فوازير رمضان الفقهية السمجة !! الصيام بين تيسير الاسلام ورذالة الفقهاء ( 2 )

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٢ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : ـ المشكلة فى ( صيام) أو ( صوم ) رمضان تنبع من عاملين :

 1 : إنه إرتبط بحياة إجتماعية استمرت قرونا جعلت لشهر رمضان طبيعة خاصة ، تتشكل على أساسها عقليات ( المحمديين ) وتؤثر على من يعايشهم من المسيحيين .وأن المعرفة برمضان والصيام فيه ليست مستمدة من القرآن الكريم بل من أساطير التراث الفقهى وأعاجيبه و ( فوازيره ) . ولذا فإن شهر رمضان هو شهر الفوازير العجيبة من  الفتاوى المتكررة والوعظ المعتاد الذى يقول كثيرا ولا يقول جديدا ، ولا ينتج عنه إصلاح فى الأخلاق .

2 ــ أذكر أن أول مقال لى عن الصيام فى شهر رمضان نشرته جريدة الأخبار المصرية فى أوائل التسعينيات ، وكان فى تدبر الآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة )، وُوجه المقال بإستغراب لأننى أوضحت حقيقتين ذكرتهما الآية الكريمة : إن الصيام من ملة ابراهيم وكان معروفا الصيام من قبل ، ونزل التشريع فى المدينة بالجديد فى رُخص الافطار وفى تقليل مدة الصيام ، ثم أن الصيام وسيلة للتقوى شأن كل العبادات ، وليس غاية فى حدّ ذاته .  كانوا معتادين على أن يجترّ الشيوخ نفس الكلام المعتاد البعيد عن القرآن الكريم، فلما جاءهم المقال بحقيقتين من القرآن عن رمضان إستغربوا ، لأن القرآن قد إتخذوه مهجورا ، ولا يزالون .

3 ـ وجه الاستغراب كان ـ ولا يزال ـ نابعا من عاملين :

3 / 1  :  تجاهل المحمديين أن خاتم النبيين محمدا عليه وعليهم السلام ـ كان متبعا لملة ابراهيم ، ومنها الصلاة والصوم والحج والزكاة المالية ، ولذلك فإن منهج القرآن الكريم فى التعرض للعبادات المتوارثة ليس بذكر  تفصيلاتها المعروفة من كيفية الصلاة ومواقيتها مثلا ،ولكن بالتذكير بالخشوع فيها والمحافظة عليه لتكون وسيلة للتقوى ، ثم إذا جاء تشريع جديد فى ملة ابراهيم نزل مفصلا ، كصلاة الخوف والوضوء والاغتسال ، ورُخص الافطار فى رمضان ، وكل ذلك فى إطار التقوى و التيسير والتخفيف ورفع الحرج .

3 / 2 : إعتقادهم الخاطىء أن العبادات هدف فى حدّ ذاتها . وبالتالى فطالما تصوم جوعا فلا عليك من حرج مهما فعلت ، وطالما تصلى بحركات قيام وركوع وسجود فلا عليك مهما فجّرت من قنابل وفجرت فى سلوكك ، وطالما تتصدق وتبنى المساجد فلا عليك مهما سرقت ونهبت ، وإفعل ما تشاء وقم بالحج فسترجع كما ولدتك أُمُّك .!!. أى بالتناقض مع دين الرحمن ، ففى دين الاسلام التأكيد على أن العبادات كلها مجرد وسائل للتقوى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)  البقرة ) أما فى الدين الأرضى السّنى بالذات تكون العبادات هدفا فى حدّ ذاتها ، وبالتالى تصبح وسيلة للفسوق والعصيان والظلم والطغيان . فالطاغية فى بلاد المحمديين يحرص على تصويره وهو يصلى الجمعة خاشعا وحوله اعوانه حاشية الفساد ، وعندما كنت مُجبرا على التحقيق معى كل حين فى مبنى أمن الدولة فى لاظوغلى ، كنت أشاهد الذين يقومون بالتعذيب وهم يقفون فى صفوف لصلاة للظهر أو العصر ، وأرى سجادة الصلاة فى مكتب الضابط الذى يحقق معى .! .والواقع أنّ أكثر المجرمين والارهابيين هم الأكثر تدينا بالدين السنى الذى يتركز فى المظهرية السطحية ( النفاق ) والاحتراف الدينى . المجرم العادى يعرف أنه مجرم ، وقد يتوب ، أما من يجعل الاجرام دينا وجهادا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، ويعتقد أنه مبعوث العناية الالهية لارغام الناس وإكراههم فى الدين ـ فمستحيل أن يتوب ، فقد زيّن له الشيطان سوء عمله فرآه حسنا . وقد قالها رب العزة لخاتم المرسلين : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) فاطر )

