نماذج من العلاقات الأسرية بين الهدى والضلال .

عثمان محمد علي في الجمعة ١٨ - سبتمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نماذج من العلاقات الأسرية بين الهدى والضلال .

العلاقات الأسرية عادة ما تكون سببا رئيسيا  فى سعادة الفرد فى الدنيا والآخرة أو تعاسته   .وهنا أقصد العلاقات البيولوجية  التى لا فكاك منها داخل  الأسرة الواحدة من الأب والأم والزوج أو الزوجة والأبناء والإخوة والأخوات  .ولقد ضرب لنا القرآن الكريم أمثلة لنعتبر بها ونتخذ منها قدوة وأسوة لنا فى ضبط مشاعرنا ،وصناعة  ميزان عادل قائما بالقسط معهم .وهى نماذج كانت تجمع بين الخير والشر والإيمان والكفر معا فى محيط الأسرة الواحدة  . وأرشدنا إلى سبل التعايش معها .

الأب الكافر .

1-فمثلا .قد يكون الأب كافرا بربه ،متكبرا على رسالته ، عاصيا لهديه ،معاديا للحق ،مُشاركا فى الإعتداء على صاحبه  حتى لو كان من  اقرب الناس إليه نسبا . وقد حدث هذا من  آزر ابو نبى الله وخليله إبراهيم عليه السلام .فقد كفر برب إبراهيم ،ورسالته ، ولم يمنع اهله و قومه من إلقاء إبنه  و حرقه بالنارحيا .بل ربما كان سعيدا وشريكا فى إشعالها  وفى هذا قال القرآن الكريم فى آيات من آياته .(وَإِذْ قَالَ إِبْرَ‌ ٰهِيمُ لِأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ءَالِهَةً ۖ إِنِّىٓ أَرَىٰكَ وَقَوْمَكَ فِى ضَلَـٰلٍۢ مُّبِينٍۢ ﴿٧٤﴾)الأنعام

(قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) الأنبياء 68

(فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) العنكبوت  24.

ثم جاءه إبراهيم بعد ذلك ودعاه للحق ،ولكنه أبى ورفض  وطرده ،وتوعده إن لم لم يكف عن دعوته له أن يرجمه . فحكى القرآن عن ذلك الآب الفاسق الفاجر الكفار ورده على خليل الله إبراهيم فقال .

(وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ إِبْرَ‌ ٰهِيمَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّيقًۭا نَّبِيًّا ﴿٤١﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِى عَنكَ شَيْـًۭٔا ﴿٤٢﴾ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّى قَدْ جَآءَنِى مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِىٓ أَهْدِكَ صِرَ‌ ٰطًۭا سَوِيًّۭا ﴿٤٣﴾ يَـٰٓأَبَتِ لَا تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَـٰنَ ۖ إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيًّۭا ﴿٤٤﴾ يَـٰٓأَبَتِ إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌۭ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَـٰنِ وَلِيًّۭا ﴿٤٥﴾ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ ءَالِهَتِى يَـٰٓإِبْرَ‌ ٰهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَٱهْجُرْنِى مَلِيًّۭا ﴿٤٦﴾ قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّىٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ بِى حَفِيًّۭا ﴿٤٧﴾ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُوا۟ رَبِّى عَسَىٰٓ أَلَّآ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّى شَقِيًّۭا) مريم .

فما كان من الإبن إلا  أن إعتزله وما يُشرك به من دون الله ،والإبتعاد عن إيذاءه اللفظى والبدنى له .وقال له (قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّىٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ بِى حَفِيًّۭا ﴿٤٧﴾ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُوا۟ رَبِّى عَسَىٰٓ أَلَّآ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّى شَقِيًّۭا).

2-الأب المؤمن .

