عندما يتدخل الانسان في سنن الله في الكون
الة التعليم , الة الدمار الشامل

اشرف ابوالشوش في الأربعاء ٢١ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
الة التعليم , الة الدمار الشامل

هذه القصة لم تحدث بعد , واسال الله ان لاتحدث ابدا
(ايها السادة , يتقدم الان السيد الاكاديمية السويدية ليمنح جائزة نوبل للبروفسير اشرف عبدالرحمن ) تعالى التصفيق الحاد في القاعة المخصصة للاحتفالات بجائزة نوبل وتتابعت فلاشات الات التصوير وتحرك مصوري القنوات الاخبارية العالميةوهي تصور السيد رئيس الجمهورية وهو يصعد على المنصة ويصافح البروفسير اشرف عبدالرحمن احد اصغر العلمÇde;اء السودانيين سنا ومن اكثرهم شهرة في الاونة الاخيرة على الصعيد العلمي بعد ابحاثه الاخيرة في مجال البرمجة العصبية والكمبيوتر والتي كان من اثرها ان .......
(اشرف , اشرف ؟) انتفض البروفسير اشرف انتفاضة خفيفة وفوجيء بنفسه امام المراءة في غرفته نومه وزوجته تحدثه (مابالك اني انادي عليك منذ دقيقة كاملة وانت واقف متسمر امام المراه , هل هناك مشكلة تواجهك ).
ابتسم اشرف ابتسامة خفيفة وهو يربت على وجنة زوجته شهد (لاتخافي , هو القلق الطبيعي الذي يواجهني منذ سنوات في موضوع ابحاثي) ثم اتجه الي دولاب الملابس لكي يغير من ملابسه وهو يتابع (على الرغم من ان ابحاثي حققت نتائج مذهلة خاصة تلك التي قمت به على ابني (اكرم) الا ان الامر مازال يقلقني خاصة بعد ان اقترب الموعد المحدد الذي قطعته للسيد رئيس الجمهورية ومعه كوكبه من العلماء بان اقدم النتائج النهائية في مؤتمر كبير في القصر الجمهوري) قالها وهو منهمك في ارتداء ملابسه استعداد للخروج.
(الي اين ستذهب اليوم , هل نسيت وعدك لـ ( احمد) ابنك؟ اليوم من المفترض ان تذهب بالاولاد الي الرحلة النيلية التي وعدتهم بها منذ شهر) قالتها وهي متضايقة من اسلوب اشرف فقد اصبح في الفترة الاخير مهملا في امور المنزل ونسي الكثير من المواعيد والواجبات التي عليه ( ام ان اصحابك في نادي المهندس اهم لك من اي شيء) قالتها بطريقة لم تفلح ابدا في اخفاء صبغة الغيرة الواضحة في صوتها من خروجه المتكرر وسهر في الايام الاخيرة في نادي المهندس.
(ياحبيبتي , والله لم انسى شيئا ولكن علي الذهاب الي الجامعة اولا لاني قد نسيت بعض الاوراق هناك وسوف اعود حالا) وقبل حتى ان تسمح له الفرصة بالتعقيب على كلامه طرق الباب طرقا خفيفا (ادخل ) قال اشرف وهو يرتدي حذائه واذا بطفلة جميلة تبلغ حوالي الثامنة من العمر تدخل الغرفة (خالو؟) قالت (شوشو) وهي تستاذن في الدخول بعد ان مدت راسها الجميل ونظرت الي الغرفة (تعالي ياحبيبة خالو ياعسل , اين انت منذ الامس) جاءت تركض اليه وتجلس في حجره لكي يتمكن من تقبيلها (جدتي قالت لك في عمو ينتظرك تحت ) , (عمو؟) اردف اشرف مستغربا (في مثل هذا الوقت؟ ) قالها وهو ينظر الي ساعة الحائط الكبيرة في غرفة نومه والتي اشارت الي الساعة السابعة والنصف صباحا (هل كنت تنتظر زيارة من احد؟) قالت زوجته مستغربة , (ابدا ) قالها وهو يتم عملية ربط حذائه (شوشو , اذهبي وقولي لجدتك والضيف اني قادم الان ) وبلا تردد اخذت تركض وهي تغادر الغرفة (ان شاء الله خير , اذهب لارى من هذا الذي ياتي في الصباح الباكر هكذا) قاله وهو ينظر الي بدلته في المراه ويرى ان كان هنالك مايعيب ثم غادر الغرفة وهو يودع زوجته (دعي احمد والاولاد يجهزون سوف لن اتاخر في المشوار ) واخذ ينزل السلم الي الطابق الارضي.
في طريقه الي الردهة اتجه الي الناحية اليمنى حيث غرفة والدته التي تقبع في الطابق الارضي وذلك لانها اصبحت لاتستطيع صعود السلالم ودخل عليها الغرفة دون استئذان ووجدها تقراء في القران وهي جالسة على الكرسي (صباح الخير ياامي )قالها وهو يقبل راسها ويدها (صباح النور ياحبيبي ) قالت وهي تقبله في وجنته (الي اين تذهب مبكرا اليوم؟ ) جلس بركبتيه على الارض وهو يبتسم (سوف اذهب الي الجامعة , نسيت بعض الابحاث هنالك ثم سوف اعود فورا , اجهزي لتذهبي معنا الي الرحلة النيلية) (يابني ,اعفني انا فقد كبرت على مثل هذه الرحلات اذهب انت والاولاد وانا سانتظر هنا مع زوجتك في البيت) قالت وهي تترجاه ( ابدا والله , اولا وزجتي سوف تذهب معنا الرحلة ولايمكن ان تجلسي في البيت لوحدك وثانيا هل تريدين ان يغضب الاولاد منك احمد واكرم وابنة عمتهم شوشو؟) قالها وهو يقف على قدميه ويهم بتقبيلها من جديد ليستعد للمغادرة (حسنا غلبتني , لاتنسى ان تقابل الرجل الذي ينتظرك في الردهة ) تذكر اشرف امر هذا الشخص الغريب (الم يقل لك من هو؟ )سال امه (انا فتحت له الباب لاني كنت قريبة من الباب وهو طلب ان يراك لامرهام وعاجل كما قال فتركته يدخل خاصة انه يبدوا رجلا محترما مع اني لم اره في البيت من قبل) زاد استغراب اشرف وهو يودع امه (حسنا, لاتنسي الموعد انا لن اتاخر عليكم باذن الله).
