هذه الزبالة .!!

آحمد صبحي منصور في السبت ١٣ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

ثلاثة مراحل لزبالة الدنيا

مراحل الزبالة العادية : الفصل والتمييز ثم التجميع ، ثم فى النهاية الالقاء فى مقلب الزبالة. فى البيت يتم فصل الزبالة ( الخبيثة ) عن الأشياء ( الطيبة ) ، ثم يتم حشرها وتجميعها من كل الأنحاء وتركيمها فوق بعضها ، ثم يُلقى بها على دفعات فى مقلب الزبالة .

ثلاثة مراحل لزبالة الآخرة

1 ـ الكافرون هم زبالة الآخرة . يمرون بنفس المراحل الثلاث : يتم فصل الصنف الكافر الخبيث عن الأتقياء الطيبين ، وتأتى المرحلة التالية بالتجميع والحشر والتركيم بعضهم فوق بعض ، وفى النهاية يُلقى بهم فى جهنم بعضهم فوق بعض . جهنم هى مستودع الزبالة فى الآخرة .

2 ــ ليس هذا تصورا خياليا ، بل هو تدبر قرآنى عن مصير الكافرين يوم الدين . يقول جل وعلا عن عملية حشرهم الى جهنم : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الأنفال )، وتأتى المراحل الثلاثة فى الآية الكريمة التالية : ( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (37) الانفال ). واضح هنا المرحلة الأولى ( تمييز الخبيث أو الزبالة من الطيب: (  لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ )، والمرحلة الثانية : التجميع بجعل الخبيث بعضه فوق بعض بالتراكم :(وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً ) ، وفى النهاية يكون إلقاؤهم فى النار على دفعات ، وهى المرحلة الأخيرة (فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ). ونتوقف مع كل مرحلة ببعض التفصيل :

أولا : المرحلة الأولى : الفصل ( فصل الزبالة الكافرة )

1 ــيتميز الخبيث منفصلا عن الطيب . الصنف الطيب يشع نورا بينما الزبالة الكافرة يغطيها السواد ، يقول جل وعلا : ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)  آل عمران ) ، ويقول جل وعلا عن الفريقين : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42) عبس ).

2 ــ  ويتم الفصل بين النوعين ، ويكون بينهما باب حاجز : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) الحديد  ) 

المرحلة الثانية :  الحشر والتجميع والتركيم :

1 ـ يتم حشرهم الى مكان التجميع أمام الخالق جل وعلا يوم الحساب ، يسيرون فوجا فوجا فى طابور، لا يستطيع أحدهم الخروج عنه ، وأذا خرج عن الصف ألزمته الملائكة بالصف ، أو بالتعبير القرآنى (فَهُمْ يُوزَعُونَ ) يقول جل وعلا عن هذا الحشر الأول الى رب العزة حيث الحساب :(وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ (85)  النمل )..

هو يوم العرض أمام رب العزة ، حيث يقفون صفا واحدا بعد تجميعهم كلهم ، يقول جل وعلا عن هذا الحشر المؤدى للعرض صفا أمام الواحد القهار جل وعلا : (  وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48) الكهف ) عندها يرون كتاب اعمالهم الجماعى ينطق عليهم بالصوت والصورة ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49)  الكهف )

2ـ بعد انتهاء الحساب يتم حشرهم الى النار ، يقول جل وعلا : ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) فصلت ). الملائكة التى تُوزعُهم وتجعلهم صفا صفا يقول جل وعلا عنهم : (وَالصَّافَّاتِ صَفّاً (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً (2) الصافات ) هى التى تصفهم وتزجرهم ، وهذا معنى : ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ).

3 ـ عن تجميعهم زمرا ، أى جماعات جماعات وأفواجا أفواجا أو  سوقهم أى حشرهم الى جهنم زمرا ، . يقول جل وعلا  : (  وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) الزمر ). هنا ينتهى دور الملائكة ( الصافات صفا ) ويأتى دور ملائكة إستقبالهم على أبواب جهنم . حيث تؤنبهم الملائكة وتذكرهم بأنه قد جاءتهم الرسالات السماوية تنذرهم من هذا اليوم فتعترف الزبالة ، ولكن بعد فوات الوان . أمام النار يتم تراكمهم قبل إلقائهم فيها ، كإلقاء أى زبالة فى مقلب الزبالة .

المرحلة الثالثة والأخيرة : إلقاء الكافرين ( الزبالة ) فى جهنم

1 ـ فى تعبير موجز مُعجز يقول جل وعلا عن إلقائهم فى جهنم : ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) الشعراء ).

2 ـ وفى تفصيل أكثر عن إلقائهم فى جهنم فوجا فوجا . يقول جل وعلا  ( وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11) الملك ). عند إلقائهم فى جهنم يسمعون شهيقها وهى تفور كأنما تتميز غيظا منهم وتحرقا لأحراقهم . هذا يراه ويسمعه كل فوج يُلقى فى جهنم من زبالة جهنم . وكل فوج يسمع تأنيب ملائكة النار ، يسألونهم عن الرسالة السماوية فيعترفون بوصولها اليهم وتكذيبهم لها.

تخاصم زبالة الآخرة وهم فى جهنم :

 عن إلقائهم جماعات جماعات وأفواجا أفواجا . يقول جل وعلا:  ( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنْ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ (38) الاعراف )   فى الآية الكريمة السابقة يشير رب العزة الى تلاعن الزبالة الكافرة ، كلما دخلت أمة منهم النار لعنت أختها .  

أنواع زبالة الكافرين فى جهنم :

1 ـ من خلال تخاصمهم وهم فى جهنم نتعرف على أنواع الزبالة الكافرة . يقول جل وعلا : ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (99) الشعراء ). كلهم جنود ابليس ، ونفهم أن العوام منهم يقولون للقادة والحكام والأولياء الذين كانوا يقدسونهم فى الدنيا ( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98)) ويلتفتون الى رجال الكهنوت ( المجرمين ) الذين أضلوهم فيشيرون اليهم قائلين : ( وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ ).

2 ـ أى تنقسم الزبالة الكافرة فى جهنم الى سادة كبراء ، وأتباع من العوام ، ويطلب الأتباع العوام المستضعفون من سادتهم أن يتحملوا عنهم نصيبا من النار فيرفضون ، يقول جل وعلا : ( وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنْ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) غافر ). يتبرأ الكبار من أتباعهم العوام : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ (167) البقرة ).

ويتعاظم الضيق بالأتباع العوام وهم فى جهنم تتقلب وجوههم فى النار ، فلا يجدون سبيلا سوى لعن سادتهم وكبراءهم الذين أضلوهم السبيل ، يقول جل وعلا : ( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68) الاحزاب ).

المستفاد أن زبالة جهنم من الكافرين تنقسم الى ( الملأ الذين إستكبروا فى الدنيا ) وأعوانهم تابعيهم من المستضعفين الضالين .

أنواع الزبالة الكافرة فى الدنيا

1 ـ هم نفسهم ( الملأ المستكبر ) الذى يتكرر فى كل جيل وفى كل أمة. كانوا سادة قوم نوح وكبارقوم عاد وقادة قوم ثمود وورؤساء قوم شعيب وأعمدة قوم فرعون فى الأمم السابقة . إقرأ قوله جل وعلا : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (60) الاعراف )( وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (66) الاعراف ) ( قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) الاعراف ) ( قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) الاعراف )( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الاعراف ) ( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) المؤمنون).

2 ـ هم نفس الملأ المستكبر فى عصرنا الراهن . أنظر الى صور وافلام مستبدى عصرنا والهالات التى تحيط بهم ومواكبهم وزخارفهم . يركب المستبد أعوانه من الملأ ، من رجال الدين ورجال الاعلام ورجال الأعمال ورجال الأمن والقوات المسلحة ، ويركب بهم العوام والغوغاء من المستضعفين ، وهم معا ضد أى دعوة للاصلاح والعدل . هم زبالة جهنم مع أتباعهم .

3 ـ تأّمل كبار الشخصيات التاريخية من الفاتحين وحولهم الملأ السائر فى ركابهم من القادة ورجال الدين و العلماء والفقهاء والكهنة والأحبار والرهبان . هم فى هذه الدنيا عظماء التاريخ ومؤسسو الدول ، ولا يقدح فى عظمتهم التاريخية ما ارتكبوه من سفك الدماء وسلب الأموال وقهر البشر . ولكنهم عند الله جل وعلا زبالة جهنم مهما تمتعوا من تقديس.   

 أخيرا : الفارق بين زبالة الدنيا ، وزبالة البشر من الكافرين

1 ـ زبالة الدنيا فانية كالدنيا . زبالة الآخرة خالدة فى النار بلا نهاية . ولكن مع هذا الاختلاف فهناك تشابه بين الزبالتين أو ( المنزلتين ) . هذا التشابه فى ( التدوير )

2 ـ يتم ( تدوير) زبالة الدنيا ، بتصنيعها والاستفادة منها ، وهى صناعة قائمة فى الدول المتقدمة . حتى المخلفات البشرية والحيوانية يتم تدويرها سمادا ووقودا بغاز الميثان .

3 ـ هناك ( تدوير) آخر ومختلف للزبالة الكافرة فى جهنم . فهم ( يدورون ) داخل جهنم من أسفلها الى أعلاها ، وبلا نهاية . وفى دورانهم وتطوافهم يلقى عليهم ماء الحميم تشتعل به أجسادهم ، وكلما إقتربوا فى دورنهم من أبواب جهنم المؤصدة حاولوا الهرب فتتلقفهم ملائكة الموت بالضرب بأقماع من حديد .    يقول جل وعلا : (  هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) الرحمن ) ، ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج ) (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)  السجدة )(  إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)  الدخان ).

ودائما : صدق الله العظيم .!

اجمالي القراءات 9795