تأكيدًا لما نشرته "المصريون" في عدد سابق حول اعتزام الولايات المتحدة إعادة النظر في إستراتيجيتها الحالية تجاه مصر، بعد الانتقادات العنيفة لعمليات "التزوير" التي شهدتها انتخابات مجلس الشعب، والتي قالت واشنطن إنها إصابتها بالصدمة، بدأت الإدارة الأمريكية في التحرك نحو إقرار إستراتيجية أكثر تشددًا، بهدف دفع مصر لاتخاذ خطوات إصلاحية ملموسة وتخفيف النظام من قبضة المشددة على الحكم.
وكان التحرك الأبرز في هذا الإطار ووفق ما كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ "المصريون" تهديد واشنطن الحكومة المصرية بإعادة النظر في المعونة السنوية التي تقدمها لمصر في المستقبل، وربط استمرارها باتخاذ خطوات إصلاحية على صعيد العملية السياسية والعمل على معالجة "الانتكاسة" التي أصابت الديمقراطية ودفعتها خطوات كثيرة إلى الوراء بعد أن كان بدأت تقطع شوطًا في الاستجابة للمطالب بشأن تسريع وتيرة الإصلاحات السياسية والتي اكتسبت زخمًا في عهد إدارة السابق جورج بوش.
ومن المنتظر أن يفتح الكونجرس الأمريكي بمؤسساته المختلفة ملف الإصلاح السياسي في مصر خلال المرحلة القادمة، حيث ستجرى مناقشات من جانب النواب تتناول بإسهاب السلبيات والتجاوزات التي شابت العملية الانتخابية، وسط توقعات بأن تبرز مطالب بممارسة ضغوط مشددة على مصر، والتلويح بورقة المعونات السنوية خصوصًا فيما يتعلق بالجهود الرامية لمنح قوة دفع لمسار الإصلاح في مصر، واستقطاع جزء كبير منها إلى مؤسسات المجتمع المدني كما حدث قبل عدة أعوام.
.ويرجح أن تشهد العلاقات بين القاهرة وواشنطن مزيدا من الفتور والتوتر، لاسيما وأن إدارة الرئيس أوباما لم تغفر للحكومة المصرية رفضها الموافقة على الرقابة الدولية على الانتخابات، على الرغم من أن هذا الأمر معمول به في أغلب دول العالم دون أن ينتقص هذا من سيادة أي دولة كما ادعت مصر.
وتسود توقعات بأن وجود أغلبية جمهورية داخل الكونجرس سيمنح زخمًا لملف الإصلاح الديمقراطي في مصر والمنطقة من جديد بعد التوقف عن ممارسة الضغوط لتحقيق المطالب التي كانت تنادي بها إدارة بوش مع وصول إدارة أوباما إلى البيت الأبيض في يناير 2009 والتي سجلت العلاقات المصرية – الأمريكية في عهده تحسنا ملحوظا، دفع الرئيس حسني مبارك إلى زيارة الولايات المتحدة في العام الماضي بعد انقطاع دام عدة سنوات.
من جانبه، أعرب الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، والمنسق العام السابق لـ "الجمعية الوطنية للتغيير" في تصريح لـ "المصريون" عن اعتقاده بأن النظام المصري سيتحرك بقوة لإصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة.
وعزا ذلك إلى حاجته للدعم الأمريكي لتمرير عدة سيناريوهات، وباعتبار أن هذا الدعم هو حجر الزاوية في جميع القرارات التي يتخذها النظام.
وأكد نافعة أن علاقات واشنطن بالنظام قد يشوبها التوتر لكنها لن تقترب من الخط الأحمر، باعتبار أن النظام لا يزال يقوم بالدور الذي ترغب واشنطن منه القيام به، وإن كان ذلك لا يمنع حدوث شد وجذب بين الطرفين بين الحين والآخر.