دراستنا المقارنة عن الجماعات السايسية ذات التسمية الدينية، أو ما أصطلح على تعريفها بالأحزاب الدينية، وهو يمثل دراسة لفكر جماعة الإخوان منذ نشأتها وحتى تاريخ حلها) هذا فى "ص1" وفى "ص227" من هذه الدراسة التى تمت باللغة الفرنسية ثم عرب الفصل الخاص بجماعة الإخوان) يقول إبراهيم زهمول:

"بعد أن تم تعيين الأستاذ الهضيبى مرشدا للإخوان لم يأمن الى أفراد الجهاز السرى الذى كان موجودا فى وقت السيد حسن البنا برئاسة السيد عبد الرحمن السندى، فعمل على إبعاده معلنا بأنه لا يوافق على التنظيمات السرية لأنه لا سرية فى الدين، ولكنه فى الوقت نفسه بدأ فى تكوين تنظيمات سرية جديدة تدين له بالولاء والطاعة، بل عمد الى التفرقة بين أفراد النظام السرى القديم ليأخذ منه فى صفة أكبر عدد ليضمهم الى جهازه السرى الجديد وفى هذه الظروف المريبة قتل المرحوم المهندس / السيد فايز عبد اللطيف بواسطة صندوق من الديناميت وصل الى منزله على أنه هدايا من الحلوى بمناسبة عيد المولد النبوى، وقد قتل معه بسبب الحادث شقيقه الصغير البالغ من العمر تسع سنوات وطفلة صغيرة كانت تسير تحت الشفة التى انهارت نتيجة الانفجار ..".

"وكانت المعلومات ترد الى المخابرات {يقصد مخابرات الإخوان} لأن المقربين من المرشد (الهضيبى) يسيرون سيرا سريعا فى سبيل تكوين جهاز سرى قوى ويسعون فى نفس الوقت الى التخلص من المناوئين لهم من افراد الجهاز السرى القديم."

{انتهى ما كتبه إبراهيم زهمول، وهذا الكتاب ليس عليه رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق المصرية، ولكن يباع بالمكتبات الخاصة بجماعة الإخوان}.

اعترافات فتحى العسال المراقب العام للمركز العام:

- يقول فتحى العسال فى كتابه (الإخوان بين عهدين قصة الإخوان كاملة) رقم الإيداع 2739/1992 الترقيم الدولى 977.00.2991-2I.S.B.Nوتحت عنوان رئيسى فى "213" من هذا الكتاب كتب يقول:

- (التخلص من الجهاز السرى القديم).

"لم يأمن الهضيبى الى أفراد الجهاز السرى الذى كان موجودا فى عهد حسن البنا برئاسة عبد الرحمن السندى فعمل على تصفيته معلنا أنه لا يوافق على التنظيمات السرية لأنه لا سرية فى الدين!"

"وفى الوقت ذاته بدأ تنظيم جهاز سرى خاص به يدين له بالولاء والطاعة، بل عمد على التفرقة بين النظام السرى القديم .. وفى خسة ونذالة تطالعنا الصحف بنبأ اغتيال السيد فايز بواسطة صندوق حلاوة المولد مملوء ديناميت وصل الى منزله على أنه هدية من الحلوى بمناسبة المولد النبوى وقتل معه شقيقة الصغير 9 سنوات وطفلة صغيرة سقطت عليها شرفة المنزل نتيجة الأنفجار".

اعترافات عباس السيسى وهو من أقطاب الإخوان:

- ويقول عباس السيسى فى كتابه (فى قافلة الإخوان) الجزء الثانى رقم الإيداع 8047/87 وفى "ص137" وتحت عنوان "أحداث" الشهيد السيد فايز كتب يقول:

"أعرف الشهيد سيد فايز عن قرب .. فقد جمعتنى به أيام أكثرها أهمية تلك الأيام التى قضيناها معا فى منزل الأخ المهندس محمد سليم مصطفى فى مرسى مطروح حين كان القتال على أشده فى فلسطين، وفى العشرين من نوفمبر نشرت الصحف نعى الأخ المهندس سيد فايز".

"وذكرت الصحافة أنه فى مناسبة ذكرى مولد الرسول (r) توجه شخص مجهول الى منزل الشهيد فى حى العباسية وطرق باب الشقة فخرجت له شقيقة السيد فايز فأعطاها صندوقا من الحلوى على انه رسالة مرسلة الى السيد فايز بمناسبة ذكرى مولد النبى (r) ولما عاد السيد فايز الى المنزل .. استحضر الصندوق ليفتحه وما كاد يفعل حتى انفجر الصندوق فقتله وهشم جزءا من الشقة ولم يستدل على القاتل .. ولم تنشر الصحافة أكثر من ذلك ..

- وفى اليوم التالى شيعت جنازة الشهيد، وكان على رأس المشيعين فضيلة المرشد العام الذى بدا التأثر والحزن الشديدان عليه، وكانت الجنازة مشحونة بعواطف الإخوان الثائرة فى حزن وغم وغموض، وقد وصف لى أحد الأخوة أن الجنازة كانت تعبيرا حارا للولاء للأستاذ المرشد العام وأن التعليقات المتبادلة بين الاخوان تقول أن أصابع الاتهام تشير الى عبد الناصر فى هذا الحادث .. وعللوا ذلك بأن من المستحيل أن يقوم بهذا العمل الإجرامى واحد من الاخوان فى قلبه ذرة من الإيمان مهما حدث بين الاخوان من خلاف فان ما حدث لا يمكن أن يصل الى حد إراقة الدماء .. وكان حادث اغتيال السيد فايز نذير خطر داهم على الجماعة.

تعقيــب:

{عبد الناصر واحد منكم يا سادة أقسم على المصحف والطبنجة فى المنزل المعد لذلك فى حارة الصليبة بالسيدة زينب، وأردتم أن تأكلوه على مائدة العشاء بعد الخلاف معه فأكلكم على مائدة الغداء ونفذ فيكم ما تعلمه منكم !!}

- وفى صفحة "138" وتحت عنوان (قرار بفصل أربعة من الإخوان) كتب يقول:

"وبدأنا نترقب التطورات ونتأمل الموقف وإذا بقرار يصدر من مكتب الإرشاد بطرد أربعة من الاخوان الاعضاء فى قيادة الجهاز الخاص وهم عبد الرحمن السندى وأحمد عادل كمال وأحمد الصباغ وأحمد زكى حسن".

"وكان لهذا النبأ المرادف لمقتل الأخ السيد فايز أسوأ الأثر فى نفوسنا .. حيث اختلط الأمر علينا فظننا أن الأخوة المفصولين لهم صلة وثيقة بحادث مقتل الشهيد ..".

"والى الآن وقد مضت سنون طويلة ولا يزال أمر اغتيال الشهيد سيد فايز غامضا ومجهولا ولا ندرى متى نعرف الحقيقة) أنتهى كلام عباس السيسى {يا سيد سيسى أنت وكثير من قادة الاخوان الأحياء الآن 1997م = 1418هـ يعرفون من قتل السيد فايز عبد المطلب!!}

شهادة الدكتور محمود عساف مستشار النظام الخاص:

"ويقول الدكتور محمود عساف فى كتابه (حسن البنا) رقم الإيداع 4415/1993 والترقيم الدولى I.S.B.N 977-204-156وفى "ص154" وتحت عنوان "انحراف النظام الخاص ومقتل السيد فايز".

وفى يوم من أيام مايو 1944م دعيت أنا والمرحوم الدكتور عبد العزيز كامل (نائب رئيس الوزراء ووزير الأوقاف وشئون الأزهر) فى أواخر عهد عبد الناصر لكى نؤدى بيعة النظام الخاص ..

ذهبنا الى بيت فى حارة الصليبة فى منتصف المسافة بين السيدة زينب والقلعة، ودخلنا غرفة معتمة يجلس فيها شخص غير واضح المعالم يبدو أن صوت معروف هو صوت صالح عشماوى، وأمامه منضده منخفضة الأرجل وهو جالس أمامها متربعا، وعلى المنضدة مصحف ومسدس، وطلب من كل منا أن يضع يده اليمنى على المصحف والمسدس ويؤدى البيعة بالطاعة للنظام الخاص والعمل على نصرة الدعوة الإسلامية".

"كان هذا الموقف عجيبا يبعث على الرهبة وخرجنا سويا الى ضوء الطريق ويكاد كل منا يكتم غيظه. قال عبد العزيز: هذه تشبة الطقوس السرية التى تتسم بها الحركات السرية كالماسونية والبهائية ولا أصل لها فى الإسلام. صدقت على كلامه ثم انصرف كل منا الى حال سبيله".

"عينت بعد ذلك أنا وعبد العزيز كامل مستشارين للنظام الخاص، نحضر اجتماعات مجلس إدارته، وكنا كالفرامل التى تكبح جماح السيارة إذا انفلت زمامها، وكنا نناقش الأمور بحرية وبغير التزام بمبدأ الطاعة التى كان يسير عليها غيرنا" [يعنى كان هناك طاعة عمياء].

"كانت أهداف النظام واضحة: هى العمل على نصرة فلسطين وتخليصها من عصابات الصهاينة والعمل على تحرير مصر من الاحتلال النجليزى، وفى ذات الوقت نعمل على نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة".

تعقيــب:

{المبادئ المعلنة لفرقة الاخوان ..؟! ولأى فرقة من الفرق الإسلامية نجد أنها غالبا تخالف سلوكها العملى فالمبادئ شئ يستعمل لجذب الجماهير، أما الخطط والتنفيذ فشئ آخر نضعه بين يدى القارئ بأقوالهم}.

- ويعود محمود عساف فيقول:

"أعتقد أن الإمام الشهيد كان على علم بهذه البيعة التى تختلف كثيرا عن البيعة التامة التى تبدأ بالتوبة والاستغفار ثم المعاهدة على نصرة الإسلام والعمل على تطبيق شريعته".

"ظل النظام الخاص يؤدى دوره بكفاءة تحقيقا للهدفين، ولكن السلطة التى كانت يتمتع بها رئيسه حولته بالتدريج من رجل دعوة الى رجل عنف، وذلك اعتبارا من حادث الخاذندار".

تعقيــب:

{وحوادث القتل والنسف والحرق والتدمير التى كانت قبل قتل الخاذندار والتى كان يقوم بها النظام الخاص:[فى جماعة الإخوان…!.] والتى كانت بتعليمات مباشرة من المرشد حسن البنا، كان عبد الرحمن السندى فى هذه الحالة رجل دعوة أم أنكم جميعاً ليس لكم دعوة...؟}.

"وبعد استشهاد الإمام تطلع رئيس النظام الى الزعامة، وفقد روحانيته التى كانت قبل ذلك بادية على وجهه، وناصب الأستاذ حسن الهضيبى المرشد العام العداء".

"قال لى الأخ أحمد نار وهو يرتجف غضبا إن رئيس النظام يقول إن لدعوة الإخوان مرشدين مرشد ظاهر هو الهضيبى ومرشد خفى هو ذاته".

"وهذا الموقف منه قد يفسر عداء بعض أعضاء مجلس إدارة النظام للأستاذ الهضيبى لدرجة أنهم أعلنوا العصيان لأوامره وهددوه وحرضوا بسطاء الاخوان على الاعتصام بالمركز العام بعد أن سمحت حكومة الثورة بعودة الجماعة".