خرج متجها الي الردهة الكبيرة في الطابق الارضي وهو يتسال في نفسه ياترى من يكون هذا الرجل.
*******
( خالد عبدالله , من رئاسة الجمهورية) عرف الرجل الطويل والقوي البنيه والذي كان يرتدي بدلة فاخرة ويضع سماعة اذن صغيرة على اذنه اليمنى عرف اشرف على الفور انها كتلك التي تستعمل للاتصال بين الحرس الرئاسي بعضهم البعض (تفضل بالجلوس) قالها اشرف وهو يرسم ابتسامة صغيرة على فمه لم تنجح في اخفاء الدهشة التي اطلت من عينه (شكرا جزيلا , لاوقت لدي للجلوس واعتذر عن هذه الزيارة المبكرة والغير متوقعة ولكنها متعمدة لاسباب امنية , وارجو منك شاكر التكرم بالذهاب معنا) ( لاسباب امنية!!) تمتم البروفسير اشرف بصوت خافت ولكنه واضح فاستدرك مندوب الرئاسة ( سيادتك مطلوب الان من قبل السيد رئيس الجمهورية في زيارة عاجلة وهامة وسرية لذلك لم نخبرك من قبل خوفا من ان يتسرب الخبر ) قالها المندوب بنوع من الحزم والصرامة التي لاتخلوان من ادب .
(ان شاء الله خيرا , رئيس الجمهورية مرة واحدة !!!! انا لم يحصل لي الشرف من قبل الا مرة واحدة عندما قام الرئيس بزيارة الجامعة قبل سنتين) لم يعلق مندوب الرئاسة على مقولة البروفسير التي كانت اشد وضوحا هذه المرة وان اكتفى بهز راسه دلالة على تاكيد القول (حسنا , هل بامكاني ان اذهب لاغير ملابسي ) قال البروفسير وهو مرتبك قليلا (لا ملابسك هذه تليق جدا بلقاء السيد الرئيس ) اردف المندوب وكان محقا فقد كان البروفسير من العلماء القلائل الذين يهتمون بشدة بموضوع المظهر وكان يرتدي حلة رائعة لا تقل ابدا عن بدلة اي رئيس جمهورية.والحقيقة ان البروفسير قد نسي مع ارتباكه المفاجيء هذه المعلومة (الا تعلم فيما يريدني سيادة الرئيس؟) لم يعلق مندوب الرئاسة ابدا هذه المرة بل ظل ينظر الي البروفسير بنظرة بها خليط من الصرامة العسكرية والادب البرتوكولي الذي يملي عليه الا يتدخل في خصوصيات الرئيس ولا يفشي اسراره (حسنا , دقيقة واحدة فقط فقد نسيت مفتاح عربتي بالاعلى) قالها اشرف بشيء من الضيق ( سيادتك سوف تذهب معنا بعربة رئاسة الجمهورية) ثم ابتعد عن طريق البروفسير وهو يشير بيده باتجاه باب المنزل ويقول له تفضل معنا وفي هذه اللحظة جاء اكرم الابن الاصغر للبروفسير والذي يبلغ من العمر اربعة اعوام والذي كان والده شديد التعلق به واخذ يهز والده من بنطاله (بابا بابا , احضر لي معك حلوى) ,رفع البروفسير اشرف ابنه من على الارض وهو يحمله عاليا ويقبله ويقول له (صباح الخير ايها البطل ,هل شربت اللبن ؟ ان لم تشربه لن ااتي لك معي بشيء) وقبل حتى ان يقوم اكرم بكذبته المعتادة ويصر على انه شرب اللبن الذي لايحبه والذي كان والداه يرغمانه عليه , قام مندوب الرئاسة بمد علبة فاخرة لاكرم وهو يقول (كيف حالك يااكرم ,تفضل هذه حلوى انا احضرتها لك معي) ولاول مرة ينتبه البروفسير ان مندوب الرئاسة كان يضع على الطاولة كيسا كبيرا مليئا بالحلوى والشكولاته من النوع الذي يفضله اولاده وقد اخذ منه بالفعل علبة فاخرة وناولها لاكرم , وكعادة كل الاطفال قام اكرم باخذ العلبة مبتسما وهو يقول لوالده (افتحها لي ) فانزله والده ارضا وقال له وهو يفتح العلبة (الن تقول لعمو شكرا؟ ) (شكرا ياعمو) قالها وهو يركض الي داخل المنزل (احمد , شوشو , جدتي , انظرو ماذا احضر عمو لي) واختفى بسرعة عن الانظار .
(ممكن تتفضل معي) قالها المندوب الرئاسي وعندما اومأ اليه البروفسير بالموافقة اخذ المندوب يتكلم بصوت خافت ولكنه مسموع (نحن نتجه الي البوابة ومعي البروفسير) وتقدم المندوب امام البروفسير كعادته التي اكتسبها من عمله في المشي امام الرئيس ليؤمن له الطرق وعند البوابة الرئيسية فوجيء البروفسير بثلاث سيارات تحمل ماركة تجارية مشهورة وهي سوداء فاخرة تحمل كله شعار رئاسة الجمهورية ودراجة نارية تقف امام اول عربة لتقود المسيرة الرئاسية ومجموعة من خمسة رجال يحلون السلاح ويرتدون البذلات السوداء ونفس سماعات الاذن التي يرتديها المندوب خالد واحدهم يفتح باب السيارة الوسطى ليركب فيها البروفسير ومعه المندوب خالد عبدالله.
*******
انطلق الموكب من امام فيلا البروفسير اشرف في مدينة الصافية بالخرطوم بحري وانطلق امامه شرطي المرور في دراجته النارية الحديثة بسرعة شديد حيث كان صوت السرينة يفتح لهم الطريق , واتجه الموكب باتجاه كوبري كوبر ولاحظ البروفسير من خلال الزجاج المظل ان سائق الدراجة ومعه الموكب لم ينحرفوا يمينا اسفل الكوبري لياخذوا طريق شارع النيل ومنه الي القصر الجمهوري بل اخذوا في التقدم الي الامام وكانه يريد السفر في شارع مدني (هل الرئيس خارج القصر؟) قالها البروفسير محتارا وفي راسه يدور الف سؤال , لم يريد السيد الرئيس ان يراني وانا لم اخطره باني قد انتهيت من ابحاثي التي وعدته بانه سوف يكون اول من يعلم بنتائجها , ولم لم يتصل بي مندوبي الرئاسة وكنت انا سوف اصل اليهم لوحدي ولماذا كل هذا الاصرار على السرية الشديدة حتى انه لم يستطع ان يخبر اهل بيته او يتصل بسكرتيرته في شركته الخاصة ليعلمها بانه لن يحضر اليوم.
