معنى اللعن واصناف الملعونين فى الدنيا ويوم الدين
القاموس القرآنى : لعن

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٣٠ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

أولا : معنى اللعن هو البُعد والابعاد والطرد

1 ــ يقول جل وعلا  عن الشجرة الملعونة أى البعيدة :( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ )(60)الاسراء ). هى شجرة أو سدرة المنتهى التى رآها الرسول عليه السلام ، حين كشف رب العزة بصيرته فرأى جبريل للمرة الثانية، رأى جبربل عند سدرة المنتهى البعيدة منتهى البعد، عند جنة المأوى ، يقول جل وعلا : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) ) النجم ). هنا وصف للشجرة بأنها ( ملعونة ) أى بعيدة ، وأنها سدرة أو شدرة فى منتهى البُعد ، حيث لا يستطيع البشر العادى رؤيتها . اللعن هنا يعنى البُعد .

2 ــ وقد يأتى اللعن عقابا بمعنى الابعاد عن رحمة الله ، وهذا يعنى إرتباط هذا الابعاد بعقوبة ، تأتى هذه العقوبة فى الدنيا أو تكون مؤجلة الى الآخرة .

عن اللعن فى الدنيا يقول جل وعلا عن إهلاك قوم مدين :(  كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95) )هود ). (بُعْداً لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ) يعنى اللعنة على مدين واللعنة على ثمود .

اللعن فى الآخرة يأتى عقابا وابعادا عن رحمة الله جل وعلا ، ونفهمه من قوله جل وعلا : ( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الاعراف ) فبينما يتم إبعاد واستبعاد الظالمين من رحمة الله جل وعلا يكون المحسنون قريبون من رحمة الله جل وعلا . البشر هم اصحاب القرار والمشيئة هنا . لوشاءوا لكانوا محسنين تشملهم رحمة الله جل وعلا ، ولو شاءوا لارتكبوا المعاصى وأدنوها حتى تصدأ قلوبهم وتسودّ ، فيأتون يوم القيامة وهم عن ربهم محجوبون وعن رحمته مُبعدون مستبعدون ، أى ملعونون ، يقول جل وعلا : ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْلَصَالُوا الْجَحِيمِ (16)  المطففين ) . فى المقابل فإن الابرار يوم القيامة سيكون فى درجة العليين ، وسيكونون من الرحمن قريبين مقربين ، يقول جل وعلا : ( كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)المطففين ). اللعن فى الآخرة هو الحجب والابعاد عن رحمة الله جل وعلا ، وإستبعاد الظالمين من رحمة الرحيم جل وعلا ، فلا يكون لهم سوى النار فى اسفل سافلين ، بينما يكون أصحاب الجنة بالقرب من الله جل وعلا فى أعلى عليين .

على أن هذا القرب من الله جل وعلا يختلف طبقا للإيمان الخالص والعمل الصالح . فأصحاب الجنة على مستويين : السابقون المتفوقون بعملهم وإيمانهم ، وهم المقربون ، ثم أصحاب اليمين الذين تابوا وكانوا اقل إيمانا وعملا صالحا من السابقين ، يقول جل وعلا : ( وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) الواقعة ) .    

3 ـ لعنة ابليس بمعنى طرده من الملأ الأعلى من الملائكة . وهذا حين رفض السجود لآدم ، وعصى واستكبر. ويتردد فى الايات الكريمة الخاصة بهذا الموضوع لعن إبليس بمعنى طرده من هذا المقام العلوى ليكون وذريته فى البرزخ مع الجن . يقول جل وعلا فى عقوبة ابليس :  ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) الحجر) ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) ص ).( قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13) .. ( قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) الاعراف )  ويقول جل وعلا فى لعن ابليس : ( لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (118) وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ .. ) (119) النساء ). والذين يتبعون الشيطان ووحيه الكاذب وأمانيه الغرورة يستحقون مثله اللعنة فى الدنيا والآخرة .

