الفصل الثانى : مفرادات الانحلال الخلقى الجسدى عند الصوفية
ج3 / ف 2 : التصوف والشذوذ الجنسى: أعيان الصوفية المشهورون بالشذوذ

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٠٧ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

    كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )

الجزء الثالث : أثر التصوف فى الانحلال الأخلاقى فى مصر المملوكية 

الفصل الثانى : مفرادات الانحلال الخلقى الجسدى عند الصوفية

التصوف والشذوذ الجنسى: أعيان الصوفية المشهورون بالشذوذ

  أصناف الصوفية الشواذ

         1 ــ تحدثنا عن الشذوذ عقيديا وتشريعيا فى دين التصوف ، وبقى أن نتعرف عليه سلوكيا فى تاريخ الأشياخ ، لقد كانت شهرة الصوفية فى هذا المجال مما لايحتاج إلى عناء فى إثباته ، وصار عادة عند بعض الفقهاء أن يقسم الصوفية أنواعا فى سلوكهم مع الأحداث ، وسبق ايراد ماذكره ابن القيم فى كتابه ( إغاثة اللهفان ) وقبله كان ابن الجوزى فى كتابه ( تلبيس ابليس ) . يقول إن ( المتصوفة فى صحبة الأحداث على سبعة أقسام : القسم الأول أصحاب الحلول زعموا أن الحق تعالى اصطفى أجساما حل فيها بمعنى الربوبية ، ومنهم من قال أنه حالُّ فى المستحسنات ، ومنهم من قال أنهم يرون الله فى الدنيا فى صفة الآدمى.. القسم الثانى قوم يتشبهون بالصوفية فى ملبسهم ويقصدون الفسق .. وقسم ثالث قوم يستبيحون النظر إلى المستحسن .. وحكى أمرد أن صوفيا قال له : يابنى لله فيك إقبال والتفات حيث جعل حاجتى إليك ، وحكى أن جماعة من الصوفية دخلوا على أحمد الغزالى وعنده أمرد، وهو خال به وبينهما ورد ، وهو ينظر إلى الورد تارة وإلى الأمرد تارة ، فلما جلسوا قال بعضهم: لعلنا كدرنا فقال : أى والله ..فتصايح الجميع على سبيل التواجد، وكتب إلى أبى الحسين بن يوسف فى رقعة : إنك تحب غلامك التركى ، فقرأ الرقعة ، ، ثم استدعى غلامه فقبله بين عينيه،  وقال : هذا جواب الرقعة .. وبعضهم يزين وجه الأمرد بالمصبغات والحلى )[1].

شهرة الصوفية بالشذوذ

1 ــ  إذن اشتهر الصوفية بهذا الشذوذ قبل العصرالمملوكى ، ووصلت شهرتهم إلى الآفاق بعد أن انتشر التصوف وانتشر معه هذا الوباء كطقس دينى .

2 ــ ومما يدل عليه هذه الحكاية الطريفة ، فقد رفض شيخ الخانقاه السيمصانية تنزيل رجل من البادية بالخانقاه ، رغم توسط الوزير ( توبة بن على) بالشام فى عهد السلطان لاجين ، وكانت حجة شيخ الخانقاه أن الأعرابى ليس بصوفي، فغضب الوزير وسأل البدوى أمام شيخ الخانقاه : ماتعرف تأكل أرز مفلفل؟ قال الاعرابى : بلى والله ، قال ماتعرف ترقص فى السماع ؟ قال: بلى والله ، قال ماتعرف تلوط بالمردان ؟ قال: بلى والله ، قال له الوزير : صوفى أنت طول عمرك .!! [2]..