"وكان رئيس النظام على صلة وثيقة بعبد الناصر، حيث كان عبد الناصر عضوا بالنظام وعلى صلة طيبة بقيادته، حتى بعد أن نكث ببيعته هو ومعظم مجلس قيادة الثورة، لذلك فإن من المحتمل أن يكون عبد الناصر وراء الفتن التى حاقت بالاخوان، حيث كان ينبغى أن يحل الاخوان بأيديهم إذا ما اختلفوا وتضاربوا".

"كانت عودة النظام الخاص الى الوجود بعد قيام الثورة أمراً عجيباً، أذكر أنه حضر رئيس النظام الى منزلى ومعه الأخ مصطفى كمال الذى كان رئيسا للمكتب الفنى بشركة الإعلانات العربية وقت أن كنت مديرا لها، وسألنى الأخ عبد الرحمن سؤلا مباشرا: هل أنت معنا أو لا؟

"قلت: من أنتم؟ إن كنت تقصد الإخوان ..؟! فأود أن أقول لك إننا بايعنا حسن البنا .. وبعد وفاته سقطت البيعة. والبيعة عقد لهذا ينبغى الاتفاق على شروط عقد جديد .. هناك أشخاص يعملون فى الجماعة، وأنت تعلم أن اشترطت عليك لكى لا أبلغ الإمام بما يفعلون أن تبعدهم عن الإخوان ولو بالتدريج، وهؤلاء الآن يتصدرون الجماعة بعلمك وموافقتك .. أما إن كنت تقصد النظام الخاص، فأريد أن أعرف أولا ما أهدافه؟ لقد كان له هدفان: فلسطين والاستعمار البريطانى والآن توجد حكومة وطنية نابعة من الشعب ومعظم أعضاءها من صميم الإخوان وهم مخلصون حتى ذلك الوقت عام 1953م وفلسطين قد أنتهى أمرها بإعلان قيام دولة إسرائيل واعتراف العالم بها، والاستعمار البريطانى موكول الآن الى الحكومة الوطنية، فما هدف النظام الخاص الآن؟ ثم أن جميع قيادات النظام الخاص ومعظم أفراده قد انكشفوا للحكومة، والتحقيقات السابقة معهم جعلتهم يعترفون على بعض فهل النظام هدف فى حد ذاته؟".

"لم يرد على عبد الرحمن وقال: إذن أنت لست معنا، وانصرف .. بعد ذلك بحوالى أسبوع التقيت بالأخ المهندس سيد فايز، فى شارع العباسية أمام مكتبة المطيعى، وجدته غاضبا على النظام الخاص، وأفكاره حوله تكاد تتطابق مع أفكارى ..".

- وفى اليوم التالى وكان ليلة مولد النبى (r) ذهب شخص ما بصندوق من حلوى المولد وطرق باب بيت سيد فايز فى شارع عشرة بالعباسية، وسلم صندوق الحلوى الى شقيقته قائلا إنه لا يجب أن يفتحه إلا السيد .. وبالفعل حضر السيد فايز وتسلم الصندوق وبدأ يفتحه وإذا بالصندوق ينفجر ويودى بحياته.

"تلك جريمة رهيبة لا شك عندى أنها من فعل النظام الخاص لمجرد أن السيد فايز يعارض وجوده".

- سألت الشيخ السيد سابق عن هذه الواقعة فقال أن رئيس النظام هو الذى خططها، ونفذها أحد معاونية بناء على فتوى نسبت للشيخ السيد سابق وهو برئ منها، وقال لى أنه يعرف الشخص الذى قام بتلك الفعلة النكراء".

تعقيــب:

{ولماذا لم تذكر اسمه لنا يا دكتور عساف؟ أو ليس من الأمانة أن نعرفه؟ ولكن نود أن تعلم أننا نعرفه تماما كما تعرفه أنت، ولكن نحتاج الى وثيقة من أحدكم أو اعتراف}.

"بعد هذا الحادث بحوالى شهرين، كنت آنذاك أعمل فى الفترة المسائية سكرتيرا لتحرير مجلة الأقتصاد والمحاسبة، التى يصدرها نادى التجارة، وكان معى موظف للكتابة على الآله الكاتبة فى المساء كذلك. اختلى بى بعد انتهاء العمل وقال: هناك شئ أحب أن أبلغك به فأنا أعمل موظفاً بالمباحث العامة ومهمتى كتابة التقارير على الآله، وقد ورد تقريران أحدهما عبارة عن تحريات لأحد المخبرين يفيد أن (محمود عساف) كان فى دار الاخوان بالأمس وكان يهتف بهتافات الاخوان بحماس زائد وأنا أعلم أنك لم تكن هناك لأنك كنت معى هنا حتى منتصف الليل. أما التقرير الثانى فهو عبارة عن كشف موجود مع أحد الاخوان الذين قبض عليهم مؤخرا، وفى هذا الكشف اسم السيد فايز تحت رقم (1) واسمك تحت رقم (3) ولما قرأت خبر جريمة اغتيال السيد فايز رأيت أن أحذرك، وهذا الكشف يحتوى على عشرة أسماء يبدو أنه يراد اغتيالهم وفيهم الشيخ السيد سابق".

ويقول عساف:

- فوضت أمرى الى الله فقد انحرف النظام وقادته وثلاثة من مجلس إدارته وأصبح وجود النظام غاية فى حد ذاته".

[لأنتهى كلام محمود عساف فى حادث قتل السيد فايز عبد المطلب زميلهم فى فرقة الاخوان ..؟! والعضو البارز فى النظام الخاص والذى قتله النظام الخاص].

تعقيــب:

{ولقد قال لى أحد كبار رجال الأمن فى عهد عبد الناصر ثم عهد السادات وفترة من عهد مبارك إن قاتل سيد فايز عبد المطلب لا يزال حيا، وكثير من أعضاء فرقة الاخوان ..؟! يعرفونه وهو (..) فقلت له هل عندك وثائق تؤكد هذا الكلام ؟، وإذا كان عندك وثائق فأنا لا اعتمد عليها لأنك لست من هذه الفرقة ولأنك كنت فى يوم من الأيام من كبار المسئولين عن حماية الوطن من أعمالهم التى لا تمت للإسلام بصلة، بل على العكس فإن الإسلام الحنيف يعتبر كل من ساهم فى مثل هذه الجرائم كمن قتل الناس جميعا ومن المفسدين فى الأرض ونسال الله أن يقبل توبتهم إن تابوا ويغفر لهم إنه هو الغفور الرحيم}.

أقوال ريتشارد ميتشل الامريكى:

وفى هذا الجزء كتب الباحث الأمريكى ريتشارد ميتشل والحاصل على درجة الدكتوراه عن فرقة الاخوان ويعتبر بحث الدكتور ريتشارد ميتشل مرجعا لكثيرين من أعضاء فرقة الاخوان. "ويذكر ريتشارد ميتشل فى ص 195 وما بعدها من كتابه (الاخوان ..؟! عندما اصبح واضحا أن الهضيبى قد أوشك على كشف اللغز المحير الذى يحيط بعضوية وتنظيم الجهاز السرى، وكان الانتصار الذى أحرزه فى {أكتوبر 1953م = 1373هـ على وشك أن يتوج مشابه فى الصراع الدائر للسيطرة على الجهاز السرى، على أن الاخوان بهتوا حين قرأوا فى الصحف

فى صباح 20 نوفمبر = 13 ربيع الأول 1373هـ نبأ موت السيد فايز بقنبلة وضعت فى صندوق من الفطائر، وكان فايز شخصية بارزة فى أحداث {1367هـ = 1948م، 1368هـ = 1949م} والرجل الثانى الآن فى الجهاز السرى، وفى 21 نوفمبر = 14 ربيع الأول عقد مكتب الإرشاد جلسة استغرقت طوال الليل، وفى صباح اليوم التالى أعلن عن طرد أربعة من أعضاء الجماعة هم: أحمد زكى حسن وأحمد الصباغ وعبد الرحمن السندى وأحمد عادل كمال وهم جميعا من أعضاء الجهاز السرى، وفى اجتماع المكتب حسم صوت الهضيبى الأمر بعد تعادل أصوات الأعضاء فى التصويت على موضوع الطرد (5 الى 5) وبعثت السكرتارية مذكرة لكافة الشعب تطلب منها عدم التقدم بأى استفسار حول الموضوع .. وفى تناول الصحافة لنبأ موت السيد فايز لم تشر من قريب أو بعيد الى طبيعة انتماءاته .." انتهى.

شهادة محمود عبد الحليم:

وفى شهادة الأستاذ محمود عبد الحليم وهو من القيادات البارزة فى فرقة الاخوان وفى ص 201 من الجزء الثالث من كتاب (الاخوان ..؟! أحداث صنعت التاريخ) وتحت عنوان (عبد الرحمن السندى مرة أخرى).

كتب يقول: (دعانى المرشد العام ذات يوم وأخذ يقص على من أنباء عبد الرحمن السندى ومن اتصالاته بجمال عبد الناصر ومن اجتماعاته بأفراد النظام الخاص وما يبثه فيهم من روح العداء لقيادة الدعوة وسمى لى أفراداً أبلغوه كل ما قاله عبد الرحمن، وأخبرنى بأن عبد الرحمن يجد أذانا صاغية من بعض كبار الإخوان وقال لى أننى لم أدعوك إلا بعد أن بذل كثير من الاخوان جهودا مشكورة ولكنها لم تثمر، ومع ذلك لم أكتف بهذه الجهود بل استدعيته وتحدثت إليه وحاولت إقناعه بأن تصرفاته تسئ الى الدعوة وتعود عليها بضرر بالغ ولكنه أصر على موقفه {.. أى دعوة هذه التى تقتلون فيها بعضكم بعضا ..؟!}.

"ثم قال لى: إننى لا أمانع فى الاستقالة إذا رأى الاخوان أن ذلك فى صالح الدعوة. وقد استدعيتك باعتبارك الورقة الأخيرة لأنك أنت الذى عالجت هذه الفتنة من قبل وأنك أقرب الأخوان الى نفوس أعضاء هذا النظام. وبدأت بالاتصال بالأخ أحمد زكى باعتباره التالى لعبد الرحمن فى القيادة ولأن له محلا تجاريا يتيسر اللقاء به فيه، وأثرت معه الموضوع فلم ينكر ما يبذلونه من جهود فى سبيل تغيير قيادة الدعوة وهى عقبه فى سبيل التفاهم مع الثورة، وأن التفاهم مع الثورة أمر ضرورى لتحقيق مبادئ الدعوة وأن الثورة مستعدة للتفاهم مع الاخوان، ولكن الهضيبى هو الذى يرفض وحاولت التفاهم مع الأخ أحمد ولكنه أعتذر إلى وطلب منى هذه المرة أن أتفاهم مع عبد الرحمن.

"وترقبت حضور عبد الرحمن الى المركز العام .. ولم أشأ أن أقابله فى أول مرة محاولا أن أراقب تحركاته، فرأيته يحضر فى الليالى التى يكثر فيها حضور الاخوان ويندس بينهم ويتخير منهم أشخاصا يتحدث الى كل منهم على حدة وينتقل من مكان الى مكان ليلتقى بأفراد آخرين .. وبعثت فى طلب بعض هؤلاء الأشخاص من الذين تحدث إليهم عبد الرحمن وسألتهم عما دار بين عبد الرحمن وبينهم من حديث ففوجئت أنه يمهد للقيام بإنقلاب فى المركز العام".