ثانيا : أصناف الملعونين فى الماضى

1 ـ البشر يوم القيامة سيكونون على ثلاث درجات : السابقون المقربون ، وأصحاب اليمين ( وهما معا أهل الجنة ) ثم اصحاب الشمال ، وهم الأغلبية الملعونة التى أغواها الشيطان : ( الواقعة 7 ــ ). يسرى هذا على أهل الكتاب ، منهم السابقون ، ومنهم المقتصدون والأكثرية من الفاسقين ( آل عمران  110 : 115 ، 199  ) ( المائدة 59 : 66 ) ( النساء 153 : 162) . ويسرى هذا على أهل القرآن : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر ) ، ويسرى على من عاش مع النبى محمد عليه السلام ، منهم السابقون ، ومنهم من خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، ومنهم المنافقون الصرحاء والمنافقون الذين مردوا على النفاق وتوعدهم الله جل وعلا بعذاب مرتين فى الدنيا ثم عذاب عظيم فى الآخرة ( التوبة 42 ــ ، 100 ــ ). ونتتبع لعن الفاسقين أتباع الشيطان من خلال القرآن .

2 ـ يقول جل وعلا عموما : ( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (65)الأحزاب ). اللعن هنا يعنى الخلود فى السعير .

3 ـ الذين أهلكهم الله جل وعلا هم من الملعونين . مثل قوم عاد ( هود 59 : 60 ) وفرعون وقومه ( 96 : 99 )( القصص 40 : 42 ) .

4 ــ والملعونون من الفاسقين من أهل الكتاب أصناف شتى : منهم من كفر بالقرآن الذى جاء مصدقا لما معهم ، ومنهم من يحرفون كلام الله جل وعلا عن مواضعه ، وأصحاب السبت ،والذين يزكون أنفسهم ويفترون على الله جل وعلا الكذب ،والمؤمنون بالجبت ( أى العقائد المصرية القديمة ) والطاغوت ( أى الأحاديث المفتراة فى الدين الأرضى ) ومن نقض عهد الله جل وعلا وميثاقه ، ومرتكبوا الاعتداء وموالاة الكافرين ( البقرة 88 : 89 ) ( النساء 46 : 52 )( المائدة 12 : 13 ، 60 : 64 ، 77 : 81 ) .

5 ـ الملعونون من الصحابة فى المدينة كان أبرزهم المنافقين ، يقول جل وعلا عنهم :  ( وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (6) الفتح ) ويقول جل وعلا : ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمْ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) التوبة )( ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (62) الاحزاب ).

ومن الصحابة الملعونين أولئك الذين تقولوا بالافك على المؤمنات المحصنات ، يقول جل وعلا فيهم : ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) النور)

ومنهم الذين كانوا يؤذون الله ورسوله  (  إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً (57)الاحزاب )، والذين فى قلوبهم مرض ، وقد قال جل وعلا عنهم : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) محمد).

 ثالثا : إستمرارية اللعن

1 ــ الشيطان لا يقدم إستقالته ولا ييأس ، ويظل يضل كل جيل ، ويوم القيامة سيقول رب العزة (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)  يس ). ولهذا فإن أسباب اللعن السابقة يقع فيها البشر اللاحقون ، فالصحابة الذين قذفوا المحصنات هم ملعونون ومثلهم من يرتكب نفس الفعل . وأهل الكتاب الذين كانوا سماعين للكذب أكالين للسُّحت والذين كلما أوقدوا نار للحرب اطفأها .. وبقية أسباب اللعن المذكورة فى الايات المُشار اليها تنطبق على كل من يرتكب الفعل . ونتذكر أن الأجيال اللاحقة من أهل الكتاب دخلوا فى الاسلام فى العصور الأموية والعباسية والمملوكية ، فساروا على سنة أسلافهم فى تحريف الكلم عن مواضعه ، وبهم تأسست الأديان الأرضية للمحمديين أسوة بما عليه أسلافهم . ولقد تأسست تلك الأديان الأرضية بإفتراءات منسوبة ظلما وزورا فى أحاديث قالوا انها قدسية ونبوية ، وهذه الأحاديث إيذاء لله جل وعلا ورسوله ، أى ينطبق على مخترعيها ومروجيها قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً (57)الاحزاب )