-فى المقابل  نجد هناك من الأباء من كان مُهتما بأبناءه حرياص على أن يكونوا من المُسلمين ،وعندما  حدث لأحدهم كارثة ومُصيبة   إبيضت عيناه حُزنا عليه  فهذا ما حدث مع يعقوب بن إسحق بن إبراهيم  عليهم جميعا الصلاة والسلام .حينما ضاع منه يوسف فحزن  على فراق  وضياعه ،وابيضت عيناه من الحُزن عليه وفقد بصره . وكذلك تجلى حرصه على ابناءه   حين حضره الموت فكانت وصيته لهم أن يتمسكوا بالإسلام  والا يموتوا إلا وهم مُسلمون ،وهى أعظم وصية  ونصيحة يوصى بها الأب العاقل المؤمن الحريص على سعادة  اولاده فى الدنيا والآخرة وبهذا   من وجهة نظرى كان يعقوب عليه السلام مصدرا لسعادة أبناءه ،على عكس جده الأكبر الشقى الكافر آزر ..

وفى هذا يقول القرآن الكريم .( وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) يوسف  84

(وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) البقرة

102

3- الإبن الكافر .

- وعن الأبناء . ضرب الله مثلا لزوج من الأبناء أحدهما مؤمن ،والآخر كافر.

فإبن نوح كفر بربه و عصى ابيه  فكان من الهالكين المُغرقين ،وكان مصدر شقاء نفسى لوالده . لأنه كان يحمل أمنيته وحلمه فى هدايته فى نفسه وعقله اينما راح او غدى . حتى آخر لحظة من حياته حين جاءهم الطوفان  ،ولكنه عصاه ولولا رحمة الله بنوح  وتذكيره له بأنه ليس من أهله وأنه عمل غير صالح ، لكان مصدرا شقاءه نفسى له  اكثر وأكثر حتى بعد موته . وفى هذا قال القرآن الكريم  .( حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّۢ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ ءَامَنَ ۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٌۭ ﴿٤٠﴾ ۞ وَقَالَ ٱرْكَبُوا۟ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْر۪ىٰهَا وَمُرْسَىٰهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌۭ رَّحِيمٌۭ ﴿٤١﴾ وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ فِى مَوْجٍۢ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُۥ وَكَانَ فِى مَعْزِلٍۢ يَـٰبُنَىَّ ٱرْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴿٤٢﴾ قَالَ سَـَٔاوِىٓ إِلَىٰ جَبَلٍۢ يَعْصِمُنِى مِنَ ٱلْمَآءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ ﴿٤٣﴾ وَنَادَىٰ نُوحٌۭ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَـٰكِمِينَ ﴿٤٥﴾قَالَ يَـٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيْرُ صَـٰلِحٍۢ ۖ فَلَا تَسْـَٔلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ ۖ إِنِّىٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ ﴿٤٦﴾ قَالَ رَبِّ إِنِّىٓ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْـَٔلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِۦ عِلْمٌۭ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِىٓ أَكُن مِّنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ ﴿٤٧﴾)

 ومثال آخر تجلى فى   الإبن العاق  الذى قتله العبد الصالح فى قصتة  مع موسى الذى كان  يعلم انه سيُرهق ابويه من طغيانه عليهما وكفره بربهما .و قال عنه القرآن الكريم .

(فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا لَقِيَا غُلَـٰمًۭا فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًۭا زَكِيَّةًۢ بِغَيْرِ نَفْسٍۢ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْـًۭٔا نُّكْرًۭا ﴿٧٤﴾)   وجاء رد العبد الصالح على موسى فقال

(وَأَمَّا ٱلْغُلَـٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَـٰنًۭا وَكُفْرًۭا ﴿٨٠﴾ فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًۭا مِّنْهُ زَكَوٰةًۭ وَأَقْرَبَ رُحْمًۭا ﴿٨١﴾) الكهف.

4- الإبن المؤمن .

 وهناك فى المُقابل . يوسف إبن يعقوب عليهما السلام . الذى آمن بربه ورسالته  لأباءه إبراهيم وإسحق ويعقوب فكان من المرسلين ،ورفع ابويه معه على العرش وإستوطنهم بمصر .وقال القرآن عنه وعنهم .(فَلَمَّا دَخَلُوا۟ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُوا۟ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ ﴿٩٩﴾ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّوا۟ لَهُۥ سُجَّدًۭا ۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُءْيَـٰىَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّۭا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِىٓ إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِنۢ بَعْدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيْطَـٰنُ بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِىٓ ۚ إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌۭ لِّمَا يَشَآءُ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ ﴿١٠٠﴾ ۞ رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِى مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ ٱلْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَ‌ ٰتِ وَٱلْأَرْضِ أَنتَ وَلِىِّۦ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِى مُسْلِمًۭا وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّـٰلِحِينَ ﴿١٠١﴾) يوسف

وكذلك جده إسماعيل إبن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام .فقد قال عنه وعن طاعته لربه ولأبيه .