(اللقاء سيكون في مكان سري) قالها بحزم مندوب الرئاسة وهو ينظر امامه دون ان يكلف نفسه عناء النظر الي مرافقه مما جعل البروفسير يتميز غيظا من هذا الاسلوب العسكري الجاف الذي يتعامل به مندوب الرئاسة منذ ان قابله (هل من الممكن ان اعلم الي اين تاخذونني ام ان هذا انكم تخشون ان افشي السر؟) قالها بلهجة من نفذ صبره فقد كان من اللذين لم يعتادوا على مثل هذا الاسلوب الغامض فكونه عالما مرموقا جعل نمط حياته كلها يتسم بالوضوح الشديد والدقة والنظام ( لاتستعجل ياحضرة البروفسير , ستعلم كل شيء في وقته ) قالها هذه المرة وهو يحاول ان يخفف من حدة توتر البروفسير ( اسمع ) قال البروفسير (انا لم اتعود على هذا الاسلوب معي حتى لو كان من مندوب الرئاسة) ثم اردف غاضبا (وعندما اقابل السيد الرئيس سوف اشكو له هذا الاسلوب الغير مهذب في التعامل مع (العلماء) ) قالها وقد شدد على كلمة العلماء كي يذكر المندوب الرئاسي بانه يتعامل مع واحد من خيرة علماء السودان.
(عفوا يابروفسير ) قالها مبتسما دون اي ارتباك (انه الاسلوب العسكري الذي علمني الا اتدخل في خصوصيات القادة او السيد الرئيس) ثم اردف (ثم اني اعتذر حقا عن اي فعل غير مقصود اغضبط مني (Sorry) ) نطقها باللهجة الانجليزية .
قال البروفسير بعد ان هدا قليلا (حسنا,يبدوا اني قد انفعلت قليلا لكن ذلك بسبب هذه الامور الغريبة التي لا افهمها) (مثل ماذا؟) سال مندوب الرئاسة مستفسرا (اولا انت جئتم الي من غير موعد او حتى اتصال بحجة ان الامر سري للغاية ولـ (اسباب امنية) والمفترض ان عالما في مكانتي لن يفشي اسرارا تخص رئاسة الجمهورية على الاقل كان من الممكن ان تتصلوا بي حتى استعد نفسيا ثم انك كنت تعرف انني مستيقظ وانني جاهز للخروج لاني عند نزولي لك وجدت واقفا على قدميك مع انك حضرت الي ف الساعة السابعة والنصف صباحا ) نظر اليه مندوب الرئاسة بتمعن وقد ضاقت حدقة عينيه وهو يقول (وايضا؟ ) (وايضا ماذا؟) رد البروفسير بضيق (هل هنالك اي استنتاج اخر بخصوص الزيارة؟) نظر اليه البروفسير وقال (استناج اخر !!!) (هذه اشياء يمكن لاي طفل صغير في سن احمد او اكرم ابنائي ان ينتبه اليها) ثم تابع (والغريب في الامر نظرة الاستغراب الموجودة في عيون رجال المرور وهم يقومون بايقاف حركة المرور لنا , كانت نظرة استغراب مع انه من المفترض ان الطوف الرئاسي في العادة يقوم بالتبليغ بخط سيره لتفادي ضيق حركة المرور ولكن تلك النظرة تدل على جهلهم التام بالموضوع ) نظر اليه مندوب الرئاسة بنظرة اعجاب قبل ان يستدرك البروف قائلا (هذا كله شيء وما حصل في البيت عندي شيء اخر ) قالها وهو ينظر بتحدي في عين مندوب الرئاسة الذي بداء الاستغراب الحقيقي هذه المرة وهو يقول (في البيت؟) (نعم لقد احضرت لابني النوع الذي يحبه هو واخوه وابنة عمتهم شوشو من الشوكلا تحديدا) (انها حلوى مشهورة ولذيذة الطعم ولم اكن اعرف انها المفضلة لديهم بل لانها المفضلة عند ابنائي لذلك قمت بشرائها لهم ) قالها وهو يبتسم في شيء من السخرية فقد كان يظن ان البروف اذكى من ان تفوته اشياء كهذه (اولا هي حلوى عادية وغير مشهورة لهذه الدرجة ومن المتعارف عليه في البرتكولات ان الذي يهدي هدية يحاول ان ياخذ الاغلى والافضل وعلى الرغم من كل هذا فقد اخترت النوع المفضل لابنائي تحديدا مع انه غير محبوب لباقي الاطفال , خاصة وان الكيس الذي كانت توجد به الحلوى به شعار رئاسة الجمهورية اي انه من المفترض انها هدية لائقة ) (يبدوا انك ياسيدي في حالة شك من غير مبرر ) قالها المندوب وهو يستغرب من هذا المنطق غير المفهوم (حالة شك !!! يا سيد خالد عبدالله او ايا كان اسمك ان الذي تقومون به معي يدل على ان اسرتي كانت مراقبة ) قالها وهو ينظر بشيء من التحدي في عيني مندوب الرئاسة (مراقبة ؟!!! نراقبك انت ؟!!! ولم نراقب عالم في مثل قامتك ؟!!!! ياسيدي الفاضل بالفعل انت اليوم غير طبيعي ) قالها بلهجة من بداء يفقد صبره (غير طبيعي وفي حالة شك ؟!!!) اردف البروفسير (الم تلاحظ انك عندما اعطيت ابني الحلوى ناديته باسمه (اكرم) ام ان هذه هلوسة من قبلي ايضا؟) هنا اسقط في يد مندوب الرئاسة وهو يحاول ان يجد مبررا (لكنك ياسيدي قد ناديته باسمه ) (ابدا انا لم افعل) قالها البروفسير بكل حسم .
