شرح موقفي من قضية اسلم تسلم بشكل واضح
شرح موقفي من قضية اسلم تسلم بشكل واضح

مهدي مالك في الخميس ١٦ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

  

شرح موقفي من قضية اسلم تسلم بشكل واضح        

مقدمة لا بد منها

 

يشرفني ان اتحدث في هذا المقال المتواضع عن مسالة ظهرت ببلادنا في سنة 2013 حيث ان المغرب كغيره من الدول الاقليمية يعاني من طغيان المد السلفي بصوره المختلفة حيث ان السلطة في بلادنا منذ عقود شجعت السلفية حسب منظورها الايديولوجي بغية وضع عراقيل امام المد الديمقراطي الاصيل في بلادنا الذي تقوده الحركة الامازيغية و الحركة النسائية من طبيعة الحال الخ .. .

منذ عامان تقريبا ظهر نقاش عمومي شديد حول مقرر التربية الاسلامية قاده الاستاذ احمد عصيد بصفته ناشط فاعل في الحركة الامازيغية منذ ثمانينات القرن الماضي و بصفته ناشط علماني يريد بناء الدولة على قواعد الديمقراطية الحقيقية كما هو معروف في دول العالم المتحضر.

ان هذا الرجاء المشروع لن يتحقق الا بتجديد خطابنا الديني عبر جعله يتحرر من قيوده السلفية التراثية كما تسمى عندكم كتيار اهل القران و عبر جعله يتحرر من ما اسميه بايديولوجية الظهير البربري لتقدم الامازيغية كثقافة و كقيم اصيلة و كايديولوجية سياسية في كل مؤسسات الدولة بدون اي استثناء بحكم ان العقل السليم لا يستطيع ان يقبل خطابنا الديني بصورته الحالية باعتباره ينطلق دائما من ثوابت المخزن التقليدي اي النخبة الدينية الرسمية و هي بكل بساطة الانتماء الكلي الى المشرق العربي و احتقار أي انتماء مهما كان لهذه الارض المباركة قبل الاسلام و بعده في اوج الحضارة الامازيغية الاسلامية كما اسميها ..

الدخول الى صلب الموضوع                             

حقيقة ان قضية اسلم تسلم شكلت احد الاسباب التي جعلتني اكتب كتابي الجديد الامازيغية و الاسلام من تكذيب ايديولوجية الظهير البربري نهائيا في سنة 2013 بصفتي انسان مسلم ذو التوجه العلماني الاصيل ببلادنا و الرافض لاية وصاية سلفية مهما كانت درجتها او قويتها حيث انني اؤمن ان الاسلام هو دين التسامح و التعايش مع جميع الثقافات و المعتقدات الإلهية منذ عهد رسولنا الاكرم صلى الله عليه و سلم.

  غير ان هذا الدين القيم ظل لقرون طويلة خاضع لفقه الامراء و علماء السالف الصالح كما يسمى عندهم في المشرق العربي حتى وصلنا نحن المسلمين اليوم الى حالة من عدم القدرة على انتاج فقه معاصر يرد على اسئلة التحديث و الديمقراطية في دولنا الاسلامية و بالتالي يساهم في تصحيح صورة الاسلام لدى الغرب المسيحي بعد احداث 11 شتنبر 2001 ...

اننا كمسلمين علمانيين يجب ان نقول الحقائق كما هي بدون اية مجاملات لان الانسان الغربي ذو التوجهات الإلحادية أي لا دين له اصلا عندما يسمع ان السعودية باعتبارها مهد الاسلام الاول و باعتبارها تحتضن اقدس مقدساتنا الاسلامية مازالت تمنع المراة من قيادة السيارة و مازالت تمنع اية تعددية سياسية او مذهبية او دينية سيعتقد هذا الانسان الغربي ان الاسلام اصلا هو دين احتقار المراة و دين يرفض اية تعددية مهما كانت و سيقول انا حر في بلادي الاوربية في اعتناق الديانات او أبقى ملحدا بينما في بلاد المسلمين اذا فكر احدهم في تغيير دينه فسوف يقتل وفق المنهج السلفي بمعنى على المسلمين اليوم ان يفكروا بمنطق العقلانية و خصوصا نخبتنا الدينية.