(فَبَشَّرْنَـٰهُ بِغُلَـٰمٍ حَلِيمٍۢ ﴿١٠١﴾ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْىَ قَالَ يَـٰبُنَىَّ إِنِّىٓ أَرَىٰ فِى ٱلْمَنَامِ أَنِّىٓ أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَـٰٓأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ ﴿١٠٢﴾) الصافات 

5- الزوجات الكافرات الملعونات .

أما عن  الزوجات الكافرات الملعونات .فضرب الله مثلا لهن   فى قصصه عن  إمرأة نوح ولوط عليهما السلام .فنوح ولوطا كانا رسولين من رسل الله ،ومع ذلك كفرت بهما وبربهما زوجتيهما وكانتا من أعداء الله وأعداءهما  .فقال عنهن القرآن

(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)  التحريم 10

6- الزوجات الصالحات المؤمنات .

وفى المُقابل كانت هناك زوجات مسلمات مؤمنات قانتات  ضرب الله لهن وللمؤمنين جميعا مثلا بإحاهن وهى إمرأة فرعون .حين قال عنها (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) التحريم 11

7- الأخوات العظيمات .

وهناك نماذج للإخوة العظيمة المُشرفة .كأخت موسى عليه السلام التى ارسلتها امها تنظره وترقبه  فى اليم (النهر ) وهو طفل رضيع موضوع فى صندوق تتقاذفه امواج اليم حتى رست به على ابواب قصر فرعون  ،وخاطرت بنفسها ودخلت القصر خلسة لتراه وتطمأن عليه لتعود بأمها بخبر عنه ثم خاطرت أكثر ودلتهم  على من تستطيع أن تكفله وتُرضعه بعد ان حرم عليه رب المراضع كلها ورفض ان يرضع من هن  . فعن بطولتها وشجاعتها قال عنها القرآن الكريم  .( وَقَالَتْ لِأُخْتِهِۦ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِۦ عَن جُنُبٍۢ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١١﴾

==

 ۞ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰٓ أَهْلِ بَيْتٍۢ يَكْفُلُونَهُۥ لَكُمْ وَهُمْ لَهُۥ نَـٰصِحُونَ ﴿١٢﴾ فَرَدَدْنَـٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّۭ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣﴾) القصص.

8- الإخوة الأشرار :

وهناك  فى مثل آخر على الإخوة الحاقدين الأشرار الذين تخلصوا من اخيهم وهو لازال طفلا صغيرا فرموه فى الجُب (البئر ) لينفردوا بأنانيتهم  بحب أبيهم  ورعايته لهم هم فقط ،وجاءوا اباهم  ليلا  يبكون  بدموع التماسيح  ويقولون له إن غبنك أكله الذئب .إنهم هم إخوة يوسف  قبل أن يتوبوا ويستغفروا ربهم ،ويطلبوا من يوسف أن يعفوا عنهم وأن يدعوا الله أن يغفر لهم .وفى هذا يقول عنهم القرآن الكريم .( إِذْ قَالُوا۟ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَـٰلٍۢ مُّبِينٍ ﴿٨﴾ ٱقْتُلُوا۟ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضًۭا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا۟ مِنۢ بَعْدِهِۦ قَوْمًۭا صَـٰلِحِينَ ﴿٩﴾ قَالَ قَآئِلٌۭ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا۟ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِى غَيَـٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ ﴿١٠﴾ قَالُوا۟ يَـٰٓأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَ۫نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَـٰصِحُونَ ﴿١١﴾ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًۭا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ ﴿١٢﴾ قَالَ إِنِّى لَيَحْزُنُنِىٓ أَن تَذْهَبُوا۟ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَـٰفِلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُوا۟ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذًۭا لَّخَـٰسِرُونَ ﴿١٤﴾فَلَمَّا ذَهَبُوا۟ بِهِۦ وَأَجْمَعُوٓا۟ أَن يَجْعَلُوهُ فِى غَيَـٰبَتِ ٱلْجُبِّ ۚ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿١٥﴾ وَجَآءُوٓ أَبَاهُمْ عِشَآءًۭ يَبْكُونَ ﴿١٦﴾ قَالُوا۟ يَـٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ ۖ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍۢ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَـٰدِقِينَ ﴿١٧﴾ وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٍۢ كَذِبٍۢ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًۭا ۖ فَصَبْرٌۭ جَمِيلٌۭ ۖ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿١٨﴾)

