خلافا للانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة، يتوقع أن يخسر الحزب الجمهوري أصوات المسلمين التي كان تدعمه بسبب غلبة اللهجة العدائية على الخطاب الانتخابي لمرشحي الحزب بالانتخابات المقررة في نوفمبر 2008، والتي دفعت المسلمين إلى تبني حملة تهدف لتعبئة أصوات ناخبيهم بعيدا عن الجمهوريين.
"إنهم يتسابقون في تشويه صورة الإسلام والمسلمين"، "إنهم يحاولون أن يبثوا الكراهية، وهذا شيء أحمق"، بحسب ما قاله تاجر الأثاث المسلم فيكتور غالب بيج (60 عاما) الذي دأب على دعم الجمهوريين لسنوات، لصحيفة "ديترويت فري برس" الأحد 13-1-2008.
طالع أيضا:
بلغة "صهيون".. هاكابي يتطلع للبيت الأبيض
وبينما يشتد سباق المنافسة بين الطامحين لخوض الانتخابات الرئاسية غدا الثلاثاء في ولاية ميتشجان، المحطة القادمة للتنافس بين المرشحين، يزداد ضيق المسلمين من الخطاب المعادي لهم، والذي يغلب على حملات الجمهوريين.
المتقدم في السباق، مايك هاكابي، القس والحاكم السابق لولاية "أركنساس"، دعا خلال حملته لمحاربة ما يسمى بـ "الأصولية الإسلامية"، وهو المصطلح الشائع استخدامه من جانب العديد من مسئولي إدارة الرئيس جورج بوش.
"الأصوليون الإسلاميون أعلنوا الحرب على بلادنا وعلى طريقتنا في الحياة، لقد أقسموا على أن يبيدوا كل من يعتقد في حرية المجتمع، بزعم أنها تشجع على فساد الدين والأخلاق". وفق ما جاء على لسان هاكابي في موقعه الإلكتروني.
وفي أحد مشاهد الدعاية التلفزيونية لعمدة نيويورك السابق، وأحد مرشحي الحزب الجمهوري رودولف جولياني، ظهر فيه صور لمسلمين ومسلمات وفوقهم عبارة تحذير تقول: "شاذون".
أما السيناتور جون ماكين عن ولاية "أريزونا" والمرشح الجمهوري للرئاسة، فيحرص على أن يؤكد خلال حملته أن تحدي "التطرف الإسلامي الأصولي" هو دافعه لخوض سباق الرئاسة.
من جهته أثار الحاكم السابق لولاية "ماسوشستس"، ميت رومني، تعجب سامعوه بعد أن قال إنه لن يعين مسلما في إدارته لو فاز بالرئاسة.
وتتناقض هذه التصريحات مع اهتمام الحزب الجمهوري بالصوت العربي والإسلامي الأمريكي، خلال انتخابات الرئاسة عام 2000، وخاصة عندما اقتربت بشدة نسبة الأصوات بين مرشح الحزب الجمهوري ومرشح الحزب الديمقــــراطي في جولة فلوريدا الحاسمة، وهو ما كان له أثر في حسم النتيجة لصالح الرئيس جورج بوش في جولة فلوريدا النهائية.
سباق النقاط
من جانبهم لا يبدي مسلمو أمريكا أي تحفظ على الخطط الأمريكية الخاصة بمحاربة الإرهابيين، ولكنهم لا يقبلون أن يشار إلى كل مسلمي الولايات المتحدة على أنهم إرهابيون.
ويعتبر أسامة سيبلاني، صاحب جريدة "أخبار عرب أمريكا" في مدينة "ديربورن"، أن علو نبرة العداء للإسلام في الخطاب الانتخابي للجمهوريين ترتكز على عدة دوافع.
طارق بيدون (23 عاما) يفسر هذه الدوافع قائلا: "معظمها ذو صبغة دعائية، باعتبار أن الهجوم على الإسلام أصبح وسيلة سهلة لكي يحرز المتنافسون بها نقاطا سياسية خلال حملاتهم".
أما فيكتور بيج فيقول: "كل شخص يعرف أن لدينا مشكلة مع الإرهاب، فليصبوا تركيزهم على كيفية التعامل معه، بدلا من التركيز على نقد معتقدات الناس".
ومنذ تفجيرات 11 سبتمبر 2001 يشكو المسلمون من صعوبات في الحصول على حقوقهم المدنية، ولديهم اعتقاد سائد بأن دينهم أصبح مستهدفا في أمريكا.
التصويت قوة
واستفادة من الدروس القاسية لنتيجة الانتخابات السابقة، فإن نشطاء مسلمين أطلقوا حملة بعنوان "التصويت قوة" تهدف إلى استنفار المسلمين لكي يدلوا بأصواتهم خلال الانتخابات القادمة لمن يقف مع قضاياهم.
ويعترف سول أنيزيز، رئيس فرع الحزب الجمهوري بولاية ميتشجان، بأن مرشحي الحزب الجمهوري يسيئون للمسلمين إساءة بالغة.
ويقول: "هناك توجس كبير بسبب الخطاب السياسي، وأحيانا تستخدم ألفاظ نابية.. يجب أن ننتبه جيدا لكيف نتحدث.. لأن الغالبية الساحقة من المسلمين أشخاص جيدون".
وتقليديا كان المسلمون مؤيدين في غالبيتهم للحزب الجمهوري على أساس أن المسلمين محافظون بطبعهم في الجانب السياسي والاقتصادي، وليسوا ليبراليين، مما يجعلهم أقرب للحزب الجمهوري من الحزب الديمقراطي.
ولكن في السنوات الأخيرة أصبح تحول المسلمين الأمريكيين من تأييد الحزب الجمهوري إلى تأييد الحزب الديمقراطي ظاهرة واضحة للعيان بعد أن أظهر أحدث استطلاع لآراء الناخبين المسلمين الأمريكيين أجراه مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في عام 2006 أن 42% منهم يساندون الحزب الديمقراطي في مقابل 17% فقط عبروا عن مساندتهم للحزب الجمهوري.
ويقول علاء بيومي، مدير الشئون العربية بكير، "برغم أن غالبية المسلمين الأمريكيين صوتوا لمرشح الحزب الجمهوري جورج بوش في انتخابات عام 2000، فإن استطلاعات الرأي وتوجهات قادة ومنظمات مسلمي أمريكا تشير إلى حدوث تغيير كبير في وجهة أصواتهم خلال السنوات الأخيرة ردا على سياسات إدارة الرئيس بوش السلبية بحقهم".
ولا تتوفر إحصاءات رسمية حول العدد الأكيد للمسلمين في أمريكا، إلا أن التقديرات بشأنه تتراوح ما بين 6-7 ملايين شخص.