"وشعرت بأن ترك الفرصة لمنينفث سمومه بين إخوان برءاء هو تفريط فى حق الدعوة وغفلة، واذا كان قد استطاع فى غفلة منا أن يستحوذ على أفكار عدد من كبار الأخوان الذين الذين بهر عيونهم بريق السلطة ويطمعون فى غنائمهم فما ذنب غيرهم من خلاة الأذهان سليمى الطوية الذين لا مطمع لهم إلا نصرة الإسلام. كيف نتركهم فريسة لأفكار هى تخريب لدعائم الدعوة وتقدم لهم على أنها الوسيلة الوحيدة لتثبيت دعائمها".

"قررت فى نفسى أنه لابد من وضع حد لهذا الأسلوب السرى الخطير، ولا يكون ذلك إلا بنقله من السرية الى العلن ..".

- التقيت بعبد الرحمن الذى كان يستحى أن يرفع نظره الى، يتكلم معى بأسلوب جديد فيه جرأة وفيه ما يشبه التوقح وفيه إصرار وفيه عناد .. وعبثا حاولت صابرا على أسلوبه هذه أن أقنعه بخطورة محاولاته وأضرارها بالدعوة بل تعريضها للزوال فلما يئست تركته منذراً".

انتقلت الى مرحلة أخرى مؤداها أن أشعره بتيار مضاد تقوم به مجموعات اخوان النظام الخاص، وبذلك لا يجد الطريق أمامه مفتوحا كما كان يجده من قبل، والتقيت بمجموعة كبيرة من هؤلاء الأخوة فى القاهرة والأقاليم وكان الذى يربطنى بهم الحب والثقة التى مردها الإيثار وإنكار الذات، وأفضيت إليهم بما فى نفسى، وتبادلنا الرأى وأجمعوا على الوقوف صفا واحدا فى وجه عبد الرحمن، ونظموا أنفسهم بحيث يحضر عدد منهم كل ليلة الى المركز العام وتكون مهمتهم تحذير الاخوان خلاة الذهن من عبد الرحمن وأفكاره المسمومة، ونجحت الفكرة، وكان يجئ عبد الرحمن فيجد الطريق أمامه مسدودا، وحاول أن يستخدم سلطته على أعضاء النظام فوجد منهم خروجا على طاعته وعصيانا لأول مرة، وتكرر حضوره الى المركز العام لعله يجد ثغرة بين هؤلاء الاخوان ينفذ منها فلم يظفر بطائل فانقطع عن المركز العام.

دار الندوة:

- صحيح أن هذه الخطة حرمت عبد الرحمن السندي من فرصة اصطياد أفراد جدد يضمهم الى صفه، وصحيح أن هذا الأسلوب حرمه من منتدى يلتقى فيه بافواج بعد أفواج ولم يعد يجد فى هذا المنتدى وجها واحدا يبتسم له أو يرحب به، ولكن ذلك لم يمنعه أن يجد منتدى آخر نذره صاحبه لاستقبال المتمردين .

 والترحيب بالمتآمرين .. وأكرر هنا أيضا ما قلته من قبل إننى لا أدرى حتى الساعة أيه مصلحة كان ينتظرها صاحب هذا المنتدى من وراء ذلك، فإنك كنت إذا جلست إليه شخصيا لم تشعر فى حديثه بأدنى ما يشعر بالتمرد.

- عكف عبد الرحمن السندي على الالتقاء فى (دار الندوة) هذه بأقطاب التمرد وبالحفنة من إخوان النظام الخاص التى قد استقطبها واستحوذ عليها من قبل .. والتى كان يرتب لها لقاءات مع جمال عبد الناصر ثم عرف كيف يحشو عقولها بأخبار كاذبة وأفكار سوداء ويصور لها المواقف على غير حقيقتها، ثم عرف كيف يعزلها عن المجتمع الاخوانى خشية أن يلتقى بمن يصحح لها الأفكار ويشرح لها حقيقة الأمور .. وإذا كنا قد طاردنا عبد الرحمن السندي فى المركز العام فليس من حقنا أن نطارده فى أماكن ليس لنا سلطان عليها".

عزل رئيس النظام:

لم يكن هناك بد من اتخاذ إجراء يحرم أولا هذا الرئيس المتواطئ من الصفة التى تخوله حق توجيه أعضاء هذا النظام الوجهة التى تريدها وتحرر ثانيا أعضاء هذا النظام من الالتزام بطاعة هذا الرئيس.

وهذا الإجراء لا يتطلب عرض الأمر على مكتب الإرشاد ولا على ما سواه من مؤسسات الدعوة بل هو من حق المرشد العام وحده لأن هذا الإجراء ليس معناه فصل هذا الرئيس من جماعة الإخوان ..؟! وإنما هو مجرد نقل عضو فى الجماعة من عمل عهد به إليه فوجد أنه لم ينتج فيه الإنتاج المطلوب .. الى عمل فى مجالات أخرى فى الدعوة قد يكون فى واحد منها أحسن إنتاجا، ولهذا كان الذى أصدر هذا الأمر هو المرشد العام، كما أن هذا الأمر بطبيعة اتصاله بالنظام الخاص فإنه لم يصدر مكتوبا ولا منشورا بل كانت وسيلته التبليغ الشفوى عن طريق تسلسل القيادة.

- غنى عن الذكر أن نقول أن هذا الأمر لم يصدره المرشد العام فجأة ولا من تلقاء نفسه مع أن هذا من حقه وإنما صدر بعد اتصال المرشد العام بالكثير من العاملين بعد أن تقدموا إليه بوقائع ثابتة لها خطورتها وتنذر بشر مستطير، ونعرض على القارئ واحدة منها حتى يكون معنا فى تقدير ما كان يكتنف الموقف من خطر داهم:

"جاء أحد إخوان النظام الخاص وأخبر المرشد العام بالتالى: فى أثناء اجتماعنا العادى أخبرنا صلاح عبد المعطى أنه بتكليف من رئيس النظام الخاص دعا بعض شباب النظام الى الحضور لاجتماع فى منزل أحد أعضاء النظام الخاص أسمه الأخ جمال النهرى، وحضر هذا الاجتماع الأخوة عز الدين مالك وعلى صديق وحسن عبد الغنى وغيرهم، ثم حضر إليهم حازم النهرى شقيق الأخ الذى يجتمعون عنده، وهو من تشكيلات الضباط الأحرار ومخابراتهم وأخذهم الى منزل عبد الحكيم عامر الذى اجتمع معهم، وحضر الاجتماع جمال عبد الناصر وصلاح سالم، وأخذوا يسيئون الى المرشد العام وجماعة منير دله يصورون لهم الخلاف بين الثورة وبين المرشد العام على انه خلاف شخصى وليس خلافا على مبادئ أو سياسة".

وتحت عنوان (جريمة غدر مجنونة).

كتب يقول:

من هذا يتضح أن إجراء المرشد العام بتنحية رئيس النظام عن رئاسة النظام ليست إلا إجراء عاديا كان يجب أن يقابل من أخ بايع على السمع والطاعة بالتسليم والرضا وتوجيه جهوده لميدان آخر من ميادين الدعوة الفسيحة ..

ولكن الذى حدث كان عكس هذا تماما، اعتبر هذا الأخ هذا الإجراء اعتداء عليه وسلبا لسلطان يرى أنه حق أبدى له .. وإذا كان قد ناوأ المرشد العام من قبل فى خفاء فإنه أصبح الآن فى حل من إعلان الحرب عليه مستبيحاًفى سبيل ذلك كل وسيلة تحتاج له. أتدرى أيها القارئ ماذا فعل؟

-    كان يعلم أن المهندس سيد فايز وهو من كبار المسئولين فى النظام الخاص من أشد الناقمين على تصرفاته، وأنه وضع نفسه تحت أمر المرشد العام الجديد لتحرير هذا النظام فى القاهرة على الأقل من سلطته، وأنه قطع فى ذلك شوطا بعيدا باتصاله بأعضاء النظام فى القاهرة وإقناعهم بذلك. إذا فالخطوة الأولى فى إعلان الحرب وكذلك سولت له نفسه أن يتخلص من السيد فايز، فكيف تخلص منه ..؟

 "أنه تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله .. أنتهز فرصة حلول المولد النبوى الشريف وأرسل إليه فى منزله هدية، علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه، ولم يكن الأخ سيد فايز فى ذلك الوقت موجودا بالمنزل فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقاً له وجرحت بقية الأسرة وهدمت جانبا من جدار الحجرة.

"وقد ثبت ثبوتا قطعيا أن هذه الجريمة الآثمة الغادرة كانت بتدبير من هذا الرئيس .. وقد قامت مجموعة من كبار المسئولين فى هذا النظام تتقصى الأمور فى شأن هذه الجريمة وأخذوا فى تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتى صدر منه اعتراف ضمنى".

"ولكن الذى يلفت النظر أن الحكومة حين باشرت التحقيق فى هذه الجريمة البشعة باشرته لمجرد سد خانة، حتى لا يقول الناس لماذا لم تقم الحكومة بالتحقيق؟ وقد أقفل المحضر دون توجيه أتهام لأحد .." انتهى كلام محمود عبد الحليم فى الجزء الثالث من كتابه (الإخوان ..؟! أحداث صنعت التاريخ) رقم الإيداع 7113/85 الترقيم الدولى 4/25/1395/977..

تعقيــب:

[ولماذا لم يتقدم أحد من الاخوان ببلاغ وأتهام مباشر لمساعدة الحكومة لمعرفة الفاعل خاصة وأنكم تعرفونه ؟؟؟].

شهادة صلاح شادى:

{ونبدأ فى أقوال صلاح شادى أحد قادة فرقة الإخوان الكبار ورئيس النظام الخاص الثانى (قسم الوحدات، خاص برجال الشرطة) حيث تكونت ثلاث فرق للنظام الخاص فى عهد حسن البنا بعد أن ساءت العلاقة بين البنا وبين عبد الرحمن السندى:

[نظام خاص سرى يقوده صلاح شادى، نظام خاص سرى يقوده الصاغ محمود لبيب مع ضباط الجيش، هذا بجانب النظام الخاص الأساسى الذى كان يرأسه عبد الرحمن السندى، وسوف نلقى الضوء على الأنظمة الثلاثة قريبا بإذن الله، ونعود الى ما قاله القطب صلاح شادى فى فرقة الإخوان ورئيس النظام السرى الثانى. يقول فى صفحة 142 من كتابه (صفحات من التاريخ حصاد العمر) ..].

"بدأ الاخوان يفدون الى حسن الهضيبى بعد أن تولى قيادة الاخوان فى 30/10/1951 .. كل يحدثه بما يراه من خطأ يلزم إصلاحه فى نظام الجماعة أو فى رجالها، وضاق الرجل ذرعا بما كان يسمعه، وربما كان صاحب الحديث صادقا فى الرغبة فى الإصلاح وفى ظنه أن نافذة هذا الإصلاح إنما تفتح فقط عند المرشد

- ومن هنا سمع الكثير، الأمر الذى شاب وجدانه وضاق بالإخوان فيه.

تعقيــب:

{المرشد حسن الهضيبى من مواليد ديسمبر 1891م من عرب الصوالحة قليوبية تولى قيادة الإخوان فى 30 أكتوبر 1951م}. وهو ليس من الإخوان…؟!.