 ثانيا :  عودة الى التدبر فى تشريعات الصيام فى الاسلام

يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) البقرة ) . ونلاحظ الآتى :

1 ـ لم يذكر رب العزة بالتفصيل كيفية الصوم ( الامتناع عن الأكل والشرب واللقاء الجنسى ) مكتفيا بأنه مكتوب علينا بمثل ما كان مكتوبا على من كان قبلنا . وجاءت عنه إشارة فى سياق التخفيف من وقت الصيام  وبالتالى بمعنى الصيام ، إذ كانوا يصومون قبل نزول القرآن بنفس الطريقة من الامتناع عن الطعام والشراب والعلاقة الجنسية بالزوجة ، وكان الصوم يستمر من بعد العشاء الى غروب الشمس لليوم التالى فنزل التخفيف ، بأن يكون الصوم من الفجر الى غروب الشمس . وبغروب الشمس يكون الليل والافطار. فى هذا السياق جاءت إباحة الأكل والشرب واللقاء الجنسى ، من غروب الشمس أى غياب قرصها الى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .

وبالتالى فلا حاجة الى آلاف الفتاوى التراثية فى مبطلات الصوم ، فهى ثلاث فقط:  اللقاء الجنسى و ( الأكل والشرب ) اللذان يصلان الى المعدة ،أما ما يصل من هواء الى الجهاز التنفسى ـ كالتدخين ـ فليس أكلا ولا شربا ، وبالتالى لا يبطل، ومنشور لنا مقالات بهذا  .

 كما أنه لا أصل على الاطلاق لما يُسمى ب ( الامساك ) الذى إبتدعه الفقه التراثى بمعنى الامساك عن الأكل والشرب واللقاء الجنسى قبل الفجر بوقت إختلفوا فى تحديده . هذا ( الامساك ) المزعوم ينفيه رب العزة جل وعلا بقوله (  فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) . أى إباحة الأكل والشرب حتى يتبين كذا من كذا .!

2 ــ أرجو من القارىء الكريم أن يقوم بنفسه بالتمعن فى الايات الكريمة السابقة من سورة البقرة ( 183 : 187 ) هى خمس آيات فقط ( بإضافة آية الدعاء رقم 186 ) . هذا هو كل تشريع الصيام فى رمضان . وأرجو أن يتذكر القارىء الكريم أن هناك عشرات الألوف من الصفحات ومئات الكتب وعشرات الألوف من الفتاوى صدرت ولا تزال عن صيام رمضان . وأرجو من القارىء الكريم أن يٍسأل نفسه : هل أنزل الله جل وعلا تشريع الصيام ناقصا فتكفل الفقهاء ( الأبرار ) بتكميل هذا النقص ؟ أم أنهم فى ثرثرتهم وأساطيرهم وخرافاتهم عن صيام رمضان غفلوا عن الحقائق التى جاءت بها الآيات الخمس فى سورة البقرة ؟ !.