هنا اطرق مندوب الرئاسة راسه قليلا ثم قال بعد ان رفع راسه ونظر في عيني البروفسير مباشرة (نعم ياسيدي الفاضل , كل ماقلته صحيح لقد تم اختيار زمن الزيارة بعناية لعلمنا انك سوف تكون مستيقظا في هذا اليوم مبكرا على غير العادة بل كنا نعلم حتى انك سوف تكون في كامل ملابسك وانك على استعداد للخروج وكذلك الامر بخصوص الحلوى وابنكم اكرم وبالفعل نحن لم نبلغ احدا من رجال المرور بخط سيرنا لان الامر بالفعل سري للغاية والاهم من كل هذا كله اننا كنا نعلم يقينا انك سوف تستنج كل ذلك قبل ان نصل الي وجهتنا ) (هل كنتم تتجسسون علي وعلى اسرتي ؟!!!) قالها البروفسير بانزعاج شديد وقبل ان يكمل كلامه قاطعه المندوب بابتسامة غامضة (ابدا ياسيدي الفاضل لم نتجسس عليك ابدا بل لقد تم تزويدنا بهذه المعلومات في صباح اليوم على عجل ) , استمع اليه البروفسير في شيء من عدم التصديق (ومن ذلك الذي يعلم كل شيء عني حتى بامر انني سوف اصحو اليوم مبكرا مع العلم اني لم اخبر حتى زوجتي بالامس ؟؟) قالها بلهجة متشككة فرد عليه مندوب الرئاسة بنفس الابتسامة الغامضة (انه سيادة الرئيس ........ رئيس الجمهورية).

*******

نزل الموكب الرئاسي من الشارع الرئيسي الذي يصل بين مدينتي الخرطوم ومدني في منتصف الطريق تقريبا واتجه ناحية اليسار نحو منطقة من النيل كثيفة الاشجار وعلى الرغم من جمالها الشديد الا انها تبدو مهجورة .
كان عقل البروفسير يكاد يحترق من شدة التفكير في موضوع المعلومات القليلة التي اخبره بها مندوب الرئاسة في الطريق والتي تتركز في ان الرئيس يعلم عن البروفسير اكثر مما يعرف هو شخصيا عن نفسه , وبالرغم من العقلية العلمية المتشككة والمتسائلة للبروفسير الا انه كان في حيرة من امره فلا هو قادر على تصديق الامر بالرغم من نبرة الصدق في صوت المندوب وتلك النظرة الصادقة في عينيه ولا هو قادر على ان يجد تفسيرا مقبولا لهذ ه الامور ولا هو قادر على الصبر حتى يخبره الرئيس بما لديه ( لقد وصلنا والبروفسير معنا , امنو الموقف جيدا ..... حسنا جيدا جدا) قالها المندوب وهو ينظر الي البروفسير قائلا (والان ياسيدي الفاضل يمكنك من ان تقابل السيد الرئيس وان تساله مما تريد) قالها وهو يبتسم لاول مرة منذ ان قابل البروفسير ابتسامة عريضة ويفتح له باب العربة وهو يقول له (تفضل , سيادة الرئيس بانتظارك).
هبط البروفسير من العربة الرئاسية وهو ينظر حوله , كان المكان غاية في الجمال ومنظر الخضرة مع النيل واسلوب التفاف الاشجار الطبيعي حول المكان وصوت الطيور التي تغرد والهواء العليل من الروعة بمكان , الا ان ذلك كله لم يفلح في تخفيف قلق البروفسير اشرف عبدالرحمن فقد اخذ ينظر الي المكان بنظرة فاحصة حتى وجد ما كان يبحث عنه بسرعة , (مقطورة) خشبية كبيرة مرفوعة على عجلات ويبدو انها كبيرة الحجم نوعا ما ومتسعة من الداخل بالاضافة الي مجموعة من الحرس الرئاسي في ثيابهم السوداء المميزة لهم واسلحتمه الالية القصيرة وهم متوزعون في المكان باسلوب مدروس .
(تفضل ,من هنا) قالها خالد مندوب الرئاسة وهو يتقدم الي (المقطورة) الرئاسية واحد الحرس يقوم بفتح الباب لهم .
خيل للبروفسير من انه في فندق ذو خمسة نجوم من شدة فخامة المكان وعلى الرغم من ان البروفسير له مجموعة شركات ضخمة باسم مجموعة (ابوالشوش العالمية) وانه يعد بالمقياس العالمي مليونيرا الا انه قد انبهر حقا بروعة هذه (المقطورة) والتي يبدوا انه صممت خصيصا لتجعل الناس ينبهرون , فقد كان مظهرها الخارجي لايعبر ابدا عن ما بداخلها (تفضل واسترح) واشار خالد الي كرسي وثير (دقائق فقط وسوف يكون سيادة الرئيس معك) قالها دون ان يجلس او يتزحزح من مكانه. وفي حين كان البروفسيراشرف ينظر في المكان باعجاب كان قد نسي بالفعل امر الزيارة الغريبة والمفاجئة , بل انه قام واخذ يتفحص المكان واللوحات الرائعة الموجودة فيه وخالد ينظر اليه بابتسامة (ااعجبك المكان؟) (اعجبني؟!!!!!!) قال البروفسير مستنكرا (كرجل اعمال لا كعالم اخبرك بان هذا المكان مصمم خصيصا لاثارة مشاعر الاعجاب , ان كلمة رائع لافي بالغرض ) قالها وهو يستدير من امام احدى الاثاثات الفاخرة ويلتفت الى المندوب (ان هذا ال.. ) (سيادة الرئيس قادم ) قالها المندوب وقد عدل من وقفته وانتصبت قامته ويده اليمنى تمسك بالسماعة التي في اذنه وهو يتابع في اهتمام تفاصيل وصول الرئيس (لحظلت ويدخل الرئيس ) ارتبك البروفسير اشرف قليلا وحاول ان يصلح من هندامه وان يبدو مظهره لائقا اما الرئيس (سيادة الرئيس) قالها الحارس الذي فتح الباب وتقدم قبل دخول الرئيس وقد بدى الانتباه الشديد على مندوب الرئاسة والبروفسير اشرف ثم دخل ثلاثة حراس مسلحون اخرون قبل ان يدخل السيد الرئيس , وهنا بدلا عن التوتر الذي ينجم غالبا في مثل هذه الحالات , كان نصيب البروفسير الدهشة ........ الدهشة الشديدة.