- وقد كان عمره وقت توليه قيادة الاخوان 60 عاما.

{واستمع المرشد الى رأى سيد فايز فى إصلاح النظام الذى يدعو الى تخلى كل قادته المعروفين لدى الحكومة عن مراكزهم، إذ لا يتصور أن يتم أى عمل فدائى يكون أسم صاحبه معروفا لدى الشرطة، وإلا فقد النظام السرى مضمونه واصبح علنيا !! واقتنع المرشد بهذا الرأى}.

تعقيــب:

{إذا كان الهضيبى ينوى القيام بأعمال تخريبية بدليل أنه وافق على رأى سيد فايز والشاهد على ذلك الرواى صلاح شادى !!!} وبدأ يخطو حكمه بالإعلان عن عدم وجود هذا النظام داخل الجماعة وفى نفس الوقت ظل مبقيا على واقع التنظيم بدون أى تغير. [(لماذا ..؟!)].

"وأيقن السندى أن الأرض التى يقف عليها لم تعد صلبه، وأن هناك تفكيرا فى تغييره وتغيير غيره من قادة النظام، وأدرك أن الفكرة التى حملها سيد فايز يحملها فى الوقت نفسه كمال القزاز ومحمد شديد وغيرهم، وكان قد سبق طرحها عليه فلم يوافق، فبدأ يعرض على الإخوة أعضاء مكتب إرشاد النظام فكرة خلع المرشد !!"

"والاحتمال الغالب أنه لما لم تتحقق رغبة السندى هداه فكره الى التخلص من هؤلاء الذين جرى فى ظنه أنهم يحفرون الأرض تحت قدميه، أو ربما هداه هواه الى أن إفضاء سيد فايز للمرشد بمعلوماته عن النظام خيانة تبيح له قتله شرعا!!"

تعقيــب:

{فى شرع من هذا يا جماعة الإخوان ..؟}

"وقد روى لى الأخ على صديق أن الأخ محمود الصباغ حاول أن يعرف سر حادث مقتل سيد فايز، فذهب مع الشيخ الغزالى والشيخ السيد سابق الى عبد الرحمن السندى بعد الحادث بفترة ليست طويلة ليسألوه عن حقيقة الحادث، وافهموه أنهم لا ينتظرون منه إلا جوابا بالنفى أو الإثبات وأن ما يقدمه من شروح دون ذلك يعنى عندهم ارتكابه الحادث، فلم يجيبهم بالنفى فخرج الثلاثة باقتناع واضح أنه هو الذى دبر الحادث".

ولم يجر تحقيق من قيادة الجماعة بخصوص مقتل المرحوم سيد فايز، كما لم يتهم أحد بارتكاب الحادث، وإن جرى ظن الاخوان باتهام السندى على الأقل بأن له صلة بالحادث.

وكان المرشد قد عين فى هذا الوقت الأخ يوسف طلعت لرئاسة النظام بعد فصل السندى، وبدأ يوسف طلعت رحمه الله يمارس دوره فى تسلم أجهزة النظام بدون موافقة السندى.

وبعد ذلك يقدم لنا صلاح شادى شهادة أحد الأخوان وهو سيد عيد يوسف المسئول عن إخوان النظام الخاص فى منطقة شبرا، فيقول على لسان سيد عيد يوسف فى ص 143 من كتابا لحصاد الآتى: "ويحسن هنا أن نسجل شهادة أحد رجال النظام الثقاة، وهو الأخ سيد عيد يوسف الذى كان مسئولا عن إخوان النظام فى منطقة شبرا الخيمة آنذاك وفى وقائع مقتل سيد فايز ومحاولة استكتاب المرشد العام استقالته، واحتلال المركز العام، وقد كان من بين الذين نهضوا بدور كبير فى تلك الأحداث لصلته الوثيقة بأحمد عادل كمال، قد استطاع بفضل الله أن يشتت جهود القائمين على تلك الفتنة وأن يحبطها.

شهادة سيد عيد يوسف:

ويشهد صلاح شادى باعترافات سيد عيد يوسف خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر عام (1953) كان الجو الحكومى مشحونا ضد جماعة الإخوان...؟.!.، وكانت خطة عبد الناصر وقتها هى الاتصال بأعضاء من الجماعة من خلف ظهر المرشد ساعيا لتجميعهم ضده، بعد أن تبين له أن المرحوم الهضيبى يشكل عقبة خطيرة فى طريق تنفيذ مخططاته ضد الجماعة.

وفى المقابل كانت هناك محاولات من جانب المرشد لتصحيح أوضاع النظام الخاص، الذى كانت قيادته تتصرف بعيدا عن قيادة الجماعة، وخاصة بعد فصل الأربعة المسئولين، فأصبحوا يجاهرون بعدم ارتباطهم بالمرشد، بل يغذون روح العداء تجاهه فى أفراد النظام الخاص، فكلف المرشد الأخ حلمى عبد المجيد (كان يعمل بشركة المقاولين العرب) وأحمد حسنين الاتصال بالأعضاء دون جدوى، إذ كان لابد أن يتم ذلك عن طريق أحمد عادل كمال رئيس منطقة القاهرة، فهو الذى يحتفظ بأسماء تشكيل النظام الخاص لديه سرا، وعندما بدأ الأخ سيد فايز وهو من قادة النظام الخاص الاتصال بأفراده ليبين لهم خروج السندى عن طاعة المرشد، ويدعوهم للارتباط به، اعتبر السندى وأحمد عادل كمال أن هذا التصرف، فيه إذكاء للفتنة بين أعضاء النظام الخاص وبين المرشد !!

ويواصل الأخ سيد عيد روايته: [التى سجلها صلاح شادى فى كتابه].

"كنت فى السنبلاوين عندما علمت باستشهاد سيد فايز حين طالعت الخبر فى الصحف صباح يوم الجمعة الموافق 21 نوفمبر عام 1953 = 14 ربيع الأول 1372هـ فعدت الى القاهرة وعلمت أن الحادث تم الساعة الثالثة بعد ظهر الخميس، عندما حمل أحد الأشخاص الى منزل المهندس سيد فايز (هدية المولد) عبارة عن علبة حلوى بداخلها شحنة ناسفة من مادة الجلجنايت سلمت الى شقيقه، وأدعى حاملها أن أسمه كمال القزاز حتى إذا حضر سيد فايز بعد ذلك انفجرت المادة الناسفة، فى محيط الغرفة الضيقة وأطاحت بحاملها بل بحائط الغرفة جميعه، الذى هوى الى الشارع".

"وفؤجئت بوالدتى تخبرنى أن أحمد عادل كمال قد حضر الى منزلنا فى الساعة الثانية عشرة ظهر يوم الخميس، وأحضر معه حقيبة فلما فتحتها وجدت فيها أشياء يحرص أحمد عادل كمال كل الحرص على سريتها، تتضمن جوازات سفر مصرية بدون أسماء وتقرير لمخابرات الاخوان عن حركة الجيش وتحركات السفارتين البريطانية والأمريكية فى مصر، وتقارير عن تحركات الشيوعيين، وهى أمور سرية للغاية وأشياء أخرى تخصه".

"وقد أدركت أنه أتى الى بهذه الأشياء لأنه يخشى من تفتيش بيته خشية حالة وراجحة ارتبطت فى ذهنى بحادث الشهيد سيد فايز فتوجهت الى المركز العام وأبلغت فضيلة المرشد، والأخ الدكتور خميس حميدة نائب المرشد حينذاك بهذا الأمر وسلمت محتويات الشنطة".

بعد هذه المسألة بثلاثة أيام السبت الموافق 22 نوفمبر = 15 ربيع أول وهو اليوم التالى لتشييع جنازة سيد فايز، صدر قرار من مكتب الإرشاد بفصل أربعة من قادة النظام الخاص، هم عبد الرحمن السندى، وأحمد عادل كمال، ومحمود الصباغ، وأحمد زكى، فعدت مرة ثالثة الى المركز العام لإبلاغ الدكتور خميس حميدة بأن لى ارتباطا خاصا مع أحمد عادل كمال، أحد هؤلاء القادة، فقد كان هناك مخزن للسلاح يقع تحت بيت أحمد عادل كمال (الحقيقة أن المخزن كان فى منزل سيد عيد ..) ولكننى كنت أنا المسئول عنه، فأبلغنى الدكتور خميس بأن صلتى التنظيمية بهم قد أنتهت، ولكن تبقى صلة الجوار والمودة !!

[يقتلون النفس التى جعل الله قتلها يساوى قتل البشرية كلها ويحافظون على صلة الجوار والمودة ؟!؟!؟!]

وحين كنت بالمركز العام رأيت أحمد عادل كمال، الذى حضر ليسأل عن أسباب فصله، فأجاب الدكتور بأن يقدم شكوى لمكتب الإرشاد لينظر فى أمرها، فكتبا لشكوى، وتحدثت معه عن الفتنة التى تسببت فى فصلهم، وأن موقفهم الآن بالغ الدقة، وأن عليهم تجنيب الجماعة أيه منزلقات فأجاب بأنه لن يقوم بأى عمل يذكى الفتنة، وأنه سيمكث فى منزله، ولن يكلم أحدا حتى تظهر براءته.

"وبعد عدة أيام صدرت توجيهات لبعض شباب النظام الخاص، لإحراج المرشد بالأسئلة حول أسباب فصل قادة النظام الخاص، لكن المرشد خاصة بعد مقتل سيد فايز لم يكن يذكر أسبابا دعت لهذا الفصل، وان نفى المركز العام وجود صلة بين قرار الفصل وحادث سيد فايز، لأن أهم الأسباب الجوهرية كانت صلة المفصولين بقيادة الثورة من خلف ظهر قيادة الجماعة، وليس من الحكمة الجهر بهذا السبب فى حين تتربص الحكومة بالجماعة، فاستغل المفصولين هذا الأمر وبدأوا يشيعون فى صفوف الاخوان أن الجماعة تخلت عن الجهاد وأصبحت مجرد جمعية خيرية بعد حل الأحزاب، ولهذا يسعى المرشد لحل النظام الخاص !!"

"وسمعت من أحمد عادل كمال بأن على صديق ذهب إليه بالمنزل، واقترح عليه أن يذهب جمع من شباب الاخوان الى منزل المرشد لسؤاله عن أسباب الفصل، فإذا لم يجب إجابة واضحة طالبوه بالاستقالة، وفى الوقت نفسه تتواجد فى المركز العام مجموعة من المتعاطفين مع القادة المفصولين من أعضاء مكتبالإرشاد والهيئة التأسيسية، منهم صالح عشماوى ومحمد الغزالى، وعبد العزيز جلال، والسيد سابق .. لكى يختاروا مرشدا عاما للاخوان بدلا منه، وكان التدبير أن يختاروا صالح عشماوى، حيث كان قد اتهم قيادة الجماعة بالتخلى عن الجهاد".

"فصارحت أحمد عادل كمال بأن هذه علامات فتنة، وأنى لن أسكت إذا حدثت، ومن وقتها بدأ يحجب ويخفى عنى الأخبار بعد أن أيقن أننى لن أقف مكتوف اليد أمام أى خروج على الجماعة ومرشدها".

