لماذا يجب تسييس المسالة الامازيغية الان
مقدمة
احتفل امازيغي المغرب بالذكرى الرابعة لترسيم الامازيغية في الدستور المغربي من خلال ندوات هنا او هناك حول واقع الامازيغية الان في ظل الغياب التام لاية نية لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية على ارض الواقع بل يسجل تراجع خطير لادماج الامازيغية في التعليم و في الاعلام كمجالان اسياسيان بالنسبة للحركة الامازيغية منذ التوقيع على ميثاق اكادير صيف سنة 1991 اي منذ 24 سنة حيث تغيرت الكثير من الامور و المعطيات على المستوى الوطني بفضل الملك محمد السادس من طبيعة الحال و بفضل حركة 20 فبراير المباركة.
ان موضوع تسييس المسالة الامازيغية ليس جديد على الحركة الامازيغية بل هو موضوع قد طرح منذ منتصف تسعينات القرن الماضي حسب شهادة الاستاذ حسن ادبلقاسم في حواره الاخير معي لان الفرق بين تسييس الامازيغية و تسييس الدين الاسلامي هو فرق شاسع بحكم ان تسييس الدين الاسلامي على المنهج السلفي قد ساهم في خلق دولة ال سعود الداعمة للفكر الوهابي في العالم حتى اصبح الغرب يخاف من شيء اسمه الاسلام و المسلمين بينما تسييس المسالة الامازيغية سيساهم في ترسيخ ديمقراطيتنا و علمانيتنا الاصيلتان في تاريخنا قبل الاسلام و في عز حضارتنا الامازيغية الاسلامية حسب وجهة نظري المتواضعة.
انني اعتبر نفسي من اشد المدافعين عن شرعية الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي في الوجود القانوني من خلال مقالاتي و كتابي الجديد بحكم ان هذا الحزب هو الابن الشرعي لهذه الارض باعتباره لم ينطلق من المشرق العربي او من الغرب المسيحي على الاطلاق بل انطلق من قواعد الشعب المغربي الاجتماعية و الثقافية و الدينية من طبيعة الحال..
لا يمكن لاي عاقل يتميز بالذكاء اليوم ان ينكر حق امازيغي المغرب في التنظيم السياسي مثل السلفيين و الاشتراكيين الخ من هذه الاتجاهات السياسية الموجودة في عالمنا الاسلامي عموما و في المغرب خصوصا حيث ان المنطق السليم يقول كان من المفروض على امازيغي المغرب ان يؤسسوا تنظيمهم السياسي منذ عقود عوض ترك الساحة السياسية للغرباء يفعلون ما يريدون بدون الحسيب و الرقيب حتى وصلت البلاد الى ما وصلت اليه من العنف الرمزي و العملي ضد امازيغية المغرب حيث اننا لا نستطيع انكار ما قامت به الملكية لصالح الامازيغية منذ سنة 2001 الى يومنا هذا لكن تراكمات الماضي تركت لنا مجموعة من الكوارث الفكرية و الدينية من قبيل ايديولوجية الظهير البربري كاكبر عاقبة امام امازيغية المغرب اليوم حسب رايي المتواضع.
ان مغرب الاستقلال الى اليوم لم يستطيع الخروج عن نطاق الازدواجية الخطيرة و العجيبة في نفس الوقت جمعت بين قيم التشريق و قيم التغريب على حد السواء و لنأخذ التعليم كمثال حي باعتباره يعاني من هذه الازدواجية طيلة هذه العقود بمعنى ان الطفل المغربي ظل يتعلم ما يريده المخزن التقليدي من قبيل روايته لتاريخ المغرب المزورة و القائمة اصلا على تفضيل العرب و تحقير الامازيغيين تاريخيا مثل الدولة البرغواطية التي عاشت اكثر من 400 سنة و التي كانت تمثل استقلال المغرب الفريد عن المشرق و مثل المقاومة الامازيغية للاستعمار الاجنبي الخ من هذه الحقائق التاريخية لكن هذه الاخيرة لا تذكر نهائيا في مقرراتنا الدراسية مع كامل الاسف.
