جدل ساخن بمصر حول حصول القذافي على شهادة نسب لآل البيت

في الجمعة ١١ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

احتدم جدل ساخن في مصر حول واقعة حصول الزعيم الليبي معمر القذافي على شهادة نسب للأشراف -الذين تعود أصولهم لسلالة الرسول محمد (ص)-، وذلك بعد الحوار الذي أجرته "العربية.نت" مع الأمين العام للمجلس الأعلى لرعاية آل البيت، والذي أكد فيه سعى القذافي بموجب هذه الشهادة لرعاية كيان عالمي للأشراف وعقد مؤتمرات لهم.


فبينما أكد نقيب الأشراف أحمد كامل ياسين لـ"العربية.نت" أنه لا قيمة لشهادة النسب ولا تثبت انتماء القذافي لآل البيت لأنه لم يوقع عليها، قال مدير نقابة الأشراف صبحي الرفاعي إنها بالفعل غير معتمدة لكنها تعتبر رسمية لأنها مطبوعة على أوراق النقابة.

وهدد د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب بمقاضاة أي شخص يحاول اقحام اسمه في وثيقة نسب القذافي للأشراف.

من جهته كشف نجل كبير محققي الأنساب وعضو اللجنة التي سافرت إلى ليبيا لعرض الشهادة على العقيد القذافي عام 2000 أن كل عضو تلقى شيكا بمبلغ عشرة آلاف دولار لكنهم رفضوها. ولم يستبعد حدوث تزوير في المستندات المقدمة لاثبات النسب قائلا "إذا كان أفراد عاديون يفعلون ذلك، فما بالك بمخابرات دولة".

وقال محقق نسب السادة المغازية، وأحد الذين أمدوا نقابة الأشراف بوثائق تاريخية، إنه لم يثبت لديه أن القذافي من الأشراف، معتقدا حدوث خلط بين قبيلة القذاذفة التي تقطن الفيوم، وقبيلة تحمل الاسم نفسه تعيش في ليبيا ينحدر منها القذافي.


لم أوقع على الشهادة

وأكد أحمد كامل ياسين نقيب الأشراف في مصر لـ"العربية.نت" أنه لم يوقع على وثيقة انتساب الزعيم الليبي معمر القذافي لآل البيت ولا توجد وثيقة معتمدة من النقابة تثبت ذلك رغم أنه سافر بالفعل بصحبة لجنة الأنساب لمقابلته والحصول على معلومات لكي تتوثق بواسطتها اللجنة في تحقيق نسبه والتثبت بأنه من الأشراف، لكن هذا لم يحدث رغم مرور أكثر من سبع سنوات على هذه الواقعة التي حدثت عام 2000.

وقال كامل ياسين: ما يقال إن نقابة الاشراف منحت شهادة نسب للعقيد القذافي كلام جرائد لا أساس له. بالفعل سافرت إلى هناك ومعي لجنة الأنساب كاملة، لكني لم أوقع على شيء.. هذه تشنيعات من البعض لا تمت للحقيقة. كانت معنا شهادة غير موقعة مني لأننا كنا نحتاج إلى معلومات اضافية منهم، ولكننا لم نحصل على هذه المعلومات حتى الآن.

وأضاف: عندما ذهبنا كنت أتصور أننا سنجلس مع شخص من العائلة يبين لنا نسبهم، ومضاهاة ذلك بالشهادة التي معنا وبعد ذلك أوقع عليها إذا تأكدت من صحة ذلك، لكن لم يجلس معنا أحد وبالتالي عدنا إلى مصر دون أن أوقع على هذه الشهادة، وتركتها عندهم لأنه لا قيمة لها ما دامت بدون توقيعي، ويجوز أنها استغلت والله أعلم.


هاشم يهدد برفع قضية

اتصلت "العربية.نت" بالدكتور أحمد عمر هاشم الذي أورد البعض اسمه ضمن الوفد الذي سافر إلى ليبيا بصحبة نقيب الأشراف ولجنة الأنساب فهدد برفع قضية ضد كل من يقحم اسمه في هذا الموضوع، وقال: هذا كذب وافتراء. لم يحدث أنني سافرت، أو أنني كنت معهم أو حضرت مجلسا، ولا أعرف شيئا عن هذا الموضوع ولا علم لي من قريب أو بعيد بهذه الشهادة، كما أنني منذ أكثر من سنة لم أذهب إلى نقابة الأشراف، وإذا صدر مثل هذا الكلام فسأرفع قضية.

