( قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ )
مُتعة الكفر فى هذه الدنيا

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٠ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

اولا : عجائب  (الهوى ) فى أديان المحمديين الأرضية

تظهر عجائب على الفيس بوك توجز ملامح الأديان الأرضية للمحمديين، ومنها :

1  :  صوفية يرقصون ( الذّكر الصوفى ) منهم أفارقة ومنهم آسيويون ، وقد كتبنا عن شعيرة الرقص الدينية فى مصر المملوكية . والصوفية ( هواهم ) فى الرقص واللهو والشذوذ والزنا ، وقد فصلنا هذا فى الجزء الثالث من كتابنا عن ( الحياة الدينية فى مصر المملوكية بين الاسلام والتصوف ). الفيلسوف الاغريقى : أبيقور ( 341 : 270 ) سبق التصوف فى جعل المُتعة الحسية هدفا للحياة . وإعلان الحريات الأمريكى ــ الذى تم إقراره عام 1791 ــ جعل من حق الفرد أن يبحث أو أن ينشد السعادة ، إذ  نصّ الاعلان علىأن كل البشر خلقوا متساوين، وأن خالقهم وهبهم حقوقاً معينة غير قابلة للتصرّف، وأن من بينها الحق في الحياة، والحرية، ونشدان السعادة. ولكن يفترق التصوف عن هذا وذاك أنه جعل هذا الهوى دينا ، وجعل ممارسته شعائر دينية ، وجعل دين التصوف لكل صوفى ( هواه ) أو ( ذوقه ) الخاص ، فصاحب الشذوذ يمارس شذوذه راكبا أو مركوبا ، ومدمن الحشيش  يجعلها ( لقيمة الفكر والذكر ) ومدمن الزنا يبيح له التصوف الزنا حتى بالمحارم ، وهواة الرقص والغناء لهم أن يعقدوا مجالس رقصهم وأن يصرخوا ما يستطيعون فهذا هو ( الوجد ) ، وكل ما سبق من إنحلال جعلوه عبادات دينية تقربهم لرب العزة بزعمهم.

  2 :  الشيعة ( هواهم ) فى الحزن والنكد ، وفى دينهم شعيرة ( التطبير ) حيث يضربون أنفسهم وأطفالهم بآلات حادة حتى تسيل دماؤهم ، إحتفالا سوداويا بذكرى مصرع الحسين.وهم لا يملُّون فى مساجدهم وندواتهم من ترديد الروايات الخاصة بمذبحة كربلاء ، وهناك فيديو لشيخ شيعى وقور يقف على المنبر وهو يقرأ من وريقات تلك الروايات ويبكى ثم يصرخ ثم يلقى بعمامته على الأرض ويصرخ ، ويلطم ويصرخ الحاضرون ، ولو شاهد الحسين نفسه هذا لألقى بهم فى اقرب مستشفى للمجانين . ولا أعرف أصلا ولا شبيها لهذه النزعة الدينية فى ( هوى ) النكد والحزن ، بحيث يصبح النكد دينا ، ويصبح الصراخ باسم الحسين فريضة ، ويمارسها أصحابها سنويا بإخلاص يتعجب منه السكرتير العام للأمم المتحدة .!!.

الغريب انهم يعرفون ان الحسين قُتل من حوالى 1400 سنة ، يعنى مفروض أن ينتهى الحداد عليه من 1400 سنة ، ولكن (الهوى) الشيعى جعل للحسين أطول حداد فى تاريخ البشرية ، وأفظعه سفحا لدماء الأحياء .!!. العجيب أن الله جل وعلا حرّم سفح دم الحيوان الحىّ وحرّم تناوله طعاما فقال رب العزة : (  قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )(145) الأنعام ). ولكن الشيعة ( هواهم ) فى سفح دمائهم ودماء أطفالهم حُزنا على الحسين الذى رحل عن عالمنا منذ 1400 سنة وهو لا يدرى عن أولئك الشيعة شيئا .

 3 : وتمتلىء صفحات الانترنت بالهوى الداعشى فى قطع الرءوس وسبى النساء وسلب الأموال ونهب البنوك ، وفتاوى الزنا ( الشرعية ) عندهم والتى تجيز ( جهاد المناكحة ) وحاليا إمتدوا بها لتشمل الزنا بالمحارم وإلزواج بالأطفال وفقا لشريعتهم .

