الرئيس المصري لا يتأثر بالنفاق ويعتبر بوش "ساذج"
ملاحظات مبارك مليئة بالحكايات والقصص وحس الفكاهة
نشرت صحيفة "الجادريان" البريطانية وثيقة جديدة ضمن الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس مؤخراً، الوثيقة الجديدة هي رسالة سرية أرسلتها السفيرة الأمريكية الحالية في القاهرة مارجريت سكوبي لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، والتي استعرضت فيها سكوبي توقعاتها لانتخابات الرئاسة المصرية المقررة في 2011، إضافة إلى عرض مفصل عن الرئيس مبارك ورؤيته الشخصية للعديد من القضايا.
وبدأت سكوبي رسالتها المؤرخة في 19 مايو 2009 بالقول : "إن زيارة الرئيس مبارك الأخيرة للولايات المتحدة كانت في أبريل 2004، وهي الزيارة التي كسرت عادة سنوية حافظ عليها الرئيس مبارك طوال عشرون عاماً، وهي عادة زيارة البيت الأبيض".
وتضيف سكوبي بالقول "إن المصريون يرون أن زيارة الرئيس المرتقبة لواشنطن ستكون بداية عهد جديد في العلاقة بين القاهرة وواشنطن، يعود فيها الاحترام المتبادل بين البلدين، والذي يعتقد المصريون أنه تضائل خلال السنوات الأخيرة.
وقد شجعت المواقف الأولية التي أبداها كل من الرئيس ووزيرة الخارجية والمبعوث الخاص جورج ميتشيل الرئيس مبارك على إدراك أن الإدارة الأمريكية الجديدة تنوي استعادة حالة الدفء مع القاهرة، والتي طالما ميزت العلاقات المصرية الأمريكية".
وتتابع السفيرة الأمريكية في رسالتها بالقول :"يريد المصريون أن تكون تلك الزيارة دليل اثبات على أن مصر لا تزال الحليف العربي الذي لا يمكن الاستغناء عنه للولايات المتحدة، فالرئيس مبارك زعيم يفتخر بنفسه وبأمته، وهو يستمد ذلك الثقل من خبرته الطويلة في الحكم وفي القضايا السياسية الإقليمية".
وقدمت سكوبي في رسالتها "بروفايل" للرئيس مبارك، قالت فيه "يبلغ الرئيس مبارك 81 عاما وهو في صحة جيدة، إلا أنه يعاني من مشكلة في السمع في أذنه اليسرى.
ويقدر مبارك جيداً الاحترام الذي تحظى به مصر واحترام منصبه، إلا أنه لا يتأثر بالنفاق الشخصي.
يدعم الرئيس المصري ملاحظاته بحكايات وقصص توضح خبرته الطويلة بالإضافة إلى حسه الفكاهي.
لقد أصابته وفاة حفيده محمد بحالة حزن عميق والتي بلا شك ستؤثر على معنوياته تجاه الزيارة التي يرغب في القيام بها بشدة.
خلال سنوات حكمه الثمان والعشرون، نجا مبارك من ثلاث محاولات اغتيال، حافظ على السلام مع اسرائيل، صمد أمام حربين في العراق وفترة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة منذ 2003، كما واجه الركود الذي يصيب الاقتصاد بشكل متقطع، إلى جانب أنه سيطر على التهديدات الارهابية الداخلية".
ووصفت سكوبي في رسالتها الرئيس مبارك قائلة "إنه واقعي، حذر ومحافظ بالفطرة، وليس لديه الوقت الكافي لتحقيق الأهداف المثالية، إن الرئيس مبارك يصف الرئيس جورج بوش بأنه ساذج، يسيطر عليه مرؤوسيه، كما يعتبر مبارك أن بوش غير مهيأ للتعامل مع عراق ما بعد صدام، خاصة في ظل تنامي الدور والتأثير الإيراني في المنطقة".
وتضيف السفيرة الأمريكية في رسالتها لكلينتون بالقول : "في عدة مناسبات، عبر مبارك عن أسفه تجاه الغزو الأمريكي للعراق واسقاط صدام، وبطبيعة الحال اعتبر أن مصر ليست مثل صدام فهو لا يجد ما يزعجه في ذلك، إلا أنه حريص على أهمية العراق ومصر في مواجهة إيران. ولايزال عند رأيه بأن العراق في حاجة إلى رجل عسكري قوي وصارم، وعادل في قيادته. ونحن نعتقد أن هذا الرأي يوضح رؤية مبارك لنفسه كحاكم صارم وعادل يضمن الحاجات الأساسية لمواطنيه.