من جهته أكد صبحي الرفاعي مدير نقابة الأشراف في مصر أن وفدا برئاسة النقيب أحمد كامل ياسين ومعه د.أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب سافر إلى ليبيا عام 2000 لتسليم وثيقة نسب العقيد معمر القذافي للرسول محمد.

وقال إنه شخصيا كان ضمن هذا الوفد مع محققي لجنة الأنساب بالنقابة، حيث حملوا الوثيقة التي لم تكن موثقة من النقابة لكنها مطبوعة على ورقها، وتم تسليمها للواء الخويلدي الحميدي لعرضها على العقيد القذافي ومراجعتها، ثم تركناها لديهم وعدنا إلى مصر.

وأضاف أن عدم توثيق الشهادة سببها أنها لم تكن في صورتها النهائية، وكان لا بد من مراجعتها من العقيد القذافي وإبداء ملاحظاته عليها قبل توثيقها بخاتم النقابة، مشيرا إلى أن الوثيقة تشير إلى أن معمر القذافي ينتمي لقبيلة القذاذفة التي يقطن فرع منها قرية تحمل الاسم نفسه في مدينة الفيوم المصرية، وأنها إحدى قبائل الأشراف التي ينتهي نسبها إلى آل البيت.

وقال صبحي الرفاعي لـ"العربية.نت" إنهم كانوا قد تلقوا اتصالا من شخص في السفارة الليبية في القاهرة للبحث في نسب أحمد قذاف الدم (ابن عم الزعيم الليبي) وكانت عند سعد الهواري عضو مجلس الشعب بالاسكندرية شجرة قبائل الهوارة التي تعيش في جنوب مصر وفيها ما يثبت نسب عائلة أحمد قذاف الدم.


جهزنا الوثيقة الرسمية

وأضاف: بعد ذلك زارنا قذاف الدم في النقابة وتقابل مع النقيب أحمد كامل ياسين، ثم قامت لجنة الأنساب بالبحث في نسب العقيد القذافي، وتم تجهيز الوثيقة وانتقلنا بها إلى ليبيا حيث تضمنت تحقيقا رسميا لنسبه. ضمت هذه الرحلة لجنة الأنساب بكاملها واللواء عادل شكري أمين عام النقابة، والدكتور مدحت الرفاعي، وذلك بالاضافة إلى النقيب أحمد كامل ياسين ود. أحمد عمر هاشم.

وتابع: في ليبيا عرضنا الوثيقة على اللواء الخويلدي الذي عرضها بدوره على العقيد القذافي، ووافق عليها ثم تركناها عندهم لأنها تعتبر شهادة رسمية كونها مطبوعة على ورق النقابة، وعلى أساس أن نستخرج شهادة مشابهة لها ونقوم بتوثيقها بخاتم النقابة ثم نرسلها لهم، لكن ذلك لم يتم لأنه كان من المفروض أن تتبرع القيادة الليبية ببناء مقر النقابة، وحصلت خلافات حول ذلك الموضوع، لأن بعض الليبين المتنفذين حاولوا الحصول على سمسرة وعمولات وهو ما رفضه مسؤولو نقابة الأشراف.




تحقيق النسب يحتاج لمستندات

أما المحامي حسام أحمد وفقي نجل "كبير محققي الأنساب بمصر" الذي سافر مع لجنة الأنساب بنقابة الأشراف إلى ليبيا عام 2000 وتوفي في نفس السنة فقد كشف لـ"العربية.نت" أن التحقيق الذي تم في نسب القذافي داخل نقابة الأشراف كان بناء على المستندات التي قدمت إليهم "كانت اللجنة تضم مجموعة من خبراء الأنساب ومن بينهم والدي، وإذا كان هناك أي خطأ فستكون معلومات تلك المستندات هي المسؤولة عن ذلك".

وشرح ذلك بقوله: إذا كان الأفراد العاديون يقومون بالتزوير، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بمخابرات دولة، فمحقق النسب بمثابة قاض وأمامه عدة طرق لاثبات النسب الشرعي، سواء بالفراش (أي من خلال الأب والأم) والبينة والاقرار.. فإذا جاء أناس للجنة وأقروا أن فلانا ابن عمهم، فلا يمكنني كمحقق نسب أن أنكر ذلك عليهم، وإذا جاء شهود عدول وأقروا بأن عائلة فلان في مكان ما، تنتمي للشيخ فلان من الأشراف، فلا بد أن أقبل شهادتهم.