أشهر شيوخ الصوفية فى مجال الشذوذ فى الحوليات التاريخية

 1 ــ  ونعرض لإشارة سريعة لبعض الصوفيةالمشهورين فى هذا المجال وقد ذكرتهم الحوليات التاريخية.  فالشيخ عفيف الدين التلمسانى تلميذ ابن عربى ، والذى كان لايحرم فرجا،أنجب ابنه محمدا الملقب بالشاب الظريف ، وهو شاعر مشهور فى القرن السابع (ت 688 )، وكان الأب على علاقة شاذة بإبنه ، قيل في الابن :  ( كان مع أبيه على حال نسأل الله السلامة منها ومن كل شر ، وكانت فيه لعب وعشرة وانخلاع ومجون ) وقد ولد حين كان والده بخانقاه سعيد السعداء.[3] .  

2 ــ وفى القرن التاسع أيضا قيل فى الشيخ تقى الدين السروجى(ت 693) أنه كان يحب الغلمان ويكره النساء ، ولايأكل من طعام لمسته امرأة ،وقد دفن فى قبر غلام كان يهواه ، وذلك بإذن والد الغلام)[4]

3 ــ  وتكررت نفس القصة فى مطلع القرن التاسع فحكى المقريزى فى السلوك أنه كان لبعض الأمراء صاحب من فقراء العجم ، وكان له أيضا ولد صغير كيّس ذكى ، فكان الفقير يحب ذلك الصغير ، ويكثر أن يقول: لو مات هذاالصغير لمت من الأسف عليه ، فقدر أنه مات ذلك الصغير ،فمات الفقير ، فساروا بالجنازتين ، ودفنا متجاورين.[5] .

4 ــ وفى القرن الثامن اشتهر الشيخ بهاء الدين الكارزونى ت774 بكونه أعجوبة زمانه فى جذب المردان إليه وانقطاعهم عن أهلهم وإقامتهم عنده ، وأنه كان لايحضر عنده أحد منهم ثم يستطيع أحد من أهله أن يستعيده ، ومن هؤلاء البشتكى الشاعر المشهور ، وكان من أجمل أهل عصره ، وقد ذكر الشاعر البشتكى لابن حجر أنه اجتمع بالشيخ الكارزونى فلم يتمكن بعد ذلك من مفارقته ، ولما مات الشيخ ( خرج اللاحد من قبره ، وكان أمرد جميل الصورة للغاية ، فاشتغل الناس بالنظر إليه ، وعجبوا من استمرار ملازمة هذا الشاب للشيخ حتى دفنه )[6].

5 ــ وقيل فى الشيخ ضياء العجمى أنه( كان مغرما بمشاهدة المردان، لاينفك عن هوى واحد يتهتك فيه ويخرج عن طور العقل ، وكان يمشى وفى يده حزمة من الرياحين فمن لقيه من المرد أدناها من فمه فيشممها إياه ، فإن التمس منه ذو لحية ذلك قلبها وضربه على أنفه)[7].  

6 ــ وحين تصوف نظام الدين التفتازانى (ت822) غلب عليه الهزل والمجون ، وكان عريض الدعوى ولم يتزوج قط ، وكان متهما بالولدان، وكان يأخذ الصغير فيربيه أحسن تربية فإذا كبر وبلغ حد التزويج زوجه)[8]  .

7 ــ  وكان الشيخ العلامة البخارى العجمى ( ت841)  (يهيم بمليح وقد داعبه بعض اللطفاء فى ذلك) وكان مقيما بالخانقاه الشيخونية.[9]. ـ

8 ــ وفى الموسوعة التاريخية ( الوافى بالوفيات )( 30 مجلدا )  للمؤرخ ابن أيبك الصفدى تراجم كثيرة لصوفية شواذ ممن عاصرهم الصفدى ، مثلا : يقول عن ابن الشيخ الحنبلى ( 660 : 710 ) انه ( كان ينبسط على المُرد )( الوافى 6 / 223 ) وهى اشارة لطيفة لغرامه بالشذوذ . ويقول عن الشيخ شمس الدين الحنبلى ت 675 إنه كان يقرأ تائية ابن الفارض ويشرحها ويبكى ، وإنه كان يهوى شابا ، وطلب منه هذا الشاب أن يجتمع به ومع شاب آخر يهوى نفس الشاب فرفض الشيخ وكتب شعرا له