و من قبيل القيام بترسيخ مقاس هذا المخزن الايديولوجي للسلفية و العروبة داخل المدرسة المغربية منذ 1956 حيث تم تربية الطفل المغربي على الانتماء الوجداني و السياسي للمشرق لكنه بالمقابل يتعلم هذا الاخير قيم التغريب و قيم حقوق الانسان الخ دون أي تاصيل في هذه الارض المغربية كمجال تاريخي عظيم تم فيه صناعة هوية امازيغية اسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي من طبيعة الحال لكن هذا المجال التاريخي العظيم بعد سنة 1956 تم اقباره في الهامش بما يحمله هذا المصطلح من الابعاد المختلفة خدمة لشعار العروبة و اسلام المخزن التقليدي ..
و لنأخذ مثال اخر الا و هو الاعلام الوطني عبر القناة الثانية لابراز خطورة هذه الازدواجية العجيبة و مستوياتها المتعددة حيث قلت في مقال سابق بانهذا المشروع الاعلامي قد انطلق بهوية عجيبة جمعت بين الانتماء الغربي و الانتماء العربي و بالاضافة الى ثوابت المخزن التقليدي بشكل معين خصوصا في شهر رمضان من خلال الممارسات المعروفة حيث ان المشاهد الواعي في ذلك السياق سيعتقد اعتقادا حاسما ان المغرب هو بلد علماني خالص بمفهومه الغربي بحكم ان القناة الثانية كانت لا ترفع الاذان ابدا باستثناء شهر رمضان عند وقت الافطار لسنوات طويلة حتى وصول الاسلاميين الى السلطة الحكومية مما يترك المجال مفتوحا لاسئلة مشروعة من قبيل هل نحن نعيش في الدولة الاسلامية فعلا ام نعيش في الدولة العلمانية لكن بمفهومها الغربي التي تركها الاستعمار الفرنسي بعد الاستقلال الشكلي؟
لا شك اننا ظلنا نعيش لعقود طويلة تحت سيادة هذه الازدواجية الخطيرة بين قيم الشرق كالعروبة و السلفية الدينية حسب مقاس الحركة الوطنية الايديولوجي و بين قيم الغربي المسيحي كالفرنسة و التغريب بمعناه الواضح.
لكن منذ سنة 1956 قرر المخزن التقليدي اغتيال الامازيغية بكل ابعادها على حد السواء حيث لا يمكن لاي عاقل يتميز بالذكاء ان ينكر هذا المعطى الموضوعي لان البعض يتحدثون هنا و هناك بدون اية فائدة ربما خدمة للايديولوجيات المعلومة بمعنى ان الامازيغية بكل ابعادها عاشت عقود طويلة خارج ثوابت الدولة و خارج مؤسساتها المختلفة و خارج الشرعية الدينية حتى سيطرت القوى المعادية لها على مختلفة مناحي الحياة العامة بشكل كامل حيث لم ترك أي مجال لتحرك الامازيغيين كايديولوجية سياسية اصيلة لان المخزن التقليدي و احزابه وضعوا سياج من الخرافات و الاساطير لمنع الامازيغيين من مجرد التحرك كثقافة طيلة اكثر من 40 سنة حتى سنة 2001 ..
ان الحركة الامازيغية اليوم بعد دستور 2011 تحتاج الى حزب سياسي امازيغي كما شرحته مطولا في كتابي الجديد الامازيغية و الاسلام من اجل تكذيب ايديولوجية الظهير البربري نهائيا حيث قلت في هذا السياق بكل الوضوح اعتقد ان السياسة هي كما يقال فن ممكن في العالم باسره حيث ان الامازيغيين هم شعب عرف ما معنى السياسة بمفهومها الشامل منذ قرون غابرة ما قبل الاسلام و ما بعده من خلال الدول المتعاقبة على حكم المغرب كالدولة المرابطية و الدولة الموحدية و الدولة المرينية و الدولة الوطاسية و الدولة السعدية الخ من كلامي هذا.
