1- (تيس الضباط) اطلقت هذه التسميه على الضابط في الجيش اليمني، علي عبدالله صالح (عفاش) وهي تسمية متعارف عليها في الاوساط العسكرية والسياسية والشعبية اليمنية، كسمة مميزة لواحد فقط من بين جميع الضباط تقديرا وإقرارا من قبل الجميع، بما يتفرد به صاحب هذا الاسم من ملاكات ومميزات عسكرية خاصة، كالشجاعة والاقدام والمغامرة والمهارة القيادية والقتالية والخبرات والمعارف العسكرية.
2- (الزنبيل) هو مصطلح يدل على الدناءة والنسب الوضيع، الذي ينتسب إليه أبناء قحطان - حسب اعتقاد أصحاب النسب القرشي (المزعوم) والذين يعتبرون أنفسهم قناديل وسراج الأرض، وقد أصبحت مؤخرا لا تطلق إلا على القحطانيين المغفلين التابعين للحوثي، الذين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم بشر من الدرجة الثانية.
3- أما الخيواني فهو الكاتب والمناضل المعارض عبدالكريم الخيواني، ولد عام 1965م في مدينة تعز، تلقى تعليمة والإعدادي والثانوي في محافظة تعز، وأكمل داسته الجامعية في العاصمة صنعاء في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة صنعاء.
بالقلم والسياسة، شكَّل عبدالكريم حياته، التي سارت في دربي الصحافة وعالم السياسة بالتوازي، منذ أن عمل رئيسًا للدائرة السياسية في حزب الحق، ورئيسًا لتحرير صحيفة الأمة الصادرة عن الحزب، وتقلد منصب رئيس تحرير صحيفة (الشورى) الأسبوعية وموقع (الشورى نت) الإلكتروني الإخباري.
وعقب توليه رئاسة تحرير صحيفة “الشورى” مطلع 2004 نشر ملفات شديدة الحساسية بالنسبة للحكومة اليمنية، أسهمت في رفع سقف الحرية للصحافة الناقدة، وأشهرها ملف توريث الحكم والمناصب الوظيفية في الدولة، والفساد في القطاع النفطي، وجمع المسؤولين الحكوميين بين مناصبهم وبين ممارسة التجارة، إضافة إلى تغطيته لأحداث الحرب في صعدة التي اندلعت منتصف مارس 2004، وهي تغطية انتقدت الحرب وكشفت الكثير من حقائقها.
4- في أواخر العام 2004م، القي القبض عليه من قبل المخابرات اليمنية على خلفية اكتشاف المخابرات - عن طريق التنصت على خطوط التلفون - نيه الخيواني نشر مقال بعنوان ((التيس الذي أصبح فرعوناً)) والذي يعتقد أنه حمل فيه على رأس السلطة التنفيذية (عفاش). ونحن للأسف لا نعرف من هذا المقال إلا العنوان لأنه تم مصادرة المقال وهو تحت الطبع، واودع المناضل الخيواني السجن وحكم عليه بالسجن لمدة عام، بتهمة الإساءة لشخص رئيس الجمهورية ومساندة تمرد الحوثي.
أطلق سراحه أواخر 2005 بموجب عفو رئاسي قبل انقضاء المدة بخمسة أشهر، بعد إدراج قضيته في عدة تقارير دولية، بينها تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الحريات، وتقارير لمنظمة العفو الدولية وغيرها، لكنه مُنع من السفر إلى خارج البلاد، وتعرض لتهديدات عديدة بالتصفية الجسدية.
5- لاشك أن المقال تطرق إلى سيرة عفاش، منذ أن كان صعلوكا، ثم ضابطا مغمورا في الجيش، مرورا بضلوعه في اغتيال الرجل الذي اكتشفه وقربه وأحسن إليه (إبراهيم الحمدي) ثم إلى تربعه على مقاليد السلطة في البلاد، مستعرضا جرائمه في حق الناصريين ومشاركته في الحرب ضد الخميني، واستخدامه للإخوان المسلمين في ذبح ونهب الاشتراكيين وأبناء الجنوب، وصولا إلى ترفيع أبناءه وأقاربه في المناصب العسكرية العلياء في الجيش.. الخ.
6- وفي العام 2007م عُثر عليه، في منطقة دار سلم الواقعة جنوب العاصمة صنعاء (بلاد عفاش) بعد تعرضه للاعتداء بالضرب، وكانت عصابة مؤلفة من سبعة أفراد اتجهت بالخيواني نحو جهة مجهولة، بعد أن أجبرته بالقوة على الصعود إلى سيارة تستقلها، بينما كان بصحبة عدد من زملائه في شارع الزبيري بالعاصمة صنعاء.
