أيمن نور يُنازل العسكر بإبداع الشرق

شادي طلعت في الأحد ٢٠ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

تاريخ يعيد نفسه، أيمن نور أول من تجرأ على الترشح أمام الرئيس الأسبق مبارك، وكان سبباً رئيسياً في إزاحة نظامه، قرر أن ينازل حكم العسكر هذه المرة، وبداية علي أن أبين لماذا قلت "حكم العسكر" ولم أقول "حكم المؤسسة العسكرية" فالواقع أني رأيت أن كلمة العسكر تعني لغوياً "الجيش" وبالتالي لا تمثل تلك الكلمة، أي إساءة للمؤسسة العسكرية، فلا هي صفة سيئة تمثل سباً أو قذفاً، كما يعتقد البعض، بل هي كلمة لغوية في الصميم توصف الواقع.
 
عودة إلى صلب كتابي هذا، أرى أن أيمن نور قد قرر منازلة العسكر بطريقته، وقد رأى هذه المرة أن يبدأ المنازلة عن طريق قناة الشرق، تلك القناة التي تولى زمام أمورها مؤخراً، فقرر أن يعيد من صياغتها، وأن يجمل رؤيتها في نظر المشاهدين، لتخرج بشكل جديد، يلفت الأنظار، ويصغى الآذان، لقد أضفى أيمن نور إبداعاته على قناة الشرق، لتكون السلاح الأقوى في يديه تجاه نزال العسكر.
 
إن أيمن نور لمن لا يعرفه : سياسي محنك، يعرف من أين تؤكل الكتف، يتحسب خطواته بشده، وإن وضعه خصومه في أزمة، فإنه لا يفكر في الخروج منها لإنقاذ نفسه، بل يفكر في الطريقة الأمثل للإستفادة منها  ! تلك هي شخصية الرجل، أذكرها كما قرأتها في كتاب تجاربه السياسية،  في فترة حالكة عايشتها في وقت كنت فيه قريباً من الرجل.
 
إن إهتمامي بنزال أيمن نور مع العسكر، لم يأتي من فراغ، فرؤيتي أن الرجل لم يقترب من نظام حكم 30 يونيو 2013م، من قبل، ونزال الرجل من وجهة نظري، أقوى من نزال جماعة بحجم "الإخوان المسلمين" ولا أرى أني برأي هذا أكون مبالغاً، والرجل الآن قد بدأ النزال، لكن بعد أن وضع رؤيته على قناة الشرق، التي كانت غير مهنية قبل أيمن نور، كما كانت تحمل صبغة جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنها قناة لها سمعتها، ولها بريق خاص كقناة معارضة، وقد قرأ أيمن نور، قبل أن يتولى مسؤلية القناة، أنه لن يلقى عناءاً لعمل دعاية حتى تنتشر، فالقاصي والداني في مصر يعرفها، حتى وإن كانت لا تتمتع بالإنتشار المطلوب، إن قناة الشرق كانت أشبه بتمثال لم يجد من يقدره، لأن مالكيه لا يعرفون ثمنه، لكنه الآن وقع في يد من يقدره، ويستطيع تسويقه جيداً.
 
مما سبق، أقول أن أيمن نور قد قرر خوض نزال مع نظام حكم 30 يونيو، ولكن بطريقته الخاصة، وقد يستهين نظام 30 يونيو بالرجل أو بما يفعل، وهذا أمر طبيعي، فرؤية العسكر دائماً ما تتسم بالقصور في السياسة، فلم يكونوا يوماً أهلاً لها، نظراً لنشأتهم وطبيعتهم العسكرية التي إستهلكت منهم الكثير، لذا هم لا يقدرون خصومهم التقدير الصحيح، بيد أن خصمهم هذه المرة، يعد من القلة القليلة في مصر التي تعد سياسية بحق، فأيمن نور يعرف آلية العمل الجماهيري جيداً، وله من الملكات السياسية، ما يجعله قادر على مناورة نظام حكم، في الداخل والخارج، فحتى وإن كان يقيم خارج مصر، إلا أن له حزبه السياسي داخلها، حزب "غد الثورة"، كما أن مكوثه بالخارج، يفتح له باب التحركات الدولية  بشكل أوسع.
 
في النهاية أقول :
لقد زاد خصوم نظام 30 يونيو، واحداً، لكنه قد يكون أقوى من كل خصوم النظام السابقين، وقد بدأ النزال، في اللحظة التي عادت فيها قناة الشرق، بعد أن أضفى إبداعه عليها، قد لا ينتبه نظام 30 يونيو للأمر، لكن عليه أن يعلم، أنه الآن يتعامل مع شخص، غير عادي، فلديه من الأسلحة ما لا يعرفه العسكر، وعلينا أن لا ننسى أن أيمن نور كان مؤسس "حزب الغد" ذلك الحزب الذي تفرعت منه بعد ذلك أحزاب ومنظمات، كانت سبباً رئيسياً في ثورة 25 يناير.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 10775