ان هذه المرحلة تعتبر حساسة بالنسبة للقضية الامازيغية على كل الاصعدة و المستويات في ظل غياب اي افق لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية الى حدود الساعة و في ظل وضعية الامازيغية في التعليم و في الاعلام من خلال عدم تنفيذ وعود الحكومة الحالية التي تتمثل في جعل الاذاعة الامازيغية و قناة تمازيغت تبثان 24 ساعة على 24 ساعة.
و في ظل حيوية ايديولوجية الظهير البربري في حقلنا الديني حيث لم يحدث اي تغيير في هذا الموضوع الى حد الساعة كما ادعى ذلك عميد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الاستاذ احمد بوكوس لموقع هسبريس منذ شهور لان اعلامنا الوطني مازال يستحضر اكذوبة الظهير البربري في كل مناسباتنا الوطنية و كذا الدينية و مازال لم يفتح اي نقاش وطني عمومي حول القانوني الوضعي الامازيغي او الاعراف الامازيغية الخ من المواضيع الساخنة التي تتجاوز نطاق هذا المعهد الذي تحول مع كامل الاسف الى مؤسسة للحفاظ على تاريخ المغرب الرسمي كما شرحته في مقالي حول اسباب رفض هذا المعهد طبع كتابي الجديد حيث قلت بالحرف انني كنت اتوقع ان المعهد سيرفض طلبي المتعلق بطبع كتابي الجديد بحكم ان هذا الكتاب هو ذو بعد ايديولوجي و سياسي صريح حيث حذرني احد الاصدقاء من داخل اسوار المعهد في صيف سنة 2014 ان معهدنا لن يطبع كتابك باعتباره ايديولوجي و سياسي حيث اتواصل مع بعض الاصدقاء من داخل المعهد عبر الايميل دون ذكر اسماءهم و كما حذرني بعض الاصدقاء في الحركة الامازيغية عبر الفايسبوك كالاستاذ رشيد الحاحي و الاستاذ محمد وكرار الخ.
فعلا ان ادارة المعهد قد ارسلت الي في صيف سنة 2014 حيث عبرت عن مدى اعجابها بكتابي بصفته يتضمن على افكار اصيلة و وعدت بطبعه في اطار تشجيع الشباب الامازيغي الخ من هذه الوعود الكاذبة .
غير ان المعهد ارسل لي اواخر مارس الماضي برسالة يخبرني فيها انه رفض طبع كتابي الجديد لمجموعة من الاسباب بعضها قبلتها حيث انني اكتب بيدي الواحدة بفعل اعاقتي الحركية على لوحة مفاتيح الحاسوب بمعنى انني لا افعل الفاصلة الخ في مختلف كتاباتي منذ الانطلاقة .
اما الاسباب التي ارفضها فهي ان كتابي يفتقر الى اشكالية واضحة فهو مجرد خواطر حول قضايا الامازيغية و الحركة الوطنية..
انني هنا اتساءل اين هو مشروع تاهيل حقلنا الديني الذي طرحته في اواخر كتابي حيث اعتبره جوهريا لترسيم فعلي للامازيغية كلغة و كثقافة و كشرعية دينية في المغرب حيث قلت في الكتاب بوجود هذه النخبة الدينية بصورتها الحالية يستحيل لنا حسب اعتقادي المتواضع ان نتقدم و لو خطوة واحدة نحو تفعيل ترسيم الامازيغية على ارض الواقع المجتمعي و نحو ضمان ادماجها كثقافة و كقيم اصيلة تعادي السلفية بصريح العبارة و تعتبر الاسلام رصيدا فكريا و اخلاقيا يمكنه المساهمة في الحضارة الانسانية بشرط مسايرة علماءه لروح العصر و تحدياته العلمية و السياسية عوض الرجوع بنا الى عصر الاستبداد باسم الدين و فتاوى علماءه الرجعية.