*******
(هل رايتي ياخالتي؟ حان وقت الغداء وهو لم يحضر بعد وكعادته في الايام الاخيرة كلما وعد الاولاد بشيء خذلهم ولم يفي بوعده) قالتها بنبرة غاضبة السيدة (شهد) زوجة البروفسير اشرف وهي تشتكي لام زوجها من تصرفات زوجها الاخيرة حيث اصبح كثير التاخر ودائما ما يخلف مواعيده الاسرية (اعذريه يابنتي انتي تعلمين انه مشغول هذه الايام بامر تجاربه العلمية في المرحلة الاخيرة) قالتها والدته وهي تغالب قلقها على تاخر ابنها حيث انه لم يكن يتاخر عن موعد قطعه لها من غير ان يعتذر لها هاتفيا (هو الذي قال ياخالتي ان تجاربه قد انتهت وانه لميبقى سوى بضع تعديلات بسيطة , ثم انه يمتلك معملا في المنزل غير الذي يمتلكه في الشركة وفي الجامعة ,على الاقل كان من الاجدى ان يتصل بنا ويعتذر لكن هاتفه المحمول لايستجيب ويبدوا انه اما مغلق او خارج التغطية ) قالت زوجته ونبرة الغضب في صوتها تعلو (يابنيتي والله لقد اقلقتني عليه الغائب عذره معه وان شاء الله سوف يعود بالسلامة) ثم اردفت (هل اكل الاولاد طعام الغداء؟ ) قالت الجدة (كيف وهم منذ ان اكلو من هذه الحلوى التي اتي بها الرجل الغريب الذي خرج معه اشرف وهم نائمين نومة اهل الكهف كلما احاول ان اجعلهم يستقيقظون افشل ويعاودون النوم من جديد).
في هذا الوقت نفسه كان البروفسير جالسا على كرسي الرئاسة الوثير جدا وهو مشوش الذهن ويحاول ان يستوعب مايحصل معه منذ الصباح , فمنذ عدة ساعات من هذا الحوار بين زوجة البروفسير اشرف ووالدته كانت الدهشة تلجم البروفسير اشرف والحيرة والشك القاتل يكادان يعصفان به وهو يرى الرئيس يدخل من باب المقصورة وينظر اليه وهو يبتسم ثم يامر كافة الحرس بالانصراف عدا خالد مندوب الرئاسة الذي يبدو وكانه السكرتير الشخصي للرئيس والذي ابتعد خطوات قليلة للوراء ليفسح المكان بين الرئيس والعالم الكبير.
(والدي الحبيب ) قالها الرئيس وهو يتوجه الي البروفسير فاتحا ذراعيه وهو يريد ان يحتضن البروفسير بحنان جارف (من انت؟!!!!!) قال البروفسير منزعجا (اي تمثيلية سخيفة هذه التي تمثلونها علي انت بالطبع لست الرئيس , وكيف تكون ابني ياذكي وانت في نفس عمري تقريبا ؟!!!!!) قالها البروفسير وهو يتراجع الي الخلف منزعجا حتى انه اصطدم بالطاولة التي خلفه (الا تلاحظ الشبه يابي الحبيب ) وكان هذا حقا اكثر ما يزعج البروفسير فقد كان هذا الذي يمثل دور الرئيس في نظره كبير الشبه به جدا حتى ليبدوا وكانه اخاه التؤام لولا انه ليس للبروفسير اخو توائم.
(من انتم ؟ وماذا تريدون مني ؟!!! وما هذه المهزلة ؟ انتم عصابة بالتاكيد او انها اسخف كاميرا خفية في العالم) قالها وقد تاهب جسمه كله للقتال وقد اتقدت عيناه غضبا (كنت اعلم انك لن تصدقني في البداية على الرغم من هذا الشبه الشديد بيننا على الرغم من ان المثل يقول من شابه اباه فما ظلم , اولست انت ياابي التي كنت تقول انني اشبهك بدرجة كبيرة) قالها الشخص الذي يدعي انه رئيس الجمهورية وهو يجلس على احد الكراسي الفاخرة امام المكتب الرئاسي الضخم المصمم خصيصا داخل هذه المقطورة (تفضل يا وال... اقصد ايها البروفسير اجلس وسوف اقص عليك الحكاية من اولها ) قالها وهو يرفع يده باشارة خاصة انحنى على اثرها الضابط خالد عبدالله على الرئيس (احضر لوا..... اقصد لحضرة العالم فنجان نسكافيه ولي مثله ,اليس هذا هو مشروبك المفضل ) قالها وهو يحاول ان يغالب مشاعره الشديدة التي تدعوه الي ان يحتضن والده الذي لم يره منذ عدة سنوات.
(من انت ؟!!!) البروفسير وهو يحاول ان يغالب شكه القاتل في كل ماحوله ويدعي الهدوء (انا ابنك ياابي صدقتني ام لا ان ابنك احمد ........ احمد اشرف عبدالرحمن رئيس جمهورية السودان ).
*******
تذكر البروفسير هذا المنظر وهو يحتسي كوب النسكافيه الثالث له وقد هداء قليلا وهو يحاول ان يركز افكاره ,(اذن فانت ابني احمد الذي تركته نائما في البيت قبل ان اخرج !!!) (نعم ياابي ) قالها الرئيس وهو يحاول جاهدا ان يقنع البروفسير بصدقه , رفع البروفسير احدى رجليه على الاخرى واسترخى وقال (اذن انت ابني احمد رئيس السودان عام 2045م وعمرك الان 38 سنة في حين وقد تكرمت بالمجي الينا في العام 2015م وانا الان عمري 38 سنة ايضا وجئت لتنقذ البشرية من اختراعي المدمر الذي لم تشهد له البشرية مثيلا , صحيح؟ ) قالها البروفسير بنوع من السخرية المغلفة بالجدية وكانه يحاول ان يحلل الامور في حين انه كان يستهزيء بالموضوع لا اكثر ولا اقل .
قام الرئيس بالنهوض من مكانه متثاقلا وجلس بجانب البروفسير وهو متجهم الوجه في مقام من اعيته الحيلة كي يشرح فكرته (اعلم ياابي انك لن تصدقني بسهولة ولكن هل لك ان تستمع الي بهدوء ) قالها وفي عينيه نظرة رجاء (كلي اذان صاغية فلقد ضاعت كل مواعيدي بالفعل اليوم واضعت عليك وعلى اخوتك الرحلة النيلية) قاله وهو يشدد باستهتار شديد على كلمة (اخوتك) وكانه يستهزيء من فكرة ان هذا الرجل الذي ربما يكون اكبر منه سنا هو ابنه .
