ماذا تعني الأمانة
الأمانة والتكريم وما يتبعه من مسؤولية عند الإنسان، يقول المولى عز وجل:
((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)) سورة الأحزاب آية 72.
وبعد عرضها على السماوات والأرض والجبال ولم يكن عدم حمل الأمانة من السماوات والجبال والأرض هو رفض لأوامر الله ولكن أبو خوفاً منها، أي لا يستطيعوا حمل هذ&aه الأمانة، لأن الله حين قال من قبل للسماوات والأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين، يقول تعالى:
((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)) سورة فصلت آية 11.
وبعد ذلك حملها الإنسان دون تفكير كما قال الله أنه كان ظلوماً جهولاً، بدليل أنه بعد أن حملها وأوصاه الله أن يأكل من الجنة عصى أمر الله، وأعتقد أن الأمانة هي العقل عند الإنسان والتكريم له عن كثير من خلق الله، يقول تعالى:
((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)) سورة الإسراء آية 70.
والتكريم من الله للإنسان سوف تقع على عاتقه مسؤولية، أول شيء من المسؤولية هو أن يعبد الله بلا شريك وأن يكون عادل ويتفكر في قدرة الله ولا يسخر من أحد ولا حتى الحيوانات ولا حتى الطيور لأنها من خلق الله وهي مثلها مثل الإنسان تأكل وتشرب وتنام وتقوم وتمارس الجنس، ولكن دون إدراك لما تفعل، وقد قال الله عن كل ما خلقه:
((تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)) سورة الإسراء آية 44.
فلماذا يسخر الإنسان من أمم قال عنها رب العزة ((أمم أمثالكم)) يقول تعالى:
((وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)) سورة الأنعام آية 38.
وهذه المخلوقات ذللها وسخرها الله للإنسان دون عصيان أمر الله فهذه الطيور والحيوانات تعلم عن التسبيح والسجود والعبادة كما يعلم الإنسان وعن الشرك أيضاً، يقول تعالى:
((فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ{22} إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ{23} وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ{24} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ{25} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ{26})) سورة النمل.
ونلاحظ هنا أن الهدهد يتحدث مع نبي لم يؤت مثله من الملك، إذاً هذه المخلوقات تعلم كل شيء، وقد ينزعج بعض الناس من هذا القول، يقول تعالى:
((أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ)) سورة الروم آية 8.
إذاً خلق الإنسان مثل الحيوان ومثل الطيور، فكل ما خلقه الله متساوون في الخلق لأنهم خلقوا بالحق ولا يجوز لأي إنسان أن يفضل نفسه على غيره من المخلوقات، وإن الذي يفضل رب العالمين، فالتفضيل والتكريم من الله للإنسان أنه خلقه بأحسن صورة وأعطاه العقل لكي يدرك ما الذي يفعله، ومقابل هذا التكريم سيحاسب على كل شيء خلاف باقي المخلوقات، يقول تعالى:
((خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)) سورة التغابن آية 3.
كما أحب أن أوضح شيئاً له أهميته وهو إن من الناس من يتهكم أو يسخر من بعض الحيوانات، وهو بذلك لا يسخر منها ولكن لعدم علمه يسخر من خلق الله، ويظلم نفسه دون إدراك، ثم أن المستفيد من هذه المخلوقات هو الإنسان، وبعد ذلك يتهكم أو يسخر منها متجاهلاً أن الذي قدر لها أن تكون بهذه الصورة هو الله، كما قدر أن يكون الإنسان بهذه الصورة أيضاً.
وحاشا لله أن يخلق الله شيئاً ولا يكون له دور في الحياة، وإن دور الإنسان في الأرض لكي يعمرها كما أراد الله، وبدون هذه المخلوقات التي خلقها الله فإن الإنسان لا يستطيع العيش على الأرض لأنه يأكل ويلبس منها، وبعد ذلك ترى من الناس من يقول ويعيد ويزيد ويحرم والبعض من الناس من يسخر من مخلوقات الله وصدق الله حين قال:
((خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ....)) سورة التغابن آية 3.
إذاً كل ما فيهن غير الإنسان حق، ومعنى التحريم من أكل بعض الحيوانات هو لأسباب علمية ولا تعني أن الله يخلق شيء ويسخر منه، فكيف يسخر الإنسان وهو مخلوق، وأن الذي أراد أن يكون هذا إنسان وهذا حيوان الذي خلق كل شيء، فلا تسخر يا إنسان من الحيوان.
رمضان عبد الرحمن علي