و هنا استحضر بعض النماذج حيث عندما يحرم فقيها ذو النزعة السلفية الاحتفال بالسنة الامازيغية فانه ينطلق من تاويله القائل ان المسلم يحتفل بعيد الفطر و بعيد الاضحى فقط بينما كان اجدادنا يحتفلون بهذه الاعياد الدينية كلها أي بعيد المولد النبوي الشريف و بعيد عاشوراء باعتبارهم مسلمين لكن مع ذلك فانهم يحتفلون بالسنة الامازيغية كعيد له بعد علماني اصيل في مجتمعنا الامازيغي القديم و يحتفلون بعادة بلماون في ثاني ايام عيد الاضحى المبارك بمعنى ان هذا الفقيه لم ينطلق من واقع مجتمعه الحقيقي بل انطلق من فتاوى القنوات الدينية في السعودية و في مصر .
و عندما يحرم هذا الفقيه الاسماء الامازيغية بدعوة انها غريبة عن مجتمعنا فانه غير مدرك لتاريخ المغرب الحقيقي بشكل تام سواء قبل الاسلام او بعده بالنظر الى تكوينه السلفي في التعليم الاصيل في سوس او في القرويين بمدينة فاس حيث ان هذا التكوين لم يعطي الا المزيد من التعريب و المشرقية و البعد عن معرفة أي شيء عن ثقاقة هذا الشعب العريقة الخ من مضمون ذلك المقال المطول لكن النقطة التي جعلتني اعتبر ان المعهد قد تحول الى مؤسسة للحفاظ على التاريخ الرسمي حيث ان هذا المعهد الذي يمثل الامازيغية على المستوى الرسمي على الاقل قد انكر قولي على ان الدولة المرابطية الامازيغية قدمت خدمات جليلة لا تنسى للاسلام اكثر من دولة بني امية و من دولة الادارسة قلت بالضبط في كتابي ان الدولة المرابطية الامازيغية خدمت اي قدمت خدمات جليلة لا تنسى للاسلام اكثر من الدولة الاموية و الدولة الادريسية التي تعتبر اول دولة اسلامية بالمغرب حسب راي المخزن العتيق..
اعتقد بعد هذا الانكار لصفحات منيرة من تاريخ بلادنا الاسلامي ان المعهد قد تحول بالفعل الى مؤسسة مخزنية للتاريخ المغربي ببعده الرسمي حيث ان هذا التحول لن يخدم الامازيغية اطلاقا على مستوى مشروع اعادة كتابة تاريخ المغرب بل سيساهم في تقديس الرواية الرسمية لتاريخنا الوطني و القائمة اصلا على تهميش دور الامازيغيين الكبير و تمجيد دور الاخرين من بني امية الخ...
انني يؤسفني غاية الاسف قول هذا الكلام في حق المعهد الملكي للثقافة الامازيغية باعتباري لا اجيد لغة النفاق حتى مع اعز الناس بل اجيد لغة الصراحة و لغة النقد البناء.
ان هذا المقال يعتبر فرصة لطرح اوراق و مشاريع للعمل السياسي الامازيغي طبعا في ظل الاحترام التام للملكية كرمز للوحدة الوطنية منذ قرون غابرة و ليس منذ 12 قرنا بالاعتبار ان الملك محمد السادس يريد الخير لشعبه العزيز .
اننا يجب ان نتجاوز كل ادبيات الاحزاب القائمة حاليا في بلادنا باعتبارها لم تنطلق من المغرب كحضارة عريقة بل انطلق اغلبيتها من المشرق العربي و لدى اقترح ان يكون شعار هذه المرحلة هو من اجل الاستقلال ايديولوجيا و سياسيا عن المشرق العربي باعتباره المصدر الجوهري لتخلفنا الديني و الحضاري كامة مسلمة لها هويتها الامازيغية الاسلامية..