(اولا يابي انت في الحقيقة لم تاتي في هذا اليوم الي البيت وبالفعل فان الرحلة لم تقم في هذا اليوم ولا في اي يوم بعده لانك انشغلت عنا بالمقابلات الصحفية والتلفزونية التي اجريت معك خاصة بعد ان رشحت لجائزة نوبل ونلتها عن جدارة بعد سنتين فقط من عرض نتيجة ابحاثك الجديدة) , ( اوه !!! نوبل مرة واحدة ؟؟ ماشاء الله وماذا حصل لي بعد ذلك هل انتدبت للعمل بوكالة الفضاء الامريكية ناسا ؟!!) لم تخف لهجة السخرية الواضحة على الرئيس وعلى الرغم من ذلك فانه قال بصبر كبير (هل ابداء في الحكاية ام لا؟) (بالطبع ابداء ياسيادة الرئيس) قالها وهو يتصنع الاحترام للرئيس ويعتدل في جلسته وكانه في حضر الرئيس حقا (خالد , ابداء العرض) , اشار الرئيس بيده وهو يتكلم مع خالد الذي ذهب الي الجدار الكبير المواجه للمكتب الرئاسي وضغط على احد الازرار الجانبية فانفتح مربع كبير في الجدار الداخلي للمقطورة فيما يبدو انه شاشة بلازما كبيرة ثم ابتعد خالد مفسحا المجال للرئيس كي يشرح للبروفسير اشرف وهو يقوم بضغط زر في مفتاح التحكم عن بعد (بعد ايام قليلة من هذا اليوم قمت ياابي بانهاء المشروع رسميا بعد ان اثبتت النتائج الباهر التي قمت بها على اخي اكرم وعلي بعده ان التك الخاصة بالتعليم قادرة وبكفائة منقطعة النظير على التغلغل الي اعماق العقل الباطن للانسان واثتثارت كل حواسه وقدراته الكامنة من ذاكرة قوية الي قدرات الذكاء الخارق وغيرها وبان الانسان قادر على ان يتعلم بواسطة هذه الالة كل العلوم الاكاديمية مهما كثرت او صعبت وتعقدت في ثوان بسيطة فاتحا ابوابا جديدة من تاريخ البشرية ) نجحت تلك المقدمة في جذب انتباه البروفسير الذي بدا غارقا في الاستماع مما اعطى للرئيس دفعة قوية للاستمرار بعد ان راى ان والده بداء يستجيب له (ولا احد ينكر ان اختراعك ياابي هو اقوى واذكى وافضل اختراع في تاريخ البشرية ككل وليس في الالفية الثالثة فقط ولا احد ينكر ان مشروعك هذا بدا في اول الامر طريق الخلاص للبشرية من الجهل والفقر والمرض فقد كنت تنوي ان تحل بواسطة هذا الجهاز كل مشاكل المشردين والنازحين والفقراء والايتام والمحرومين من التعليم ليكون العلم قدوتهم وسلاحهم في الحياة وبالفعل فان مشكلة الامية على سبيل المثل قد تم القضاء عليه تماما في غضون ستة سنوات فقط من انشار الجهاز الذي اخترعته بصورة تجارية ليس في السودان فقط بل في افريقيا وكل العالم ) نظر الي والده لكي يرى ردة فعل كلامه ووجد البروفسير مستغرقا في التفكير والاستماع في ان واحد (ولكن جهازك هذا يا ابي كان اكبر سبب في دمار العالم ونهاية الحضارة البشرية كما نعرفها اليوم ) (كيف ذلك ؟) ساله البروفسير متجاهلا كلمة ابي التي لم يعترف عقله بها بعد (لانك وبكل بساطة قد حطمت التوازن الطبيعي الذي خلقه الله في الدنيا وتضرر العالم من اختراعك اكثر بمليون مرة من تضرره من ثقب الاوزون والغازات الضارة وظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الارض بل حتى اكثر من اختراع السلاح النووي نفسه ) نظر اليه البروفسير وفي عينيه نظرة تساؤل لم تظهر على لسانه (نعم انت يابي انت حطمت ناموس الكون وسنة الله في خلقه اول لم يقل الحق سبحانه وتعالى في كتابه من قبل (وكل شيء عنده بمقدار) وقال عز وجل (كل شيء خلقناه بقدر) ؟) اوما البروفسير براسه موافقا دون ان ينبس ببنت شفة (تخيل حال العالم بعد ان انتشر هذا الاختراع الرهيب بصورة تجارية واصبحت كل الدول تمتلك الالاف منه بل حتى المؤسسات التجارية والافراد المقتدرين , لقد اختل التوازن حقا مع انشار البرمجيات التي يعمل عيله الجهاز والتي بها كافة انواع العلوم من الرياضيات الي الفيزياء الي الاحياء الي الطب والهندسة بمختلف تخصصاتهم الي علوم الفلك والصناعات الصاروخية بل حتى علوم الذرة والاسلحة النووية اصبح العلم يابي في ايدي الجهلاء ) اخذ نفسا كبيرا ثم اردف (كان هنالك توازن طبيعي خلقه الله عزوجل والحق سبحانه وزع الافهام على الناس كما وزع الارزاق وعليه اختلفت انماط الحياة الي مافيه خير البشرية هذا طبيب وهذا مهندس وهذا استاذ وهذا مزارع وهذا عامل وهذا صانع وهذا حداد الخ من قائمة الاعمال والارزاق , لكن ماذا حصل ليت الناس اكتفت بمحو الامية في القراءة والكتابة والكمبيوتر ورفع مستوى الوعي والثقافة عند عامة الناس لترتقي الاوطان حقا , لكن لا , الذي حصل كان من السؤ بمكان تشرد ملايين الاساتذة في العالم بعد اغلقت الحكومات