صددت عنى صدود قال    وجُرت فى الغيب والشهادة

جرمى وذنبى اليك أنى        قُدت فما تمت القيادة ( الوافى 4 / 76 )

أما الشيخ شمس الدين الدهان ت 721 فقد كان شاعرا يكتب الشعر ويقوم بتلحينه فيغنيه المطربون ، وكان قد اشترى مملوكا ورباه وأحبّه ، ومات هذا الغرم فرثاه بشعر كثير ، تغنى به المغنون . وبسب إفراطه فى الحزن على هذا الغلام قال له الشيخ جمال الدين الخطيب الصوفى :

لئن مات يا دهان مملوكك الذى  بلغت به فى الفسق ما كنت ترتجى

فمثّله بالأصباغ وجها وقامة        وخصرا وردفا ثم عاينه وأصلج ( الوافى 4 / 209 : 210 )

وهجا ابن الفوية ت 749  شيخا صوفيا رماه بالشذوذ والقيادة فقال :

وقالوا الشيخ مجد الدين شيخ الجهالة والبلادة

فقلت وواحد          فى اللياطة وفى القيادة

وزيدوا إن أردتم       : وشيخ النحس زاده ( الوافى 2 / 154 ) .

وقد أوردنا النصوص التاريخية دون تعليق عليها فقد بلغ السأم مداه ..

شيوخ الشذوذ الصوفية فى كتب المناقب الصوفية

1 ــ أما المصادر الصوفية فالعهد بها أن ترصع تاريخ الشيخ الشاذ بالكرامات لتغطى على شهرته بالشذزذ ولتجعله كرامة ومفخرة له ، مع تكرار ( رضى الله عنه ) وذلك مابرع فيه الشعرانى  ، وقد رأينا أمثلة لذلك فى تاريخه للشيخ على أبوخودة .

2 ــ ونعطى مثالا آخر هو ترجمته لشيخه المشهور إبراهيم المتبولى أشهر شيوخ الشذوذ فى عصره ، والذى لايزال ضريحه بالقاهرة مقصودا حتى الآن .. والشعرانى ملأ تاريخ المتبولى  بالكرامات لتستر شذوذه الجنسى، يقول عنه : ( كان من أصحاب الدوائر الكبرى فى الولاية ، ولم يكن له شيخ إلا رسول الله ) ( وكان رضى الله عنه مبتلى بإنكار عليه ، كونه لايتزوج ، وكان رضى الله عنه يقول : مافى ظهرى الأولاد حتى أتزوج ، ومكث الثمانين سنة حتى مات لم يغتسل قط من جنابة لأنه لم يحتلم قط ، وكان إذا جاءه الشاب وشهوته ثائرة عليه يقول له : تطلب مدة وإلا دائما، فإن قال أريد مدة حتى أقدر على التزويج ، يقول له خذ هذا الخيط فشد به وسطك ، فما دام معك لايتحرك لك شهوة ، وإن قال أريد عدم تحرك الشهوة طول عمرى ، يمسح على ظهره ، فلا تتحرك له شهوة ولاينتشر إلى أن يموت )، ( ونام عنده جماعة من فقهاء الأزهر فى بركة الحاج فوجدوا عنده مملوكين أمردين من أولاد الأمراء ينامان معه فى الخلوة ، فأنكروا عليه ، ثم رفعوا أمره إلى الشرع بالصالحية ، فأرسل القاضى ورأءه فحضر ، فدخل الصالحية ، فقال مالكم ؟ فقال القاضى: هؤلاء يدعون عليك أنك تختلى بالشباب وهذا حرام فى الشرع !!، فقال ماهو إلا هكذا ، وقبض على لحيته بأسنانه ، وصاح فيهم ، فخرجوا صائحين فلم يُعرف لهم خبر بعد ذلك الوقت ، ثم جاء الخبر أنهم أُسروا وتنصروا فى بلاد الإفرنج، فشفعوا فيهم عند الشيخ فلم يقبل شفاعتهم ، ثم انقطع خبرهم ، ورماه أهل بيت من متبول باللواط مع ولدهم ، فقال هتك الله زراريهم ، فمن ذلك اليوم صار أولادهم مخانيت وبناتهم زناة إلى يومنا هذا ) ، ( ورماه واحد أيضا بفاحشة، فقال له سوَد الله نصف وجهك ، فصار له خد أسود ، وكذلك ذريته إلى وقتنا هذا ) ( وعشق رجل أمرد، فهرب الأمرد منه إلى سيدى إبراهيم ، فوضعه فى خلوته، فبلغ ذلك الرجل فغير هيأته فى صفة فقير، وجاء إلى سيدى إبراهيم ليطلب الطريق فأدخله مع ذلك الأمرد ، فأنكر بعض الناس على سيدى إبراهيم، فلما كان الغد خرج الفقير وقال ياسيدى أنا تائب إلى الله تعالى ،فقال لماذا ، فقال ياسيدى وضعت يدى على الشاب فأخذتنى الحمى حتى لم أستطع أن أجلس إلى الصباح ، وقد تبت إلى الله تعالى ..)[10] . وهكذا فلقد توزعت تلك الكرامات " التخصصية" للمتبولى وسط كم هائل من الكرامات الأخرى بلغ نحو ثلاث صفحات ، تراوحت بين إحياء الموتى وقتل الإحياء، وكل ذلك للتخويف من الاعتراض عليه كى ينعم برذائله فى زاويته التى غدت مقصدا لأرباب هذا الشذوذ كما ورد فى آخر كراماته .