اما بالنسبة لقضية اسلم تسلم فقلت مرارا و تكرارا في مقالاتي و في كتابي الجديد ان اغلب مكونات الحركة الاسلامية في المغرب اتهمت الاستاذ عصيد انه قال ان رسولنا هو ارهابي و هذا غير صحيح على الاطلاق بل قال بالحرف ان رسالة النبي الى ملوك عصره ان كانت في سياقها التاريخي طبيعية و عادية الا انها بمقاييس عصرنا لو كتبت اليوم ستعتبر ارهابية حيث هذا هو كلام الاستاذ عصيد الذي اثار غضب السلفيين باعتبارهم  سجناء للماضي بمقاييسه المتجاوزة اصلا حيث يستحق هذا الكلام الحكيم برايي المتواضع بعض التاويل و التفسير الهادئ بعيدا عن الأحكام الجاهزة بحكم ان الاسلام هو بالفعل دين الرحمة و دين التعايش و دين إعمال العقل للتمييز بين الحلال  و الحرام في حياتنا العادية حسب اعرافنا و تقاليدنا حيث لا يمكن لنا ان نتدين وفق شيوخ الوهابية في السعودية او نتدين وفق الجماعات الجهادية الخ..

 

ان إعمال التمييز بين الأزمنة هو شيء حيوي و جوهري لتفادي الوقوع في فخ تقديس الماضي بشكل كبير كما جرى للسلفيين خصوصا و المسلمين عموما حيث علينا التمييز حسب اعتقادي المتواضع  بين العهد النبوي المقدس بوجود رسولنا الاكرم صلى الله عليه و سلم فيه و بين عصرنا الحالي المتميز بوصول الانسانية الى درجات كبيرة من الحضارة و التقدم في شتى الميادين بفضل إعمال العقل المتنور منذ قرون في اوربا ضمن عصر الانوار بينما نحن المسلمين لم نصل بعد حتى الى عصر المصابيح الضوئية بمعناها الفكري و بالاحرى عصر تنوير العقول.

و استمرت في تحليلي فقلت  قد طرحت هذه المسالة داخل بعض مكونات حركتنا الامازيغية منذ شهور بحكم حيوية النقاش بين الفعاليات  الامازيغية في كل الاتجاهات حيث هناك من يعارض تصريحات الاستاذ عصيد حول هذه القضية و هناك من يساندها الى ابعد الحدود لان منظومتنا الدينية اصلا هي متخلفة عن مسايرة اسئلة هذا السياق التاريخي المتعددة من قبيل حقوق الانسان و اعادة كتابة تاريخ المغرب على اسس علمية بعيدة عن ايديولوجية الظهير البربري المسيرة للشان الديني ببلادنا الى حد الان.

ان هذا الكلام وارد في كتابي الجديد الذي كتبته قبل التعرف على افكار استاذنا صبحي منصور المستنيرة  حيث اطرح على مقامه الرفيع الاسئلة التالية هل الرسول قد كتب تلك الرسائل الى ملوك زمانه فعلا او لا هل هذه الرسائل تحمل عبارة اسلم تسلم وفق علمكم التاريخي و منهجكم كاهل القران؟