3 ـ ونرجو من القارىء الكريم أن يتدبر قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105) النحل )، هنا التأكيد على أن من يختار لنفسه عدم الايمان بآيات الله لا يمكن أن يهديه الله ، خصوصا إذا كان يحترف الاضلال ،ومهما بلغ حرصك على هدايته فلن يهديه الله جل وعلا لأن ذلك الشخص ( مُضل )  ففى نفس السورة يقول جل وعلا  للنبى عليه السلام نفسه : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) النحل ). ثم ينتظرهم عذاب أليم . هذا مضمون قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لا يَهْدِيهِمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)) . هؤلاء الذين لا يؤمنون حقيقة بآيات الله يلجأون لاستبدالها بإفتراءات يصنعونها ينسبونها لله جل وعلا بزعم أنها وحى ، وأحاديث قدسية وللرسول بزعم أنها سُنة وأحاديث نبوية ، ثم يلتفتون الى تشريع الرحمن فى القرآن قيسلطون عليه ما أسموه ب ( النسخ ) الذى يعنى عندهم إلغاء الآية القرآنية بآية قرآنية أخرى . يرتكبون هذا لأنهم ــ فى الحقيقة ـ لا يؤمنون بكتاب الله وما أنزل فيه من آيات. هذا فحوى قوله جل وعلا عنهم : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ (105) النحل ). هنا إعجاز و( آية ) تنطبق على أئمة الأديان الأرضية ، خصوصا السنيين ،السابقين منهم واللاحقين ، ومن إتبعهم فى الضلال الى يوم الدين .!! لم يعجبهم تشريع رب العزة فى القرآن فيما يخصُّ الصيام فإفتروا تشريعا آخر نسبوه للنبى عليه السلام ، وجعلوه دينا بلا قاع وبلا قعر ، يأتى فقيه فيزيد ما يريد ، كما فعل ابن باز وابن عثيمين فى فتاوي سمجة يضحك منها الحزين  .

ثالثا : نماذج من الفوازير السمجة لآراذل الفقهاء

1 ـ حرموا صيام الحائض وصلاتها وقراءتها للقرآن واختلفوا فى صحة طوافها . وقد رددنا على ذلك كله بأن آية المحيض تمنع فقط اللقاء الجنسى وقت الحيض ( البقرة 221 : 222 ). وأنه لو كانت المرأة محرم صومها فى وقت الحيض فكيف يفترض رب العزة صيام شهرين متتابعين على من يقتل مؤمنا خطأ  : (  النساء 92 )، فلو إفترضنا أن إمرأة قتلت مؤمنا خطأ فكيف تصوم شهرين متتابعين  إذا كان ممنوعا صيامها فى الحيض ، ولا بد أن تحيض خلال الشهرين ؟

2 ـ وشرعوا عقوبات لمن يفطر باللقاء الجنسى ـ رجلا كان أم إمرأة ـ هى عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا . والفزورة المضحكة هنا : كيف تصوم المرأة شهرين متتابعين وهى عندهم محرم صومها فى الحيض ؟ ثم نفترض أن شخصا أفطر بالجماع الجنسى كل أيام رمضان ، هل يصوم ستين شهرا فى العام ؟ ولنفترض أنه ظل يفطر بهذه الطريقة فكيف يصوم ؟ نتكلم عن فقير لا يستطيع إطعام ستين مسكينا على قول الفزورة .!

3 ـ وقالوا بالاستنابة فى الصوم أسوة بما قالوه فى بقية العبادات ، يعنى أن تصوم عن أبيك أو أمك ، أو أن تحج عنهما . وهذه فزورة مضحكة ينفيها قوله جل وعلا فى الصوم (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وفى الحج (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ) الحج ) . ( شهد ) هنا يعنى حضر بنفسه وكان موجودا بنفسه ، وليس غيره . سماجة هذه الفزورة فى الصوم عن الغير فى أن العبادات هى لتزكية الشخص نفسه ولتدعيم التقوى فى قلبه هو ، وبالتالى فمن إهتدى فلنفسه وليس لغيره ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ( الاسراء 15 ،  الانعام 164  فاطر 18 ، النجم 38 ـ ) ، ومن وقع فى إثم فإنما يكسبه على نفسه ( النساء  111)  أى من يصوم عن الغير ـ إذا وقع فى معصية وقت صيامه فمن يتحملها هو أم الغائب ؟ . فى هذه الفزورة السمجة وضعوا حديثا يقول : (من مات وعليه صوم صام عنه وليه)،  وإفتروا أن امرأة قالت يا رسول: إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفصوم عنها؟ قال: (صومي عن أمك).