السيد البدوى كان شاذا جنسيا

1 ــ  وبعض تلك الكرامات الاسطورية التى أضفاها الشعرانى على المتبولى كانت تقليدا للكرامات المشهورة للبدوى الولى الصوفى المشهور ، فكلاهما أحيا الأموات وأمات الأحياء وأرهب المنكرين عليه خصوصا الفقهاء والحكام ، وكلاهما كان يتبسط مع الشباب المردان من أتباعه ، وكلاهما ظل عزبا لايتزوج حتى موته فى حوالى الثمانين.  والمتبولى اعترف بتبعيته للبدوى حتى فى أساطير الكرامات ، فهناك امرأة طلبت من المتبولى أن يسترجع لها ابنها الأسير من عند الإفرنج ــ مع أنه لم تكن هناك حروب صليبية فى زمن المتبولى ــ فقال المتبولى " بسم الله ، فدعا ثم قال هاهو ولدك فوقع بصرها عليه ... فقال : اشهدوا بأن لله رجالا فى هذا العصر يجيب سؤالهم فى الحال ).[11] وهى نفس أساطير الكرامات التى تخصص فيها البدوى والتى استمد لقبه منها( مجيب الأسرى) ، وعليه كان المتبولى يصف نفسه بقوله( أنا أحمدى) نسبة للبدوى ، ( ويقول لا تكبروا خبزى على خبز أخى أحمد البدوى ، وكان سما ناقعا على الولاه ، فإذا تشوش من أمير أو وزير مات لوقته )[12]. وهذا التشابه المتعمد فى أساطير الكرامات لدى الاثنين يصل بنا إلى تشابه الإتهام بالشذوذ الذى كان متسلطا عليهما ، والذى حاولت الكرامات المفتراه أن تستره.     