و بالاعتبار ان هذا المشرق المبارك حسب راي البعض هو المصدر الجوهري لانتشار الارهاب الوهابي كما اسميه في منطقتنا المغاربية حيث وصلت جماعة داعش الوهابية الى ليبيا و نسمع من حين الى اخر في اعلامنا العمومي اخبار عن افشال المخططات الخطيرة التي استهدفت المساس بالنظام العام و اغتيال الشخصيات ذات توجهات حداثية حيث ذكر اسم الاستاذ عصيد مما يعني ان الحركة الامازيغية اصبحت مستهدفة من طرف عملاء بني عبد الوهاب اي داعش و اخواتها من تنظيمات السلفية الجهادية و غير الجهادية .
ان المشكل المطروح بالنسبة لي الان هو طغيان الحركة الاسلامية المشرقية ببلادنا منذ عقود من الزمان دون اي ارتباط و لو سطحي بالامازيغية كهوية اسلامية لكنها في طابعها العلماني المغربي كما شرحته في كتابي الجديد مطولا حيث قلت في هذا السياق ان مشكل الاسلاميين ببلادنا هو مشكل عدم انطلاق من تاريخنا الاسلامي المغربي نهائيا لان هذا التاريخ يقول لنا ان اجدادنا كانوا مسلمين علمانيين كما شرحت مطولا في كتابي هذا أي كانوا مثالا لتحديث الاسلام في المغرب دون ان يتدخل الغرب او الشرق في هذا التحديث ..
و لنفرض مثلا لو لم تظهر ما يسمى بالحركة الوطنية نهائيا في اوائل ثلاثينات القرن الماضي ماذا سيحدث بعد سنة 1956 و الجواب بكل بساطة سيصبح المغرب دولة علمانية بمفهومها الاصيل و ليس بمفهومها الغربي كما هو الحال الان بحكم ان المغرب يطبق القانون الوضعي الفرنسي عوض الشريعة الاسلامية او القانون الوضعي الامازيغي أي العرف الامازيغي بطبيعة الحال .
ان الدولة العلمانية بمفهومها الاصيل اذا كانت منذ سنة 1956 ستكون الامازيغية مشروعا طبيعيا لتحديث الاسلام على مستوى السلطة حيث لن يكون أي ذكر عن العروبة باعتبارها انذاك ستعتبر شيء له وطن اصيل الا و هو الجزيرة العربية و اما اللغة العربية فسوف تبقى لغة محترمة عوض ان تكون لغة مقدسة او لغة اهل الجنة.
ان الامازيغية في اطار هذه الدولة العلمانية ستصبح الهوية الرسمية تماشيا مع تاريخ هذه الارض الغابر و سيكون قانونها الوضعي مصدرا اساسيا للتشريع الى جانب المقاصد الكبرى للشرع الاسلامي و مصدرا اساسيا للديمقراطية المحلية عبر تطوير المؤسسات القبائلية الامازيغية و ادماجها في منظومة الدولة العلمانية الحديثة و تاهيل الشان الديني و جعله يقدس توابث هذه الارض الحقيقية مثل الامازيغية و الاسلام و الملكية من طبيعة الحال حيث حينها لا توجد اية ايديولوجية تحت اسم الظهير البربري لان الحركة الوطنية لم تظهر في اوائل ثلاثينات القرن الماضي اصلا ..
و بعيدا عن هذه الفرضية المنطقية فالامازيغية هي مشروع طبيعي لتحديث الاسلام في المغرب بالفعل لان الحركة الامازيغية لها مسار طويل في تحديث الاسلام من خلال مشروع تمزيغ الفكر الاسلامي الذي تحدثت عن تاريخه مطولا في كتابي هذا و مساعي الحركة الامازيغية الى جعل عامة الشعب يفهم بان العلمانية هي اصيلة في تاريخنا الاجتماعي لقرون و ليست شيء جديد دخل من اوربا اطلاقا كما دخلت العروبة و السلفية من المشرق.