"وكانت تساورنى الشكوك فى أن يكون أحمد عادل كمال ضالعا فى مقتل سيد فايز، وقد عرض فى التحقيق على الفتاة التى تسلمت الطرد فلم تتعرف عليه، مما يقطع بأنه لم يكن هو الذى نفذ العملية، وقد علمت أن هناك طالبا فى كلية الطب فى السنة النهائية وقتها كان مشتركا فى رحلة مع الكلية، صادف موعدها يوم الحادث، فمنعه أحمد عادل كمال من اللحاق بإخوانه واستدعاه من الرحلة وهو يشبه كثيرا أحمد عادل كمال، فى قصر القامة وصلع الرأس واسمه محمد أبو سريع، وصلته مباشرة بأحمد عادل كمال، ومن الأسر المرتبطة به ارتباطا خاصا، وعندما عرض أحمد عادل كمال على الفتاة التى تسلمت الطرد لم تتعرف عليه إنما قالت إن الجانى يشبهه".

"والغريب فى الأمر أنه برغم حرص الحكومة فى اعتقالات عام (1965م = 1385هـ) أن تترك شيئا من قضايا السلاح القديمة، التى تم التحقيق فيها عام (1954م = 1373هـ)، دون إعادتها للتحقيق، فإنها لم تحاول أن تثير موضوع مقتل سيد فايز إطلاقا ولو حاولت لحصلت على ما تريد من معلومات، لأن أحمد عادل كمال كان وقتها مستعداً من شدة التعذيب أن يقول كل شئ .. كل شئ!!".

الاستقالة:

ويمضى الأخ عيد يوسف فى سرد الأحداث فيقول:

"وفى يوم الجمعة الموافق 11 ديسمبر عام 1953م 4 ربيع ثانى 1373هـ، أى بعد أسبوعين من قرار الفصل ذهبت قبل العصر الى مسجد شريف القريب من منزل المرشد وكنت على موعد مع الأخ حسن عبد الغنى، وفوجئت بوجود عدد كبير من شباب النظام الخاص، على رأسهم فتحى البوز وعلى صديق، مما لفت نظرى، وعندما التقيت بحسن عبد الغنى كان معه الأخ اسماعيل الهضيبى أخبرته بكل ما أعلمه فلم تعتره الدهشة، وطلب إلى متابعة الأمر، أما الأخ إسماعيل فقد قال: هذا مرشدكم وأنتم أحرار معه ومن ناحيتى لن أتدخل فى هذا الأمر، ورأيت محمد أحمد سكرتير السندى وعلى صديق وفتحى البوز وعلى المنوفى مع آخرين لا أذكر أسماءهم يتشاورون فيمن يكلم المرشد، واختاروا على المنوفى لأنه هادئ الطبع".

"وصعدت مجموعة عددها حوالى عشرين الى منزل المرشد، امتلأت بهم غرفة الاستقبال وبقى الآخرون فى المسجد، وحضر إليهم المرشد قائلا: السلام عليكم، فوقف الجميع وردوا السلام فقال: (زيارة ولا وظاهرة) قالوا زيارة، وبدأ على المنوفى بالكلام بهدوء .."

"وقال إننا حضرنا لسؤال فضيلتك عن سبب فصل قادة النظام الخاص، هنا تدخل الأخ محمد حلمى فرغلى ليقول: (لا، نحن لم نحضر للسؤال، بل قدمنا لأننا تعبنا منك لأنك لا تعرف كيف تقود الجماعة ونحن لم نر منك خيراً، ونحن حضرنا لنطالبك بالاستقالة) فسأله المرشد: الأخ أسمه أيه؟ فرد عليه الأخ أحمد نصير فقال: فضيلتك بتسأل عن أسمه ليه؟ فأجاب المرشد: واحد بيطالبنى بالاستقالة. ألا أسأله عن أسمه؟. وعقب أحمد نصير قائلا: (أم أنك تريد أن تتخذ ضده إجراءات)، فأجاب المرشد: يا بنى: ماذا نملك نحن من إجراءات حتى ننفذها فيكم؟ فقال الأخ: اسمى محمد حلمى فرغلى من إخوان تحت الأرض!!"

وهنا هم المرشد بمغادرة الحجرة الى داخل المنزل، فقالوا له حضرتك رايح فين؟ فقال: (أنتم طالبين استقالتى وأنا رايح اكتبها) وقد بدا الأنفعال واضحا على وجهه".

"وهنا تصدى له محمد أحمد، وفتحى البوز، ومنعاه من الدخول، وخلعا سماعة الهاتف لمنع الاتصال بالخارج، فغادر المرشد الحجرة من الباب المطل على السلم، فلحق به على صديق، ومحمود زينهم، الذى قال للمرشد: (مايصحش برضه فضيلتك تنزل كده بالروب) فقال له: (يا بنى انتو خليتوا حاجة تصح أو ميصحش!) وهنا حمله محمود زينهم وعاد به الى الغرفة .. وعندما نزلت الى الشارع، لأجد الأخ سيد الريس غاضباً للغاية قائلا: هل هذا إسلام؟ خدعونا! ظلمونا! لقد كادوا للرجل .. فقلت له ما دمت من هذا الرأى فابق مع الرجل ولا تتركه، وأسرعت الى حسن عبد الغنى الذى حضر ولم يفعل شيئاً .. وجدت عبد الرحمن البنان (فى صالة شقة المرشد واقفاً مع على نعمان، وسمعت الأخير) يقول للأخ البنان: ألا تذهب الى المركز العام، حيث أعضاء الهيئة التأسيسية ينتظرون هناك ..!

فأجاب الأخير: لا كفاية لغاية كده ..

تعقيــب:

(ولا يزال أعضاء فرقة الإخوان ؟! يقولون ويخدعون الشباب إنهم أصحاب دعوة .. أى دعوة هذه التى تصارع فيها الأعضاء بهذا الشكل الذى إن دل على شئ فإنما دل على أنهم ليس لهم دعوة !!!).

احتلال المركز العام

وما زال الأخ سيد يتابع حديثه:

لقد كان الشق الثانى مما دبر هو الاتصال بالمركز العام حتى تصل استقالة المرشد حسن الهضيبى.

غادرت المكان وذهبت للأستاذ محمود عبده وعند خروجى التقيت بالأخ عبد العزيز أحمد سكرتير الإمام الشهيد فأخبرته بما جرى فدخل بيت الأخ محمد فاضل صهر الأستاذ سعيد رمضان وبدأ بالاتصال بأعضاء مكتب الإرشاد والهيئة التأسيسية لإبلاغهم بما حدث، فتركته وعدت لبيت المرشد لأجد الإخوة إسماعيل عارف وفوزى فارس وحسن عبد الغنى وسيد الريس من إخوان النظام وغيرهم يحاولون إقناعه بأن الذين حضروا الى منزله لم يكونوا متفقين على ما تم، وإن قلة فقط هم الذين دبروا ذلك وإن الآخرين خدعوا، ونحن على مثل ذلك، فقال لهم لماذا إذن لم تتكلموا؟ فقالوا: نحن كرهنا أن تحدث مجزرة فى منزلك، فطالما لم يتعد الأمر مسألة الكلام فنحن نسكت، لكن لو تطور الأمر فنحن جاهزون للتصرف".

"وذهبت الى نجيب جويفل بالروضة لسابق علمى أنه على خلاف مع السندى وابلغته بما حدث فى بيت المرشد وما يجرى بالمركز العام، ثم توجهت الى حدائق القبة لأصطحب الأخ إبراهيم صلاح الى منزل محمد أبو سريع لصلته الوثيقة به حيث كان لديه كراسة فيها أسماء أفراد النظام الخاص، وكنت حريصا على الحصول عليها فذهبنا لمنزله فلم نجده وحاولنا أخذ الكراسة من مكتبه إلا أننا عجزنا عن فتح أدراج المكتب فتوجهنا للمركز العام للإلتقاء به واستحضارها منه".

"ولدى دخولى المركز العام وجدت أفرادا فى النظام أغلبهم من رؤساء المناطق قدموا من القاهرة والمنوفية، وبعد قليل اتصل بى تليفونيا الأخ صلاح العطار مسئول النظام عن شبرا ومن المقربين للسندى، وكان معه فى الشقة التى تدار منها الأحداث فى باب اللوق قرب مبنى جريدة الأهرام القديم، فقال لى: ماذا تعمل فى المركز العام؟ قلت له أؤدى مهمة .. قال من كلفك بها؟ قلت الله كلفنى بها، فأعطانى عنوان المكان الذى ينتظرنى فيه بالقرب من مبنى صحيفة الأهرام وقال: تعال إلى، فذهبت والتقيت به تحت البناية التى بها الشقة وكنت فى أشد حالات الانفعال فقصصت عليه ما عندى ثم انخرطت فى البكاء فهدأنى قائلا هناك ما هوأخطر من هذا .. إن "السيد سابق قادم الآن من عند عبد الناصر ليبلغ السندى بموافقته على الانقلاب داخل الإخوان وأنه لن يتدخل الى ان يتم الأمر لان تدخله سوف يقلب الأمور وأن التعاون مع عبد الناصر سيتم بعد نجاح الانقلاب!!" وأحسست عندها بتعاطف صلاح العطار معى".

تعقيــب:

[يا علماء الإسلام هل هذا السلوك من الإسلام ؟! ..]

"واتفقنا على التصرف بحكمة لمواجهة الفتنة فصعد صلاح الى السندى وعادل كمال وابلغهما بأنه استطاع إقناع سيد عيد مسئول إخوان شبرا الخيمة بالإشتراك معهم وبالتالى يمكن الاستعانة بأخوان شبرا. وطلب السيارة التى معهما لإحضار إخوان شبرا للمشاركة فى الأحداث، وكان الأستاذ سعيد رمضان مكلفاً من جانب المرشد بالاتصال بصلاح سالم وزير الإرشاد بشأن عدم نشر هذه الأنباء، ووافق صلاح سالم على ذلك، إلا أن عبد الناصر قال وقتها إن الصحف حرة فيما تكتبه ولا يريد أن يؤثر عليها!".

يا فرحة الصهيونية:

ويمضى الأخ سيد عيد فيقول:

"وحدث فى أثناء انتظارنا قرب منزل المرشد أن التقينا بالأستاذ سيد قطب الذى كان غاضباً يردد: يا فرحة الصهيونية والصليبية العالمية !! "وعندما أتيحت لى الفرصة بعد ذلك وأنا فى السجن للالتقاء بالأستاذ سيد قطب تذكرت حديثه وقد تساءلت وقتها فى نفسى بدهشة ما دخل الصهيونية والصليبية العالمية بخلاف داخلى بين الاخوان ؟!"