4 ــ وقلنا إن المفطرات للصوم فى الاسلام هى ثلاث فقط ( الجماع الجنسى والأكل والشرب ) . هذا التشريع القرآنى لم يُعجب شياطين الإنس فأضافوا له مبطلات أخرى فى الماضى ، وجاء شياطين الإنس فى عصرنا فأضافوا مفطرات أخرى .  بعضهم  مثلا يُفتى ( بالتاء لا بالسين ) بأن مبطلات الصيام هى :  الحُقن  والبخور والدخان وتعمد القىء والنفاس . ويلاحظ الآتى : إضافة الحقن والتدخين فى تشريع جديد لم يكن معروفا فى عصور ائمة السنة من مالك الى ابن تيمية ،وإن تشريع هذه المبطلات مُختلف فيه بينهم ، وقد تبارزوا بالأحاديث كل منهم يخترع حديثا يؤيد وجهة نظره . ففى القىء كمبطل للصوم ، ترى أحاديث تؤيده مثل حديث نسبوه لأبى هريرة : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ ))ويعارضه حديث آخر نسبوه لأبى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –  أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((ثَلاَثٌ لاَ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ الْحِجَامَةُ ، وَالْقَيْءُ ، وَالاِحْتِلاَمُ ). هنا ترى فوازير سمجة لزجة كالقىء ، جعلوها أحاديث نبوية فى دينهم الأرضى ، إفتراءا على خاتم المرسلين عليه وعليهم السلام .  

أخيرا :

بعد نماذج من فوازير فقه النكد السنى نحتاج الى تلطيف الجو بذكر نادرتين :

1 ـ فى الثانوى الأزهرى كان مقررا علينا فى الفقه الشافعى كتاب ( الاقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع ) ولا يزال مقررا . وكانت حصة الفقه هى المجال الذى اُشاغب فيه مدرس الفقه ، وفى باب الصيام وقف المدرس يقرأ من الكتاب المذكور أن من جامع قبيل الفجر فسمع أذان الفجر فنزع ( أى نزع عضوه الذكرى ) فصيامه صحيح ، حتى لو أنزل بعدها لأنه أنزل عن مباشرة ( جنسية )    . رفعت يدى أسأل ، وقلت : أنا لا أوافق على هذا لأنه كلام غير واقعى ، كيف له وهو مستمتع بالجنس أن يسمع الأذان ، المفروض أن يسمع الأقرب اليه وهو ما تقوله الزوجة ، ثم لو إفترضنا أنه سمع فهل يستطيع أن ينزع ؟ وهل لو أراد أن ينزع هل ستسمح له الزوجة ؟ كان هذا تهريجا من طالب أزهرى مراهق .

2 ـ فى نفس الكتاب ( الاقناع ) كانت هذه ( الصورة)  الفقهية الخيالية تقززنى : ( من زنا بأُمّه فى جوف الكعبة فى نهار رمضان : ماا عليه من الإثم ؟ ) . هذا الفقيه المنتمى للعصر العثمانى مؤلف كتاب ( الاقناع ) مريض نفسى . وكتابه لا يزال مقررا ومفروضا على الثانوى الأزهرى بفضل شياطين الانس .

3 ـ فى أوائل التسعينيات تقريبا عام 1991 نشرت جريدة الأهرام بداية سلسلة من المقالات للمفتى وقتها ، وقد كان كالعادة جهولا . ونشر فى مبطلات الصوم مقالا نقله من تراث الفقه البذىء ، ولأنه  جهول ـ كالعادة  ــ فقد ذكر فى مقاله أن ( أُصبع الصديق إذا دخل فى دبر صديقه فلا يفطر ) . كان هناك إختلاف فقهى هائل فى قضية خطيرة هى دخول الأصبع فى الدبر، هل يفطر أم لا ، إختلف ــ كالعادة ــ فيها العلماء ، وكان الرأى الأرجح أن أصبع الصديق فقط إذا دخلت فى دير صديقه لا تفطر .! . المفتى الجهول ــ كالعادة  ـ ذكر هذا الرأى الراجح يحسب أنه يحسن صنعا ،  وأحدث مقاله فضيحة مدوية ، ترتب عليها أن منعت ( الاهرام ) نشر المزيد من مقالات المفتى الجهول ـ كالعادة ـ  .! . إنتهز الفرصة الصديق الراحل الدكتور فرج فودة فكتب فى جريدة ( الأحرار ) مقالا ساحرا ساخرا يتهكم فيه بهذه الفتوى ، واذكر أنه جعل عنوانه بيتا شعريا يقول : أنا كنت واقف على الكوبرى ... حسّيت بأصبع فى دبرى .. صيامى راح .!!

إياكم والوقوف على الكوبرى ..!!

كل عام وأنتم بخير .

اجمالي القراءات 13169