 انني اؤمن تمام الايمان ان قضية اسلم تسلم ليست البداية للخلاف الايديولوجي بين الحركة الامازيغية و الحركة الاسلامية ببلادنا على الاطلاق بل يعود هذا الخلاف الى عقود من الزمان كما شرحته مطولا في كتابي الجديد حيث قلت مثلا انني اريد التذكير بمجموعة من الامور المتعلقة بجذور الخلاف بين الحركتان الامازيغية و الاسلامية منذ عقود من الزمان و ليس منذ ظهور قضية اسلم تسلم حيث عندما انطلقت الحركة الامازيغية في سنة 1967 أي في سياق تاريخي و سياسي شديد  الحساسية على مختلف المستويات و الاصعدة حيث وجدت نفسها في ظلام دامس يطبعه  من جهة قمع السلطة لكل ما هو امازيغي باستعمالها لأكذوبة الظهير البربري و من جهة اخرى هزيمة العرب في حربهم مع اسرائل و تداعياتها الخطيرة على المغرب حيث حدث تنامي كبير للشعور القومي لدى فئات واسعة من المجتمع المغربي نتيجة لتلك الهزيمة مما جعل النضال الامازيغي كفاعل جديد حينها يتهم بالعمالة لفرنسا و للصهيونية كاتجاه عنصري مثل القومية العربية و النزعة السلفية التي هي الارضية الرئيسية لجل مكونات الحركة الاسلامية في المغرب منذ تاسيس حزب الاستقلال سنة 1944 من طرف المرحوم علال الفاسي ذو الفكر السلفي حيث ان هذا الحزب له مرجعية سلفية واضحة للعيان لكنه ليس حزبا اسلاميا يدعو الى تطبيق الشريعة الاسلامية مثلا بل هو حزب عرقي ينطلق من العروبة حسب رايي المتواضع لاننا  نعيش في عهد الحقيقة و في عهد حرية التعبير بفضل الارادة الملكية من اجل التغيير حيث علينا ان نسمي الاشياء باسماءها الحقيقية خدمة للتاريخ  ..

اذن ما اريد قوله في هذا المقال ان اثارة اسئلة جوهرية  حول كيفية تدريس المادة الدينية في المدرسة المغربية يعتبر جوهريا الان بعد ترسيم الامازيغية في دستورنا  الحالي لان مادة التربية الاسلامية عليها الانطلاق من تاريخنا الوطني الحقيقي من خلال تدريس العرف الامازيغي كقانون وضعي يساير المقاصد الكبرى للشرع الاسلامي و في نفس الوقت يساير ضروريات  العصر الاجتماعية و السياسية الخ بحكم ان اجدادنا كانوا يفرقون بين السلطة السياسية و السلطة الدينية  ...

انني اعتقد ان التيارات المشرقية بوجه عام في بلادنا او بعض الاطراف داخل المخزن التقليدي لا تريد إطلاقا إثارة مثل هذه الاسئلة باعتبارها تريد الحفاظ على حيوية ايديولوجية الظهير البربري في حقلنا  الديني لعقود اخرى مما سيعني بقاء الامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم خارج الشرعية الدينية بكل بساطة لانني  شرحت في كتابي الجديد معطى شديد الاهمية قد غاب عن ذهن الكثير من الناس سواء العامة منهم  او الخاصة الا و هو احتكار الشرعية الدينية من طرف السلطة و حركتها الوطنية المزعومة عبر القول ان اول دولة اسست في المغرب هي دولة الادراسة بفاس منذ 12 قرن مما يعني حسب هذه الاكذوبة الاخرى ان المغرب قبل هذا التاريخ ليس له أي ذكر او حضارة حتى مجيء احد الهاربين من الدولة العباسية بالمشرق ليؤسس اول دولة اسلامية لم تحقق أي شيء يذكر للاسلام كما حققت دولنا الامازيغية مثل الدولة المرابطية و الدولة الموحدية و الدولة المرينية الخ.

و القول ان الاستعمار الفرنسي قد اصدر ظهيرا بربريا لتنصير الامازيغيين و جعلهم يتحاكمون الى اعراف جاهلية ما انزل الله من سلطان و بالتالي فالامازيغيين هم دعاة الجاهلية و التنصير الخ من هذا الشرح المطول في كتابي الجديد ..

و في الختام ارجوا من اصدقائي داخل الحركة الامازيغية بالمغرب ان يفهموا موقفي هذا بشكل عميق باعتباري لست ضد احدا و انما اسعى الى توضيح وجهة نظري لا اقل و لا اكثر و بالاضافة الى ان الاستاذ عصيد يبقى احد المناضلين  الامازيغيين الذين عاشوا فترة قبل خطاب اجدير التاريخي بينما نحن كنا اطفالا نشاهد الرسوم المتحركة و نشاهد الافلام الامازيغية على جهاز الفيديو و اتحدث هنا عن فترة التسعينات من القرن الماضي   ....

المهدي مالك                                                                 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 10798