وزارات التربية والتعليم حول العالم مكتفيا بالاجهزة لتعليم الشعوب مايريدون مجانا وبذلك ازادت نسبة البطالة في العالم بسبب الكم الهائل من الاساتذة الذي لم يكن لهم مصدر رزق غير التدريس ) ابتلع ريقه قليلا وهو يقف ويتمشى في المكان (في البدء انتبه الخبراء الي خطورة اختلال التوازن الطبيعي فاصدرت الامم المتحدة قراراتها بشان تقنين عمل الجهاز وعمل موازنة في التعليم بحيث لايتم تعليم الاشخاص مرتين ولايتم تعليم الناس الا العلوم التي ترى الدولة انها في حوجة لها حاليا , وتخيل 18 عاما دراسية كان الانسان يقضيها في مؤسسات التعليم قبل الجامعي كانت تعلمه الاخلاق والدين قبل العلوم الاكاديمية اختفت هكذا فجاءة في يوم وليلة واصبح اي طفل في العاشرة من عمره قادر على ان يصبح كامهر جراحي المخ والاعصاب في العالم بمجرد الجلوس على هذا الجهاز واختيار برنامج الطب تخصص جراحة المخ والاعصاب وهكذا ببساطة شديدة اصبح جاهل الامس عبقريا اليوم ). قالها وقد بداء الاسى والحزن يظهر على صوته (وليت قرارات الامم المتحدة نفذت لكان الامر يسيرا نوعا ما , لكن مع الكثرة التجارية للجهاز وانتشاره حتى اصبح كالحاسب الشخصي لاغنى عنه في اي بيت اختل التوازن تماما في الدنيا , تراكمت اطنان الاوساخ حتى اثقلت الارض بكارثة وبائية محققة , لانه وبكل بساطة لم يرضى انسان واحد في الدنيا ان يعمل عامل نظافة في حين انه بامكانه ان يكون مهندسا او طبيبا او حتى طيارا او رائد فضاء, اغلقت عيادات الاطباء في جميع انحاء العالم وظهر في كل دولة مليون طبيب يجرون العمليات الجراحية ويقومون بصرف الدواء للناس ولانفسهم والكل لايرضى ان مرض الا ان يجلس دقائق او ثواني معدودة امام الجهاز الذي اخترعته ليصبح طبيبا ويعالج نفسه , اختفت وظائف التمريض واختف العمال من المصانع ومواقع البناء ولم لا فباي كرامة يسمحون لاشخاص مثلهم متساوين معهم في العلم ان يكونوا هم المهندسين عليهم وهم العمال في حين ان بامكان الجميع ان يصبح مهندسا؟!!).
(تهدد الامن العالمي وانتشر العنف والارهاب بشدة في كافة انحاء العالم , هل تعلم لماذا ؟ لان جميع الجنود تمردوا على ضباطهم في جميع المجالات العسكرية شرطة كان او جيش او مخابرات وامن وغيرها .لماذا ؟ ببساطة ومرة اخرى لان الكل اصبح يجيد مايجيده الضباط والكل قادر على دراسة العلوم العسكرية في ثواني , اختفت وظيفة الشرطي فاصبح العالم جنة للمجرمين والمرضى الساديين الكل يقتل وينهب كما يريد والكل يسرق والكل اضطر الي سرقة السلاح او حتى الاي تصنيعه احيانا للدفاع عن انفسهم لان واحدة من اكبر نعم الله علينا اختفت من الوجود (الامن)) اكمل وهو يكاد يبكي من الالم( كل مجموعة في العالم ترى انها مظلومة اخذت السلاح وطالبت بالانفصال وتكوين دولهم الخاصة بهم حتى وان كانت اراضيهم غير مهيئة بمكونات الدولة الاساسية , ثم يكتشفون بعد ان يكونوا دولهم ان الكل يطمع في السلطة وانه لا احد يريد ان يسلم السلطة لغيره لانه ليس بافضل منه حالا او اكثر منه علما).
عاد وجلس مرة اخرى بعد ان نجحت بعض قطرات الدمع في ان تفر من عينيه واكمل (والعجب العجاب حالة الجماعات الارهابية اي كان معتقدها دينيا ام سياسيا ام اجراميا فبعد ان انتشرت تجارة العلم واصبح العلماء الحقيقين يقومون بنسخ الدروس العلمية القابلة للتحول العصبي مباشرة في ثواني الي اقراص مضغوطة وانتشرت في السوق السوداء (التي اصبحت هي اساس السوق طبعا ) اسطوانات مثل (تعلم الفيزياء النووية في ثواني) (مدخلك الي السلاك النووي الرادع –حمل وتعلم) (المرجع الفريد في تصنيع الاسلحة الكيميائية ) (الايبولا والجمرة الخبيثة – سلاحك الشخصي) مما يذكرني بتلك الايام الخوالي التي كان بعض الناس يبيون فيه كتب مثل (تعلم الانجليزية في خمسة ايام) الا ان الفرق هنا ان الجهاز لم يكن الة تحفيظ وتلقين بل باستطاعة الجهاز تفتيح مارك المخ البشري فاصبح انتشار العلم جريمة كبرى تضر بالبشرية ) قالها وهو يستريح براسه على كرسيه الفاخر (المجموعات الارهابية وجدت ضالتها في هذا الجهاز العجيب واصبح في يدها نفس السلاح الذي كانت الحكومات تقهرها به بل على العكس هذه المجموعات الارهابية لها ولاء عقائدي كبير مما ترتب عليه عدم تصدع في بنيتها العسكرية على عكس اغلب جيوش العالم التي تصدعت في شهور او سنوات قليلة وذلك كله لان جنودهم تركوا الخدمة وطاروا وراء المادة والجنة الارضية الموعودة , فتخيل ماذا حصل؟).