وإذا كان الهوى فى الدين الصوفى متخصصا فى الانحلال الخُلُقى ( المُسالم ) ، وإذا كان الهوى فى الدين الشيعى متخصصا فى النّكد ( المُسالم ) فإن الهوى فى الدين السُنّى متخصص فى القتل والسلب والنهب والسبى والاغتصاب . وهذا هو جهاده السُّنّى الذى أرساه الصحابة والخلفاء الراشدون ، وجاء الوهابيون فألفوا أسلافهم وآباءهم ضالون فهم على أثرهم يهرعون:( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) الصافات).

ويظلُّ هذا ( الهوى ) لديهم جميعا ( مُتعة ) ( يهوون ) ممارستها ، سواء كانت قتلا أو رقصا أو تعذيبا للذات . نكتب الآن عن ( مُتعة الكفر ) أو ( متاع الكافر ) فى هذه الدنيا .!!

وكما أكّدنا من قبل فالتكفير عندنا هو للوعظ والتحذير ، مع إحترامنا لحرية كل فرد فيما يمارسه من دين ، وموعدنا أمام رب العالمين يوم الدين ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون .

ثانيا : بين الهوى فى الدين الأرضى والطاعة فى الدين الالهى : لمجرد التذكير

1 ـ فى الدين الالهى: ( لا إله إلا الله ) و لا حديث نؤمن به سوى حديث رب العزة فى القرآن الكريم ( الاعراف 185 المرسلات 50 ، الجاثية 6 ) ، وأن الله جل وعلا هو وحده الذى له الخلق والأمر (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الاعراف ). المؤمن المسلم المتقى عليه أن يطيع ربه جل وعلا ، ولا يجعل بينه وبين ربه واسطة أو كهنوتا من إمام أو فقيه .

فى الدين الأرضى تنوع هائل لأنه يقوم على ( الهوى ) والهوى هو الاله الوحيد المتفق عليه فى كل الأديان الأرضية : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) ( الفرقان 43) :( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ )(الجاثية 23 ). لاحظ انهم إتخذوا الهوى لهم إلاها .

2 ــ  لذا فإن الدين الالهى واحد، نزلت به كل الرسالات السماوية تدعو أنه ( لا إله إلا الله ) : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) الانبياء )، وتكلمت كل رسالة بلسان الرسول وقومه (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) (4) ابراهيم ).

أمام هذا الدين الاهى الواحد للإله الواحد تتكاثر آلاف من الأديان الأرضية تقوم على إفتراء الوحى الالهى وتتنازع فيما بينها ، يجمع بينها قيامها على ( الهوى ) وهذا ( الهوى ) نفسه هو الذى يفرقها وهو يؤسس أديانا جديدة ويشجع الآلاف لينشئوا أديانا أرضية جديدة ، قد تُدرُّ عليهم المال والجاه. ولا يخلو وقت من ظهور أفّاك أفّاق يزعم النبوة أو الوحى أو أنه المهدى المنتظر .

ولقد بُليت ببعض هذه الكائنات ، ولا أعرف لماذا ركزوا علىّ بالذات، مع إن صحتى لا تسمح بهذا .!!

فى مصر فى التسعينيات ، ظل واحد منهم يطاردنى برسائله وإتصالاته التليفونية لأعترف بنبوته.  وهناك حاليا كائن آخر يزعم أنه المهدى المنتظر كلما طردته من صفحة الفيس عاد ، وفى النهاية عندما يئس من (هدايتى ) قرّر أن يدخلنى الجحيم ..وبئس المصر .!!

3 ــ  وهناك حقيقتان عن ( عبيد الهوى ) أو ( أهل الهوى ) :

* تشبيه أهل الهوى بالحيوانات:(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(الاعراف175: 176 ) (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا )( الفرقان 43 : 44).

* إن من يتحكم فيه هواه يستحيل أن يهتدى:( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (الجاثية 23 )، وترتبط تلك الحقيقة بسابقتها ، فلا يمكن للمؤمن العاقل أن يكون على درجة مع الحيوان غير العاقل ، فالهوى يسلب التعقل والهداية من الانسان ويساوى بينه وبين الحيوان . لاحظ ما سبق قوله عن الشعائر الدينية للهوى الصوفى والشيعى والسُّنّى .