و قلت كذلك في كتابي الجديد حول التعاقد الجديد بين الامازيغية و الاسلام ان أي تعاقد جديد بين الامازيغية و الاسلام مشروط بالعديد من الشروط و الاسس و الاهداف لان التعاقد الحالي بين العروبة و الاسلام لن يساهم في تنزيل ترسيم الامازيغية الى ارض الواقع المجتمعي و المؤسساتي و حتى الديني بحكم وجود تيارات معادية لهذا الترسيم بوضوح حيث لا احد يستطيع انكاره او تجاهل خطره المستقبلي خصوصا بعد مرور الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011 .
و قلت في نفس هذا السياق لكن الان بعد مرور 3 سنوات على ترسيم الامازيغية لا توجد اية رغبة من طرف الحكومة الحالية لفتح النقاش العمومي مع مختلف القوى الحية حول تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و بالاحرى فتح النقاش العمومي حول تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام لاننا لا نتوفر على حزب امازيغي هوية و مرجعية سياسية امازيغية اسلامية وفق تاريخنا الاجتماعي لمالا بحكم ان حزب العدالة و التنمية ينطلق من مقدسات المشرق كالعروبة و السلفية الدينية.
اذن ان أي تعاقد ايديولوجي بين الامازيغية و الاسلام هو برايي المتواضع مشروع حزب امازيغي بالدرجة الاولى سواء اذا اعترفت الدولة عبر وزارة الداخلية بحق الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي في ممارسة مهامه في تاطير المجتمع المغربي او اذا استطاع الامازيغيين خلق حزب امازيغي اسلامي مغربي في السنوات القليلة القادمة لاننا مازلنا نعيش في مجتمع يغار على الاسلام و يحب متابعة اخبار الاسلاميين في مصر مثلا خصوصا بعد الانقلاب العسكري على الاخوان المسلمين بطريقة وحشية حسب اعتقادي المتواضع.
انني هنا لا ادافع عن جماعة الاخوان المسلمين كتنظيم اختلف معهم ايديولوجيا و فكريا انما ادافع عنهم من المنطلق الانساني حيث ان مرجعية جماعة الاخوان المسلمين هي نفسها مرجعية معظم تيارات الاسلام السياسي بالمشرق العربي .
انني اعتقد انه من الصعب للغاية اقناع عامة مجتمعنا المتدين اصلا بان الاسلام شيء و الاسلاميين السلفيين على وجه الخصوص شيء اخر لان السياسة هي في نهاية المطاف فعل اجتهادي انساني حيث ان القران الكريم نفسه لم يحدد لنا نظام حكم معين من قبيل الخلافة الاسلامية الخ بل ترك لنا حرية الاجتهاد في السياسة حسب ظروفنا المحيطة بنا كشعب اغلبيته تدين بالاسلام الخ من كلامي في كتابي الجديد بمعنى انني اؤمن ان من الضروري التفكير في امكانية تاسيس تيار تابع لاي حزب امازيغي يحمل الاسم التيار الامازيغي الاسلامي على غرار حركة التوحيد و الاصلاح الجناح الدعوي لحزب رئيس الحكومة لمواجهة فكرية و سياسية للمد السلفي سواء من طرف المخزن التقليدي عبر وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية او من طرف تيارات الاسلام السياسي ببلادنا بحكم ان الحركة الامازيغية ظلت لعقود خارج محيطنا الديني لكن بعد ترسيم الامازيغية يجب على النخبة الامازيغية السياسية و المدنية ان تفرض نفسها على ساحتنا الدينية الوطنية بغية قطع الطريق على دعاة التعريب و الاسلمة المشرقية..
و خلاصة القول ان موضوع تسييس المسالة الامازيغية يجب ان لا يفهم على انه موضوع عرقي او طائفي بالمغرب لان هذه الارض اصلا هي ارض امازيغية منذ فجر التاريخ حيث ان الامازيغيين اعتنقوا جميع الديانات السماوية و امنوا بالاسلام قبل وصول جيوش بني امية الغازية حسب اعتقادي المتواضع ...
المهدي مالك
mehdi1983k@gmail.com