قالها دون ان يلتفت الي والده وهو يضغط على زر جهاز التحكم وتظهر عليه علامة قناة اخبارية عربية مشهورة وقديمة منذ تسعينيات القرن الماضي والتي انفردت بتغطية الغزو الامريكي لافغانستان من قبل وهي تستعرض عبر ماتبقى لها من مراسلين ذلك الدمار الذي احاق بالعالم ( الهجوم النووي الذي قام به المنشقون الارهابين في الصين على كل من تايوان وامريكا بعد استيلائهم على مخازن الاسلحة النووية وتصنيعهم لجزء كبير منها اددى الي حالة ردة فعل عنيفة حيث اشتعلت اجهزة الصواريخ الكورية الشمالية التي استشعرت الخطر الصيني وانطلقت لتضرب بعض المعسكرات الصينية والكورية الجنوبية ببعض الاسلحة النووية والادهى من ذلك كله ان الاسلحة النووية الامريكية انطلقت بالفعل لتدك المعاقل ال&O"#ff0000">يبدو انها بدايات يوم الدينونة كما قال القس الشهير (......) اذا ان الغبار الذري غطى حتى الان اكثر من ربع المدن الامريكية ويتجه الي كافة المدن ومعروف بالطبع ان المناطق الملوثة بالغبار الذري تكون غير صالحة للسكن البشري لمدة عشرة الاف سنة و......) (كفى ارجوك) صرخ البروفسير بحزم وهو يقول (ماهذا الهراء الذي تريني اياه ؟ هل تريد اقناعي بان اختراعي اسوء من اختراع السلاح النووي ) قالها وهو يقف على قدميه منتصبا (هذا اكبر هراء رايته وسمعته في حياتي , انا البروفسير اشرف عبدالرحمن اصغر عالم سوداني وعربي ينال درجة الاستاذية والمليونير صاحب مجموعة شركات (ابوالشوش) الكبرى تكون نتيجة اعمالي الخيرية هدم للبشرية ماهذا الهراء الذي تقوله؟؟!!! هل تريد الحقيقة ؟!! الحقيقة انكم اما جهاز مخابرات معادي او عصابة من عصابات المافيا تريدون سرقة اختراعي وبيع لانفسكم وتطوير عالمكم الغربي على حساب دول العالم الثالث المغلوب على امره والذ دائه الوحيد هو الجهل ,كيف تقنعني ياسيدي انك اصبحت رئيسا للسودان وانت ابن (فرانكشتاين) الذي هو انا صاحب اسؤ اختراع في تاريخ البشرية وكيف تم اختراع الة الزمن تلك التي جعلتك متواجدا انت وحثالتك هؤلاء هنا في ظل ظروف توقف العلم والابحاث العلمية وانهيار الحضارات ؟ في الحقيقة انتم مجرد عصابات سفلة وان لن اتردد في نشر اختراعي ولو كانت حياتي هي الثمن ) ثم استدار مندفعا ليخرج من الباب الذي وجده موصدا بقوة وهو يصرخ (افتحوا الباب ايها الجبناء) في هذه اللحظة حاول الرئيس احمد ان يهدء من ثورة ابيه الا ان الاخير اندفع ولكمه لكمة قوية دفعته ارضا وهو يصرخ (اياك ان تناديني بابي ايها الملعون انتم مجرد حثالة ,انتم مج...) ثم انهار ساقطا على الارض فجاءة بعد اطلق عليه مندوب الرئاسة الضابط خالد عبدالله طلقة في ظهره من الخلف (اسف ياسيدي الرئيس ولكنه حاول ...) (لاباس عليك لقد فعلت الصواب ياخالد لقد فقد والدي اعصابه ولا ادري كيف خيل الي انني قادر على ان اقنعه بهذه الحقيقة ) قال هذا وهو يحاول الوقوف على رجليه بعد وهو يترنح من اثر لكمة والده له (يبدوا ان والدي اقوى مما اظن ) ثم امسك بيد خالد الذي ساعده على الوقوف (اعطي الاوامر بتنفيذ الخطة البديلة الان وفورا) انتصب خالد وهو يقول (علم وسينفذ ياسيادة الرئيس ) ثم اخذ يعطي التعليمات للحرس عبر جهاز الاسلكي , في حين اخذ الرئيس هاتفه النقل وهو يقول (اكرم ,جهز الة الزمن سوف نعود بعد قليل والا حجزنا ومتنا في هذا الزمن ) ثم اغلق الخط وجلس بكل ثقله على الكرسي الوثير وهو ينظر الي الحراس وهم يحملون والده خارجا (اعذرني يابي انت من الجائني لهذا الحل الصعب).
*******
(يادكتور طمني على زوجي , كيف اصبحت حالته الان؟) قالت السيدة شهد زوجة البروفسير اشرف لكبير الاخصائيين ( الحالة مستقرة , هو والاولاد في حالة نوم عميق قد تستغرق يوما او اكثر قليلا ولكنهك كلهم بخير ووظائفهم العضوية تعمل جيدا بل انهم يتسجيبون الي المؤثرات الخارجية ولكنهم سرعان مايعودون الي النوم العميق ) قال كبير الاخصائيين وهو يمشي ببطء لكي تلحق به زوجة العالم الكبير (ثم لاتنسي ان السيد رئيس الجمهورية قد اوصى عليهم ووضعوا في الجناح الرئاسي الخاص ) ثم توقف وهو ينظر اليها ليعطيها الامل (انه عالم اولا ومواطن سوداني ثانيا والسودان لاينسى ابنائه ابدا) وقبل ان يستدير قالت له من جديد (سمعت الممرضين يتكلمون عن مادة غريبة في اجسامهم , هل هي سامة) قالت وفي عينيها الف سؤال وهي تنظر من طرف خفي الي والدة زوجها والتي جلست على الارض تقراء القران وتدعوا لابنها واحفادها بالشفاء (غريب جدا امر هذه المادة ) قال الدكتور ( هي لاتسبب اي اثر جاني او اي اثر سام غير النوم العميق حتى تختفي من الجسم ولكن يبداو انهم سوف يصابون بفقدان الذاكرة) قالها وهو يحاول ان يخفف الصدمة عن السيدة التي تبكي امامه (هي طبعا اخف الاضرار في مثل هذه الحالة التي يبدوا انها جريمة متعمدة فقد سرقت ابحاث الدكتور من الجامعة ومن منزله وسرق حاسوبه الشخصي كما هو وللاسف فان الدكتور لم يكن يسر بابحاثه لاحد لذا فنحن فالشرطة لاتعلم حتى عن ماهية هذه الابحاث ولذلك استنكر الناطق باسم الحكموة الاعتداء على عالم سوداني ووصفها بانه جريمة لن تغتفر وان كل الاجهزة الامنية مستنفرة للقبض على الجناه ) في هذه اللحظة حضر احد ضباط الشرطة واخذ يحاول ان يواسي السيدة شهد ويوحاول ان ياخذ منها اي معلومات قد تفيد قي التحقيق وفي اخر الممر كان هنالك شاب يجلس قبالة غرفة العمليات ويقراء في الجريدة عن اخبار الرياضة وفي الصفحة الاولى كتب بمانشيت عريض :
(عالم امريكي يتوقع اختراع جهاز للتعليم السريع خلال عامين على الاكثر). تمت بحمد الله














اجمالي القراءات 6427