"فقال لى لقد اتصل بى الأستاذ على أمين الساعة الثانية ظهر يوم الحادث، وسألنى قائلا أين حاسة الصحفى عندك!! (الاخوان قائمين على بعض بالسلاح وأنت قاعد فى البيت؟!) فقمت عندها وأخذت سيارة تاكسى وذهبت الى بيت المرشد فلم أجد شيئا غير عادى، وذهبت الى المركز العام بعد الواحدة صباحا، وعند وصولنا وجدنا أن السندى قد اتصل بالمعتصمين هناك ليقول لهم: اسمعوا وأطيعوا لصلاح العطار، ووجدت أن أكثر الموجودين نشاطاً فى محاولة دفع الفتنة وإنهاء الاعتصام وهو عبد العزيز كامل (رجل عاقل) فجاء إليه صلاح العطار وقال له: عليك بفتحى البوز وعلى صديق فتوصل معهما الى اتفاق، وجلس معهم حسن عبد الغنى واتفقوا جميعا على الذهاب الى السندى ليخبروه بأن الأمر لا يمكن أن يستمر!! وركب الجميع مع صلاح العطار وذهبوا للسندى فى الشقة، فأسقط فى يده، وقال لهم تصرفوا كما تريدون وأنهوا الموضوع، وعادوا الى المركز العام، وغضب صالح عشماوى عندما علم أن هناك نية لإنهاء الموضوع حاول الاتصال بالسندى ولكن صلاح العطار جمع الاخوان داخل صالة المركز العام وبدأ يتكلم عن السمع والطاعة وأن مطالبهم أجيبت ولكن كى يتم الأمر بالطريق الصحيح لابد من الالتزام بالسمع والطاعة وطلب إليهم عدم التواجد فى المركز العام والانتشار بأسرع ما يمكن، على أن يبقى سامى البنا وسيد عيد فقط للمشاركة فى حراسة المركز العام، وبعد أن أنفض الجمع ذهبت الى صالح عشماوى وسألته إن كانت صلة بين هذه الحركة وحركة الجيش، فارتبك وكان يعلم مدى حساسية الاخوان تجاه السلطة القائمة".

"وفى نحو الساعة الثالثة بعد منتصف اليوم سمعت هتافات خارج المركز العام فخرجت مع سامى البنا لنرى سيارات تاكسى تحمل عددا من الاخوة من قسم الوحدات (الذى يرأسه صلاح شادى) لم ينتظروا حتى نفتح لهم باب المركز العام فتسلقوا السور ودخلوا المبنى ومعهم صلاح شادى ونجيب جويفل الذى كان يعرف موقفى منهم قبل ذلك (همج)".

"وتوجهت الى صلاح عشماوى فى غرفة المرشد فوجدته يصلى! ولما أنتهى من صلاته أفهمته بأنه لابد من الخروج من غرفة المرشد لمواجهة الموقف فمنعنى قائلا: أنت مجنون يموتونا إذا خرجنا، ولكنى خرجت والتقيت بصلاح شادى فأمهلنى ربع ساعة للخروج مع صالح عشماوى وعبد العزيز جلال بذلك، وقلت لهما أنى مسئول عن حياتهما هذه الفترة فقط، فخرجنا وأنا معهما الى حيث كانت سيارة صالح عشماوى بعيدة قليلا عن دار الاخوان فاستقلاها وأنتهت بذلك قصة احتلال الدار وإن لم تنته آثارها".

تعقيــب:

[والفتنة أشد من القتل !!!]

ويقول صلاح شادى:

"هكذا ينتهى الأخ سيد يوسف من سرد أحداث دار المرشد والمركز العام للإخوان ..؟! وقبلهما حادث الشهيد سيد فايز وتوافق أقواله مع ما وصلنى من أنباء ليلة حادث احتلال المركز العام، عندما عدت من عملى الى منزلى متأخرا فاتصلت تليفونيا بمنزل المرشد العام فأجابنى عبد الحكيم عابدين مصدقا على ما حدث، فتوجهت ومعى ما يقرب من ثلاثين أخا من إخوان قسم الوحدات وبصحبتى نجيب جوفيل وإبراهيم بركات ومحمد الشناوى وعدد آخر ممن استطعنا اصطحابه وقتئذ من قسم الوحدات، ودخلنا المركز العام بعد تسلق السور حيث كان الباب مغلقاً بالسلاسل، وواجهنا الذين كانوا فى الحراسة دون الاضطرار الى استخدام الأسلحة أو التلويح بها. ووجدت داخلا لدار فى مكتب المرشد الأستاذ صالح عشماوى والأخ عبد العزيز جلال فطلبنا منهما مغادرة الدار إذ لم تكن هناك مشكلة فى داخل الدار سواهما. وكانت مباحث عبد الناصر وقوة من البوليس تقف خارج الدار انتظاراًلأوامر لم أكن أدرى كنهها فى ذلك الوقت!".

"وقد علمت بعد ذلك أنهم كانوا ينتظرون إعلان استقالة المرشد بداية لتوقيت تنصيب صالح عشماوى بدلا منه ومنع أى شخص من دخول الدار إلا بإذن المرشد الجديد بدعوى منع الاعتداءات ودفع أى مشاحنات! لكن عدم النجاح الذى لازم الخطوة الأولى حال دون استمرار المهزلة، واتصلت بالأستاذ الهضيبى من الدار وأفهمته ما تم .. ثم ما لبث الأمر أن ذاع فى القطر وبدأت تترى على الدار المكالمات الهاتفية من شتى الأنحاء تستعلم عن صحة الخبر فأشار المرشد بإخطار كافة المناطق والشعب بالحضور فى اليوم التالى لسماع حديثه فى هذا الشأن".

"وفى عصر اليوم التالى اكتظت الدار، بالحشود وامتلأت الشوارع الموصلة إليها بجموع غفيرة من الإخوان، وشاهدت منظراً لا أنساه، لقد كان الاخوان يفدون من شتى المناطق والشعب وما أن تطأ أقدامهم أرض المركز العام حتى تخر الجباه لتصلى لله تعالى صلاة شكر!".

"وبلغ المشهد مداه من التأثر حين صعد المرحوم الشهيد عبد القادر عودة يعلو المنصة ويعلن للمجتمعين وفاءه لقائده ومرشده وأن المؤتمرات مهما بلغت فلن ترتفع الى مواطن أقدام المؤمنين وأنتهى المشهد بقبول اعتذار الإخوة على صديق وفتحى البوز وغيرهما ممن أدرك خطأه بالانقياد للسندى .. واضطلع يوسف طلعت بمهامه كقائد للنظام الخاص ليسير به كما أوصاه المرشد (نحو وجهته الصحيحة بعيدا عن الروح التى أملاها السندى على اتباعه) وكان أول عمل قام به إخوان النظام الخاص برئاسة يوسف طلعت رحمه الله هو تسلمهم حراسة دار المركز العام من إخوان قسم الوحدات يوم اكتظت الدار بالحشود التى قدمت فى اليوم التالى لاحتلال اتباع السندى لها، وكنا فى هذا الوقت عاجزين عن إدراك ما تنويه الحكومة تجاهنا، ففرضنا حراسة دائمة على المركز العام ومضى الشهيد يوسف طلعت فى الاضطلاع بمهمته الجديدة فوضع يده على أقسام النظام المختلفة فى الوقت الذى كان ظهره مكشوفا لخصوم الجماعة عبد الناصر والسندى".

"وهكذا نقول فى صدق ويقين إن ما أصاب جماعة الإخوان من محنة استشهاد سيد فايز ومحنة الاعتصام فى دار المركز العام ومحاولة استكتاب المرشد استقالته كانت كلها عند المنصف شهادة كشفت للنظام عن أصالة هذه الجماعة وصلابة قاعدتها فيما جرت به الأحداث بعد ذلك".

[أنتهى كلام صلاح شادى وإليك أقوال أحمد عادل كمال عن نفس الحادث (حادث مقتل سيد فايز عبد المطلب عضو النظام الخاص الذى قتله النظام الخاص) رداً على كلام صلاح شادى والوارد فى كتابه حصاد العمر مع ملاحظة أن الود بينهما مفقود].

بعد أن عرضنا أقوال القطب الاخوانى الكبير صلاح شادى عن حادث مقتل سيد فايز عبد المطلب وقد وعدنا بأن نستعرض معا فى هذا البحث رد الأستاذ أحمد عادل كمال وهو أحد قيادات النظام الخاص وأحد الأربعة الكبار الذين فصلهم المرشد الثانى حسن الهضيبى من فرقة الاخوان فى عام 1953م = 13هـ ومازالوا مفصلوين الى الآن.

وأحمد عادل كمال من مواليد 1926م  بحى السيدة زينب من أسرة متوسطة الحال أكبر أخوته ولدان وبنت، والده كان يعمل بالطرق والكبارى وأحمد عادل اسم مركب ومنذ نشأته وهو لا يحب الاختلاط ويعكف فى منزله على هواياته فى جمع طوابع البريد وجمع العملة الأجنبية والرسم ولعب الشطرنج مع أفراد أسرته، وبعد أن دخل الإخوان تحول الفتى الإنطوائى الى النشاط الحركى والثقافى والرياضى علنيا وسريا وكان أول اتصال له بهذه الفرقة عام 1942م = 13هـ حصل على الثانوية العامة فى نفس العام الذى دخل فيه فرقة الإخوان والتحق بكلية التجارة جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1946م ثم التحق بالعمل فى البنك الأهلى وقبض عليه فى حادث السيارة الجيب 15/11/1948م وخرج من السجن فى مارس 1951م واعتقل فى عام 1954م حتى 17/6/1956م واعتقل لثالث مرة فى سبتمبر 1965م = 13هـ وأفرج عنه فى فبراير 1971م = 13هـ.

شهادة أحمد عادل كمال:

- كتب يقول الأستاذ أحمد عادل كمال فى كتابه النقط فوق الحروف "الاخوان والنظام الخاص" وهذا الكتاب محفوظ بدار الوثائق والمكتبات المصرية تحت رقم 3655 لسنة 1986م = 14هـ الترقيم الدولى 7/33/1470/977.

والطبعة التى تحت أيدينا هى الطبعة الثانية 1409هـ = 1989م وكتب فى صفحة 138 وما بعدها يقول تحت عنوان (حصاد العمر).

"لقد أصدر أخونا فى الله تبارك وتعالى صلاح شادى كتابا عنوانه (صفحات من التاريخ حصاد العمر) أحسبه من أوله الى آخره كتاب من يدافع عن نفسه أنه أسلم جماعة الإخوان؟! الى جمال عبد الناصر، وهو أن يفعل ذلك يحاول أن يلصقها بمن امتلأ قلبه حقدا عليه كما يبدو من كتابه عبد الرحمن السندى".

يحتاج كتاب تاريخ الإخوان أن يرجع الى من يستقى منه، بكل أسف فقد نهج إخوان أجلاء فى بعض ما كتبوا أن نقلوا عن الأخ صلاح باعتباره من داخل وحدات الجماعة ومطلعا على خباياها، فركبوا شططا، وأعطوا الأخ المسلم عبد الرحمن السندى، رحمه الله، حقا أن يخاصمهم أمام الله يوم القيامة فيأخذ من حسناتهم وقد تكون كثيرة ويحمل عليهم من سيئاته وقد تكون كبيرة".

تعقيــب:

{ماذا تقولون جميعا لربكم يوم العرض عليه فى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا مناصب ولا شيوخ للفرق والملل والنحل عن قتلكم للقاضى الخازندار ومحمود فهمى النقراشى رئيس وزراء مصر وزميلكم سيد فايز عبد المطلب ..؟!}

"ولكن هذا لا يعنى أبدا أن نلصق بالرجل، وقد أفضى الى ربه، كل نقيصة وأن يستباح عرضه فيحمله غيره أخطاء فعلها هذا الغير!".

لقد كتبت هذه الصفحات ولم يكن حصاد العمر قد ظهر، ومنعنى من إصداره إحساسى بحاجته الى نظر وإضافات لم يتسع لها وقتى حتى صدوره، ولست أريد به ما يطلبه البعض، أن يكون ردا أو جوابا على من أود أن أجل من إخوانى فتلك مهاترة لا أحبها، ولا أريد به أن يكون كتابا على كتب خاصة من نوع حصاد العمر، ولا أبغى أن أضيف الى كتب الفتنة كتابا. ولكنى اضطررت على غير رغبة منى أن أضيف معلوماتقليلة ومقتضبة جدا وبأقل عبارة، فإذا الصحف نشرت فتكفينا محنة أخرى أن نأتى ربنا صفا فيأخذ للشاة العجفاء من الشاة القرناء! ومحن الآخوة أشد وأنكى من محن الدنيا والعياذ بالله من كل منهما.