ثالثا : الشيطان هو منبع الهوى فى الأديان الأرضية

1 ــ الوحى هو الغطاء الذى يتسربل به الدين الأرضى . وهنا الفارق ـ مثلا ـ بين أديان السنة والتشيع التصوف من جانب ، والفرق الفلسفية والفكرية كالمعتزلة من جانب آخر . كل دين أرضى يزعم له وحيا . وبالتالى فلدينا وحى الاهى صادق فى الرسالات السماوية والقرآن الكريم هو الرسالة السماوية الخاتمة ، ولا وحى بعده ، ثم هناك مزاعم مستمرة بالوحى الشيطانى المناقض للوحى الالهى . أى لدينا الوحى الالهى والوحى الشيطانى . يقول جل وعلا عن القرآن الكريم : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195).. (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنْ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212)  الشعراء ) ويقول جل وعلا عن الوحى الشيطانى (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) الشعراء )

2 ـ والشيطان تخصّص فى غواية البشر بأن يضلهم ويُمنّيهم (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (118) وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ ) (119) النساء )، فيمارس الانسان الضلال ( على هواه متمتعا به ) وهو مؤمن أنه مهما فعل فسيدخل الجنة بالشفاعات والوساطات . ولذا قال جل وعلا عن عُبّاد الهوى إنهم يتبعون ظنونا وما تهوى أنفسهم :( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ )(23) النجم ).

 3 ـ وهنا تأتى مُتعة الكفر فى هذه الدنيا ، أن تعيش كما يحلو لك بلا أى إلتزام ، تقتل وتسلب وتنهب وترقص وتتماجن وتضحك وتبكى ، وكل ما تهواه وتحبه وتتمتع بممارسته تجد له حديثا أو فتوى فى دينك الأرضى ، الذى يزعمون أنه مؤسس على وحى الاهى .

 

رابعا : الوحى الشيطانى والغرور 

1 ـ فى جلسة من جلسات السمر قيل لعمرو بن العاص : ( ما هو العيش ؟ فقال : أخرجوا عنى أحداثكم ، فأخرجوهم، فقال : العيش هو إسقاط المروءة ). أى سئل عمرو بن العاص ما هو العيش ؟ أى كيف تعيش سعيدا؟ فطلب إخراج الشباب والصبيان لأنه سيقول كلاما لا ينبغى أن يسمعه ( الأحداث )، ثم قال لهم ان العيش أن تعيش بلا مروءة . والمروءة مصطلح عربى لم يعد مستعملا ، كان مقصودا به الالتزام الخلقى وأن يكون الانسان محترما . ويرى عمرو بن العاص ـ لو صحت هذه الرواية ـ أو يرى من روى هذه الرواية، أن العيش الحقيقى هو أن تكون بوهيميا ، تتحلل من كل إلتزام وأن تمارس ما تشاء دون استحياء، يعنى أن تكون على مذهب ( ابيقور ).

 هذه رواية ( علمانية ) لا تتمى الى دين أرضى ، لأن راويها لم يصنع لها إسنادا يقول أخبرنا فلان حدثنا فلان عن فلان أن الرسول قال .. جاءت الأحاديث الشيطانية فى الأديان الأرضية وجعلت إسقاط المروءة دينا ، تراه الان فى رقص الصوفية وانحلالهم ، وفى توحش السنيين الوهابيين وارهابهم وفى نكد الشيعة وتطبيرهم . لو إحترموا أنفسهم وإلتزموا بالآخلاق الحميدة وإحترام الذات ما ارتكبوا ما يرتكبون . ولكن ما يرتكبون أصبح دينا فهم بفعلونه بحماس عريق وإخلاص عميق ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، وأن الحور العين فى إنتظار الواحد منهم تفتح لهم ذراعيها .. وساقيها أيضا .!!

2 ـ بين الوحى الشيطانى والوسوسة الشيطانية

عموم الوسوسة: الشيطان يوسوس حتى للأنبياء ، لذا أمر الله جل وعلا رسوله أن يستعيذ بالله جل وعلا من الشيطان ووسوسته:  ( الاعراف 200 )( النحل 98 ) ( المؤمنون 97 ، 98  ) ( فصلت 36 )( سورة الفلق ) ( سورة الناس ). ولكن هناك الوحى الشيطانى يختصّ بمن وصفهم رب العزة بأنهم ( اعداء الأنبياء شياطين الانس والجن ) ، يعنى من يخترع أحاديث ويزعم أنها وحى الاهى ، ومن ينشرها ويدافع عنها على أنها وحى الاهى . وكالعادة تكون هذه الأحاديث مؤثرة مزخرفة خادعة تغُرُّ من لا يؤمن بالآخرة ، فتراهم يصغون اليها مستمعين مستمتعين، ولأنها توافق هواهم وتجلب لهم المثتعة فإنهم يرتكبون بتشريعها كل ما يقترفون من الجرائم ، وهم معتقدون أن يحسنون صنعا. يقول جل وعلا :( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً )(114)الانعام ).  وبذلك يكون متاع الدنيا وغرورها أهم بند فى الوحى الشيطانى .

