وسائل تحفظ العقل من المؤثرات الخارجية
مقدمة:
فى مقالتى السابقة بعنوان " إن كان العقل يقود الإنسان، فما الذى يقود العقل ؟ " وذكرت فيها 17 مؤثرات خارجية تصيطر وتؤثر على العقل. وأن العقل يخضع لمؤثرات خارجية تجعله أحيانًا لا يتصرف بعقله كما ينبغي. فكان لا بد أن أطرح بعض المقترحات التى تساعد على إجتناب هذه المؤثرات الخارجية ولا بد أن تكون من القرءآن الكريم حصريا. ومع إستمرار البحث والدراسة فى هذا الموضوع وجدت أن هناك طريقين للتخلص من سيطرة المؤثرات الخارجية على العقل.
الأولى الصفات الأخلاقية والإجتماعية التى جاءت فى القرءآن الكريم الذى فيه شفاء للناس .
والثانية هى إتباع ما أحله الله سبحانه والإمتناع عن ما نهى عنه. ووجدت أن إذا بدأت بالتمسك بهذه الصفات الربانية حتى تصبح جزء من فِكْر الإنسان بحيث يتصرف على أساسها فى الفعل والقول يسهل على الإنسان إتباع ما أنزل الله برضا وإقتناع طلبا مرضات الله عز وجل.
صفات أخلاقية وإجتماعية:
صفات أخلاقية وإجتماعية تترسخ فى عقل الإنسان بحيث يتصرف بطريقة فطرية وتكون هى الأساس فى كل المعاملات والأقوال التى تصدر من الإنسان فى معظم الحالات . ولو ترسخت فى العقل وأصبحت جزء لا يتجزء من الفطرة فإن العقل يكون فى هذه الحالة مُنصَاعًا لما تأمره هذه الفطرة السليمة.
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)(سورة الروم 30
هذه الصفات ذكرها الله جل جلاله فى كتابه الكريم ضمن أخلاقيات القرءآن الكريم لذلك إن تبناها وإعتاد عليها الإنسان فأعتقد أنه لا يعطى للعقل فرصة للتلاعب بالأحاسيس والمشاعر وتؤدى بالإنسان إلى ما لا يرضى الله سبحانه وتعالى.
ولا ننسى أن الله سبحانه خالق الإنسان وصفه فى القرءآن الكريم بصفات رذيلة تؤدى إلى ما لا يُحمد عُقباه وعلى سبيل المثال لا الحصر:
وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا " (سورة النساء 28)
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ " (سورة هود 9)
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ " (سورة إِبراهيم 34)
{ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا " (سورة الكهف 54)
وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " (سورة الأحزاب 72)
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ " (سورة الزخرف 15)
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ " (سورة يس 77)
قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ " (سورة عبس 17)
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) (سورة الشمس
والآن قد أسأل نفسى وإياكم : " يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ "؟ (سورة الِانْفطار 6
إن لم نتخلص من هذه الصفات السيئة ونقوِّم النفس الأمارة بالسوء على الإنصياع لهذه الصفات الأخلاقية والإجتماعية والتى وَجَدْتُ أنها إحدى الوسائل التى تؤدى إلى التقوى وبها يسهل على الإنسان أن يتقبل يرضا وحب لمرضاة الله سبحانه فى تنفيذ أوامره ونواهيه بسهولة وعن يقين. وبالبحث فى القرءآن الكريم وجدت 34 صفة أخلاقية وإجتماعية تؤدى صاحبها إلى مرضات الله السميع العليم وتغطى على الصفات السيئة التى ذكرها المولى فى كتابه. وهذه الصفات جميعها تنبع من آيات القرءآن الكريم وتكون حائلا بين العقل والمؤثرات الخارجية .
والآن نعرض هذه الصفات والوسائل كرؤوس مواضيع ثم ننتقى بعض منها مع ذكر الأيات:
الإحسان، التواضع، البشاشة والوداعة، الإعراض عن اللغو، الإصلاح بين الناس، الرحمة، غض البصر وحفظ الفرج، النظافة، المسارعة فى فعل الخير، قول التى هى أحسن، الحكمة، دفع السيئة بالحسنة، العفو عن الناس، الصدق، شكر النعمة، سلامة القلب، روح السلام، الإيثار، التعاون، الإقساط، الإعتدال فى الأمور، الإخاء، الإستقامة، الوفاء بالعهد، المودة، كظم الغيظ ، القصد فى المشى وخفض الصوت، فعل الخير، العفو مقرونا بالصفح، العفة، الصبر، السلوك الحسن، السكينة، إكرام الضيف.
والآن نأخذ بعض الأمثلة من هذه الصفات وآياتها :
الإحسان
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (3:134
التواضع
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37: 17
الإصلاح بين الناس
لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114النساء
قول التى هى أحسن
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ( فصلت
دفع السيئة بالحسنة
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (41:34 فصلت
العفو عن الناس
إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ( 149النساء
الإعتدال فى الأمور
وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ( 25:67
السلوك الحسن
وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (النساء 86
الإخاء
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) ( الحجرات
الحكمة
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " النحل 125
الإقساط
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ "( الأَعراف 29
الوفاء بالعهد
الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ " (سورة الرعد 20
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ " (سورة المؤمنون 8
أكتفى بهذا القدر من الصفات والوصايا الربانية وعلى من يريد المزيد عليه أن يبحث عن الآيات التى تعضض باقى هذه الصفات حتى يكون على بصيرة .
عقل تقوده وصايا الله...
" وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) " (سورة لقمان 13 - 19)
اللهم إجعلنا ممن تقوده وصايا الله السميع العليم...
وصدق الله العظيم.