"إخوانى أحبهم وأعزهم وأجلهم وأحسبهم من أهل الجنة بما قدموا، والمرء مع من يحب لذلك تجنبت ابوابا لم أطرقها".

أسأل الله أن يتقبل من المحسن وأن يغفر ويتجاوز عن غيره.

"كان بين صلاح شادى وعبد الرحمن السندى حب مفقود خلافا لما كان بين كل أخ مسلم وأخيه، والسبب أن صلاح شادى كان يرغب أن يكون ضمن قيادة النظام الخاص فى حين كان عبد الرحمن يرى عدم صلاحية صلاح لهذا، ولم يكف صلاح عن رغبته هذه ولم يعدل عبد الرحمن عن رأيه ذلك حتى آخر عمره".

"ولم يكتب عبد الرحمن السندي عن صلاح شادي، ولكن صلاح كتب فى عام 1981م = 1401هـ في كتابه (حصاد العمر) عن عبد الرحمن اسندي  من منظوره هو بعد أن لقى عبد الرحمن السندي ربه عام 1962م = 13هـ بتسعة عشر عاما، وقد تضمن الكتاب حوارات ثنائية بين الاثنين يتصدى فيها صلاح لعبد الرحمن السندي فيفحمه ويدمغه!! وعبد الرحمن السندي ليس حيا ليجيب، فالميدان خال لبطل واحد".

"مثلا يذكر صلاح عن حادث القطار الحربى الانجليزى أن رجاله هم الذين نفذوه ويذكرهم بأسمائهم .. فليكن، فأنا شخصيا لم أكن أعرف فاعله، ولكن يضيف أنه: فى مقابلة مع عبد الرحمن زعمها عبد الرحمن لرجاله! وكانت صدمة لصلاح !!".

"إذا كان الموقف بين غريمين أحدهما صار فى ذمة الله فقد تحتاج الرواية الى شهود وإلا بقيت ضعيفة، لست أتهم صلاح شادى لا يسمح الله بغير الصدق، ولكن الأمر يتعلق بأخ مسلم آخر وقد درج المسلمون فى رواياتهم على الإسناد فالإسناد جزء من الرواية، فإذا كان الرواى هو شاهد الواقعة فلا بأس، ولكن إذا شابها خصومة وحقد أو مصلحة فإن الأمر يختلف".

"صلاح شادى أخ مسلم وعبد الرحمن السندى أخ مسلم، لكل جهاده الذى لا تمحوه خصومة الآخر له، والموازين القسط ليست بأيدينا ولكنها بيد الله وليس أحدنا وكيلا عن الله فى الأرض يحاسب الناس ويصدر أحكامه نيابة عنه".

"يقول أيضا فى حصاد عمره" إنما العيب الرئيسى فى تنظيم الجهاد السرى على وجه الخصوص أعزوه فى رأييى "الى عدم كفاءة رئيس النظام فى النهوض بتبعات العمل الفدائى فى مجال التنفيذ، وظهر فى قضية الجيب، حين بادر بغير إكراه يذكر الى الحديث عن خفايا التنظيم ورجاله بصورة فضحتها التحقيقات، بل وظل يمارس عمله بإصدار الأوامر من داخل السجن بعد هذه الاعترافات ..".

"يرد أحمد عادل كمال فيقول: "لم يحدث أبدا، كان عبد الرحمن مريضا بالقلب وكانت تنتابه الازمة القلبية أشد ما تكون، والمحقق لا يرحم، وعبد الرحمن صامد لا يفوه بكلمة، لقد قرأنا ملف القضية فى السجن ورقة ورقة ولم يكن به حرف واحد مما ادعاه صاحب حصاد العمر، وإذا كان صاحب هذا الحصاد يستطيع فليدلنى على كلمة واحدة فاه عليها عبد الرحمن عن النظام أو رجاله، وليسال هو ومن يشاء جميع من بقى حيا من إخوان قضية الجيب، مصطفى مشهور، أحمد حسنين، حسنى عبد الباقى، محمود الصباغ، أحمد زكى حسن، محمد فرغلى النخلى، أحمد عادل كمال، طاهر عماد الدين، محمد أحمد على، على حسنين الحريرى .. إلخ فهم شهود عدول فليسألهم .. واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون !!".

"هذا مجافاة للحق لم استطع أن أتجاهله وإلا كان إقرارا بحدوثه".

"والوقائع الصحيحة فى هذا الشأن أن عبد الرحمن السندى نفى نفيا قاطعا معرفته بشئ اسمه النظام الخاص، أما عن المسئولين معه على النظام فكما جاء فى صفحة (1772) من ملف تحقيقات قضية السيارة الجيب، قرر أنه لا يعرف محمود الصباغ ولا مصطفى مشهور، واستمر على ذلك الى أخر التحقيقات ونهاية المحاكمات، وبالنسبة لأحمد زكى حسن وكذا حسنى عبد الباقى فقد جاء ذكرهما وذكر عبد الرحمن فى سجل حسابات ومصروفات النظام الخاص، الذى ضبط عند أمين صندوق النظام محمد فرغلى النخيلى، وكان يحفظه مع سجلات مسبك للمعادن يملكه بالرويعى، وكان هو الذى يمسكه، ولعل أحد غيره لم يكن يعرفه فلم يتم الاتفاق مسبقا على أقوال بشأنه، وعلل عبد الرحمن السندى تلك الحسابات بأنها خاصة بمشروع نسيج كان مزمعا إنشاؤه، ولم يتفق أحد ممن وردت أسماؤهم بالسجل معه فى الرأى، بشأن وجود هذا المشروع المزعوم، ولكن لم ينتج عن هذا كشف أسرار أو إدانة لأحد، بل أذاب الموضوع وقفله فى دائرة مفرغة تدور فيه تحقيقات النيابة دون جدوى، وكل الذى استطاعته النيابة فى آخر الأمر أن تنتهى الى أن أقوال عبد الرحمن لم تكن صحيحة، هذا شئ وما جاء فى "حصاد العمر" شئ آخر ..".

"أما عن عبد الرحمن السندى شأن كل مسلم نسأل الله أن يجزيه خيرا عما قدم وأن يغفر له فيما أخطأ، ولا ننسى له أنه الذى قام على تكوين هذا النظام العظيم الذى سبق به عصره هدفا وتنظيما".

تعقيــب:

{النظام كون فى أوائل الثلاثينيات وكان المسئول الأول عنه هو حسن البنا شخصيا وعبد الرحمن السندى لم يدخل الفرقة إلا فى أوائل الأربعينيات}.

وقام على تطويره ودفعه، وبذل كل شئ فى سبيله حتى دراسته الجامعية وصحته ومن بعد صحته حياته}.

"فى صفحة (1775) من ملف تحقيقات قضية السيارة الجيب بمحضر النيابة بتاريخ الخميس (9 ديسمبر 1948م = 7 صفر 1368هـ) جاء الآتى:

"ورد تقرير حضرة الطبيب الشرعى بشأن حالة عبد الرحمن على فراج السندى، ويتبين من الإطلاع عليه أن المتهم عنده مرض مزمن بالقلب، وانه فى حاجة الى احتياطات وقائية وصحية، وأن من الأصواب نقله الى مستشفى حكومى، حتى يكون تحت العناية الطبية والصحية اللازمة، وقد أرفقنا التقرير بالأوراق بعد التأشير عليه، ويكتب للحكمدارية بنقل المتهم على الفور الى مستشفى الدمرداش، لوضعه تحت الحراسة اللازمة، كما يكتب للمستشفى بعلاج المتهم مع موافاتها بصورة من تقرير حضرة الطبيب الشرعى للإطلاع على حالة المتهم المرضية .. إلخ".

"وضاق مستشفى الدمرداش ذرعا بإجراءات الحراسة وتفتيش الداخلين والخارجين، فطلب خروج عبد الرحمن، واعيد الى سجن مصر العمومى حيث كنا، ولكن حالته الصحية حتمت أن يكون تحت رعاية مستشفى فنقل الى مستشفى قصر العينى، وحدث به ما سبق أن حدث بمستشفى الدمرداش، فأعيد الى السجن ثم الى قصر العينى مرة أخرى، واستطاع عبد الرحمن أن يسوى الأمور مع الحراسة فبقى بمستشفى قصر العينى حتى أفرج عنه".

"فإذا أخذنا فى الاعتبار مستوى علاج مرض القلب فى مصر عام (1948م = 1367هـ) لأدركنا مقدار آلام عبد الرحمن السندى، وهو يحقق معه فيثبت ويستجوب فيصمد".

شئ عن عبد الرحمن:

"فلا يحسبن أحد من تصاوير (حصاد العمر) ومن أخذ عنه أن عبد الرحمن السندى رحمه الله كان فاقد المقومات والمزايا! لقد كان فوق كونه أخا مسلما مؤمنا إيمانا لا حدود له بفرضية الجهاد فى سبيل الله ولزومه وحبب ذلك الى قلبه، فأفرغ ذلك الإيمان فى النظام الخاص، وأخلص له الإخلاص كله. كان يعيش ويغار عليه. كان عبد الرحمن طالبا بكلية الآداب، وغضب عليه أبوه لاتصاله بالدعوة. {يقصد الاخوان وكان والده على حق فى ذلك}.
تعقيــب:

{نحيى هذا الأب على موقفه ونطالب جميع الآباء أن يمنعوا أولادهم من الالتحاق بالفرق والملل والنحل، ولا شك أن والد عبد الرحمن السندى رحمه الله كان رجلا بعيد النظر وكان ذكيا لموقفه من التحاق ابنه بفرقة الاخوان ..؟! ولقد حكى لى بعض من أثق فى أمانتهم وصدقهم بأن أباءهم منعوهم من الالتحاق بهذه الفرقة وهم الآن يتراوح أعمارهم بين الخامسوالخمسين والخامسة والستين عاما. ولو سمع عبد الرحمن نصيحة والده لفاز برضا الأب ورضا الرب}.

"ويقول أحمد عادل كمال وخيره بينها وبين أن يستمر إنفاقه عليه، وبكل صدق وبدون مرونة فيما يبدو اختار الدعوة، وأوقف أبوه الإنفاق عليه فالتحق بوظيفة بالشهادة الثانوية، ولم يكن الوقت يتسع لرعاية النظام والوظيفة والدراسة، فاضطر الى التخلى عن الدراسة وافرغ همته ونشاطه فى النظام".

"كذلك كان عنيدا يصعب تحويله، وكانت تعليمات أطبائه أن يبتعد عن الانفعالات ويركن الى الراحة فى فراشه، ولكنه كان لا يلتزم، وكان يقول لى أن إخلاده الى الراحة يمرضه وتنتابه أزمات القلب، ولكنه لا يشعر بها إذا داوم نشاطه".

"واستمر معه المرض حتى إذا كان يوم (29 يوليه 1962م = 26 صفر 1362هـ) عاد عبد الرحمن السندى الى بيته بشارع سليمان جوهر بالدقى من صلاة الفجر فى مسجد قريب كعادته، وجلس يقرأ القرآن حتى يحين موعد خروجه، ثم وجدته أسرته مائلا على جنبه والمصحف بين يديه، وقد أسلم الروح الى خالقها عن واحد وأربعين عاما. رحمه الله".