ثم أن عناصر من الامن القومي في نفس العام، قامت باختطاف عبد الكريم الخيواني من منزله في حارة الرقاص بالعاصمة صنعاء، وفي وقت لاحق قامت عناصر أخرى باقتحام المنزل وتفتيشه وترويع زوجته واطفاله، فيما قالت مصادر أمنية لـ"نيوز يمن" إنهم من الإدارة العامة لمكافحة الإرهاب.
وقالت شقيقة الخيواني لـ"نيوز يمن" بأن القوة الأمنية طرقت الباب وقال أحدهم بأنه من الكهرباء، وحين فتحت لهم الباب داهم المنزل خمسة أفراد مدنيين وقاموا بتفتيش غرف المنزل، بحثا عن أسلحة حسب قولهم. وأضافت شقيقة الخيواني بأنها حين كانت تستفهم من الضباط الباقين حول المبرر الذي يعطيهم حق دخول المنزل، فقال لها أحدهم بأن لديه أوامر من الرئيس، وقال لها بأن عبدالكريم يستحق لأنه لم يراع مكرمة الرئيس وعفوه عنه، عقب الحكم عليه العام قبل الماضي بالسجن لعام وأفرج عنه قبل انقضاء المدة. وقالت شقيقة الخيواني بأن رجال الأمن صادروا كاميرا وكمبيوتر محمول وأوراق خاصة وهواتف نقالة وأشياء أخرى لم يتم استيضاحها.
7- وفي العام 2008م، منحته منظمة العفو الدولية، الجائزة الخاصة بالصحفيين المعرضين للخطر، وكان يقبع حينها في السجن. وفي مايو 2014م منح (الخيواني) من منظمة بعثة السلام والعلاقات الدبلوماسية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية، تعيينًا فخريًا بصفته سفيرا للنوايا الحسنة والعلاقات الدبلوماسية، تقديرًا لجهوده وإسهاماتها في المجالات الإنسانية، وأنه أول يمني يُمنح هذا المنصب.
8- وقبل ذلك اندلعت ثورة 11 فبراير الشبابية السلمية وكان الخيواني من السباقين والفاعلين فيها، وبطبيعة الحال أو العرق، تحرك ضمن مكون الحوثيين الذين يطلقون على أنفسهم (شباب الصمود وأنصار الله) وأصبح من ضمن ممثلي هذا المكون في مؤتمر الحوار الوطني وعضو المكتب السياسي للجماعة وأحد أعضاء اللجنة الثورية العليا.
9- جميعنا انطلقنا ضمن هذا المكون، نطالب بإسقاط النظام العفاشي، غير أن شيئا ما كان يحدث في السرداب، فالناشطين الكارهين والناقمين على عفاش، كان يتم التخلص منهم، إما بزجهم في جبهات الحروب العبثية في صعدة والجوف وعمران وحجة.. الخ، وهذا ما حدث مع غير المثقفين، وإما عن طريق التهميش والإقصاء وضرب النفسيات، وهذا ما حدث مع أغلب المثقفين، الذين أصيبوا جراء ذلك بالإحباط، وإما عن طريق التصفية الجسدية، وهذا ما حدث مع صفوة المثقفين كالمحطوري وشرف الدين وجدبان، والخيواني الذي اغتاله مسلحون مجهولون ظهر يوم الأربعاء 18 مارس 2015م بشارع الرقاص بالعاصمة اليمنية صنعاء.
10- لم يكن لعفاش أن يعلن عن تحالفه مع الحوثي، وهؤلاء الأحرار والمثقفين ناشطين ميدانيا، وهذه الصفوة على الأقل على قيد الحياة، لهذا لم يفصح عن تحالفه مع الحوثي، إلا وقد أصبحت الحركة الحوثية عفاشية بامتياز.
11- النظرة السطحية للجماهير تقول بأن عفاش أصبح لا شيء وأن مقاليد الأمور أصبحت في يد الحوثي، لذلك جعلنا عنوان هذا المقال: (التيس الذي أصبح زنبيلا)، غير أن النظرة الفاحصة للأمور تقول: أن التيس لازال فرعونا، وأن القنديل (الحوثي) أصبح عفاشيا، ودمية في يد عفاش، يحركه كيفما يشاء، وعليه نستطيع أن نعدل عنوان المقال ليصبح: (القنديل الذي أصبح عفاشيا).
أخيرا:
يتضح لنا من كل ما حدث ويحدث أن الحوثي يفتقر إلى النظرة القرآنية، ويجهل حقيقة مبادئ القرآن الذي يقول: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود : 113] .. {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف : 51] .. {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد : 26].
والحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين