السماء قصيدة جميلة ومعبرة للشاعر: إيليا أبوماضي، الذي تميز بالحكمة ، هذه القصيدة لا تجمع بين أبياتها الدر الكامن فقط ، بل ترسم بوضوح منقطع النظير شخصيات حقيقية من لحم ودم ، نراها في واقعنا المعاش .... فكل يرى الأشياء من منطلق نظرته الخاصة به وتبدأ بـ :
لا تسألني عن السماء فما عندي إلا النعوت والأسماء
هي شيء وبعض شيء وحينا كل شيء وعند قوم هباء
والجميع ينظرون إلى شيء واحد ،ولكن لا يرونه بنفس الشكل ، ولا بنفس الصورة ، بل يراه كما يتمنى رؤيته ، تحدث شاعرنا عن السماء، كرمز للأماني المؤجلة والأحلام القادمة عند الراعي وقد رآها كما تمنى:
فسماء الراعيكما يتمناها مروج. فسيحة خضراء
تلبس التبر مئزرا ووشاحا كلما أشرقت وغابت ذكاء
أبدا في نضارة،لا يجف العشب فيها ؛ولا يغض الماء
وعند الأم ولكن ليست أي أم ولكن الأم التي فقدت أبناءها .. كلنا يتصور ويتعاطف معها ،وهي تنظر للسماء ،بما تحمله في قلبها من مشاعر تعجز عن وصفها الكلمات :
وهي عند الأمالتي اخترم الموت بنيها، وضلّعنها العزاء
موضع يولد الرّجاء من اليأس إذا مات في القلوب الرجاء
وهي عند الفقير الذي حرم رغما عنه ليس مختارا من أنواع من الرفاهية ورغد المعيشة ، كما أنها تمثل له قوة تحميه من غطرسة الأثرياء وتكبرهم الذي يمقته ولا يستطيع تغيره في واقعه :
وهي عند الفقيرأرض وراء الأفق، فيها ما يشتهي الفقراء
لا يخاف المثري، ولا كلبه الضاري ، ولا لامرىء به استهزاء
كما انها عند المظلوم الذي ذاق ضياع العدل من أرضه ، يراها موضع للعدل والإخاء والمساواة .. هو يراها أرض أفلاطونية باختصار هذا المظلوم :
وهي عندالمظلوم أرض كهذي الأرض لكن قد شاع فيها الإخاء
يجمع العدل أهلها في نظام مثلما يجمع الخيوط الرداء
لا ضعيف مستعبد، لا قويّ مستبد؛بل كلهم أكفاء
كلّ شيء للكل ملك حلال، كلّ شيء فيها كما الكلّ شاءوا
ونأتي لبيت القصيد والهدف الأساس الذي دفعني لنقل هذه القصيدة لكي تشاركوني ما أردت طرحه قبولا أو رفضا ، يكفيني أن الفكرة تصل وهذا مبتغاي الوحيد .. السماء عند الخليع كيف يراها ؟ مع كامل احترامي لمن يرى عكس ما أرى أقول : إن هذه النظرة التراثية التي نقلها لنا السلف عن الحور كنوع من أنواع المتعة الخاصة بالرجال ، وكأنهم وحدهم من يستحق هذه النعمة، نظرا للمعانة التي يتحملوها في دنياهم صبرا وجلدا ...وواقعهم المعذب ، بينما تحرم منه الإناث .. فيكفيهم شرفا أنهم كانوا أزواجا في الدنيا وكفى، لذا يعد من قبيل الطمع أن يقتربوا من هذه النعمة ، فهي حصريا للرجال ... وقد نسى رجال النظرة السلفية وضحايا السماء عند الخليع، وأكرر عذري عن تشبيههم بالخليع، ولكني أنقل القصيدة وهذا جزء أصيل فيها :
وهي عند الخليع أرض تميس الحور فيها، وتدفق الصهباء
كلّ ما النفس تشتهيه مباح لا صدود، لا جفوة، لا إباء
أكبر الإثم قولة المرء هذا الأمر إثم، وهذه فحشاء
ليس بين الصّلاح والشر حد كالذي شاء وضعه الإنبياء
وإذا لم يكن عفاف وفسق لم تكن حشمة ولا استحياء
،وهذه هي نهاية القصيدة نقرأ معا لنرى كيف يفلسف إيليا نظرة الناس للشيء الواحد بعيون مختلفة
صور في نفوسنا كائنات ترتديها الأفعال والأشياء
ربّ شيء كالجوهر الفرد فذّ عدّدته الأغراض والإهواء
كلّ ما تقصر المدارك عنه كائن مثلما الظنون تشاء
كلّ ما تقصر المدارك عنه كائن مثلما الظنون تشاء:
ونعود معا لقصة الخليع وسمائه ، لنرى بوضوح ما يتمناه الخليع ، ومن يسير على دربه من السماء لذا يفجر نفسه بكل همة ونشاط لكي يلقى الحور العين اللآتي تنتظرنه بكل لهفة ودعني أقوم بنسج بعض الكلمات تجاوزا نسميها شعرا على منوال قصيدة إيليا :
فالسماء عند الخليع إناث من الحور مقصورات في الخيام ..