 2 ــ ونعود إلى الكرامات التى شاع انتسابها للبدوى فى عصر المتبولى ، والتى كتبها عبدالصمد الأحمدى فيما بعد فى العصر العثمانى ، فمن ألقاب البدوى ( فحل الرجال أبو الفقراء والأطفال )، وكان البدوى حين مر على عبدالعال وهو صبى أمرد اتّبعه عبدالعال فكان : ( لايستطيع أن يمنع نفسه عن أتباعه) وقيل للبدوى : ( فإن جميع الأولياء نظروا فى تواريخ الرجال ، فما رأوا كفؤا لهذا الأمر إلا أنت يافحل الرجال ) وحين حاولت فاطمة بنت برى إغراءه بجمالها ( قال أحمد البدوى : فقلت فى خاطرى يافاطمة هذا شىء لايشغلنى ولايخطر ببالى ) أى ليس له اهتمام بالنساء لأن الذى يشغل ( فحل الرجال ) هو تحقيق الهدف الذى أمره به الهاتف فى المنام ، وقال له : ( استيقظ من منامك يانائم .. وسر إلى طندتا فإنك تقيم بها وتعطى وتربى بها أطفالا ) . وتربية الأطفال والسيطرة عليهم تكون بالطريقة الصوفية المعتادة . وقد أعلن البدوى سلطانه على كل الشباب :

أنا أحمد البدوى غوث لاخفا           أنا كل شبان البلاد رعيتى

3 ــ  أما كيف كان فحل الرجال الذى لايشتهى النساء يربى الأطفال والشباب فى خلوته بهم فوق السطوح  ؟ وكيف كان يقضى وقته معهم؟  

ذلك مانفهمه من خلال هذه القصة التى كانت متداولة شفهيا فى العصر المملوكى ، حتى كتبها عبدالصمد فى الجواهر السنية ( ومما وقع لسيدى أحمد البدوى رضى الله تعالى عنه، أنه قال لأصحابه يوما من الأيام من يقدر منكم يحملنى على ظهره ، ويثور بى حتى يستوى قائما؟ فقال سيدى عبدالمتعال : أنا ياسيدى ، فقام إليه سيدى عبدالمتعال ، فركب ظهره فهم أن يقوم به فلم يقدر على ذلك ، حتى كأن على ظهره جبلا عظيما ، وكان سيدى أحمد البدوى رضى الله تعالى عنه رفيع البشرة ممشوق اللحم نحيف البدن ، وكل واحد من الجماعة أعتى وأشد وأجسم منه ، فقام سيدى عبدالمجيد فقال أنا أحملك ياسيدى وأثور بك، ثم برك له ، وركب على ظهره ، فهم أن يثور به ، فلم يستطع أن ينهض به ولايتحرك ، فنزل الشيخ عن ظهره وقبل يده وجلس متأدبا إلى أخيه.  وقام بعده سيدى محمد قمر الدولة ، وركب على ظهره أيضا فلم يستطع النهوض ، وكان ذلك الوقت  وقت مباسطة)[13]..أى كان السيد البدوى يقضى وقته يركب ظهور أتباعه من الشباب ..وحتى لا يتهمنا أحد بإساءة الظن بالسيد البدوى فإن أم عبد العال نفسها سبقتنا أساءت الظن بالسيد البدوى ، فقد فهمت أم عبدالمتعال ماينتظر ابنها من شيخه فحل الرجال ، تقول الرواية ( وخرجت مع ولدها إلى سيدى أحمد ، ورأت ولدها يتبعه ،لايستطيع أن يمنع نفسه عن اتَباعه، فقال يابدوى الشوم علينا .!! )[14] .

 وربما نقرأ هذه النصوص مع حسن النية ، ولكن كيف يجتمع حسن النية مع تاريخ التصوف الطويل فى صحبة الأحداث وعقيدة الشاهد، ثم مع شخصيةالبدوى فحل الرجال الذى لم يتزوج طيلة حياته مكتفيا بتربية الأطفال ومباسطته معهم حين يحملونه على ظهورهم ؟

شيخ صوفى يحاول أن يتزوج حبيبه الأمرد رسميا

   1 ـ ـ وقد تحدث ابن القيم عن ظاهرة التزاوج الشاذ بين الصوفى وأحدهم .( ثم قد يشتد بينهما الاتصال حتى يسمونه زواجا ، ويقول تزوج فلان بفلان كما يفعله المستهزئون بآيات الله تعالى ودينه من مُجان الفساق ، ويقرهم الحاضرون على ذلك ، ويضحكون منه ، ويعجبهم مثل ذلك النكاح والمزاح) .

