تجاوب مع حملة (الكل في تنوره) وتحذيرات من ردة وتراجع عن المكتسبات
دعوات في تونس للحدّ من العنف ضدّ المرأة وتحقيق المساواة التامة
GMT 7:00:00 2010 السبت 27 نوفمبر
كان اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، فرصة في تونس لإطلاق المزيد من التحذيرات الرسمية والحقوقيّة من تزايد تسجيل حالات العنف المسلط على المرأة. وأكدت الناشطة النسويّة حليمة الجويني لـ(إيلاف) أنّ العنف الجسديّ والمعنويّ من عوائق تطور أوضاع المرأة.
تونس: عبرت نساء تونسيات عن رغبتهن في التحرر ورفضهن للعنف الممارس ضد المرأة بارتداء تنانير يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري المتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
وقالت حليمة الجويني عضو الهيئة المديرة لجمعية النساء الديمقراطيات (منظمة حقوقية نسوية في تونس) في لقاء مع (إيلاف) إنّ "ارتداء تنورة خلال هذا اليوم لا يجب أن يتعامل معه كإغراء أو استفزاز بل يجب ترجمته على أنه محاولة لجلب الإنتباه لمشاكل المرأة ورفض للعنف بجميع أنواعه و للتعامل مع المرأة كجسد فقط."
وكانت الجمعية النسوية الفرنسية " لا عاهرات لا خاضعات " أطلقت من خلال المواقع الإفتراضية دعوة لكل النساء عبر العالم للمشاركة في حملة تناهض العنف ضدّ المرأة وتدعو إلى التحرّر وحملت اسم" الكل في تنوره".
ووجدت الحملة ترحيبا من النساء في تونس وتجاوبا، ووصل عدد المشاركات في صفحة الحملة على شبكة فايسبوك أكثر من ألفين فيما قوبلت ذات الحملة من نساء أخريات بالرفض واعتبرن أن ارتداء تنورة لا يتجاوز مجرد إبراز مفاتن المرأة ولا علاقة له بنبذ العنف.
وتقول عضو الهيئة المديرة لجمعية النساء الديمقراطيات حليمة الجويني "لا يجب تسليط الضوء على العنف الممارس ضد المرأة خلال يوم فقط بل يجب الوقوف على معاناتها بصفة متواصلة".
وأضافت أن ظاهرة العنف بجميع أنواعه،جسديا كان أو معنويا، هي من الأسباب التي تعيق تطور أوضاع المرأة وأن هذه الظاهرة لا تقتصر على تونس فحسب، فهي ظاهرة لا تخضع لحدود إقليمية أو دينية لكن حدتها تختلف من مجتمع لآخر حسب الثقافة والنمط السائد"، على حدّ تعبيرها.
جانب من ندوة عقدت مؤخرا بمقرّ الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وتناولت العنف الجنسيّ ضدّ المرأة |
وأوضحت أن "العقلية المتحجرة" لبعض الرجال في تونس لا تزال تنظر للمرأة على أنها كائن ضعيف معنوياً وجسدياً، مشيرة في المقابل إلى مساهمة بعض النساء في تكريس هذه النظرة عبر صمتهن على الإنتهاكات الممارسة ضدهن من طرف أزواجهن والرجال بشكل عام.
وحسب الجويني فإن العديد من النساء في تونس يتعرضن للعنف ولا يصرحن بذالك وهذا عائد إلى الثقافة السائدة التي تجعل المرأة تعاني من عقدة الشعور بالذنب إلى حد دفعها لمحاسبة نفسها وإن كانت الضحية.
وتحظى تونس باعترافات دولية في مجال حرية المراة وسنّ التشريعات لفائدتها، مقارنة بالدول العربية والإسلامية.
وتتميز تونس بتشريعات تكرّس المساواة بين الجنسين لعلّ أحدثها حق منح المرأة التونسية جنسيتها لزوجها الأجنبي وأبنائها.
وبحسب التقارير الرسمية بلغت نسبة الطالبات 59.5%من مجموع الطلبة و 42% من المنخرطين في المنظمات والجمعيات و1800 عدد النساء صاحبات المشاريع الإقتصادية.
وجدّدت الحكومة الخميس الماضي في بلاغ بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة "حرصها على التصدي للعنف ضد النساء للحد من أثاره على المجتمع".
وأكدت الحكومة العمل على "وضع شبكة من الآليات والإجراءات المتكاملة لتطويق ظاهرة العنف المبني على النوع الإجتماعي وتأمين الحماية من آثاره".
وشدد البيان الحكوميّ على أهمية العمل على تعزيز التنسيق على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية "بهدف إشاعة ثقافة حقوق المرأة والوقاية من كافة إشكال التمييز والإقصاء والعنف الموجهان ضدها".
ويرى باحثون في علم الإجتماع بتونس أنّ القوانين بمفردها تعجز عن توفير الحماية اللازمة للمرأة، وحذروا من أن هذه التشريعات قد تزيد من ردود الفعل الإنتقامية والعدوانية تجاه المرأة نتيجة إحساس الرجل بالغبن والظلم، ليتحول العنف ضد المرأة إلى رد اعتبار طبيعي لهيبة ومكانة الرجل.
وأشار تقرير نشر حديثاً إلى ارتفاع نسب العنف الموجه ضد المرأة في تونس، وبيّن أنه تم تسجيل نحو 8500 حالة عنف لزوجات من قبل أزواجهن في تونس العاصمة فقط خلال العام 2009.
وترى الناشطة النسوية فاطمة الجويني في إفاداتها لـ(إيلاف) أنّ المناخ الحقوقي العام يؤثر بصفة مباشرة على السعي إلى تمتّع المرأة بحقوقها كاملة وإرساء المساواة بين الجنسين مشيرة إلى غياب أي مساندة من أي طرف لجهود "جمعية النساء الديمقراطيات".
وأكدت الجويني أن المكاسب التي حققتها المرأة في تونس مهددة بالتراجع وأن هذه المخاوف مبنية على واقع المجتمع التونسي الذي أصبح يتسم بالتطرف النّوعي، وينظر إلى قضية المرأة من زاوية دينية بحتة نتيجة تأثير القنوات الفضائية الدينية التي تروّج لاستعباد المرأة على حد تعبيرها.
وأضافت: لا تزال أمامنا خطوات عديدة يجب اتخاذها لتحقيق المساواة المرأة بالرجل أهمها المساواة في الإرث، وهو حقّ لا يجب التراجع في المطالبة به، إضافة إلى الحرية الجسدية للنساء التونسيات".
وترى الجويني أن تونس تعاني حالة من "النفاق الاجتماعي" فجل الشباب التونسيين يمارسون الجنس خارج الأطر القانونية، لكن من يعاقب في النهاية هي المرأة التي إما أن تصبح أما عزباء، فمنها تتعرّض للنبذ في مجتمعها، أو أن تدخل السجن باسم ممارسة الزنا و البغاء السري وهذا ما تعتبره "تواصلا لمحاولة امتلاك جسد المرأة سواء من طرف مجتمع ذكوري أو الدولة نفسها" على حدّ تعبيرها.