لا يرضى عنهن بديلا لا ولا فهن له مرام
يقدم على الموت شجاعا من اجلهن كله خيلاء ..
مسكين لا يدري ماذا ينتظره قد أضاع عمره هباء
ونختم بالآيات الكريمة لكي تكون بيننا حكما ،والتي تناولت الحور العين ، لنرى كيف نمى إلى علم السلف ونظرتهم الجبارة إلى أن المقصود بالحور هو الإناث .. يبدو لي ذلك لقناعتهم الشديدة بنظرة التمييز، هم اعتادوا عليها في مجتمعاتهم وفي دنياهم ، وفيما يحملون من أفكار... بنفس الفكرة فهموا الآيات وبما فيها من حور على انها إناث ، ونسوا أو تناسوا أن الحديث في الآيات النعم وما تحويه الجنة من فاكهة وجاءت الحور العين في قلب الحديث عن أنواع الفاكهة وألوانها وتقسيماتها بدايتها كانت بجنتان الآية (آية 46) وبعد ذلك كانت هناك جنتان لكن مسبوقة بـ من دونهما (آية 62) نوع آخر من الجنات ولماذا تم توجيه الحديث في الآيات على أن الحور إناث بنات .. لماذا لا تكون الحور لون من ألوان الفاكهة التي حفلت بها الجنة يتحقق فيه البياض الشديد مع السواد الشديد.. وقاصرات الطرف سيدي هي في متناول يد المنعم في الجنة أيضا ، هو لا يبذل مجهودا كبيرا في تحصيل ثمرتها ، ولكنه يستطيع وبكل سهولة قطفها وهو جالس في مكانه ، كما أنه من منابع التنعيم أن يكون هو الأول الذي يتذوق هذه الفاكهة ويجمع منها كيفما يشاء ليست بقايا قد تم أخذ ثمارها الجيدة سيدي .... وليس كما يدعي السلف الذكوري بأن الطمث هو العلاقة الخاصة وأنها وبفعل خيالهم هي عذراء الربيع التي يتمنونها !!!!
سورة الرحمن : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِجَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَى أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (78)الرحمن
وهل من العدل الإلاهي أن يحظى الرجال بالحور حكرا عليهم دون الإناث ؟ .. ألم يسوي رب العزة بين الذكر والأنثى في الثواب والعقاب : (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)آل عمران ،
أليس من الغبن أن نسعى للتمييز حتى في يوم القيامة الذي سماه رب العزة بيوم الدين ، ورب العزة وحده هو مالك يوم الدين، وليس أي نظرة سلفية أو تمييزية قاصرة .. عذرا لكم مضطرة وآسفة لأجلكم على أن أحرمكم من هذه الأماني وتلك الأحلام( أحلام يقظة ) هبوا بل أفيقوا منها يرحمكم الله ... الحور ليست إلا مكون من مكونات الجنة مثلها مثل عيون الماء والفاكهة قد تكون لون من ألوان الفاكهة ا
اقرأوا يرحمكم الله الآيات ولا تنخدعو بأمراض التراث ،أم أن هذا المرض بالذات يوافق ميولا عندكم ، فلستم على استعداد للتضحية به ؟!! أمامه تتعطل عقولكم ، وتؤصد بأقفال التراث المحكمة قلوبكم ... التي يبدو أن مفاتحها قد ضاعت من أهل التراث أنفسهم ، أو لم يكن لها مفاتيح من الأساس ...