تقول سكوبي : "إن أكثر الموضوعات التي يمكن من خلالها فهم رؤية الرئيس مبارك ونظرته للعالم من حوله، هو موضوع المطالبات بوجود منافسة سياسية حقيقية في مصر وخفض سيطرة الأمن على البلاد، وبشكل أكيد، فإن نظرية "الكشف عن الأسماء المتورطة" في السنوات الأخيرة جعلته أكثر تمسكا برفض الالتفات لوجهة نظرنا. ومع ذلك، فإنه سيكون أكثر استعداداً للنظر في الأفكار والخطوات التي من الممكن أن تسمح بحوار مجتمعي محدود، ففهمه لبلده والمنطقة من حوله يدفعه إلى توخى أقصى درجات الحذر، ولقد سمعناه يعبر عن اسفه تجاه نتائج الجهود التي بدأتها الولايات المتحدة للإصلاح في العالم الإسلامي.
وللتدليل على صحة رؤيته، دائماً ما يشير الرئيس مبارك إلى ما حدث في إيران، حيث طالبت الولايات المتحده شاه إيران باجراء اصلاحات، فما كان إلا أن وقعت البلاد في أيدي المتطرفين الثوريين، وأينما وجدت جهود الولايات المتحدة من أجل الإصلاح، فهو يشير إلى الفوضى وغياب الاستقرار.
وتتابع سكوبي في رسالتها : "وبالإضافة إلى تحذيراته المتعلقة بالعراق، فهو دائماً ما يذكرنا بتحذيراته من اجراء انتخابات فلسطينية في 2006 والتي جلبت حماس (إيران) إلى عتبة داره، والآن نحن نفهم مخاوفه من أن باكستان على حافة السقوط في أيدي طالبان، فهو يلقي ببعض اللوم على الولايات المتحدة التي أصرت على بعض الإجراءات التي أدت إلى إضعاف سلطة الرئيس الباكستاني مشرف.
على الرغم من أن مبارك على يقين بأن الرئيس السوداني عمر البشير قد ارتكب الكثير من الأخطاء، فإنه لا يمكن أن يدعم جهود ازاحته عن السلطة.
إن الرئيس مبارك ليس لديه أي شخص مقرب يثق فيه أو مستشار يمكنه التحدث إليه، فهو يمنع مستشاريه الرئيسيين من العمل خارج إطار سلطاتهم المقيدة تماماً.
إن الرئيس مبارك شخصية مصرية كلاسيكية تميل إلى العلمانية، فهو يكره المتطرفين دينياً وتدخلاتهم في السياسة، وتمثل جماعة الإخوان المسلمين بالنسبة له "الأسوأ"، فهم لا يتحدون فقط نظام مبارك، بل رؤيته وقناعاته فيما يتعلق بمصالح مصر.
وفي الجزء المخصص لموضوع الخلافة في مصر، كتبت سكوبي في رسالتها : "من المقرر إجراء انتخابات الرئاسة في 2011، وإذا كان مبارك حياً فسيخوض تلك الإنتخابات، وحتما سيفوز. وعند سؤاله عن الخلافة، يقول مبارك إن تلك المسألة يحكمها الدستور المصري. فعلى الرغم من انتشار النقاشات الخلفية عن تلك القضية، إلا أنه لا أحد في مصر يعلم من سيخلف مبارك أو تحت أية ظروف سيتم ذلك.
الأكثر ترجيحا لخلافة الرئيس مبارك هو نجله جمال الذي يتنامي دوره في الحزب الحاكم بشكل كبير، بينما يشير البعض إلى امكانية قيام اللواء عمر سليمان مدير المخابرات بترشيح نفسه، كما يشير آخرون إلى الحصان الأسود عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية.
فالصورة المثالية التي يرسمها الرئيس مبارك للقائد الصارم العادل لا تنطبق على جمال نظراً لافتقاده الخبرة العسكرية، وهو ما قد يفسر تحفظ مبارك في الحديث عن موضوع الخلافة. ففي الواقع يضع الرئيس مبارك ثقته في الله وفي قوات الجيش المنتشرة وقوات الأمن لضمان عملية انتقالية سلسلة".