2 ــ  وحدث فى سنة 911 أن حاول أحد الصوفية أن يسجل زواجه بأمرد تسجيلا رسميا ، فاكتشف أمره ، يقول الغزى عن الشيخ محمد بن سلامة أنه شيخ عارف صوفى ضُرب بالمقارع إلى أن مات سنة 911، لأنه تزوج بامرأة خنثى واضح ودخل بها[15]. هذا ما يذكره المؤرخ الغزى الذى كان معاصرا للحدث

3 ــ أما المؤرخ ابن طولون الذى كان أيضا معاصرا للحادث فقد أتى بحقيقة الموضوع الذى من أجله قتل ذلك الصوفى ضربا ، يقول: ( وقع بمصر أمر عجيب ، هو أن شابا متصوفا متمصلحا اسمه محمد بن سلامة النابلسى أشهر نفسه بالتمصلح ، صحب بعض المردان ، فلما قرب شهر رمضان أتى به فى زى بنت إلى بعض مراكز الشهود فى مصر ، وطلب أن يعقد نكاحه عليها، فأجيب إلى ذلك ، ثم نمّ بعد أيام عليه بعض الجيران ، فخاف الشهود ، فأعلموا الأمير طرباى رأس نوبة النوب فطلبه ، وتفقد أمره فوجده صبيا فى زى بنت ، فادعى أنه خنثى ،فكشف عليه النساء فلم يروه إلا ذكرا ــ فضرب وأشهر على ثور وبعث للمقشرة إلى أن مات )[16].

وفى النهاية

 وفى النهاية كان من طوائف الصوفية من تخصص  فى طريقة معينة فى الشذوذ فى حفلات السماع ، وقد خصص لهم الجوبرى فى كتابه ( المختار فى كشف الأسرار ) فصلا بعنوان ( فى كشف أسرار الذين يدبون على المردان) قال فى مقدمته " إعلم إن أكثر هذه الطائفة مايتسمون بالفقراء ويحضرون السماعات .. الخ)[17]. وحكى غرائب عن تحايلهم فى الايقاع بالصبيان .

ونكتفى بهذا لأن ذوق عصرنا لايتحمل ماأدمنه العصر المملوكى من انحلال وشذوذ وسجله المؤرخون والصوفية كأنه أمر عادى، لأنه كان عندهم فعلا  أمرا عاديا باثر التصوف.

 



[1]
ـ تلبيس إبليس 256

[2]ـ. الصفدى : فوات الوفيات ج 1 /185، 196

[3]ـ. تاريخ ابن الفرات ج 8 /85.

[4] ـ فوات الوفيات ج1/466: 467.

[5] ـ.ا لسلوك 4/1/43.

[6]ـا بن حجر : أنباء الغمر ج 1/50، الدرر الكامنة ج4/108.

[7] ـ الشوكانى ـ البدر الطالع ج1/300، 301.

[8] ـ ـإنباء الغمر ج3 /209.

[9] ـ تاريخ ابن اياس ج 2 /181: 182.

[10]ـ الطبقات الكبرى ج2/77: 80.

[11] ـ الطبقات الكبرى ج 2/77: 80.

[12] ـ الطبقات الكبرى ج2/77: 80.

[13] ـ الجواهر السنية 4، 50، 53، 54، 55، 24، 99، 42.

[14] ـ الجواهر السنية 4، 50، 53، 54، 55، 24، 99، 42.

[15] ـ الغزى الكواكب السائرة ج1 /51.

[16] ـ تاريخ ابن طولون ج1 /297 :298.

[17] ـ الجويرى : المختار  فى كشف الإسرار 137.

اجمالي القراءات 31434