وتابع: دوري كمحقق أنساب ليس البحث عن نسب شخص ما، وإنما الاطلاع على ما معه من مستندات والحكم عليها بعد فحصها، ومن ثم إذا حدث خلط في النسب أو خطأ، فلن يكون بسبب قصور وقعت فيه لجنة الأنساب، وإنما بسبب أخطاء متعمدة في المستندات المقدمة.

وقال وفقي أن لجنة الأنساب في نقابة الأشراف كان "يرأسها د.محمد أبو سنة، وبعد وفاته لم يخلفه شخص آخر، وكانت تشكيلها يضم المرحومين حسام وفقي ومصطفى شملول، واثنين آخرين (ليسا فوق مستوى الشبهات). ولذلك فان معظم شهادات الانساب التي تحققت ولم يوقع عليها والدي أو شملول، لم تكن صحيحة".

وحول دور اللجنة في الشهادة التي حملها وفد نقابة الأشراف إلى ليبيا قال: إنها تقوم بالتوقيع على محضر تحقيق النسب وهو خاص بنتيجة فحص المستندات المقدمة لهم، أما الشهادة فيوقع عليها نقيب الأشراف.


شيكات دولارية

وأضاف وفقي: سافر والدي مع الوفد إلى ليبيا، وكانت هناك واقعة شهيرة، حيث قام الليبيون هناك بتوزيع شيكات على كل عضو في اللجنة قيمة كل منها عشرة آلاف دولار، لكنهم رفضوا استلامها، لأن اللجنة عملها تبرعي ولا تتقاضى أجرا عليه.

وقال: والدي استقال بعد ثلاثة أو أربعة شهور من هذه الواقعة بسبب رفض اقتراحه باعلان ميزانية نقابة الاشراف والتبرعات التي تتلقاها والجهات المتبرعة، ووضع مشروع قانون للنقابة لأن رئيس الجمهورية يصدر قرار تعيين النقيب بناء على القانون رقم 25 للطوائف الدينية، ونقابة الأشراف ليست طائفة دينية بالطبع، بل نقابة اجتماعية، وبالتالي لا ينطبق عليهم هذا القانون.

وشرح ذلك بقوله: لا يوجد تنظيم للنقابة سوى ذلك الذي صدر من الباب العالي في زمن الخلافة العثمانية، فتاريخها يمتد للقرن الثامن العشر، وقبل تأسيسها كانت عائلات الأشراف تتخذ كبيرا لها باسم النقيب، وهذا معروف من عهد السيد البكري والشيخ عمر مكرم في عام 1805 اللذين كانا من كبار الأشراف.


القذافي ليس من الأشراف

سألت "العربية.نت" محقق الأنساب حمود المغازي فقال: الذي أعلمه في "الأنساب" أن نسب العقيد القذافي للأشراف غير حقيقي، وهو يعلم ذلك.

ويصف المغازي نفسه بأنه محقق أنساب "السادة المغازية" وهم أشراف منسوبون للحسين بن علي، "وكنت أعمل متطوعا في النقابة، وأغلب الوثائق التي بحوزتها نحن الذين قمنا بجمعها من هيئة الوثائق المصرية ودار المحفوظات ومن خانات الاشراف الموجودة على مستوى مصر".

وأوضح أنه حدث خلط، "فعلى حد علمي انقبيلة القذاذفة التي تعيش في مدينة الفيوم ليست هي تلك التي تنحدر من ليبيا وينتمي اليها العقيد القذافي.

وكان محمد الدريني الأمين العام المجلس الأعلى لرعاية آل البيت – كما نشرت العربية.نت" في 27-5-2007 أعلن انسحاب المجلس من مؤتمر عالمي للأشراف يرعاه الزعيم الليبي معمر القذافي، مؤكدا أنه لم تتم دعوته لحضور المؤتمر السنوي للأشراف الذي يعقدونه بسيناء في سبتمبر القادم.

وكشف أن قرار الانسحاب تم ابلاغه رسميا للقذافي بعد أن تبين لهم أن "الجهات الليبية تتلاعب بورقة الأشراف من أجل تنفيذ حسابات سياسية في المنطقة".

وأكد في نفس الحوار لـ"العربية.نت"، والذي أثار الجدل المحتدم حاليا، أن الزعيم الليبي حصل على وثيقة رسمية من نقابة الأشراف المصرية عام 2000 بأنه ينتمي لآل البيت، وسعى لإنشاء الكيان العالمي للأشراف تحت رعايته، وكان ينوي عقد مؤتمر في سورية، وحضور مؤتمر في سيناء.

 

اجمالي القراءات 4369