ومازالت أسرته تعيش حتى صدور هذا الكتاب فى ذلك البيت بالشارع الشعبى سليمان جوهر".

عودة الى حصاد العمر

"ويؤسفنى أيضا أن يضطرنى ذلك (الحصاد) أن أرد فى إيجاز أشد على شئ أصابنى به. قال إن أحمد عادل كمال نقل حقيبة ذات محتويات خاصة يحرص كل الحرص على سريتها الى بيت سيد عيد يوم حادث السيد فايز، رحمه الله، خشية تفتيش بيته، وبداءة لا أذكر بعد ثلث قرن أن كان ذلك قد حدث، ولكن (الحصاد) لم يذكر أن بيت سيد عيد كان مخزنا وأرشيفا للنظام نحفظ به أوراقنا ونطبع به على آله الرونيو مطبوعاتنا، وكانت لنا به حجرة خاصة لهذا الغرض".

"بجانب أن بيت سيد عيد كان فيه ما ذكر فإنه كان به أيضا مخزن للسلاح ..؟!".

وكان سيد عيد جارا لى يسكن قريبا من بيتى، فكان الإيداع بمنزله والأخذ منه يتم دائما ويوميا، فإذا استبان ذلك لم يعد غريبا ولا مرتبطا بأى حدث أن أنقل أى شئ الى ذلك البيت.

هذا قول لا ألقيه على عواهنه فالسيدة الفاضلة والدة سيد عيد تعلمه وهى من الأمهات المسلمات الصابرات، اللاتى شاركن أبناءهن المحنة، وكانت تستقبلنى فى غياب سيد وتسمح لى بدخول الحجرة أضع فيها وآخذ منها.

تعقيــب:

{هذه السيدة أنت لست من محارمها والإسلام يمنعك من الدخول عليها فى أى وقت طالما لا يوجد فى المنزل أحد من محارمها. أليست هذه هى تعليمات الإسلام التى يجب أن نسير عليها ونلتزم بها؟!}

ويقول أحمد عادل كمال:

أذكر ذلك مستشهدا بها أطال الله عمرها، وعبد العزيز شلبى أخ السيد عيد ورفيقه فى البيت يعرفه أيضا، والأخ إبراهيم صلاح كان يعرفه ولكن ما جاء بحصاد العمر كان من نوع "لا تقربوا الصلاة" أو "فويل للمصلين" ذكر شيئا وأسقط ما يتم باسقاطه الحقيقة.

ويستطرد حصاد العمر فيقول: "وقد عرض أحمد عادل كمال فى التحقيق على الفتاة التى تسلمت الطرد [شقيقة المرحوم السيد فايز] فلم تتعرف عليه مما يقطع بأنه هو الذى نفذ العملية .. محمد أبو سريع وهو يشبه أحمد عادل وعندما عرض أحمد كمال على الفتاة قالت إن الجانى يشبهه، والغريب أن الحكومة لم تحاول فى اعتقالات 1965م = 1385هـ أن تثير موضوع سيد فايز إطلاقا، ولو حاولت لحصلت على ما تريد من معلومات لأن أحمد عادل كمال وقتها كان مستعدا من شدة التعذيب أن يقول كل شئ [ويرد أحمد عادل كمال على صلاح شادى فيقول:]

والتقط الخيط لأصحح الوقائع:

نعم لقد عرض أحمد عادل على الفتاة سيدة فايز عبد المطلببناء على بلاغ بدون توقيع، وخلافا لما جاء بحصاد العمر، لقد تعرفت عليه على أنه هو الذى حمل إليها الطرد فقبض عليه، واستشهد عادل بإبراهيم صلاح أنه كان معه فى بيته طوال اليوم الذى ذكرته الفتاة ووقع فيه الحادث، حينذاك عدلت الفتاة عن أقوالها وعللتها بأن شخصا طلب إليها أن تقول ذلك، فأفرج عنه وذكرت الصحف ذلك فى التحقيقات فى حينه، ولابد أن صاحب الحصاد كان يعرفه تماما، وكان أولى أن يسأل من الذى أوعز الى الفتاة فى قلب محنتها أن تقول ما قالت، وما الدافع له على ذلك، هذه واحدة. [؟؟؟!!!].

الثانية أن محمد أبو سريع لا يشبه أحمد عادل فى قليل أو كثير فقد كتب أحدهم مكتوبا خلا من التوقيع الى المحقق يتهم أبو سريع أنه هو الذى حمل الطرد، وجئ به وعرض على الفتاة فلم تتعرف عليه.

الثالثة أن يستغرب حصاد العمر أن الحكومة لم تحاول فى اعتقالات 1965م = 1385هـ أن تثير موضوع سيد فايز إطلاقا بأسلوب كأنما يحثها أن تعذبه ليعترف! لا يا سيدى لقد أثارته وبذلت من جهدها فى التعذيب ما بذلت وما يعلمه الجميع، ولقد سألت عن ذلك فى مهزلة التوعية التى جرت فى معتقل أبو زعبل 1966م = 1385هـ وأجبت بما تقدم فى الميكرفون أمامألوف الاخوان المعتقلين.

هذا أقصى ما استطعت من إيجاز فيما اضطررت الى تناوله اضطراراً.

فى شعبان 1405هـ = مايو 1985م كنت فى رحلة عمل الى لندن وكان هناك أيضا أحمد رائف صاحب دار الزهراء للإعلام العربى، وجاءتنا دعوة كريمة لزيارة جالية إسلامية فى مدينة برايتون، وذهبنا وجالسناهم نتحدث وإذا بهم يقولون الاستاذ الداعية صلاح شادى كان هناك العام السابق وحدثهم عن عبد الرحمن السندى وانحرافاته التى أودت بالجماعة! وسألونى عما أعلم فى هذا الشأن. قلت تلك هى وجهة نظر صلاح شادى، وهناك وجهات نظر أخرى، وكل محاسب بقوله ونيته، قالوا فلماذا تنصحنا؟ قلت الحب والإخاء. وإياكم وفساد ذات البين.

[تعقيب: حتى فى الخارج لم يتورع صلاح شادى من الكلام عن الأموات؟!].

هذا الكتاب والفتنة

لا ينفى أحد أنه كانت فتنة بين الاخوان. ومرت السنون ودخلوا سجون عبد الناصر ومعتقلاته، وامتزجت دماؤهم على سياطه وعلى جدرانه، وعادت نفوسهم صافية صفاء الأخ لأخيه، وتقابل الشيخ محمد الغزالى مع المرشد العام الأستاذ حسن الهضيبى وتعانقا ودون أى عتاب سالت دموع الحب بين الرجلين الصالحين. وعادت مجلة الدعوة للإخوان، صاحب امتيازها ورئيس تحريها صالح عشماوى وكله شوق وسرور ويشرف عليها عمر التلمسانى مرشد الإخوان.

تعقيــب:

هذا الصفاء الذى تتحدث عنه هو صفاء الشدة وكما أن توبة العجز مرفوضة فصفاء الشدة صنعته الظروف وصنعه جو السجن لأن بعد محنة 1954م = 1373هـ القاسية التى تعرضتم لها بسبب عدم استيعابكم وفهمكم لما حدث لكم أواخر عام 1948م = 1367هـ وكذلك عام 1949م = 1368هـ ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وانتم لدغتم من جميع الجحور وللآن فلماذا؟! مع العلم بأن الله وعد المؤمنين الصادقين بالنصر وقال (إن تنصروا الله ينصركم ..) ولقد أكدت الأيام بعد ذلك أن الفتنة بينكم مستمرة ولن تنتهى إلا إذا ..؟!}.

"فى هذا المناخ الطيب جاء عام 1981م = 1401هـ بعد سبع وعشرين عاما على انقضاء الفتنة، ومحنة جديدة تطل برأسها على الإخوان فى مصر .. فى هذا الوقت طلع الأخ المسلم صلاح شادى بحصاد عمره يذكر الفتنة وإنحرافات صالح عشماوى والشيخ محمد الغزالى وغيرهما من أفاضيل الاخوان من منظوره هو ويوزع الاتهامات شمالا ويمينا وأماما وخلفا وفوقا وتحتا، وكم أكبرهم أن لم يرد عليه أحد منهم".

"ذكرت ذلك فقلت فى نفسى: لا .. لن أخوض فى هذا الكتاب فى الفتنة بعد أن عبرت بكل شرورها. من راق له أن يخوض فيها فشأنه ،، وأرجوه وأنصحه ألا يفعل، فإنها حجاب فى الدنيا وعذاب فى الآخرة، وصدق رسول الله (ص) إذ يقول " إياكم وفساد ذات البين فإنها الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين".

"أسأل الله تعالى أن يجعل ما أكتب أهلا للغرض منه والله المستعان".

تعقيــب:

{والمتتبع لأقوال أحمد عادل فى كتابه النقط فوق الحروف نجد أنه فى بعض الموضوعات وضع لنا النقط فوق الحروف وفى موضوعات أخرى من كتابه قدم لنا حروفا بلا نقط وهناك من الموضوعات تركها نقطا بغير حروف وقد اعتذر فى نهاية حديثه بأنه لا يريد إشعال الفتنة أو الخوض فيها، وأقول لأحمد عادل كمال الفتنة موجودة بين فرقة الإخوان منذ نشأتها عام 1928م = 1346هـ وحتى الآن لم تنتهى لأن وحدة الهدف تصنع وحدة الفكر ووحدة الفكر تصنع وحدة الطريق، والطريق المستقيم يوصل الى الهدف المنشود وأنتم هدفكم الاستيلاء على الحكم وهذا مستحيل .. مستحيل .. مستحيل!}.

[إذا كنتم تقتلون أنفسكم وأنتم بغير سلطة فما بالك وأنتم حكام ..؟].

[وفى بحثنا عن موضوع قتل المهندس سيد فايز عبد المطلب وشقيقه الطفل الصغير كما قتلت معهما طفلة تسير بالشارع بصندوق الحلوى الملغم الذى أرسل هدية يوم مولد النبى لم نصل الى من قتل المهندس سيد عبد المطلب علما بان أعضاء فرقة الإخوان الأحياء الآن خاصة أعضاء النظام الخاص يعرفون من قتل سيد فايز ولماذا قتل؟! ولكن الأهم من كل هذا هو أن نعرف هل قتل المهندس سيد فايز عبد المطلب أحد القيادات الكبرى فى النظام الخاص فى جماعة الاخوان وبالأسلوب الذى تم به عمل يقره الإسلام ونعرض هذا السؤال على أعضاء النظام الخاص الأحياء منهم الآن، ونسأل الله أن يبارك فيما بقى من عمرهم حتى نحصل على الإجابة].

[كما نسأل علماء الأزهر جامعا وجامعة وأوقافاً لماذا لم تشكل لجان منكم تتولى الرد على كل ما تناوله الاخوان من قضايا فى مذكراتهم لترد عليهم بالحجة وأن سلوكهم ليس من الإسلام لحماية شباب الأمة من الانخداع بهم والتورط معهم. ولقد جاء الوقت الذى نتمنى أن نرى فيه لعلماء الأزهر دورا فى تبصير الأمة لزوال الغمة].

اجمالي القراءات 11285