2 ـ بالاضافة لما سبق فقد أنزل الله جل وعلا أحكاما عامة باللعن تنطبق على البشر فى كل زمان ومكان إذا ارتكبوا تلك الأفعال المُسببة للعنهم . منها قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) الرعد )

 ومنها قوله جل وعلا فيمن يتعمد قتل إنسان برئ مسالم مأمون الجانب : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93)النساء ). هنا يقترن اللعن بغضب الله جل وعلا والخلود فى جهنم لمن يقتل فردا واحدا بريئا مسالما لم يرفع السلاح مهاجما معتديا . فكيف بالخلفاء الراشدين وصحابة الفتوح ومن تبعهم من الخلفاء الآخرين من أمويين وعباسيين وعثمانيين الذين قتلوا من الأبرياء ملايين ؟ ماذا نقول عنهم وعن جنودهم وعمّن سلك مسلكهم من الفاتحين والغزاة المستعمرين ، ومن الوهابيين والدواعش وسائر المجاهدين السلفيين ؟ وصدق العظيم : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق ) .

رابعا : لعنة الله ولعنة اللاعنين

هناك طائفة خاصة من الملعونين تستحق لعنة الله جل وعلا ولعنة اللاعنين ، أى هو تصريح من رب العزة لأن نلعنهم تبعا للعن الله جل وعلا لهم . هذه الطائفة هم خصوم رب العزة الذين يتاجرون بدينه ، ويشترون بآياته ثمنا قليلا ، يكتمون الحق ويظلون على نشرهم الباطل  بلا توبة حتى الموت . يقول جل وعلا فيهم :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ (162) البقرة ). ينطبق هذا على شيوخ الأديان الأرضية فى عصرنا إذا ماتوا بلا توبة مقبولة من رب العزة جل وعلا .

 خامسا : الملاعنة فى الدنيا  

جاء تشريع الملاعنة فى موضعين :

1 ـ الذى يُحاجج فى بشرية عيسى عليه السلام زاعما أنه ابن لله ــ تعالى عن ذلك علوا كبيرا , يقول جل وعلا :( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) آل عمران )

2 ــ التلاعن ، حين يتهم الزوج زوجته بالزنا وليس معه شهود ، وهذا ما جاء فى قوله جل وعلا :( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ (9) النور ). ومن حق الزوجة لو ضبطت زوجها يزنى وليس معها شهود أن تلاعنه أيضا .

 سادسا : الملاعنة فى الآخرة  

1 ـ يعانى المؤمنون دُعاة الحق فى الدنيا من ظلم أرباب الأديان الأرضية المدافعين عن ثوابتهم  وما وجدوا عليه آباءهم وسلفهم ( الصالح )، والذين يشيعون الأحاديث المفتراة وينشرونها لإضلال الناس . هؤلاء المؤمنون المستضعفون سيكونون أشهادا على أولئك الظالمين يوم الحساب يلعنونهم، يقول جل وعلا  : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) هود ),

2 ــ ورب العزة يلعن الظالمين فى ذلك الموقف وينصر الأشهاد المؤمنين ، يقول جل وعلا : ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) غافر ).

3 ـ أهل النار يلعن بعضهم بعضا .   ( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا )(38) الاعراف)

4ـ العصاة المشركون قد يكونون متوادين فى الدنيا ، تجمعهم الموالد والاحتفالات الدينية الشركية حول أنصابهم وقبورهم المقدسة وأوثانهم ، ثم يوم القيامة وهم فى النار يتخاصمون ويلعن بعضهم بعضا ، هذا ما جاء فى قول ابراهيم عليه السلام لقومه : ( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25 العنكبوت )

5 ــ المستضعفون أتباع الملأ المستكبرين سيلعنون سادتهم وكبراءهم وشيوخهم وأربابهم وهم معهم فى النار ، يقول جل وعلا :( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68) الاحزاب ).

ودائما : صدق الله العلى العظيم .!!

اجمالي القراءات 14329