.تلك كانت  نماذج ذكرها القرآن عن أباء وابناء وأزواج وأخوة مُحسنين صالحين  ،واخرى لفاسقين كافرين  . صحيح أن الإنسان لا يختار  اباءه وابناءه وإخوته .ولكنه يستطيع إختيار(زوجه |او زوجته ) . ومع ذلك فعليه الا  يترك للأشرار منهم فرصة ولا ثغرة ليدمروا حياته الدنيا ،ويكونوا  كذلك سببا فى شقاءه الأبدى فى الآخرة  وليستفيد من النُصح و الهدى القرآنى فى كيف يتعامل معهم ومع مكرهم ومع مواقفهم الخسيسة  وكُفرهم وكرههم للحق وعنادهم له ويخرج بأقل الخسائر .وليعتبر بالقصص القرآنى حين يقول فيهم  (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).. التوبة 24.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) التغابن –14

ويقول سبحانه (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا)..

ولذلك  العاقل الراشد  يتغلب على عواطفه ومشاعره لا يُضيع مُستقبله وفوزه فى الآخرة برضوان الله جل جلاله وبرحمته  ويظلم نفسه من أجل أشرار او كُفار (إن وجدوا رغما عنه  بعد أن يكون نصحهم ودعاهم للحق والهدُى ) فى  اولاده أو اباءه  أو زوجاته (او زجه). فلو آمن بالآخرة حق الإيمان لعلم انهم جميعا فى الآخرة سيفرون من بعضهم البعض ،وسيكونون جميعا  ابعد ما يكونوا عن بعضهم البعض  وكلهم  منتظر  فى موقف عصيب  يجادل فيه عن نفسه هى فقط  .وفى هذا يقول القرآن الكريم .( يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ﴿٣٤﴾ وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ ﴿٣٥﴾ وَصَـٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ ﴿٣٦﴾ لِكُلِّ ٱمْرِئٍۢ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍۢ شَأْنٌۭ يُغْنِيهِ ﴿٣٧﴾).

قد يقول قائل . كل هذا جميل ،ولكن ماذا نفعل أمام شعورنا وعواطفنا وضعفنا  الإنسانى والفطرى  امام حُبنا لأبناءنا واهلنا وإخوتنا ،ونحن لانستطيع ولا نملك القدرة  على إعتزالهم حتى  ولو كُنا متأكدين  أنهم مصدر إرهاق وقلق وربما تخاذلنا فى نصرة الحق ومواجهة الباطل  ؟؟

أقول له حاول أن تُدرب نفسك شيئا فشيئا على القاعدة النفسية القرآنية التى تقول .(وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة 216

وقوله تعالى (فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء 19.

ودرب نفسك ايضا على أن تكون متوازنا ومتعادلا فى عواطفك حين الفرح وحين الحُزن فى المواقف السعيدة أوالصعبة و الحزينة وتذكر قول الله تعالى دائما . (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد 23.

 ولتعلم يا صديقى ان كل هذا يندرج تحت احد بنودالقاعدة القرآنية الكريمة التى تقول (الٓمٓ ﴿١﴾ أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓا۟ أَن يَقُولُوٓا۟ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ ﴿٣﴾) . العنكبوت .

وجاوب على سؤال واضح وصريح وهو :: هل  تريد أن تنجح  فى إختبار الفتنة ،وتكون من الصادقين الفائزين يوم القيامة  ،امتريد أن تكون  ممن ضيعوا انفسهم  من الخاسرين الكاذبين الذين سيقولون يوم القيامة  ولا مُجيب لهم (شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا)   ؟؟؟؟

اجمالي القراءات 12091