خامسا : متاع الدنيا زخرف قليل وزائل وغرور خادع   

1 ـ للجسد البشرى سقف لا يتعداه فى المتعة واللذة،وإذا أسرف لم يعد يشعر بالمتعة بل قد تتحول الى ألم . المترف الذى يأكل أشهى الطعام وتحيط به الحسناوات لا يُحس بلذة الطعام الشهى الذى تعود عليه ، ولو أسرف فى الطعام تعين عليه أن يجوع حتى لا يعانى من السمنة ومساوئها . لا يستطيع أن يتعدى طاقته الجنسية ، ولو أسرف فقد الاحساس بها وربما أهلك نفسه . هو قانون الاهى أن متاع الدنيا ( قليل ) وهو مرحلى زائل ، وبالتالى فهو مجرد غرور .  يسرى هذا على البشر جميعا منذ أن هبط آدم وزوجه للأرض ، قال جل وعلا لهما : ( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) الاعراف) هو متاع الى حين ، أى له نهاية بالموت ، ثم هو متاع قليل فى كميته وفى كيفيته : ( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ) (77) النساء ) ، وبالتالى فهو متاع الغرور طالما كان قليلا وبعده الموت :( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) آل عمران ).

2 ـ الخديعة الكبرى ( أو الغرور الأكبر ) للكافر الذى يؤثر الحياة الدنيا وليست الآخرة على جدول أعماله . فالمؤمن مثله فى الحصول على متاع الدنيا القليل الزائل ، ولكن المؤمن باليوم الآخر الذى يعمل لهذا اليوم عملا صالحا ــ يمتاز عن الكافر براحة نفسية وإطمئنان قلبى ، لذا يكون متاعه القليل فى الدنيا متاعا حسنا : ( وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) (3) هود ). هناك فارق بين مؤمن راض بما قسمه الله جل وعلا له يحمد ربه ويعيش فى راحة نفسية ، وبين عربيد يقتنص اللذات فيقع فى مشاكل وأزمات . ثم يأتى الموت لهذا وذاك ، ثم ستأتى الآخرة بالجنة الخالدة للمؤمن المتقى وبالخلود فى النار للكافر الفاجر . !

سادسا : تهديد رب العزة للكافرين ( هواة ) (المتاع الدنيوى) بعذاب الآخرة

1 ـ يقول جل وعلا يهدد من يعبد البشر والحجر: ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)ابراهيم )

2 ـ يقول جل وعلا يهدد من تستغرقه الدنيا وتُلهيه عن الآخرة معتقدا فى الشفاعات الباطلة معتمدا عليها  ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) الحجر )

3 ـ يقول جل وعلا يهدد من يكفر بالقرآن الكريم ( لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55 ) النحل) ( لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) العنكبوت )( لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) الروم )

4 ــ يقول جل وعلا يهدد من يفترى أحاديث كاذبة ضالة ويزعم أنها وحى : ( قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمْ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) يونس ) (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) النحل  )

5 ـ ويتوعّد رب العزة بالويل أولئك الذين يكذبون بآياته القرآنية ولا يؤمنون بحديث الله جل وعلا فى القرآن وحده ،ويصفهم بأنهم مجرمون : ( كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات )

6 ـ ذلك الذى يتمتع فى الدنيا لا يهمه سوى ملذاته الدنيوية غافلا عن الآخرة ، لا يفكر فى مستقبله شأنه شأن الحيوان الذى يعيش الحاضر فقط ، يقول جل وعلا : (  وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12) محمد ).

أخيرا : فى اليوم الآخر بعد إنقضاء الدنيا بمتاعها القليل :

1ـ فى يوم الحشر يؤنب الله جل وعلا عُصاة الجن وأوليائهم من شياطين الانس ، مخترعى ومروجى الوحى الشيطانى المُشار اليه فى سورة الأنعام ( آية 112 ) ، فقد انتهى إستمتاعهم ببعضهم وجاء موعد خلودهم فى النار ، يقول جل وعلا :  ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) الانعام )

2 ـ عند العرض على رب العزة يوم الحساب يتم تذكيرهم تأنيبا بأنهم أذهبوا طيباتهم فى حياتهم الدنيا وتمتعوا بكفرهم وما ترغبه أهواؤهم وجاء الأوان لعذاب الذلة والهوان، يقول جل وعلا : ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20) الاحقاف ).

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 12713